المنشورات

«أبو عمرو بن العلاء البصري» ت 154 هـ

عالم من أشهر علماء القراءات، واللغة، والنحو، شيخ القراء، ومقرئ أهل البصرة، وزعيم المدرسة البصرية النحوية، من أعلم الناس بالقرآن والعربية، الحجة الثقة. هو زبان بن العلاء بن العريان المازني التميمي البصري. قال «أبو عمرو الداني»: ولد «أبو عمرو بن العلاء» بمكة المكرمة سنة ثمان وستين ونشأ بالبصرة، ومات بالكوفة، وإليه انتهت الإمامة في القراءة بالبصرة اهـ (2).
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
قال «الذهبي»: أخذ «أبو عمرو بن العلاء» القراءة عن: أهل الحجاز، وأهل البصرة، فعرض بمكة على: «مجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وعطاء بن يسار، وعكرمة بن خالد، وابن كثير»، وعرض بالمدينة على «أبي جعفر يزيد بن القعقاع، ويزيد بن رومان، وشيبة بن نصاح» اهـ (1).
وروى «اليزيدي» عن «أبي عمرو» قال: سمع «سعيد بن جبير» قراءتي فقال: الزم قراءتك هذه اهـ (2).
وأقول: مما تقدم تبين أن «أبا عمرو بن العلاء» قرأ على خلق كثير: بمكة المكرمة، والمدينة المنورة، والكوفة، والبصرة، ويعتبر «أبو عمرو» أكثر القراء شيوخا، أذكر منهم:
أبا جعفر يزيد بن القعقاع ت 128 هـ.
ويزيد بن رومان ت 120 هـ.
وشيبة بن نصاح ت 130 هـ.
ونافع بن أبي نعيم ت 169 هـ.
وعبد الله بن كثير ت 120 هـ.
ومجاهد بن جبر ت 104 هـ.
وأبا العالية رفيع بن مهران.
وقرأ «أبو العالية» شيخ أبي عمرو على:
عمر بن الخطاب ت 23 هـ.
وأبيّ بن كعب ت 30 هـ.
وزيد بن ثابت ت 45 هـ.
وعبد الله بن عباس ت 68 هـ.
وقرأ كل من «زيد بن ثابت، وأبيّ بن كعب» على رسول الله صلى الله عليه وسلم. من هذا يتبين أن قراءة «أبي عمرو بن العلاء» صحيحة، ومتواترة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام. ولا زال المسلمون حتى الآن يتلقون قراءة «أبي عمرو بن العلاء» بالرضا والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
قال «الذهبي»: قرأ على «أبي عمرو بن العلاء» خلق كثير منهم:
«يحيى بن المبارك اليزيدي، وعبد الوارث التنوري، وشجاع البلخي، وعبد الله ابن المبارك».
ثم قال: وأخذ عنه القراءة، والحديث، والأدب: «أبو عبيدة معمر بن المثنى، والأصمعي، ويعلى بن عبيد، والعباس بن الفضل، ومعاذ بن مسلم النحوي، وهارون بن موسى، وعبيد بن عقيل» وآخرون (1).
وقال «الذهبي»: حدث «أبو عمرو بن العلاء» عن: «أنس بن مالك، وعطاء بن أبي رباح، وأبي صالح السمّان» (2).
وقال «ابن مجاهد»: حدثني «جعفر بن محمد» عن «سفيان بن عيينة» قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قد اختلفت عليّ القراءات فبقراءة من تأمرني أن أقرأ؟ فقال: اقرأ بقراءة «أبي عمرو بن العلاء» (3).
وقال «وهب بن جرير»: قال لي «شعبة»: تمسك بقراءة «أبي عمرو» فإنها ستصير للناس إسنادا اهـ (4).
وقد احتل «أبو عمرو بن العلاء» المكانة السامية بين جميع العلماء منذ عصره حتى الآن، ولذلك استوجب الثناء عليه: فعن «أبي عبيدة معمر بن المثنى» قال: كان «أبو عمرو» أعلم الناس بالقرآن، والعربية، وأيام العرب، والشعر، وأيام الناس اهـ (1).
وقال «وكيع»: قدم «أبو عمرو بن العلاء» الكوفة، فاجتمعوا إليه كما اجتمعوا على هشام بن عروة اهـ (2).
وقال «ابن معين»: «أبو عمرو» ثقة. وقال «أبو عبيدة» كانت دفاتر «أبي عمرو» ملء بيت إلى السقف، ثم تنسك فأحرقها، وكان من أشراف العرب ووجوههم اهـ (3).
وقال «الأصمعي»: قال لي «أبو عمرو»: لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري في صدرك لفعلت، لقد حفظت في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر «الأعمش» على حملها اهـ (4).
وقال «الأصمعي»: سمعت «أبا عمرو» يقول: ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني، ثم قال «الأصمعي»: أنا لم أر بعد «أبي عمرو» أعلم منه اهـ (5).
وروى «الأخفش» قال: مرّ «الحسن» بأبي عمرو، وحلقته متوافرة، والناس عكوف، فقال: من هذا؟ فقالوا: أبو عمرو، فقال: لا إله إلا الله كادت العلماء أن تكون «أربابا» كل عزّ لم يؤكد بالعلم فإلى ذلّ يؤول اهـ (6).
وقال «الأصمعي»: قال لي «أبو عمرو»: كن على حذر من الكريم إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن الأحمق إذا مازحته ومن الفاجر إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك، أو تسأل من لا يجيبك، أو تحدث من لا ينصت لك اهـ (1).
توفي «أبو عمرو» بالكوفة سنة أربع وخمسين من الهجرة، بعد حياة كلها عمل في تعليم القرآن، ولغة العرب. رحم الله «أبا عمرو بن العلاء» وجزاه الله أفضل الجزاء.






مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید