المنشورات
قَهْوَة
كتب مصطفى منير أدهم في جريدة المقطم, يوم الثلاثاء 12 مارس 1929, مقالا بعنوان «القهوة وتاريخ شربها في مصر» قال فيه: «عرف المصريون القهوة وشربوها في مصر قبل أن يشربوا الدخان بنحو قرن تقريبا, وكان ذلك في أيام السلطان قنصوه الغوري.
والقهوة كلمة عربية مشتقة من الإقهاء ومعناه الإقعاد لأنها تقعد عن النوم.
وأول ما ظهر البن ببلاد الحبشة ثم نقل منها إلى أرض اليمن في سنة 656 هـ - 1258 م. ولنرجئ الآن الكلام عن البن إلى فرصة أخرى, ونتكلم عن القهوة فقط, فنقول:
إن أول من يُنسب إليه إفشاء القهوة في أرض اليمن هو العارف بالله سيدي علي بن عمر الشاذلي. وقد كان يستعين بها على السهر لذكر الله تعالى. وكان يتخذها من قشر البن. ولذلك ترى العامة إلى وقتنا هذا يذكرون اسم سيدي الشاذلي في مجالسهم عند تناول القهوة.
أما أول من صنع القهوة من لب البن فهو الشيخ جمال الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد الذيحاني - نسبة إلى مدينة ذيحان من مدن اليمن - وهو من علماء تلك البلاد, والمشهود لهم بالولاية والفتوى, وتوفي في سنة 875 هـ (1470 م).
وفي أوائل القرن العاشر الهجري, جاءت الأخبار إلى مصر بأنه شاع في بلاد اليمن شراب يقال له القهوة, يستعمله مشايخ الصوفية وغيرهم للاستعانة على السهر في مجالس الأذكار التي يذكرون فيها الله تعالى.
وبعد ذلك بقليل, انتقل شراب القهوة من اليمن إلى بلاد الحجاز بواسطة الحجاج اليمنيين. وكانت السادة الصوفية تشربها في المسجد الحرام نفسه.
وفي سنة 910 هـ (1504 م) في أيام حكم السلطان قنصوه الغوري لمصر, ظهرت القهوة في المسجد الأزهر الشريف بواسطة جماعة من الماورين اليمنيين بالأزهر. فكانوا يشربونها في رواقهم مع الساكنين معهم من أهل الحرمين الشريفين.
ولما عرف أهل الأزهر - ولا سيما الصوفية منهم وهم المشتغلون بالأوراد والأذكار - أن هذا الشراب مُذهب للنعاس والكسل, تهافتوا على رواق اليمنيين ليشربوا القهوة معهم.
وكانت القهوة تطبخ لهم في ماجور من الفخار, وتوزع عليهم بسكرجة صغيرة يغترف بها النقيب من الماجور, ويسقيهم بترتيب لطيف مبتدئا من الأيمن فالأيمن, وهم يذكرون ذكرهم المعتاد, وكان في الغالب «لا إله إلا الله الملك الحق المبين». وكانوا يقيمون هذا المجلس مرتين في كل أسبوع ليلتي الاثنين والجمعة, والناس والعلماء يشربون القهوة معهم موافقة لهم حتى أصبح شربها عادة عندهم.
ولما تفشت هذه العادة عند أهل الأزهر ومحبيهم وتأصل في طبعهم شرب القهوة, أنشأ أهل حارة الأزهر أماكن لبيعها. وكان الناس يقصدونها من كل فج ويجتمعون فيها لشرب القهوة ولعب الشطرنج والمنقلة.
واعتبرت الحكومة في ذلك الحين أن القهوة نوع من الخمر. وأفتى بتحريمها الشيخ عبد الحق السنباطي صاحب المسجد المعروف باسمه بدرب عبد الحق بجهة الأزبكية, بناء على شهادة طبيبين أعجميين قدما من الحجاز إلى مصر. فأغلقت الحكومة القهوات, وحرقت ما فيها من البن, كما تفعل مصلحة خفر السواحل الآن في حرق الحشيش.
وصار رجال الشرطة يراقبون من يلجأ إلى هذه الأماكن, فيخرجونهم منها على هيئة شنيعة بعضهم مكبل بالحديد, وبعضهم موثق بالحبال. ويحبسونهم إلى الصباح كما يفعل البوليس الآن مع من يضبط من شاربي الحشيش في القهوات والغرز وغيرها.
ومن شدة استياء الناس من الشيخ عبد الحق السنباطي, نظم بعض أهل المجون فيه أبياتا, منها:
حرموا القهوة عمدا ... قد رووا إفكا وبهتا
إن سألت النص قالوا ... إن عبد الحق أفتى
ولما تعين الأمير خير بك محتسبا لمكة المكرمة في أيام السلطان الغوري, أفتى الشيخ شمس الدين الخطيب بتحريم القهوة. فمنع الناس من شربها, وأقفل بيوتها. فقال أهل المجون في ذلك:
قهوة البن حرمت ... فاشربوا قهوة الزبيب
ثم طيبوا وعربدوا ... وانزلوا في قفا الخطيب
ولما عزل خير بك عن حسبة مكة, عاد الناس إلى شرب القهوة في مكة جهرا بعد أن كانوا يشربونها سرا خوفا من بطشه.
أما أهل مصر فكانت تحرم عليهم القهوة مرة وتحل أخرى في مدى أيام السلطان الغوري وعهد طومان باي إلى أن دخل السلطان سليم مصر سنة 923 هـ وقتل الطبيبين الأعجميين المذكورين, وأبيح للناس شربها جهرا. واستمر الحال على ذلك إلى وقتنا هذا.
ومن الغريب أن القهوة لم تدخل القسطنطينية إلا في سنة 962 هـ (1555 م) أي بعد أن عرفها المصريون وشربوها, وكان ذلك في أيام سليمان خان الثاني. والذي أدخلها إلى إسلامبول رجل من دمشق. وبنى لها محلا هناك, كانت الناس تجتمع فيه حتى العلماء.
وبعد ذلك بنحو قرن تقريبا - أي في سنة 1050 هـ (1640 م) - دخلت القهوة فرنسا. وفي سنة 1062 هـ (1652 م) رحل من أزمير إلى إنكلترا رجل رومي اسمه بسكاروس في خدمة أحد التجار الإنجليز, وكان معتادا على تحضير القهوة لسيده, وكان يقدمها لضيوفه. فكثرت على ذلك التاجر الضيوف حبا بشرب القهوة حتى تضايق منهم وطرده خادمه بسكاروس.
فاضطر بسكاروس إلى أن يفتح له محلا للقهوة بشارع سنت متشل في لندن. فأقبل عليه الناس لشربها, وهو أول مشرب أنشئ للقهوة في انكلترا.
وقاومت الحكومة الإنجليزية شرب القهوة في أول ظهورها بانكلترا ثم أباحته بعد ذلك.
وتغالى الترك في شرب القهوة أيام حكمهم في مصر. وبنوا لها أماكن خاصة في قصورهم. وكانوا يقدمونها لضيوفهم على نظام فخم جدا. وربما أتينا على ذكره في مقال آخر - إن شاء الله - لما فيه من اللذة وطيب الذكرى.
علم الدين 2/ 1375 - 1380 البن. مجلة المجمع بدمشق 3/ 280 أصل لفظ البن مصري (1) عن كمال باشا.
في ص 158 مجلد 7 من المقتبس شيء من تاريخ حدوث القهوة والدخان باستنبول. الخطط التوفيقية 8/ 3 الكلام على القهوة. الهلال 30/ 863 شيء عن القهوة, تتمة لمقالة توفيق حبيب لسليمان المانع من البحرين, ومقالة توفيق قبل ذلك في هذه السنة في ص 433. مجلة الآثار ج 1 آخر ص 349 أصل القهوة وانتشارها. المقتطف 46/ 198 شيء عن القهوة بالسكر, وأنه لا يدفع ضررها, وأن ضررها قليل. مجلة الجنان 13/ 552 القهوة, بعض إحصائيات عنها, وأماكن زرع البن. وانظر القهوة في 14/ 338 وفي 16/ 425 شي عن تاريخ البن والقهوة. المقتطف 56/ 430 القهوة وتاريخها. وفي الحاشية أن cafe مأخوذ من (كافة) بلدة بالحبشة. الراجح أنه تحريف قهوة. المشرق 14/ 662 - 663 سبب تسمية الإفرنج للقهوة cafe. رحلة أبي سالم العياشي - رقم 405 تاريخ - 1/ 132 القهوة.
طبقات المزيله لي - 2034 تاريخ - 1/ 284 أبو بكر العيدروس مبتكر القهوة, وفي ج 2 أول ص 422 بيتان لماميه في القهوة, وذكرا في صيني وفنجان. رسملي عثمانلي تاريخي - 1853 تاريخ - 1/ 349 بالحاشية: ظهور القهوة باستانبول. سلوة الغريب لابن معصوم 69 قبر أبي الحسن عمر بن علي الشاذلي بالمخا, وفي 101 إلى 106 أنه الذي أظهر القهوة المتعارفة, وكلام فيها بالحل والحرمة, وما قيل فيها من الشعر. نصيحة الإخوان ص 401 من رقم 290 مجاميع: كون القهوة ظهرت في القرن العاشر وقبله بيسير - ويظهر أن هذا خلاف المعروف. الكواكب السائرة 1/ 191 العيدروس مبتكر القهوة التي تشرب وسبب ذلك. رحلة الفاسي - رقم 1403 تاريخ - ص 208 حدوث القهوة, ومن أحدثها, وأن الشائع بالغرب شرب الأتاي (1). في رحلة الدرعي الزينبي - رقم 404 تاريخ - النصف الأول ص 135 حكم القهوة, وفي 137 أحدثها الشيخ أبو الحسن الشاذلي. في ذخيرة الأعلام للغمري بدار الكتب أنها حدث استعمالها بمصر في ولاية سليمان باشا المتولي سنة 931. وذكر في موضع آخر, عند أسماء ولاة الدولة العثمانية بمصر, أنها ظهرت بمصر في ولاية سليمان باشا الخصى, فأفتى بعضهم بحلها والبعض بحرمتها. المجموعة رقم 192 مجاميع فيها في ص 46 - 47 أبيات سقيمة في القهوة ومبتدعها.
الجبرتي 1/ 156 تحريم السيواسي القهوة. وعذراء الرسائل 250 أن الحطّاب تعرض في شرحه على مختصر خليل للقهوة, ولعله في الكلام على المحرمات. مجموع تقي الدين الراصد في الأدب 61 موشح لأبي الفتح المالكي في الخمر, وانظر آخر في 62 في معارضته, 63 آخر لأبي الفتح أيضا, وفي 64 إلى 68 سؤال منظوم عن حكم القهوة, وجوابه لأبي الفتح المالكي.
الهلال 22/ 297 بحث صحي في القهوة. منافها ومضارها في 7/ 19 من دائرة معارف وجدي في مادة (غدا).
القهاوي وردت كثيرا في خلاصة الأثر وسماها بيوت القهوة. وانظر فيه 2/ 197 مقطوعين في القهوة, وفي 3/ 99 بيتان في القهوة, وفي 249 قصيدة في القهوة, وفي 4/ 11 أبيات فيها.
وفي 405 لغز فيها وحله. سلك الدرر 2/ 93 ثلاثة أبيات في القهوة, وفيها: كلام الليل يمحوه النهار. وتبارى الشعراء في تضمينه. الكناش ذو الورق الأزرق 117 أبيات ماماي في القهوة, ورويت فيها. رجز في القهوة لأحمد بن شاهين 241 من الكناش رقم 458 أدب. الدرر المنتخبات المنثورة 267 القهوة. الحقيقة والمجاز 200 أبيات القهوة. نفح الطيب 1/ 564 شعر في وصف قهوة البن. انظر منظومة فيها كالزجل في عنوان الزمان - رقم 2255 تاريخ - 2/ 158. أبيات في القهوة في ص 162 من كناش الديري - رقم 596 أدب - وذكرت في فنجان أيضا. ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر لابن طولون, ظهر ص 24 المقصف والمقاصفي: لبيت فيه فرش ومخادّ للمتنزهين, أي مكان القهوة. والمقصف الآن بالشام يطلق على أعلى مكان وأحسنه في أماكن النزهة. وفي ص 30 موشح في مدح القهوة, وبعده في ظهرها موشح آخر, وفي وسط ظهر 30 أبيات في مدحها. سانحات دمي القصر - رقم 404 أدب - ص 80 بيتان للمؤلف بهما لفظ مقصف, وفي 110 موشح لأبي الفتح المالكي المتوفي 975 في القهوة. الضياء 1/ 70 القهوة وفيها أصناف البن باليمن, وأبيات في القهوة. مجلة الأرغول 4/ 129 مقطوعان في سواد القهوة. كناش المحاسني, أول ص 314 مقطوع في قهوة البن وبه فنجان, وذكر في فنجان. بعض ما قيل في القهوة من النظم: راجع رسالة القول بحِلّ القهوة, وهي من 43 - 64 من رقم 321 مجاميع. الحقيقة والمجاز للنابلسي 200 أبيات في القهوة. نفح الطيب 1/ 564 شعر في وصف قهوة البن. الريحانة 65 بيتان في القهوة, وفي 83 ثلاث مقطعات لماماي في القهوة, وفي 165 بيتان, وفي أول 304 إلى آخرها مقطعات فيها, وفي 208 بيتان و 274 بيتان, وفي 279:
همّ بابنة البن فقد ودّها ... للطفها - ربّ الحِجي والدَّها
مقطوع في قهوة البن: سبحة المرجان 166. النور السافر في القرن العاشر 226 أبيات للعمودي في القهوة, وليست جيدة, وفي 245 - 246 مقاطيع فيها لماميه الرومي, وفي 283 بيتان فيها للفاكهي وفي 291 أبيات فيها لباكثير, وفي 294 بيتان لابنه
لا أدري أين هذه الحاشية (1)
وفيها, وفي 329 قصيدة فيها, وفي 331 أبيات فيها لأبي الحسن البكري والد المترجم. بيتان في قهوة البن ص 327 من المجموع رقم 796 شعر. قطف الأزهار - رقم 653 أدب - ص 428 مقطوع في قهوة البن. المجموعة رقم 300 مجاميع, آخر ص 32 بالحاشية بطرف الورقة بيتان في القهوة, وفيهما تشبيهها بزباد ذائب وسط الزبادي, وقد ذكرناهما في فنجان أيضا. خلاصة الأثر 2/ 197 مقطوعان في القهوة.
القهوة التي يجلس فيها الناس تسمى في اليمن بالمَقاهي جمع مَقْهى كأنهم صاغوه اسما للمكان من القهوة, ثم أطلقوا الجمع على المفرد. وأما القهوة التي تشرب فتسمى بالقهوة هناك أيضا. في أواخر ص 245 ج 2 من نزهة الجليس للموسوي استعمل المقاهي لأماكن القهوة. الجبرتي 1/ 408: لا يتحاشى الجلوس على القهاوي, أي كانت في مدته. المقتبس 7/ 158 أول مكان أنشئ للقهوة في الآستانة وغيرها. مجلة المجمع العلمي 3/ 357 فتوى لغوية للأستاذ المغربي عن لفظ المقهى - أي مكان شرب القهوة - أي القهوات. المجموعة رقم 666 شعر ص 5 البيت العشرون من زجل خطط مصر فيه القهوة, والمراد بها المكان, وفي أول ص 6 عبّر عنها ببيت قهوة, وفي أول ظهر ص 6 كرر ذكر القهاوي للأماكن, وفي 7 ذكر للقهوة بمعنى المكان, وفي 8 بيت فيه ذكر لعدة قهاوي, وفي ظهر ص 8 آخر بيت فيه قهوة للمكان, وفي ص 16 البيت 83 قهوة الكرمة, وفي 18 البيت 93 فيه قهوة الكرمة, وفيه (وتقهّوا) أي اشربوا الخمر. قطف الأزهار - رقم 545 أدب - ص 321 القهوة الجديدة, أي مكانها, عن ديوان أبي بكر العمري. - تراجم الصواعق - رقم 1401 تاريخ - ص 538 القهوة بمعنى حانوتها الذي تشرب فيه.
لغة العرب 1/ 107 كلام في قهوة للمكان وجمعها على قهاوي بالحاشية, ويظهر أنه يرجح قهوات. نزهة الأنام في محاسن الشام للبدري 65: وبها مقصفان, أي قهوة أو شبه فندق للأكل والمبيت. وانظر 78 و 79, 86.
فصول التماثيل لابن المعتز 43 سبب تسميته بالقهوة, أي الخمر بذلك.
المجموع رقم 776 شعر ص 18 زجل في قهوجي, وفي 27 قهوجي.
ومن مزاعمهم: إذا كان في كأس القهوة شبه صُرَّة ظاهرة على وجهها يقولون: إن من يشرب هذه الصرة قبل أن تزول يحوز صرة من النقود.
واذا اندلقت القهوة على الثياب كان دليلا على كسوة جديدة. وكذلك إذا ذرق العصفور على الثياب.
مصادر و المراجع :
١- معجم تيمور الكبير في الألفاظ العامية
المؤلف: أحمد بن
إسماعيل بن محمد تيمور (المتوفى: 1348 هـ)
12 يناير 2024
تعليقات (0)