المنشورات

«أبو الفرج الشنبوذي» ت 388 هـ

هو: محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون أبو الفرج الشنبوذي البغدادي غلام ابن شنبوذ.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
ولد «أبو الفرج الشنبوذي» سنة ثلاثمائة من الهجرة، شغف «أبو الفرج الشنبوذي» في الترحال إلى طلب العلم، فجاب الأقطار، وسمع من العلماء، وأخذ حروف القرآن. حول هذا المعنى يقول «الإمام ابن الجزري»: «رحل أبو الفرج الشنبوذي» ولقي الشيوخ وأكثر وتبحّر في التفسير اهـ (2).
أخذ «أبو الفرج الشنبوذي» حروف القرآن عن عدد كبير من خيرة العلماء، وذكر المؤرخون من شيوخه الكثير وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: «أخذ القراءة عرضا عن: أبي بكر بن مجاهد، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر بن أحمد بن حماد، وأبي الحسن بن الأخرم، وإبراهيم بن محمد الماوردي، ومحمد بن جعفر الحربي، وأحمد بن محمد بن اسماعيل الأدمي، ومحمد بن هارون التمار، وأبي الحسن بن شنبوذ، وإليه نسب لكثرة ملازمته له، ومحمد بن موسى الزينبي وموسى ابن عبد الله الخاقاني» وغيرهم كثير (1).
منح الله سبحانه وتعالى «أبا الفرج الشنبوذي» ذاكرة قوية حافظة، فحفظ الكثير، وتعلم الكثير، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «سمعت «أبا الفضل عبيد الله بن أحمد بن علي الصيرفيّ» يذكر «أبا الفرج الشنبوذي» فعظم أمره ووصف علمه بالقراءات، وحفظه للتفسير، وقال: سمعته يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقراءات» اهـ (2).
من هذا يتبين بما لا يدع مجالا للشك بأن «أبا الفرج الشنبوذي» كان واسع العلم كثير المعرفة، وقد شهد بذلك العلماء، قال «عبد العزيز بن علي المالكي»:
دخل «أبو الفرج» غلام «ابن شنبوذ» على «عضد الدولة» زائرا فقال له: يا أبا الفرج، إن الله يقول: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ (3) ونرى العسل يأكله المحرور فيتأذى به، والله الصادق في قوله؟
قال: أصلح الله الملك، إن الله لم يقل فيه الشفاء للناس بالألف واللام الذين يدخلان لاستيفاء الجنس، وإنما ذكره منكرا فمعناه فيه شفاء لبعض الناس دون بعض (4).
وأقول: لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك بعد تجارب متعددة قام بها العلماء المختصون بأن عسل النحل قاتل للجراثيم قاهر لها، ولم ينتبه الكثيرون إلى ذلك إلا خلال القرن الحالي حيث بدأت الأخبار ترد من أنحاء العالم وهي تفيد بأن عسل النحل فيه كثير من أعاجيب الطب الوقائي، والعلاجي.
يقول أحد الأطباء: إن عسل النحل يعتبر سلاح الطبيب في كثير من الأمراض، فهو ضد التسمم الناشئ من أمراض الجسم، مثل التسمم البولي الناتج من أمراض الكبد، والمعد، والأمعاء، وهو مفيد في الالتهاب الرئوي، والسحائي وفي حالات الذبحة الصدرية وفي الارتشاحات الناشئة من التهاب الكلي الحاد.
كما أن عسل النحل مفيد للجروح والحروق وهو مطهر ومضاد للفساد والعفونة فسبحان القائل: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ.
تصدر أبو الفرج الشنبوذي لتعليم القرآن وحروفه واشتهر بالصدق وجودة الحفظ والثقة وأقبل عليه حفاظ القرآن، يقول الامام «ابن الجزري»: قرأ عليه «أبو علي الأهوازي، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي، والهيثم بن أحمد الصباغ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن الحسين الكارزيني، وعبد الله بن محمد بن مكي السواق، وعلي بن القاسم الخياط، وأبو علي الرهاوي، وعبد الملك ابن عبدويه، ومنصور بن أحمد العراقي، وعثمان بن علي الدلال، وعلي بن محمد الجوزداني»، وغير هؤلاء كثير (1).
لقد كان لأبي الفرج الشنبوذي الأثر الواضح والمؤثر في كثير من الجوانب العلمية وهي متعددة من ذلك أنه ترك بعض المصنفات العلمية المتصلة بالقراءات القرآنية، مثال ذلك كتاب في القراءات وكتاب فيما خالف فيه ابن كثير المكي أبا عمرو البصري وغير ذلك (2).
احتل «أبو الفرج الشنبوذي» مكانة سامية ومرموقة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول الحافظ «الذهبي»: «وأكثر «أبو الفرج» الترحال في طلب القراءات وتبحّر فيها واشتهر اسمه وطال عمره» اهـ (1).
وقال الامام «أبو عمرو الداني»: «أبو الفرج الشنبوذي» عالم مشهور نبيل حافظ ماهر حاذق كان يتجول في البلدان اهـ (2).
وقال «عبد الرحمن بن عبد الله»: كنت أجلس إلى الشنبوذي أسمع منه التفسير وكان من أعلم الناس به، سمعت «فارس بن أحمد» يقول: قدم علينا «الشنبوذي» «حمص» فقال لنا: كيف يقف الكسائي علي قوله تعالى:
تَراءَا الْجَمْعانِ (3) فقلنا الفائدة من الشيخ أعزه الله. قال: يقف (تراءى) وأمالها اهـ (4).
وقال «الإمام ابن الجزري»: أبو الفرج الشنبوذي أستاذ من أئمة القراءات، رحل ولقي الشيوخ وأكثر وتبحّر في التفسير واشتهر اسمه وطال عمره مع علم بعلل القراءات اهـ (5).
توفي «أبو الفرج» سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید