المنشورات

«طلحة بن عبيد الله القرشي» رضي الله عنه ت 36 هـ

علم من حفاظ «القرآن الكري» وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات وقال:
وردت عنه الرواية في حروف «القرآن». وصفه النبي صلى الله عليه وسلّم بأنه الجواد، والفياض. كان من السابقين إلى الإسلام.
كان «طلحة» رضي الله عنه: حسن الوجه- يضرب إلى الحمرة- مربوعا- إلى القصر هو أقرب- رحب الصدر- بعيد ما بين المنكبين- ضخم القدمين- كثير الشعر- ليس بالجعد القطط ولا بالسبط- إذا مشى أسرع- وإذا التفت التفت جمعا.
حدث عنه بنوه: يحيى- وموسى- وعيسى- والسائب بن يزيد- ومالك ابن أوس- وأبو عثمان النهدي- وقيس بن أبي حازم- ومالك بن أبي عامر الأصبحي- والأحنف بن قيس- وأبو سلمة بن عبد الرحمن- وآخرون.
ولقد أحبه الرسول صلى الله عليه وسلّم وأثنى عليه ثناء عاطرا: فعن «جابر» رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: من أراد أنه ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر إلى «طلحة بن عبيد الله» اهـ.
قال «أبو نعيم» حدثنا سليمان بن أحمد فقال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلّم من «أحد» صعد «المنبر» فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ هذه الآية:
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (1) فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله من هؤلاء؟ فأقبل «طلحة بن عبيد الله» وعليه ثوبان أخضران، فقال: «أيها السائل هذا منهم» اهـ (2).
كما كان «طلحة» رضي الله عنه شجاعا لا يهاب الأعداء وهناك أكثر من شاهد على ذلك: فعن «عائشة» أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان «أبو بكر» إذا ذكر يوم «أحد» قال: ذلك كله يوم طلحة، قال «أبو بكر»:
كنت أول من فاء يوم «أحد» فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولأبي عبيدة بن الجراح: «عليكما صاحبكما» يريد «طلحة» فأصلحنا من شأن النبي صلى الله عليه وسلّم ثم أتينا «طلحة» في بعض تلك «الجفار» (3) فإذا به بضع وسبعون أو أقلّ أو أكثر، بين طعنة، وضربة، ورمية، وإذا قد قطعت إصبعه، فأصلحنا من شأنه اهـ (4).
وروى «قبيصة» عن «جابر» قال: صحبت «طلحة بن عبيد الله» فما رأيت رجلا أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه اهـ (1).
وحدث «الترمذي» عن «عقبة بن علقمة اليشكري» قال: سمعت «عليا» رضي الله عنه يوم «الجمل» يقول: سمعت من «في» رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «طلحة- والزبير جاراي في الجنة» اهـ (2).
وكان «طلحة» رضي الله عنه من أثرياء الصحابة، يدل على ذلك الآثار الآتية: قال «الحميدي» حدثنا «ابن عيينة» حدثنا «عمرو بن دينار» قال: أخبرني «مولى» لطلحة، قال: كانت غلة طلحة كل يوم ألفا وافيا.
انتهى (3).
وقال «إبراهيم التيمي» عن أبيه قال: كان طلحة يغلّ بالعراق أربع مائة ألف، ويغلّ بالسراة عشرة آلاف دينار، ولقد كان يرسل إلى «عائشة» أم المؤمنين رضي الله عنها إذا جاءت غلته كل سنة بعشرة آلاف، ولقد قضى عن صبيحة التيمي ثلاثين ألفا» اهـ (4).
وقال «الواقدي»: حدثنا إسحاق بن يحيى- عن موسى بن طلحة أن «معاوية» سأله: كم ترك «أبو محمد» من العين؟ قال: ترك ألفي ألف درهم، ومائتي ألف درهم، ومن الذهب مائتي ألف دينار، فقال «معاوية»:
عاش حميدا سخيّا شريفا اهـ (5).
ولقد كان «طلحة بن عبيد الله» من الأسخياء البررة الأوفياء، والدليل على ذلك الآثار الآتية:
فعن «أبي إسماعيل الترمذي» أن «طلحة» أتاه مال من «حضرموت» سبع مائة ألف، فبات ليلته يتململ، فقالت له زوجته: ما لك؟ قال: تفكرت منذ الليلة فقلت: ما ظن رجل بربّه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت عن بعض أخلائك، فإذا أصبحت فادع بجفان، وقصاع فقسّمه فقال لها: رحمك الله إنك موفقة بنت موفق، وهي: «أم كلثوم بنت الصديق» رضي الله عنهما:
فلما أصبح دعا بجفان فقسّمها بين المهاجرين والأنصار.
وعن «علي بن زيد» قال: جاء أعرابي إلى «طلحة» يسأله، فتقرب إليه برحم، فقال: إن هذه لرحم ما سألني بها أحد قبلك، إنّ لي أرضا قد أعطاني بها «عثمان» ثلاث مائة ألف فاقبضها، وإن شئت بعتها من «عثمان» ودفعت إليك الثمن، فقال: الثمن، فأعطاه اهـ.
وعن «سعدى» بنت عوف المريّة قالت: دخلت على «طلحة» يوما وهو خائر، فقلت: ما لك؟ لعل رابك من أهلك شيء؟ قال: لا والله، ونعم حليلة المسلم، ولكن مال عندي قد غمني، فقلت: ما يغمّك؟ عليك بقومك، قال: يا غلام ادع لي قومي فقسمه فيهم، فسألت الخازن: كم أعطى؟ قال: أربع مائة ألف.
قتل «طلحة» في موقعة «الجمل» سنة ست وثلاثين من الهجرة، وهو ابن ثنتين وستين سنة. رضي الله عن «طلحة بن عبيد الله» وجزاه الله أفضل الجزاء.




مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید