المنشورات
«عبد الله بن عمر بن الخطّاب» رضي الله عنه ت 73 هـ
مفتي الأمة- وشيخ الإسلام- والإمام القدوة- الفصيح العفيف- صاحب الجود والحياء- والزهد والورع.
ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات، وقال: وردت الرواية عنه في حروف القرآن (2).
أسلم «عبد الله بن عمر» وهو صغير، ثم هاجر مع أبيه قبل البلوغ، واستصغر يوم «أحد» فأول غزواته «الخندق». وهو ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلّم تحت الشجرة.
روى «ابن عمر» علما كثيرا نافعا عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وعن أبيه وأبي بكر- وعثمان- وعلي- وبلال- وصهيب- وزيد بن ثابت- وابن مسعود- وعائشة- وأخته حفصة.
كما روى عنه عدد كثير أذكر منهم: آدم بن علي- وأسلم مولى أبيه- وأبا ذؤيب- وأنس بن سيرين- وبشر بن حرب- وبكر المزني- وبلال بن عبد الله- وثابت البناني- وحبيب بن أبي مليكة- وآخرين (1).
وكان «ابن عمر» رضي الله عنهما: ربعة كأنه بدر- يخضب بالصفرة- إزاره إلى نصف الساق.
كان النبي صلى الله عليه وسلّم يحبه حبا جما، وقد بشره بالجنة: فعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: كنت شاهد النبي صلى الله عليه وسلّم في حائط نخل، فاستأذن «أبو بكر» فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «ائذنوا له وبشروه بالجنة» ثم «عمر» كذلك، ثم «عثمان» فقال: «بشروه بالجنة على بلوى تصيبه» فدخل يبكي ويضحك، فقال: «عبد الله بن عمر» فأنا يا نبي الله؟
قال: «أنت مع أبيك» (2).
وكان «ابن عمر» رضي الله عنهما من الشبان الذين نشئوا في طاعة الله يدل على ذلك الآثار الآتية: فعن «ابن مسعود» رضي الله عنه أنه قال: «إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا «عبد الله بن عمر» اهـ (3).
وعن «جابر» رضي الله عنه أنه قال: «ما منا أحد أدرك الدنيا إلا وقد مالت به إلا «ابن عمر» اهـ (4).
وقالت «عائشة» أم المؤمنين رضي الله عنها: «ما رأيت أحدا ألزم للأمر الأول من «ابن عمر» اهـ (5).
وقال «طاوس»: ما رأيت أورع من «ابن عمر» اهـ (1).
كما كان رضي الله عنه زاهدا في الدنيا، يوضح ذلك ما يلي: قيل ل «نافع»:
ما كان يصنع «ابن عمر» في منزله؟ قال: لا تطيقونه الوضوء لكل صلاة- والمصحف فيما بينهما اهـ (2).
وكان «ابن عمر» رضي الله عنهما يتمثل دائما قول الله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (3) وهناك أكثر من دليل على ذلك: فعن «نافع» مولى «ابن عمر» قال:
«كان ابن عمر إذا اشتدّ عجبه بشيء من ماله قرّبه لربّه عز وجلّ، قال «نافع»: وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما شمّر أحدهم فيلزم المسجد، فإذا رآه «ابن عمر» على تلك الحالة الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول «ابن عمر»: فمن خدعنا بالله عز وجلّ تخدّعنا له.
قال «نافع»: فلقد رأيتنا ذات عشية وراح «ابن عمر» على نجيب له قد أخذه بمال عظيم، فلما أعجبه سيره أناخه مكانه ثم نزل عنه، فقال: يا نافع، انزعوا زمامه، ورحله، وحللوه، وأشعروه، وأدخلوه في «البدن» (4).
وعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: لما نزلت: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ دعا «ابن عمر» جارية له فأعتقها، وقال: والله إن كنت لأحبك في الدنيا، اذهبي فأنت حرة لوجه الله عز وجل (5).
وعن «نافع» قال: كان «ابن عمر» لا يعجبه شيء من ماله إلا خرج منه لله عز وجلّ، قال: وكان ربما تصدق في المجلس الواحد بثلاثين ألفا، قال:
وأعطاه «ابن عمر» مرتين ثلاثين ألفا، فقال: يا نافع، إني أخاف أن تفتنني دراهم «ابن عمر» اذهب فأنت حرّ (1).
ولقد فاق «ابن عمر» أهل زمانه في الجود- والسخاء، يوضح ذلك ما يلي:
فعن «نافع» مولى «ابن عمر» قال: «أتى ابن عمر ببضعة وعشرين ألفا فما قام حتى أعطاها» اهـ.
وعن «نافع» أنه قال: «ما مات «ابن عمر» حتى أعتق ألف إنسان، أو زاد» اهـ.
وعن «نافع» قال: «بعث معاوية إلى «ابن عمر» بمائة ألف فما حال عليه الحول وعنده منها شيء» اهـ.
وعن «نافع» أنه قال: «إن كان «ابن عمر» ليفرق في المجلس ثلاثين ألفا، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة لحم» اهـ.
كما كان «لابن عمر» رضي الله عنهما المكانة العلمية والمنزلة السامية: فعن «مالك» رحمه الله أنه قال: «كان إمام الناس عندنا بعد «زيد بن ثابت» «عبد الله بن عمر» مكث ستين سنة يفتي الناس» اهـ.
مات «ابن عمر» سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وكان عمره سبعا وثمانين سنة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
مصادر و المراجع :
١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ
المؤلف: محمد محمد
محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)
13 يناير 2024
تعليقات (0)