المنشورات

(مُرُوءَة ابْن الْفُرَات)

هُوَ أَبُو الْحسن على بن مُحَمَّد بن مُوسَى ابْن الْحسن بن الْفُرَات استوزر للمقتدر ثَلَاث مَرَّات وَكَانَ يضْرب بمروءته الْمثل فمما يذكر مِنْهَا أَنه كَانَ كلما تقلد الوزارة يزِيد سعر الْقَرَاطِيس والشمع والثلج والخيش زِيَادَة وافرة وَكَانَ ذَلِك متعارفا عِنْد التُّجَّار وَكَانَت فى دَاره حجرَة شراب يُوَجه النَّاس من الْكتاب والقواد غلمانهم من الْمَوَاضِع الْبَعِيدَة ليأخذوا لَهُم مِنْهَا مَا يُرِيدُونَ من السكنجبين والجلاب والفقاع والثلج وَغَيرهَا
وَكَانَ رسم دَاره أَن يصحب كل من يخرج مِنْهَا عِنْد غرُوب الشَّمْس شمعتين وَلَا يسترجعان من خدمه
قَالَ الصولى وحَدثني جمَاعَة من أهل دَاره أَنه لما استوزر فى الكرة الثَّانِيَة وخلع عَلَيْهِ وَكَانَ الزَّمَان صيفا سقى النَّاس فى دَاره يَوْم ذَلِك وَلَيْلَته أَرْبَعِينَ ألف رَطْل من الثَّلج وَلما قبض عَلَيْهِ بعد وزارته الأولى نظر فَإِذا هُوَ بحرى على خَمْسَة الآف من النَّاس أقل جارى أحدهم خَمْسَة دَرَاهِم فى الشَّهْر وَنصف قفيز دَقِيق إِلَى عشرَة أَقْفِزَة وَمِائَة دِينَار وَمَا بَين ذَلِك وَمن خبر عاقبه أمره فِيمَا ذكر ثَابت بن سِنَان أَنه سلم فى دولتيه الْأَوليين جَمِيعًا فَسلم النَّاس مِنْهُ وشملهم إحسانه وَلم يتَعَرَّض للنعم وَلَا للنفوس وَاجْتمعَ النَّاس على محبته والأغتمام لمحنته واجتهدوا فى خلاصه وعود ايامه وصلحت الدُّنْيَا على يَده فَلَمَّا ساعد ابْنه المحسن فى دولته الثَّالِثَة على مَا اخْتَار من التشفى من أعدائه والسرف فى الْقَتْل وَإِزَالَة النعم وَإِدْخَال الرعب سَائِر الْقُلُوب وَلم يظْهر مِنْهُ إِنْكَار لذَلِك لحقه من الْعُقُوبَات فى الدُّنْيَا إِلَى ان بلغ الْآخِرَة مَا لم يلْحق أحدا من نظرائه فَإِنَّهُ نصب بَين البيازين وَضرب بالقلوس وَكَانَ خَاتِمَة أمره أَن ضربت عنق ابْنه بِحَضْرَتِهِ ثمَّ ضربت عُنُقه بعد ان أزيلت نعْمَته وتعفى أَثَره وَلم تبْق مِنْهُ بَاقِيَة




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید