المنشورات

«أبو بكر بن مقسم» ت 354 هـ

هو: محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن الحسين بن محمد أبو بكر البغدادي العطار المقرئ النحوي المفسر.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
ولد «ابن مقسم» سنة خمس وستين ومائتين من الهجرة، وعمر كثيرا حيث توفي عن تسع وثمانين سنة.
أخذ «ابن مقسم» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «ابن إدريس ابن عبد الكريم، وداود بن سليمان، وحاتم بن اسحاق، وأبو العباس المعدل والعباس بن الفضل الرازي، وأحمد بن فرح المفسر، وعبد الله بن محمد بن بكار، ومضر بن محمد، وعلي بن الحسين الفارسي وآخرون (2).
كما أخذ «ابن مقسم» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء: فقد سمع أبا السّري موسى بن الحسن، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن اسحاق الأنصاري، وأبا العباس ثعلب، والحسن القطان، ومحمد بن الليث الجوهري، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، وآخرين (1).
تصدر «ابن مقسم» لتعليم القرآن زمنا طويلا، فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «ابنه أحمد، وأبو بكر بن مهران، وعلي بن عمر الحمامي، والفرج بن محمد التكريتي، والحسن بن محمد الفحام، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وعلي بن محمد العلاف، وأبو الفرج الشنبوذي، وغير هؤلاء (2) كان «ابن مقسم» من الثقات، فقد وثّقه الخطيب البغدادي، والحافظ شمس الدين محمد بن علي الداوديّ، صاحب «طبقات المفسرين» حيث قال: «وكان «ابن مقسم» ثقة ومن أعرف الناس بالقراءات، وأحفظهم لنحو الكوفيين ولم يكن فيه عيب إلا أنه قرأ بحروف تخالف الإجماع، واستخرج لها وجوها من اللغة والمعني» اهـ (3).
كما أثنى عليه العلامة «أبو عمرو الداني» حيث قال: «ابن مقسم» مشهور بالضبط والإتقان، عالم بالعربية، حافظ للغة، حسن التصنيف في علوم القرآن، وكان قد سلك مذهب «ابن شنبوذ» الذي أنكر عليه، فحمل الناس عليه لذلك (4).
كما أثنى عليه «ابن العماد الحنبلي» صاحب كتاب «شذرات الذهب» حيث قال: «تصدر «ابن مقسم» للإقراء دهرا، وكان علامة في نحو الكوفيين، سمع من ثعلب أماليه، وصنف عدة تصانيف، وله قراءة معروفة منكرة خالف فيها الإجماع» (1).
اشتهر «ابن مقسم» بالعلم، وقد صنف عدة مصنفات منها: كتاب الأنوار في تفسير القرآن، والمدخل الى علم الشعر، والاحتجاج في القراءات، وكتاب في النحو، وكتاب الوقف والابتداء في القرآن، وكتاب المصاحف، وعدد التمام، ومجالسات ثعلب ومفرداته، والرد على المعتزلة، والانتصار لقرّاء الأمصار، واللطائف في جمع هجاء المصاحف، وغير ذلك (2).
ومع أن «ابن مقسم» كان من العلماء ومن المؤلفين إلا أنه وقع فيما وقع فيه «ابن شنبوذ» حيث أجاز القراءة بما يتفق رسم المصحف والعربية، دون الاعتداد بصحة السند، وفي هذا يقول: ابن الجزري: وله اختيار في القراءات رويناه في كتاب الكامل وغيره، رواه عنه أبو الفرج الشنبوذي، ويذكر أنه كان يقول: إن كل قراءة وافقت رسم المصحف ووجها في العربية فالقراءة بها جائزة، وإن لم يكن لها سند اهـ (3).
وقد ذكر المؤرخون خروج «ابن مقسم» على إجماع العلماء حيث أجاز القراءة بغير المتواتر والمشهور من حروف القرآن، حيث قال جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي وقد ذكر حاله: أبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ صاحب أبي بكر بن مجاهد في كتابه الذي سماه «كتاب البيان» فقال: وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا، فزعم أن كل من صح عنده وجه في العربية لحرف من القرآن يوافق خط المصحف فقراءته جائزة في الصلاة وغيرها. وابتدع بقيله ذلك بدعة ضل بها عن قصد السبيل، وأورط نفسه في مزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله وحاول إلحاق كتاب الله من الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله بسيّئ رأيه طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخير القراءات من جهة البحث، واستخرج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض. وقد كان «أبو بكر بن مجاهد» شيخنا نسله من بدعته المضلة باستتابته منها وأشهد عليه الحكام والشهود بعد أن سئل البرهان علي صحة ما ذهب إليه فلم يأت بطائل ولم تكن له حجة قوية ولا ضعيفة، فاستوهب «أبو بكر بن مجاهد» تأديبه من السلطان عند توبته وإظهاره الاقلاع عن بدعته المضلة، فالله سبحانه وتعالى قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من الزائغين بقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (1).
توفي «أبو بكر بن مقسم» يوم الخميس لثمان خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. رحمه الله وغفر له إنه غفور رحيم.






مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید