المنشورات

‏العدمية العصرية

قد تعني العدمية عصيانا أدبيا شاملا في وجه النفوذ
المعنوي التقليدي كما قد تعني تعمدا واعيا » وتاكيد!
اراديا لفقدان الاعتقاد في اللابديات المتعالية الكهنوتية
والقيم الزمنية الارضية « للانراء » باعتبارها مرشدا
أخلاقيا ‎٠‏ ويصحب ذلك وجدان غائم بان المعنى غائب عن الوجود الانساني ‎٠‏ وعلى ذلك فهناك فقدان لتلك الاشواق
الى وجود فاعل لك حيويته ونضاله نجد ارهاصا به عند
دوستويفسكي ‎٠‏ ولم يعد الروائي الغربي يؤمن بشيء
خارج الحسي والحواس التي سرعان ما تستهلك نفيها" ء`
فالطريقة القديمة في الايمان بالاله الاب مستحيلة ويصبح
كل شيء مستحيلا بدون هذا الاله الاب ‎٠‏ لقد قال
دوستويفسكي « نحن جميعا عدميون » وهو في مسار نضاله
ليجعل من نفسه شيا آخر ‎٠‏ وأدب دوستويفسكي هو تلك
الصلة الباطنية بين العدمية كمذهب والعدمية كخبرة أو
تجربة نفسية للضياع والفقدان ‎٠‏

والعدمية ) كما يجيد دوستويفسكي تصويرها &
اختلال اجتماعي دون حدود وبلا خجل من نفسه » فاحد
«أبطاله في عربدة من اللافعل يسخر من فكرة « عرضية »
أي شيء وكأنه يقول بأخلاقية انتحار جماعي منقضا على
اسمى الكلمات ليجوفها ويفرغها بالسخرية الهازلة ‎٠‏
‏ونجد شخصية ستافروجين افعى سامة رفيعة ص صعقها
الياس الفلسفي وتركبة شياطين التهكم ‎٠‏ وتبدو تلك
الشخصية كما لو كانت العدمية في تمثيلها النهائي :
اللاشيء ص العدم بلحمه وعظمة ودمه ص كيان جسمي هو
لا شيء ‎٠‏

ونجد بدايات العدمية كذلك عند فلوبير فهو يقول :
« الحياة بشعة جدا بحيث لا يمكن للانسان تحملها الا
بتجنبها وذلك بان يعيش في عالم الفتن » + وتلك فكرة
مهمة في العدمية العصرية ) فالفن ملاذ مقدس من حياة
قد أفرغت وتبعثر ما فيها من حياة ومعنى ‎٠‏ وكما كان
غياب اله آب عند نيتشه شيئا بعيدا عن الطرافة وليس فضيحة بل واقعة بسيطة معطاة ينجم عنها نزع القيمة
عن القيم والاحساس بالقتامة ( وذلك هو تعريف العدمية
عنده ) » فقد ذهب دوستويفسكي الى أن كل ما هو بشع
أصبح ممكنا ‎٠‏ ويتخلل الادب العصري كله القول بأن
مواجهة الخواء العدمي هو المقدمة الاولى للحرية الانسانية
والادبية المستعادة ‎٠‏

وعند كافكا يظل النقي والايمان متوازين الى الابد
فوق قمة علامة استفهام » فلا اجابات ولا نهاية ‎٠‏ ولن
نعرف أبدا هل توجد عدالة في « المحاكمة » آو حقيقة في
« القلعة » ‎٠‏

أما « بوست "» فيبني عالما اجتماعيا متينا 2 غنيا
في تنوععه وكثافته ونننيجه ‎٠‏ ولكنه ليس الا ظلا وطيفا
وشبحا تطوح بة نفثة تيم ‎٠‏ وبروسنت يحاول انقاذ بعض
البقية من المعنى عبر قيمة الفن وسطوته & برداء شفيف
بين الناس والهاوراء حاملا الدينونة الحقة الاخيرة ‎٠‏

وكان « جويس » مرتادا عميقا ومستكشفا حديثا
للعدمية < يراها ف كل شيء وفي كل مكان : ف مكتب
الجريدة والكنيسة والشارع والشرير » في التحليق والروتين
على الشواء ‎٠‏ وهو يعرض شخصياته لكل تنوعات الغثيان
وازدراء النفس 3 ويخرج بتأكيد متدفق الطاقة لم يمسه
دنس الحياة مضمر في كل حركة من حركات كتاباته ‎٠‏

وشيطان العدمية قد ينتصر أو ينهزم في الادب ذي
النزعة العصرية + وهناك ما هو شر من الموت للكتابات
والتكنيكات الحية في تلك النزعة » وهو تلك المحاكاة لها التي تملا السوق وهي محاكاة هزيلة هزلية تجد ذيوعا
تجاريا ‎٠‏


 

مصادر و المراجع :

١- موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم

المؤلف: محمد بن علي ابن القاضي محمد حامد بن محمّد صابر الفاروقي الحنفي التهانوي (المتوفى: بعد 1158هـ)

٢- شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم

المؤلف: نشوان بن سعيد الحميرى اليمني (ت ٥٧٣هـ)

٣- لسان العرب

المؤلف: محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (ت ٧١١هـ)

٤- تاج العروس من جواهر القاموس

المؤلف: محمّد مرتضى الحسيني الزَّبيدي

٥- كتاب العين

المؤلف: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (ت ١٧٠هـ)

٦- معجم اللغة العربية المعاصرة

المؤلف: د أحمد مختار عبد الحميد عمر (ت ١٤٢٤ هـ) بمساعدة فريق عمل

٧- المعجم الوسيط

المؤلف: مجمع اللغة العربية بالقاهرة

(إبراهيم مصطفى / أحمد الزيات / حامد عبد القادر / محمد النجار)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید