المنشورات

«سعيد بن جبير» ت 95 هـ

أحد مشاهير علماء التابعين، الإمام الكبير، الحافظ، المقرئ، المفسر، العالم، العابد.
قرأ القرآن على «ابن عباس» رضي الله عنه.
وكان «سعيد بن جبير» مدرسة وحده في تعليم القرآن، فقد قرأ عليه عدد كبير، في مقدمتهم: «أبو عمرو بن العلاء البصري، إمام البصرة» في القراءات، واللغة، والنحو، ولا
زالت قراءة «أبي عمرو بن العلاء» من القراءات المتواترة يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن.
كما أخذ «سعيد بن جبير» الحديث عن عدد من الصحابة، والتابعين، منهم: «ابن عباس، وعائشة، وأبو موسى الأشعري، والضحاك بن قيس، وأبو سعيد الخدري وآخرون.
وكما كان «سعيد بن جبير» إماما في القراءات، كذلك كان حجة في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد حدث عنه عدد كثير منهم: أبو صالح السمّان، وآدم بن سليمان، وأيوب السختياني، وثابت بن عجلان، وسليمان الطويل، وسليمان الأعمش، وطلحة بن مصرّف، وآخرون (1).
وقد ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
ومن يقرأ سيرة «سعيد بن جبير» يجده كان رحمه الله تعالى من المتعلقين بقراءة القرآن، يوضح ذلك الأخبار التالية: قال «القاسم بن أبي أيوب»:
سمعت «سعيدا» يردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ (2). وقال «هلال بن يساف»: دخل «سعيد بن جبير» الكعبة» فقرأ «القرآن» في ركعة اهـ (3).
وقال «وقاء بن إياس»: كان «سعيد بن جبير» يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء، وكانوا يؤخرون العشاء (4). وعن «عبد الملك بن أبي سليمان»: كان «سعيد بن جبير» يختم القرآن في كل ليلتين (5).
كما كان «سعيد بن جبير» رحمه الله تعالى من الذين يخشون الله حقّ خشيته، ويبكون خوفا من عذابه حتى عدّ من الزهاد: فعن «القاسم الأعرج» قال: كان «سعيد بن جبير» يبكي من الليل حتى عمش اهـ (6).
وروى «الثوري» عن «حماد» قال «سعيد»: قرأت القرآن في ركعتين في الكعبة اهـ (7).
وقال «سعيد بن جبير»: لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد عليّ قلبي اهـ (1). وروى «قيس بن الربيع» عن «الصعب بن عثمان» قال:
قال «سعيد بن جبير» ما مضت عليّ ليلتان منذ قتل «الحسين بن علي» رضي الله عنهما إلا أقرأ فيهما القرآن، إلا مريضا أو مسافرا اهـ (2).
وقال «أبو نعيم»: حدثنا إبراهيم بن عبد الله عن «سعيد ابن عبيد» قال:
«كان سعيد بن جبير إذا أتى على هذه الآية: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ (3) رجّع فيها ورددها مرتين أو ثلاثا» (4).
كما كان «سعيد بن جبير» رحمه الله تعالى ينطق بالحكمة ويعلّمها الناس وهناك الكثير من ذلك: قال «ضرار بن مرّة»: قال «سعيد بن جبير»:
«التوكل على الله جماع الإيمان وكان يدعو ويقول: اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك، وحسن الظن بك» اهـ (5). وقال «عطاء بن دينار»: قال «سعيد بن جبير»: إن الخشية أن تخشى الله حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك، فتلك الخشية، والذكر: طاعة الله، فمن أطاع الله فقد ذكره، ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن اهـ (6).
وقال «هلال بن حبيب»: قلت: «لسعيد بن جبير»: ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم اهـ (7).
وكان «سعيد بن جبير» يعمل جهد طاقته لنشر العلم بين الناس: فعن «حبيب بن أبي ثابت» قال: قال لي «سعيد بن جبير»: لأن أنشر العلم أحبّ إليّ من أن أذهب إلى قبري اهـ (1).
ونظرا لشدّة إخلاص «سعيد بن جبير» وعمله المستمرّ في تعليم القرآن وشرح معانيه للمسلمين، استحق ثناء المسلمين عليه، يبين ذلك النصوص التالية: فعن «جعفر بن أبي المغيرة» قال: كان «ابن عباس» رضي الله عنهما إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء؟ يعني سعيد بن جبير (2).
وروى «ابن مهدي» عن «سفيان» قال: لقد مات «سعيد بن جبير» وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه اهـ (3).
وروى «عبد السلام بن حرب» عن «خصيف» قال: كان أعلمهم بالقرآن «مجاهد» وأعلمهم بالحج «عطاء» وأعلمهم بالحلال والحرام «طاوس» وأعلمهم بالطلاق «سعيد بن المسيب» وأعلمهم لهذه العلوم «سعيد بن جبير» اهـ (4).
استشهد «سعيد بن جبير» سنة خمس وتسعين من الهجرة، عن سبع وخمسين سنة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وشرحه، وتعليم سنة الرسول صلى الله عليه وسلّم. رحم الله «سعيد بن جبير» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید