المنشورات

(غوطة دمشق)

 إِحْدَى نزه الدُّنْيَا وهى الْأَرْبَع غوطة دمشق ونهر الأبلة وَشعب بوان وصغد سَمَرْقَنْد يضْرب بِكُل مِنْهَا الْمثل فى الطّيب
وَكَانَ الخوارزمى يَقُول قد رَأَيْتهَا كلهَا فَكَانَت غوطة دمشق أطيبها وأحسنها وَلم أميز بَين رياضها المزخرفة بالأنوار والأزاهر وَبَين غدرانها المعمورة بطيور المَاء الَّتِى هى أحسن من الدوارج والطواويس وَلم اشبهها بِالْجنَّةِ وَصورتهَا منقوشة على وَجه الأَرْض وَأما نهر الأبلة فَهُوَ بِالْبَصْرَةِ وحواليه من ميادين النّخل والأترج والنارنج وَسَائِر الْأَشْجَار وفيهَا من أَصْنَاف الزَّرْع وأنواع الخضراوات مَالا ينظر أحسن مِنْهُ وَعَلِيهِ من الْقُصُور المتناظرة والأبنية الرائقة مَا تحار فِيهِ الْعُيُون وتهش لَهُ النُّفُوس وَفِيه يَقُول ابْن عُيَيْنَة
(وَيَا حبذا نهر الأبلة منْظرًا ... إِذا مد فى أَثْنَائِهِ المَاء أَو جزر)
وَأما شعب بوان من فَارس فَهُوَ الذى يَقُول فِيهِ الْقَائِل
(إِذا أشرف المكروب من رَأس تلعة ... على شعب بوان أَفَاق من الكرب)
(وألهاه بطن كالحريرة مَسّه ... ومطرد بجرى من البارق العذب)
(فبالله يَا ريح الْجنُوب تحملى ... إِلَى شعب بوان سَلام فَتى صب)
وَفِيه يَقُول المتنبى
(مغانى الشّعب طيبا فى المغانى ... بِمَنْزِلَة الرّبيع من الزَّمَان)
وَلما نزله عضد الدولة مُتَوَجها إِلَى الْعرَاق وَمَعَهُ أَبُو الْحسن السلامى قَالَ لَهُ قل فى الشّعب فقد سَمِعت مَا قَالَه المتنبى فِيهِ فَعَاد إِلَى خيمته وَكتب
(اشرب على الشّعب وَانْزِلْ رَوْضَة الأنفا ... قد زَاد فى حسنه فازدد بِهِ شغفا)
(إِذْ ألبس الهيف من أغصانه حللا ... ولقن الْعَجم من أطياره نتفا)
(وَانْظُر إِلَيْهِ تَرَ الأغصان مثمرة ... من قارع قرطا أَو لابس شنفا)
(وَالْمَاء يثنى على أعطافها أزرا ... وَالرِّيح تعقد فى أَطْرَافه شرفا)
وهى قصيدة طَوِيلَة
وَأما صغد سمر قند فَإِن قُتَيْبَة بن مُسلم لما أشرف من الْجَبَل قَالَ لأَصْحَابه شبهوة فَلم يأتو بشىء فَقَالَ قُتَيْبَة كَأَنَّهُ السَّمَاء فى الخضرة وَكَأن قصوره النُّجُوم الزاهرة وَكَأن أنهاره المجرة فاستحسنوا هَذَا التَّشْبِيه وتعجبوا من إِصَابَته




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید