المنشورات

«إبراهيم بن محمّد» ت 841 هـ

هو: إبراهيم بن محمّد بن خليل البرهان الطرابلسي الأصل الشاميّ المولد، الشافعي.
وهو من خيرة العلماء والقراء، والمحدثين، والفقهاء، ولد في ثاني عشر رجب سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بالجلّوم: بفتح الجيم، وتشديد اللام المضمومة، توفي والده وهو صغير، فكفلته أمه وانتقلت به إلى «دمشق» فحفظ بها بعض القرآن، ثم رجعت إلى «حلب» فنشأ بها وأدخلته أمه مكتب الأيتام فأكمل به حفظ القرآن، وصلى به التراويح في رمضان.
ثم قرأ تجويد القرآن على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «الحسن السائس المصري، والشهاب بن أبي الرضى».
وأخذ الفقه عن جماعة من خيرة الفقهاء منهم: «ابن العجمي» وأخذ الحديث عن مشاهير علماء الحديث، أمثال: «الزين العراقي، والبلقيني، وابن الملقّن» كما أخذ اللغة عن «مجد الدين» صاحب «القاموس المحيط».
رحل «إبراهيم بن محمد» إلى كثير من الأقطار من أجل العلم والأخذ عن العلماء الثقات. فرحل إلى «مصر» مرتين، والاسكندرية، ودمشق، وبيت المقدس، وغزة، والرملة، ونابلس، وحماه، وحمص، وطرابلس، وبعلبك.
روي عنه أنه قال: مشايخي في الحديث نحو المائتين، ومن رويت عنه شيئا من الشعر دون الحديث بضع وثلاثون، وفي العلوم غير الحديث نحو الثلاثين.
وقد جمع كل أساتذته كل من «النجم بن فهد، والحافظ بن حجر».
واستقرّ بحلب، ولما هاجمها «تيمور لنك» طلع بكتبه إلى القلعة، فلما دخل البلد وسلبوا الناس كان فيمن سلب حتى لم يبق معه شيء، ثم أسروه وبقي معهم، إلى أن رحلوا إلى «دمشق» فأطلق سراحه، ورجع إلى بلده.
وقد اجتهد «إبراهيم بن محمد» في الحديث اجتهادا كبيرا، وسمع العالي، والنازل، وقرأ البخاري أكثر من ستين مرّة، ومسلما نحو العشرين.
واشتغل بالتصنيف: فكتب تعليقا لطيفا على سنن «ابن ماجة» وشرحا مختصرا على البخاري سماه: «التلقيح لفهم قارئ الصحيح» وهو في أربعة مجلدات. و «المقتضى في ضبط ألفاظ الشفا» في مجلّد. و «نور النبراس على سيرة ابن سيّد الناس» في مجلدين. وكتاب «التيسير على ألفية العراقي» وشرحها مع زيادة أبيات غير مستغنى عنها. وكتاب «نهاية السول في رواة الستة الأصول» في مجلد ضخم، وكتاب «الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث» في مجلد. وكتاب «التبيين لأسماء المدلسين» في كراستين.
قال «السخاوي»: كان «إبراهيم بن محمد» إماما، علامة، حافظا خيّرا، ديّنا، ورعا، متواضعا، وافر العقل، حسن الأخلاق، متخلقا بجميل الصفات، جميل العشرة، محبّا للحديث وأهله، كثير النصح والمحبة لأصحابه، ساكنا متعففا عن التردد إلى بني الدنيا، قانعا باليسير، طارحا للتكلف، رأسا في العبادة والزهد والورع، مديم الصيام والقيام، سهلا في التحدث، كثير الانصاف والبشر لمن يقصده للأخذ عنه خصوصا الغرباء، مواظبا على الاشتغال، والاقبال على القراءة بنفسه، حافظا لكتاب الله، كثير التلاوة له، صبورا على الإسماع، ربما أسمع اليوم كاملا من غير ملل ولا ضجر، عرض عليه قضاء الشافعية ببلده فامتنع (1).
لم يزل «إبراهيم بن محمد» على جلالته وعلوّ قدره حتى توفّاه الله تعالى يوم الاثنين سادس عشر شوال سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وهو يتلو القرآن، ولم يغب له عقل، ودفن بالجبل عند أقاربه.
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید