المنشورات

«أحمد القزويني» ت 452 هـ

هو: محمد بن أحمد بن عليّ أبو عبد الله بن أبي سعيد القزويني، بفتح القاف وسكون الزاي نسبة إلى «قزوين» إحدى المدائن المشهورة بأصبهان، نزح من «قزوين» واستقر بها، وهو من مشاهير علماء القراءات الحذاق.
أخذ القراءة عن خيرة علماء عصره.
ومن شيوخه الذين أخذ عنهم القراءة: «علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني» وهو إمام مقرئ، ضابط، متقن، ثقة، قال عنه تلميذه «رشاد بن نظيف»: لم ألق مثله حذقا، وإتقانا في رواية «ابن عامر الدمشقي».
قال عنه «الإمام الداني»: كان ثقة ضابطا متقشفا.
وقال عنه «الكتاني»: كان «علي بن داود» ثقة. انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين، ومضى على سداد.
وقال عنه «الإمام ابن الجزري»: كان عليّ بن داود إمام «داريار» فلما مات إمام الجامع الأموي خرج القاضي وجماعة من الأعيان إلى «داريار» ليأخذوه ويجعلوه إمام الجامع، فلبس أهل «داريار» السلاح ليقاتلوا دونه، فقال القاضي: يا أهل «داريار» ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل «دمشق» احتاجوا إليكم في إمام، فقالوا: قد رضينا، فقدمت له بغلة القاضي، فلم يركبها، وركب حماره، ودخل معهم، فسكن بالمنارة الشرقية، وكان يقرئ شرقي الرواق الأوسط ولا يأخذ على الإمامة رزقا، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برّا، ويقتات من أرض له «بداريا» ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه، ويعجنه، ويخبزه. اه (1).
وأقول: هذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدل على الكثير من المعاني السامية منها: أن «عليّ بن داود» كانت له مكانة عظيمة في العلم وبخاصة القرآن الكريم، كما يدل على قناعته وعفة نفسه، وزهده في الدنيا، وتطلّعه إلى الدار الآخرة.
توفي «عليّ بن داود» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة هـ.
ومن شيوخ «محمد بن أحمد القزويني» في القراءة: «الحسن بن سليمان بن الخير أبو علي الانطاكي النافعي»، وهو أستاذ ماهر حافظ، سكن «مصر» وقرأ على شيوخها، وفي مقدمتهم: «أبو الفتح بن بدهن».
قال عنه الإمام الدانيّ: كان «الحسن بن سليمان الأنطاكي» أحفظ أهل زمانه للقراءات، والغرائب من الروايات، والشاذ من الحروف، ومع ذلك يحفظ تفسيرا كثيرا، ويحفظ إعرابا وعللا، ينصّ ذلك نصّا بطلاقة لسان، وحسن منطق لا يلحق، وكانت له إشارات يشير بها لمن يقرأ عليه تفهم عنه في الكسر والفتح والمدّ والقصر، والوقف.
وتتلمذ عليه عدد كبير منهم «محمد بن أحمد بن سعد القزويني».
توفي «الحسن بن سليمان الأنطاكي» بمصر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
وكما أخذ «محمد بن أحمد القزويني» القراءة عن خيرة العلماء أخذ أيضا  حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي مقدمة شيوخه الذين أخذ عنهم الحديث:
«القاضي عليّ بن محمد الحلبي، وميمون حمزة الحسيني».
تصدّر «محمد بن أحمد القزويني» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمة، بفتح الباء، وتشديد اللام مكسورة، وهو أستاذ ماهر حاذق، نزيل الإسكندرية، ومؤلف كتاب «تلخيص العبارات بلطيف الإشارات» في القراءات.
ولد ابن بليمة سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة.
وعني بالقراءات فقرأ بالقيروان على «أبي بكر القصري» إمام جامع القيروان وغيره، ثم رحل فقرأ بمكة المكرمة على «أبي معشر الطبري»، وقرأ بمصر على «محمد بن أحمد القزويني» وأحمد بن نفيس برواية ورش من طريق الأزرق، ورواية «الدوري» عن اليزيدي.
وقرأ عليه عدد كثير وفي مقدّمتهم: «أبو العباس أحمد بن الحطيئة».
توفي «الحسن بن بليمة» بالاسكندرية ثالث عشر رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة هـ.
ومن تلاميذ «محمد بن أحمد القزويني» في القراءة: «يحيى بن عليّ بن الفرج أبو الحسن المصري، يعرف بابن الخشاب، كان شيخ الإقراء بالديار المصرية، وهو أستاذ ماهر حاذق، صحيح الأخذ والضبط، أخذ القراءة على عدد من العلماء. وفي مقدمتهم: «محمد بن أحمد القزويني» ثم تصدّر للإقراء، فأخذ عنه القراءة الكثيرون، منهم: «أحمد بن محمد بن خلف الأنصاري».
توفي «يحيى بن عليّ» سنة أربع وخمسمائة.
ومن تلاميذ «محمد بن أحمد القزويني» في الحديث: «عبد العزيز الكتاني» محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو عبد الله الرازي، قدم بغداد، وحدث بها عن أبي عامر عمرو بن تميم الطبري، وروى عنه المعافى بن زكريا.
وبعد حياة حافلة بطلب العلم ثم تعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام توفي «محمد بن أحمد القزويني» في ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة من الهجرة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.



مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید