المنشورات

(ظرف الزنديق)

أما قَوْلهم أظرف من الزنديق فقد صَار مثلا فى زمَان كثير ظرفاؤه وَهُوَ زمَان المهدى وَكَانُوا يرْمونَ بالزندقة كصالح بن عبد القدوس وأبى الْعَتَاهِيَة وبشار وَحَمَّاد الراوية وَحَمَّاد عجرد ومطيع بن إِيَاس وَيحيى بن زِيَاد وعَلى بن الْخَلِيل وَمثلهمْ وَمِمَّنْ تقدمهم قَلِيلا كَابْن المقفع وَابْن أَبى العوجاء وَمَا مِنْهُم فى الظَّاهِر إِلَّا نظيف البزة جميل الشكل ظَاهر الْمُرُوءَة فصيح اللهجة ظريف التَّفْصِيل وَالْجُمْلَة وَالله أعلم ببواطنهم وضمائرهم قَالَ أَبُو نواس وَكَانَ أَيْضا يعد فيهم
(تيه مغن وظرف زنديق ... )
وَقد كَانَ الْجَاهِل الغر من أهل ذَلِك الْعَصْر يتطفل على الزندقة ينتحلها ليعد من الظرفاء كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(تزندق مُعْلنا ليقول قوم ... من الأدباء زنديق ظريف)
(فقد بقى التزندق فِيهِ وسما ... وَمَا قيل الظريف وَلَا الْخَفِيف)
قَالَ الجاحظ رُبمَا سمع أحدهم مِمَّن لَا معرفَة عِنْده وَلَا تَحْصِيل لَهُ أَن الزَّنَادِقَة ظرفاء وَأَنَّهُمْ عقلاء وأدباء وَأَنَّهُمْ عباد وَأَصْحَاب اجْتِهَاد وَأَن لَهُم البصائر فى دينهم والبذل لمهجهم وَأَن هُنَاكَ علما وتمييزا وإنصافا وتحصيلا فيسرى إِلَيْهِم مسرى الْمهْر الأرن ويحن إِلَيْهِم حنين الواله العجول ويتصبب فيهم صبَابَة العاشق المتيم وَيرى أَنه مَتى اتهمَ بهم فقد قضى لَهُ بذلك كُله فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يسهل فى طباعه ويرجح عِنْده أَن يزْعم أَنه زنديق




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید