المنشورات

«أبو عبيد القاسم بن سلّام» ت 224 هـ

هو: القاسم بن سلام، أبو عبيد الخراساني، الأنصاري مولاهم البغدادي، الإمام الكبير، الحافظ، العلامة، أحد الأعلام المجتهدين، وصاحب التصانيف في القراءات، والحديث، والفقه، واللغة، والشعر.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن.
وذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
ولد «أبو عبيد» سنة سبع وخمسين ومائة، وكان والده مملوكا روميّا لرجل من «هراة».
وقد أخذ «أبو عبيد» القراءة عن مشاهير علماء عصره منهم: «علي بن حمزة الكسائي» الإمام السابع من أئمة القراءات، وشجاع بن أبي نصر، وسليمان بن حماد، وإسماعيل بن جعفر، وحجاج بن محمد، ويحيى بن آدم، وهشام بن عمّار» وآخرون (2).
كما أخذ اللغة من مشاهير علماء اللغة مثل «أبي عبيدة، وأبي زيد الأنصاري» وغيرهما (3).
كما أخذ الحديث عن خيرة العلماء منهم: «إسماعيل بن جعفر، وشريك بن عبد الله، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، ويحيى القطان، وإسحاق الأزرق» وخلق كثير (1).
وكان «أبو عبيد» علما بارزا من علماء القراءات، وقد أخذ القراءة عنه الكثيرون منهم: «أحمد بن إبراهيم ورّاق خلف، وأحمد بن يوسف التغلبي، وعلي ابن عبد العزيز البغوي»، وآخرون (2).
كما حدث عن «أبي عبيد» الكثيرون، منهم: «نصر بن داود، وأبو بكر الصاغاني، وأحمد بن يوسف التغلبي»، وغيرهم كثير (3).
وقد صنف «أبو عبيد» في شتى العلوم، مثل القراءات، واللغة، والحديث، والفقه والشعر، وغير ذلك.
يقول «ابن درستويه»: ولأبي عبيد كتب لم يروها قد رأيتها في ميراث بعض الطاهرية تباع كثيرة في أصناف الفقه كله، وبلغنا أنه إذا كان إذا ألّف كتابا أهداه إلى «ابن طاهر» فيحمل إليه مالا خطيرا، والغريب المصنف من أجلّ كتبه في اللغة، قال: ومنها كتابه في الأمثال أحسن تأليفه، وغريب الحديث ذكره بأسانيده، فرغب فيه أهل الحديث، وكذلك كتابه «معاني القرآن» وله كتب في الفقه فإنه عمد إلى مذهب «مالك، والشافعي» فتقلد أكثر ذلك، وأتى بشواهده، وحسّنه باللغة، والنحو، وله في القراءات كتاب جيّد، ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله، وكتابه في «الأموال» من أحسن ما صنف في الفقه، وأجوده اهـ (4).
وقال «أحمد بن يوسف»: لما عمل «أبو عبيد» كتاب «غريب الحديث» عرضه على «عبد الله بن طاهر» فاستحسنه وقال: إن عقلا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش، فأجرى له عشرة آلاف درهم في الشهر اهـ (1).
يقول «أبو عبيد» رحمه الله: مكثت في تصنيف كتاب «غريب الحديث» أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال، فأضعها في الكتاب، فأبيت ساهرا فرحا مني بتلك الفائدة، وأحدكم يجيئني فيقيم عندي أربعة أشهر أو خمسة فيقول: قد أقمت الكثير اهـ (2).
ولقد كان «أبو عبيد» من الذين يحترمون أنفسهم، ويكرمونها لتكريم الله لها، وهناك أكثر من شاهد على ذلك: قال «عبد الله بن محمد بن سيّار»:
سمعت «ابن عرعرة» من «أبي عبيد» وطمع أن يأتيه في منزله، فلم يفعل «أبو عبيد» حتى كان هو يأتيه اهـ (3).
ولقد كان «أبو عبيد» مع علمه ينطق بالحكمة، فمن ذلك: قول «علي بن عبد العزيز»: سمعت «أبا عبيد» يقول: «المتبع للسنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من ضرب السيف في سبيل الله» اهـ (4).
ونظرا لمكانة «أبي عبيد» العلمية والسلوكية، والدينية فقد استحق ثناء العلماء عليه: قال «الداني»: «أبو عبيد» إمام أهل دهره في جميع العلوم صاحب سنة، ثقة مأمون. اهـ (5).
وقال «عبد الله بن طاهر»: «علماء الإسلام أربعة: عبد الله بن عبّاس في زمانه، والشعبي في زمانه، والقاسم بن معن في زمانه، والقاسم بن سلّام في زمانه» اهـ (1).
وقال «إبراهيم الحربي»: ما مثلت أبا عبيد إلا بجبل نفخ فيه الروح (2).
وعن «محمد بن أبي بشر» قال: أتيت «أحمد بن حنبل» في مسألة فقال لي:
ائت «أبا عبيد» فإن له بيانا لا نسمعه من غيره، قال: فأتيته فشفاني جوابه اهـ (3).
وقال «عباس الدوري»: سمعت «أحمد بن حنبل» يقول: «أبو عبيد ممن يزداد عندنا كل يوم خيرا» اهـ (4).
وقال «الحسن بن سفيان»: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول:
«أبو عبيد» أوسعنا علما، وأكثرنا أدبا، وأجمعنا جمعا، إنا نحتاج إليه، ولا يحتاج إلينا اهـ (5). وقال «أبو داود»: «أبو عبيد» ثقة مأمون اهـ (6).
توفي «أبو عبيد» سنة أربع وعشرين ومائتين بعد حياة حافلة في تعليم القرآن، واللغة، وحديث النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «أبا عبيد» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید