المنشورات

(صحيفَة المتلمس)

تضرب مثلا لمن يحمل كتابا فِيهِ حتفه وَكَانَ طرفَة بن العَبْد وخاله جرير بن عبد الْمَسِيح الْمَعْرُوف بالمتلمس ينادمان عَمْرو بن هِنْد الْملك فَبَلغهُ أَنَّهُمَا هجواه فَكتب لَهما إِلَى عَامله بِالْبَحْرَيْنِ كتابين أوهمهما أَنه أَمر لَهما فيهمَا بجوائز وَقد كَانَ أمره بِقَتْلِهِمَا فَخَرَجَا حَتَّى إِذا كَانَا بالنجف إِذا هما بشيخ فى الطَّرِيق يحدث وَيَأْكُل من خبز فى يَده ويتناول الْقمل من ثِيَابه فيقصعه فَقَالَ لَهُ المتلمس مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ شَيخا احمق فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ وَمَا رَأَيْت من حمقى أخرج خبيثا وَأدْخل طيبا وأقتل عدوا وأحمق منى وَالله من يحْتَمل حتفه بِيَدِهِ فاستراب المتلمس بقوله وطلع عَلَيْهِ غُلَام من أهل الْحيرَة فَقَالَ لَهُ أَتَقْرَأُ يَا غُلَام قَالَ نعم ففك صَحِيفَته وَدفعهَا إِلَيْهِ فَإِذا فِيهَا أما بعد فَإِذا أَتَاك المتلمس بكتابنا هَذَا فاقطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وادفنه حَيا فَأَخذهَا المتلمس وقذفها فى نهر الْحيرَة ثمَّ قَالَ لطرفه إِن فى صحيفتك وَالله مافى صحيفتى فَقَالَ طرفَة كلا لم يكن ليجترئ على ثمَّ أَخذ المتلمس نَحْو الشَّام فنجا بِرَأْسِهِ وَتوجه طرفَة نَحْو الْبَحْرين وأوصل الْكتاب إِلَى عاملها فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ لَهُ إِن الْملك قد أمرنى بقتلك فاختر أى قتلة تريدها فَسقط فى يَده وَقَالَ أَن كَانَ لَا بُد من الْقَتْل فَقطع الأكحل فَأمر بِهِ ففصد من الأكحل وَلم تشد يَده حَتَّى نزف دَمه فَمَاتَ وفى ذَلِك يَقُول البحترى ويجريه مثلا فى اخْتِيَار خير الشرين
(وَلَقَد سكنت إِلَى الصدود من النَّوَى ... والشرى أرى عِنْد طعم الحنظل)
(وكذاك طرفَة حِين أوجس ضَرْبَة ... فى الرَّأْس هان عَلَيْهِ قطع الأكحل)
وَمِمَّنْ ضرب الْمثل بِصَحِيفَة المتلمس من قَالَ للفرزدق وَقد أَخذ كتابا من بعض الْمُلُوك إِلَى عَامله بصلَة لَهُ
(ألق الصَّحِيفَة يَا فرزدق لَا تكن ... نكداء مثل صحيفَة المتلمس)
وَكتب شُرَيْح إِلَى مؤدب ابْنه يشكوه وَيذكر لعبه بالكلاب ويأمره بتعزيره
(ترك الصَّلَاة لأكلب يسْعَى بهَا ... نَحْو الهراش مَعَ الغواة الرجس)
(فليأتينك غاديا بِصَحِيفَة ... نكداء مثل صحيفَة المتلمس)
(فَإِذا أَتَاك فخصه بملامة ... وأنله موعظة اللبيب الأكيس)
(فَإِذا هَمَمْت بضربه فبدرة ... وَإِذا ضربت بهَا ثَلَاثًا فاحبس)
(وَاعْلَم بأنك مَا فعلت فنفسه ... مَعَ مَا تجزعني أعز الْأَنْفس)
وَقَالَ يَعْقُوب بن الرّبيع فى مرثية جَارِيَته ملك
(حَتَّى احْتبسَ إِذا اللِّسَان وأصبحت ... للْمَوْت قد ذبلت ذبول النرجس)
(وتكاءبت مِنْهَا محَاسِن وَجههَا ... وَعلا الأنين تحثه بتنفس)
(رَجَعَ الْيَقِين مطامعى يأسا كَمَا ... رَجَعَ الْيَقِين مطامع المتلمس)





مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید