المنشورات

«أبو عمرو الدّاني» ت 444 هـ

هو: الإمام العلامة الحافظ شيخ الشيوخ، عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الأموي مولاهم القرطبي الداني بن الصيرفي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة الحادية عشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.
نشأ «أبو عمرو الدّاني» تحت رعاية والده رحمه الله تعالى في بلد العلم والمعرفة والدين «قرطبة» حاضرة الأندلس، وأعظم مدنها في ذلك الوقت، ومستقرّ خلافة الأمويين.
ولد الإمام الداني بقرطبة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة من الهجرة. وقد نسب الإمام «أبو عمرو الدّاني» إلى «دانية» وهي مدينة عظيمة بالأندلس على ساحل البحر الرومي، لكونه سكنها آخر حياته وتوفي بها سنة 444 هـ.
وقد نشأ الإمام الداني وترعرع في «قرطبة» التي كانت مركزا للعلم والمعرفة حيث كانت عامرة بالعلماء الأجلاء في شتى أنواع العلوم والمعرفة ما بين مقرئ وقارئ، ومحدث، ومفسّر، وأديب، وواعظ، وخطيب.
وسط هذا الجوّ الذي يشعّ منه العلم ابتدأ الإمام الداني طلب العلم سنة ست وثمانين وثلاثمائة، وهو ابن أربع عشرة سنة بعد أن حفظ القرآن الكريم وجوّده.
وقد انكبّ «الداني» على قراءة الكتب وملازمة الشيوخ، وقد تتلمذ «الداني» على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم «والده» الذي أخذ عنه القراءات القرآنية.
ومن شيوخه الذين أخذ عنهم:
1 - خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن حمدان بن خاقان أبو القاسم الخاقاني الاستاذ الضابط في قراءة «ورش». قرأ عليه «الداني» وعليه اعتمد في قراءة «ورش» وقال عنه: كان شيخي الخاقاني ضابطا لقراءة «ورش»، متقنا لها مجوّدا، مشهورا بالفضل والنسك، واسع الرواية، صادق اللهجة.
2 - وطاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون «أبو الحسن» الحلبي نزيل مصر، وهو أستاذ عارف، ثقة، ضابط، وحجة محرّر، مؤلف كتاب «التذكرة في القراءات الثمان». قال عنه الداني: لم ير في وقته مثله في فهمه، وعلمه، وفضله وصدق لهجته.
3 - وعبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواستي، بضم الخاء المعجمة، وسكون السين المهملة، الفارسي، مقرئ نحوي شيخ، صدوق، فاضل، ضابط قرأ عليه «الداني» القراءات، وقال عنه: كان شيخي «عبد العزيز» خيّرا، فاضلا ضابطا، صدوقا.
4 - وفارس بن أحمد بن موسى بن عمران أبو الفتح الحمصي الضرير، نزيل مصر قال عنه الداني: لم ألق مثله في حفظه وضبطه، حسن الأداء، واسع الرواية، متنسكا، فاضلا، صادق اللهجة.
5 - ومحمد بن عبد الله أبو الفرج النجاد، روى عنه الداني حروف القراءات وكان من القراء الثقات.
وقد رحل الإمام الداني في سبيل طلب العلم إلى كثير من الأقطار فبعد أن حفظ القرآن، وتلقى القراءات على شيوخ بلده، وكان عمره حينئذ ستا وعشرين سنة قرر الرحلة إلى المشرق حيث ينابيع العلم الأصيلة التي كانت تجذب أنظار الأندلسيين نحو المشرق، وذلك للاستكثار من الروايات، ووجوه القراءات، فارتحل من «الأندلس» واتجه نحو «القيروان» في «تونس» ومكث بها أربعة أشهر، ولقي جماعة من العلماء، وكتب عنهم، منهم «أبو الحسن القابسي».
ثم توجه نحو «مصر» ودخلها في اليوم الثاني من عيد الفطر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة من الهجرة، ومكث بها حتى نهاية العام الثاني. وقد تلقى في «مصر» القراءات، والحديث، والفقه عن أئمة من المصريين والبغداديين، والشاميين منهم: «فارس بن أحمد، وطاهر بن غلبون».
ثم توجه إلى مكة المكرمة سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. وحج بيت الله الحرام، وقرأ القرآن، والحديث على «أبي العباس أحمد بن البخاري» وغيره.
ثم عاد إلى «مصر» ومكث بها شهرا، ثم ارتحل إلى المغرب ومكث بالقيروان أشهرا، ثم عاد إلى الأندلس.
تصدر الإمام الداني لتعليم القرآن الكريم، وعلومه، واشتهر بالثقة والضبط، وصحة الرواية، وسعة العلم، فأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان، وتتلمذ عليه الجم الغفير منهم:
1 - خلف بن إبراهيم أبو القاسم الطليطلي.
2 - وخلف بن محمد بن خلف أبو القاسم الأنصاري.
3 - ومحمد بن أحمد بن رزق بن الفصيح التجيبي الأندلسي.
4 - ومحمد بن عيسى بن فرج أبو عبد الله التجيبي الطليطلي.
قال عنه الذهبي: كان أحد الحذّاق بالقراءات.
وقال عنه «ابن بشكوال»: كان عالما بوجوه القراءات، ضابطا لها، متقنا لمعانيها، إماما دينا، أخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا ووصفوه بالتجويد، والمعرفة.
5 - ومحمد بن يحيى بن مزاحم أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي، الطليطلي مؤلف كتاب «المنهاج في القراءات».
قال عنه «الذهبي»: كان غاية في العربية، وله رحلة إلى مصر لقي فيها «القضاعي» وطبقته.
وقد صنف «الإمام الداني» الكثير من كتب القراءات، وعلوم القرآن بلغت مائة وعشرين مصنفا في القراءات والرسم والتجويد، وقد أقبل العلماء على تحقيق مصنفات الداني وإظهارها إلى حيّز الوجود، فمن الكتب التي تمت طباعتها حتى الآن:
1 - التيسير في القراءات السبع.
2 - المقنع في رسم المصاحف.
3 - الفرق بين الضاد والظاء.
4 - المحكم في نقط المصاحف.
5 - المكتفي في الوقف والابتداء.
توفي الداني «بدانية» سنة أربع وأربعين وأربعمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید