المنشورات

(وضاح الْيمن)

قَالَ الجاحظ ثَلَاثَة من العبيد قتلوا بِسَبَب الْعِشْق مِنْهُم يسَار الكواعب وَمِنْهُم عبد بنى الحسحاس وَمِنْهُم وضاح الْيمن فَأَما يسَار الكواعب فقد مرت قصَّته وَأما عبد بنى الحسحاس فَإِنَّهُ كَانَ شَاعِرًا يشبب ببنات موَالِيه وَيُصَرح بالفاحشة مَعَهُنَّ كَقَوْلِه
(وَأشْهد بالرحمن أَنى تركتهَا ... وَعشْرين مِنْهَا إصبعا من ورائيا)
وَلما عرض على السَّيْف ضحك مِنْهُ بَعضهنَّ فَقَالَ
(فَإِن تضحكى منى فيارب لَيْلَة ... تركتك فِيهَا كالقباء المفرج)
وَأما وضاح الْيمن فَإِنَّهُ كَانَ شَاعِرًا من أجمل النَّاس وأظرفهم وأخفهم شعرًا وَهُوَ الْقَائِل
(ضحك النَّاس وَقَالُوا ... شعر وضاح الْيَمَانِيّ)
(إِنَّمَا شعرى قند ... خلطت بالجلجلان)
وَعَن الْهَيْثَم بن عدى قَالَ سَمِعت صَالح بن حسان يَقُول أفقه النَّاس وضاح الْيمن فِي قَوْله
(إِذا قلت هاتى نولينى تبسمت ... وَقَالَت معَاذ الله من فعل مَا حرم)
(فَمَا نولت حَتَّى تضرعت عِنْدهَا ... وأنبأتها مَا رخص االله فِي اللمم)
ويحكى أَن أم الْبَنِينَ بنت عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان كَانَت تصادقه وتستخصه وَكَانَت عِنْد الْوَلِيد بن عبد الْملك وَكَانَت قد جعلت للوضاح هَذَا صندوقا تَجْعَلهُ فِيهِ فَإِذا وجدت من الرقباء فرْصَة وغفلة أخرجته وخلت بِهِ فَحمل إِلَى الْوَلِيد جَوْهَر نَفِيس فَأمر خَادِمًا لَهُ يحملهُ إِلَى أم الْبَنِينَ فَدخل الْخَادِم إِلَيْهَا فَوَجَدَهَا قد خلت بوضاح فَلَمَّا أحست بالخادم جعلته فِي الصندوق وَلم تعلم أَن الْخَادِم قد بصر بِهِ فَسَأَلَهَا الْخَادِم أَن تهب لَهُ جَوْهَرَة مِنْهُ فزجرته وَأنْكرت عَلَيْهِ تهكمه فَخرج الْخَادِم وَأخْبر الْوَلِيد فَدخل عَلَيْهَا وَقعد على بعض الصناديق وَقَالَ لَهَا يَا ابْنة عمى هبى لى صندوقا من صناديقك هَذِه قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هى بأسرها لَك قَالَ لَا بل أُرِيد وَاحِدًا مِنْهَا قَالَت خُذ مِنْهَا مَا شِئْت وَكَانَ الْخَادِم وصف لَهُ الصندوق الذى فِيهِ وضاح وأعلمه بمكانه فَأَخذه فَأمر بِحمْلِهِ واحتفار مَوضِع يبلغ المَاء بِهِ وأدلى الصندوق بِمَا فِيهِ إِلَيْهِ وهما ينْظرَانِ فَلم ير وَاحِد من الْوَلِيد وَأم الْبَنِينَ أثر ذَلِك فِي وَجه صَاحبه وَلَا أجريا حَدِيثه إِلَى أَن فرق بَينهمَا الْمَوْت






مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید