المنشورات

«أبو هريرة» رضي الله عنه ت 59 هـ

هو: «أبو هريرة» عبد الرحمن بن صخر الدوسي.
روى عن «عبد الله بن رافع» أنه قال «لأبي هريرة» لم كنّوك أبا هريرة؟
قال: أما تفرق مني؟ قلت: بلى، إني لأهابك، قال: كنت أرعى غنما لأهلي، فكانت لي «هريرة» ألعب بها، فكنوني بها اهـ (2).
وكان «أبو هريرة» رضي الله عنه: إماما، حافظا، مفتيا، فقيها، صالحا، حسن الأخلاق، متواضعا، محببا إلى جميع المسلمين.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ «القرآن».
أسلم «أبو هريرة» سنة سبع من الهجرة عام خيبر، وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع سنين.
وقرأ «أبو هريرة» «القرآن» على «أبيّ بن كعب» رضي الله عنهما.
وكان «أبو هريرة» رجلا آدم، بعيد ما بين المنكبين، أفرق الثنيتين ذا ضفيرتين.
عن «أبي هريرة» رضي الله عنه قال: «إن كنت لأعتمد على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشدّ الحجر على بطني من الجوع.، ولقد قعدت على طريقهم، فمرّ بي «أبو بكر» فسألته عن آية في كتاب الله، ما أسأله إلا ليستتبعني، فمرّ ولم يفعل، فمرّ «عمر» فكذلك، حتى مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف ما في وجهي من الجوع، فقال: «أبو هريرة»؟ قلت: لبيك يا رسول الله، فدخلت معه البيت، فوجدنا «لبنا» في قدح، فقال: «من أين لكم هذا»؟
قيل: أرسل به إليك فلان، فقال: «يا أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة، فادعهم» وكان أهل الصفة أضياف الاسلام، لا أهل، ولا مال، إذا أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة أرسل بها إليهم، ولم يصب منها شيئا، وإذا جاءته هدية أصاب منها، وأشركهم فيها، فساءني إرساله إياي، فقلت: كنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ ولم يكن من طاعة لله وطاعة رسوله بدّ، فأتيتهم فأقبلوا مجيبين، فلما جلسوا، قال:
«خذ يا أبا هريرة فأعطهم، فجعلت أعطي الرجل، فيشرب حتى يروى، حتى أتيت على جميعهم، وناولته رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إليّ متبسما وقال: «بقيت أنا وأنت» قلت: صدقت يا رسول الله، قال: فاشرب فشربت، فقال: «اشرب» فشربت، فما زال يقول: اشرب، فأشرب، حتى قلت: والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغا،
فأخذ فشرب من الفضلة اهـ (1).
قال «البخاري»: روي عن «أبي هريرة» ثمان مائة حديث أو أكثر.
وقال «أبو سعيد الخدري»: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبو هريرة وعاء من العلم» اهـ (2).

كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له فقال: «اللهم حبّب عبدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبّبهم إليهما اهـ (1).
وروى «أبو هريرة» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك؟ قلت: أسألك أن تعلمني مما علمك الله، فنزع نمرة كانت على ظهري فبسطها بيني وبينه حتى كأني أنظر إلى النمل يدبّ عليها فحدثني، حتى إذا استوعبت حديثه قال: اجمعها فصرّها إليك» فأصبحت لا أسقط حرفا مما حدثني اهـ (2).
وكما اشتهر «أبو هريرة» بكثرة حفظه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اشتهر أيضا بذاكرة قوية لا تنسى، يدل على ذلك ما يلي: روى «أبو الزعيزعة» كاتب «مروان» انّ «مروان» أرسل إلى «أبي هريرة» فجعل يسأله، وأجلسني خلف السرير وأنا أكتب حتى إذا كان رأس الحول دعا به فأقعده من وراء حجاب، فجعل يسأله عن ذلك الكتاب، فما زاد ولا نقص، ولا قدّم ولا أخّر، قلت: هكذا فليكن الحفظ اهـ (3).
وقال «الشافعي»: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره اهـ (4).
ولقد كان «لأبي هريرة» المنزلة السامية الرفيعة لدى الصحابة والتابعين وشهد له الجميع بالعلم، يدلّ على ذلك النصوص التالية: قال «أبو صالح»:
كان «أبو هريرة» من أحفظ الصحابة اهـ (5).
وقال «أبو رافع»: إن «أبا هريرة» لقي «كعبا» فجعل يحدثه ويسأله، فقال «كعب»: ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من «أبي هريرة» (1).
وقال «ابن عمر» لأبي هريرة: يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمنا بحديثه اهـ (2).
وقال «زياد بن مينا»: كان «ابن عباس- وابن عمر- وأبو هريرة- وأبو سعيد- وجابر مع غيرهم من الصحابة يفتون بالمدينة، ويحدثون من لدن توفي «عثمان» رضي الله عنهم إلى أن توفوا، وإلى هؤلاء الخمسة صارت الفتوى (3).
قال «الذهبي» توفي «أبو هريرة» سنة تسع وخمسين، ولعله الصحيح لأنه صلى على «أم سلمة» وماتت في شوال سنة تسع وخمسين اهـ.
رحم الله أبا هريرة، رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید