المنشورات

«معاذ بن جبل» رضي الله عنه ت 17 هـ

أحد الصحابة الذين جمعوا «القرآن» حفظا على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم. كما وردت عنه الرواية في حروف القرآن.
ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
قال «أنس بن مالك» رضي الله عنه: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أربعة كلهم من الأنصار: «أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد أحد عمومتي».
وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: قال رسول الله عليه وسلّم: «خذوا القرآن من أربعة: من «ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة» اهـ (2).
وقال «مجاهد» لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلّم «مكة» استخلف عليها «عتّاب بن أسيد» يصلي بهم، وخلّف معاذا يقرئهم، ويفقههم (3).
قال «عطاء»: أسلم «معاذ بن جبل» وله ثمان عشرة سنة اهـ.
وكان رضي الله عنه: أبيض، جعد الشعر، طويلا، جميلا، عظيم العينين.
قال «جابر بن عبد الله»: كان «معاذ» من أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا، وأسمحهم كفّا اهـ.
وقال «أيوب بن سيّار»: قال «أبو بحرية»: «دخلت مسجد «حمص» فإذا بفتى حوله الناس: جعد- قطط- إذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور- ولؤلؤ، فقلت: من هذا؟ قالوا: معاذ بن جبل اهـ (1).
وقد روى عن «معاذ» عدد كبير أذكر منهم: ابن عمر- وابن عباس- وجابر- وأنس- وأبا أمامة- وأبا مسلم الخولاني- وابن أبي ليلى- ومسروق- وآخرين.
ولقد أحبه النبي صلى الله عليه وسلّم، والدليل على ذلك قول «معاذ»:
لقيني النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: «يا معاذ إني لأحبّك في الله» قلت: وأنا والله يا رسول الله أحبّك في الله، قال: «أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة: ربّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» اهـ (2).
ولسموّ منزلة «معاذ» عند النبي عليه الصلاة والسلام كان يثني عليه ثناء عاطرا، والدليل على ذلك الأثر التالي: فعن «ابن غنم» قال: سمعت «أبا عبيدة» - «وعبادة بن الصامت» يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين، وإن الله يباهي به الملائكة» (3).
وكان «معاذ بن جبل» رضي الله عنه ينطق بالحكمة، وقد أثر عنه في ذلك الكثير من الأخبار أذكر منها ما يلي:
1 - قال: «أبو نعيم» حدثنا «أبي» عن «معاذ بن جبل» رضي الله عنه قال: «تعلّموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأنه معالم الحلال والحرام ومنار أهل الجنة، والأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء، والضرّاء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما، ويجعلهم في الخير قادة وأئمة، تقتبس آثارهم، ويقتدي بفعالهم، وينتهي إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلّتهم بأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى الحيتان في الحجر وهوامّه، وسباع الطير وأنعامه، لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصباح الأبصار من الظلم، يبلغ بالعلم منازل الأخيار، والدرجة العليا في الدنيا والآخرة، به توصل الارحام، ويعرف الحلال من الحرام، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء» اهـ. (1)
2 - وروى «سليمان بن أحمد» أن «معاذ بن جبل» رضي الله عنه كان إذا تهجّد من الليل قال: «اللهم قد نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت حيّ قيوم، اللهم طلبي الجنة بطيء، وهربي من النار ضعيف، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلى يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد» اهـ (2).
ومناقب «معاذ» رضي الله عنه كثيرة أذكر منها ما يلي:
فعن «أنس» رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أرحم أمتي بأمتي «أبو بكر» وأشدّها في دين الله «عمر» وأصدقها حياء «عثمان»
وأعلمهم بالحلال والحرام «معاذ» وأفرضهم «زيد» ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة «أبو عبيدة» اهـ (1).
وعن «أبي هريرة» رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
«نعم الرجل «أبو بكر» نعم الرجل «عمر» نعم الرجل «معاذ بن جبل» (2).
وعن «محمد بن عبد الله الثقفي» أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
«يجيء «معاذ» يوم القيامة أمام العلماء بين يدي العلماء» وعن «عبيد بن صخر» أن النبي صلى الله عليه وسلم حين ودعه «معاذ» قال: «حفظك الله من بين يديك ومن خلفك، ودرأ عنك شرّ الانس والجنّ» اهـ (3).
ولقد كان «معاذ» رضي الله عنه يخشى الله حق خشيته، من أدلة ذلك ما يلي: فعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: «مرّ «عمر» بمعاذ وهو يبكي فقال: ما يبكيك؟ قال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أدنى الرياء شرك، وأحب العبيد إلى الله الاتقياء الأخفياء، الذين غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، أولئك مصابيح العلم، وأئمة الهدى» اهـ (4).
توفي «معاذ» سنة سبع عشرة من الهجرة وله ثلاث وثلاثون سنة. رحم الله «معاذ بن جبل» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید