المنشورات

(فَأْرَة العرم)

تضرب مثلا فى الضَّعِيف يقوى على الْأَمر الْكَبِير وفى المهين يجر الْخطب الْجَلِيل ويضر الضَّرَر الْكَبِير قَالَ الجاحظ لَا يشك النَّاس فى أَن أَرض سبأ وجنتها إِنَّمَا خربَتْ حِين دَخلهَا سيل العرم وَأَن الذى فجر الْمِيَاه فَأْرَة وَكَانَت سَببا لدُخُول المَاء الذى إِذا دخل خرب بِقدر قوته قَالَ الله تَعَالَى {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم سيل العرم} والعرم المسناة الَّتِى كَانُوا أحكموا عَملهَا لتَكون حاجزا بَين ضياعهم وَبَين السَّيْل ففجرته فَأْرَة ليَكُون أظهر فى الاعجوبة كَمَا أفار الله مَاء الطوفان من جَوف تنور ليَكُون ذَلِك أثبت فى الْعبْرَة وأعجب فى الْآيَة وَلذَلِك قَالَ خَالِد بن صَفْوَان لليمانى الذى فَخر عِنْد المهدى وَهُوَ سَاكِت فَقَالَ لَهُ المهدى مَالك لَا تَقول قَالَ وَمَا أَقُول فى قوم لَيْسَ مِنْهُم إِلَّا دابغ جلد أَو ناسج برد أَو قَائِد قرد اَوْ رَاكب عرد اغرقتهم فَأْرَة وملكتهم امْرَأَة وَدلّ عَلَيْهِم هدهد
وفى هَذِه الْفَأْرَة يَقُول الحكم بن عَمْرو البهرانى
(خرقت فَأْرَة بأنف ضئيل ... عرما مُحكم الأساس بصخر)
(فجرته وَكَانَ جيلان عَنهُ ... عَاجِزا لَو يرومه بعد دهر)
وجيلان فعلة الْمُلُوك وَكَانُوا من أهل الْجَبَل يَقُول فجرته فَأْرَة وَلَو أَن جيلان ارادت ذَلِك لامتنع عَلَيْهَا لِأَن الْفَأْرَة أَنما خرقته لما سخر الله تَعَالَى لَهَا من ذَلِك العرم
وأنشدنى الخوارزمى لنَفسِهِ من قصيدة لَهُ فى مَاس الْحَاجِب الذى سعى فى قتل أَبى الْحسن المرزبانى
(لَا تعجبوا من صيد صعو بازيا ... إِن الاسود تصاد بالخرفان)
(قد غرقت أَمْلَاك حمير فَأْرَة ... وبعوضة قتلت بنى كنعان)
يعْنى فَأْرَة العرم والبعوضة الَّتِى يرْوى أَنَّهَا دخلت فى أنف نمْرُود بن كنعان وَكَانَ بهَا حتفه





مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید