المنشورات

«أبو القاسم الهذلي» ت 465 هـ

هو: يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل أبو القاسم الهذلي اليشكري، الأستاذ الكبير، العالم الشهير.
ولد في حدود التسعين وثلاثمائة تقريبا، وطاف البلاد في طلب القراءات، يقول «ابن الجزري»: لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ، قال في كتابه «الكامل»:
«فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا، من آخر المغرب إلى باب «فرغانة» يمينا، وشمالا، وجبلا، وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته» (2).
يفهم مما تقدّم أن «أبا القاسم الهذلي» طوّف بكثير من المدن من أجل تلقّي القراءات القرآنية عن الشيوخ، والأخذ عنهم، وقد تتبعت البلاد التي رحل إليها فوجدته رحل إلى البلاد الآتية:
بغداد، عسقلان، واسط، الكوفة، البصرة، دمياط، مصر، الاسكندرية، دمشق، حلب، صيدا، بيروت، حلب، الرملة، همذان، سمرقند، القيروان، جرجان، حرّان، بخارى، طرابلس الغرب، أصبهان، كرمان، الأهواز، شيراز.
من هذا يتبيّن بجلاء ووضوح مدى الجهد العظيم الذي بذله «أبو القاسم الهذلي» من أجل معرفة قراءات القرآن، وهكذا تكون الهمم العالية في طلب العلم، وبخاصة ما يتصل بالقرآن الكريم.
لقد احتل «أبو القاسم الهذلي» شهرة عظيمة، ومكانة سامية بين الخاص والعام، مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وقد ذكره تلاميذه الذين أخذوا عنه القراءات، وكلهم أثنى عليه.
يقول «الحافظ الذهبي»: «وذكره «عبد الغفار» ونعته بأنه ضرير- فكأنه عمي في آخر عمره- وقد كان أرسله «نظام الملك» الوزير ليجلس في مدرسته بنيسابور- هي المدرسة النظامية- فقعد سنين، وأفاد، وكان مقدما في النحو، والصرف، عارفا بالعلل، كان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويقرأ عليه الأصول في الفقه، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو، ويستفيد منه، وكان حضوره في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، إلى أن توفي» (1).
وكما أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات عن مشاهير القراء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وحدث عن «أبي نعيم الحافظ» وجماعة» اه (2).
لم يقتصر «أبو القاسم الهذلي» على تلقّي القراءات، والحديث، ثم تعليمهما، بل أفاد من ذلك فائدة كبيرة، وصنف الكتب المفيدة، وفي هذا المقام يقول عن نفسه:
«وألفت هذا الكتاب- يعني الكامل- فجعلته جامعا للطرق المتلوّة، والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي ك: «الوجيز، والهادي» وغيرهما» (1).
أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات عن عدد كبير من القراء، ولو أردت الكتابة عن هؤلاء الشيوخ لاستغرق ذلك وقتا طويلا.
ولكن حسبي أن أتحدث بشيء من التفصيل عن بعض هؤلاء الشيوخ الأجلاء، فأقول، وبالله التوفيق:
من شيوخ «أبي القاسم الهزلي» في القراءات: أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن جعفر، أبو بكر الباطرقاني (2) الأصبهاني. وهو من مشاهير القراء، ومن الثقات المحدّثين، ومن خيرة العلماء المؤلفين، ألف «كتاب طبقات القراء» وسمّاه: المدخل إلى معرفة أسانيد القراءات ومجموع الروايات، كما صنّف كتابا في شواذ القراءات.
ولد «أبو بكر الباطرقاني» سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.
أخذ «أبو بكر الباطرقاني» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي» وسمع حروف القراءات من «أبي عبد الله محمد بن يحيى بن منده».
تصدّر «أبو بكر الباطرقاني» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، واشتهر بالثقة، وجودة الحفظ، وصحّة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو القاسم الهذلي» وروى عنه حروف القراءات: «أبو بكر أحمد بن عليّ الأصبهاني».
توفي «أبو بكر الباطرقاني» في شهر صفر سنة ستين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن الصقر أبو الفتح البغدادي» وهو من خيرة علماء القراءات ومن المشهورين بالثقة، وحسن الأداء.
أخذ القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن علي» ثم تصدّر لتعليم القرآن واشتهر في الآفاق، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي»، و «أحمد بن محمد النوشجاني أبو زرعة، الخطيب»، كان رحمه الله تعالى من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهود لهم، أخذ القراءة عن خيرة القراء، وفي مقدمتهم «أبو الحسن عليّ بن جعفر السعيدي».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه «أبو القاسم الهذلي».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن علّان الواسطي».
وهو من مشاهير القراء المتصدّرين، ومن العلماء الثقات المعروفين، إذ نشأ في بيت من بيوت القرآن الكريم.
أخذ «أحمد بن محمد» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:
«والده» عليهما رحمة الله تعالى.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وحسن التجويد والأداء.
ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو القاسم الهذلي» بواسط.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة، أبو العباس المصري» وهو من الحفاظ المشهورين، ومن القراء المعروفين، أخذ القراءة عن عدد من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «عبد المنعم بن غلبون، وعمر بن عراك» وغيرهما كثير.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بين الخاص والعام، وازدحم الطلاب على الأخذ عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي».
توفي «أحمد بن عليّ» سنة خمس وأربعين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن سعيد بن أحمد بن سليمان المعروف بابن نفيس، أبو العباس» الطرابلسي الأصل ثم المصري.
وهو إمام ثقة، كبير، انتهى إليه علوّ الإسناد في القراءة أخذ «أحمد بن سعيد» القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدّمتهم: «أبو أحمد عبد الله السامري، وأبو طاهر الأنطاكي» وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي».
وقد عمّر «أحمد بن سعيد» حتى قارب المائة، ثم توفي في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وقيل: سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق أبو نعيم الأصبهاني» وهو من خيرة القراء، ومن الحفّاظ المصنفين.
أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، فقد روى القراءة سماعا عن «سليمان ابن أحمد الطبراني».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي» فقد روى القراءات عنه سماعا.
توفي «أحمد بن عبد الله» سنة ثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن عليّ أبو عبد الله الشاموخي».
وهو من شيوخ القراءات المشهورين، ومن الثقات المعروفين. أخذ «الحسن ابن علي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن نصر بن منصور أبو بكر الشذائي».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي» لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسين بن مسلمة الرّقيّ الكاتب» (1).
وهو من خيرة القراء المعروفين، أخذ القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «منصور بن ودعان».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو القاسم الهذلي» بالرّقّة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن أحمد بن الفتح أبو بكر الفرضي».
وهو من مشاهير القراء المعروفين بالثقة وصحة الإسناد. أخذ القراءة من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسين الجعفي، ومحمد بن علي بن الهيثم».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة: «أحمد بن محمد الفرضي».
إلا أن «ابن الجزري» قال: إنه بقي إلى بعد الثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده الخياط، أبو عبد الله الملنجي الأصبهاني (2). وهو من مشاهير القراء، ومن المعمّرين.
أخذ القراءة عن خيرة القراء، وفي مقدمتهم: «أبو الفرج محمد بن الحسن بن علّان، وأبو محمد بن عبد الجبّار بن فروخ المعلّم» وغيرهما.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أحمد بن محمد بن يزده».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب أبو نصر الخباز» البغدادي. وهو شيخ جليل مشهور، وقارئ ثقة عالي الإسناد. أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «منصور بن محمد بن منصور» صاحب «ابن مجاهد».
وبعد أن اكتملت مواهبه صنّف كتاب «المفيد في القراءات» ثم جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون
عنه، ومن الذين أخذوا عليه قراءة القرآن: «أبو القاسم الهذلي».
توفي «أحمد بن مسرور» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار بن إبراهيم، أبو الفضل الرازي»، شيخ الإسلام، الثقة، الورع، الإمام، المقرئ، مؤلف كتاب «جامع الوقوف» وغيره، الطوّاف في البلاد من أجل تحصيل العلم، والآخذ عن العلماء، وقد ورد عنه قوله: «أول سفري في الطلب- أي طلب العلم- كنت ابن ثلاث عشرة سنة»، ويعقّب «ابن الجزري» على هذا الخبر بقوله: «فكان طوافه في البلاد إحدى وسبعين سنة» (1).
ولد رحمه الله تعالى سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، واحتل مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «أبو سعيد بن السمعاني»: «كان «أبو الفضل الرازي» مقرئا، فاضلا، كثير التصنيف،حسن السيرة متعبدا، حسن العيش، منفردا، قانعا باليسير، يقرئ أكثر أوقاته، ويروي الحديث، وكان يسافر وحده، ويدخل البراري» اه (1).
وقال «عبد الغفار الفارسي»: كان «أبو الفضل الرازي» ثقة، جوّالا، إماما في القراءات، أوحد في طريقته، وكان لا ينزل الخوانق بل يأوي إلى مسجد خراب، فإذا عرف مكانه تركه، وإذا فتح عليه بشيء آثر به، وهو ثقة، ورع، عارف بالقراءات، والروايات، عالم بالأدب، والنحو، أكبر من أن يدلّ عليه مثلي، وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون من العلم، وله شعر رائق في الزهد. اه (2).
وقال «أبو عبد الله الجلال»: خرج «أبو الفضل الرازي» من «أصبهان» متوجّها إلى «كرمان» فخرج الناس يشيعونه، فصرفهم، وقصد طريقه وحده، وقال:
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى لمطايانا بذكراك حاديا
أخذ «أبو الفضل الرازي» القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم:
«علي بن داود الداراني، وأبو الحسن الحمّامي» وغيرهما كثير. ثم تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي».
توفي «أبو الفضل الرازي» في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الرحمن بن الهرمزان الواسطي» وهو من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهورين، أخذ القراءة عن عدد من خيرة القراء، فقد روى القراءة عرضا عن «عبد الغفار بن عبد الله الحضيني».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بجودة القراءة وحسن الأداء، وأقبل عليه يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا «أبو القاسم الهذلي» وقال: «قرأت عليه بواسط».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الرحمن بن الهرمزان».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل ابن راشد الحدّاد، أبو محمد المصري» وهو شيخ صالح كبير، ومن الثقات المشهود لهم بالعلم، والإتقان، أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم:
«أبو عديّ بن عبد العزيز بن الإمام، وقسيم بن مطير».
وبعد أن اكتملت مواهبه، جلس لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وعرف بصحة الإسناد، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:
«أبو القاسم الهذلي، وإبراهيم بن إسماعيل المالكي» وغيرهما كثير. توفي «إسماعيل بن عمر» سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، أبو علي البغدادي» أحد القراء المشهورين، ومن الثقات المؤلفين النافعين.
ومن مؤلفاته كتاب «الروضة في القراءات الإحدى عشرة».
أخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد من علماء القراءات أذكر منهم:
«أحمد بن عبد الله السوسنجردي، وأبا الحسن بن الحمّامي» وغيرهما كثير. ثم رحل «الحسن بن محمد» إلى مصر، وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وعرف بين الناس واشتهر، وأصبح من المتصدرين، ومن شيوخ القراءات بمصر، وأقبل عليه طلاب القراءات يأخذون عنه وينهلون من علمه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي، ومحمد بن شريح» وغيرهما كثير.
توفي «الحسن بن محمد» في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز، أبو علي الأهوازي» شيخ القراءة في عصره بلا منازع، وصاحب المؤلفات، فقد ألّف كتاب «الإقناع» في القراءات، وغيره.
وهو أستاذ كبير، ومن القراء والمحدثين.
ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز، وقرأ بها وبتلك البلاد على شيوخ عصره، ثم قدم «دمشق» سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، فاستوطنها، وأكثر من الشيوخ، والروايات، وذاع صيته بين الناس مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ أبو طاهر السلفي»: سمعت «أبا البركات الخضر بن الحسن الحازمي» بدمشق يقول: سمعت الشريف النسيب «علي بن إبراهيم العلوي» يقول: «أبو علي الأهوازي» ثقة ثقة. اه (1).
وقال «أبو عبد الله الحافظ الذهبي»: «لقد تلقى الناس رواياته بالقبول، وكان يقرئ بدمشق، من بعد سنة أربعمائة، وذلك في حياة بعض شيوخه» (2).
أخذ «أبو علي الأهوازي» القراءة عن عدد كبير من خيرة علماء القراءة منهم: «إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري» ببغداد، وسمع حروف القراءات من «عبد الوهاب الكلابي».

وبعد أن اكتملت مواهبه، ووثق من نفسه تصدّر لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وازدحم على بابه الطلاب ينهلون من علمه، ويأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي».
توفي «أبو علي الأهوازي» بدمشق سنة أربعين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن النعمان بن عبد السلام» يعرف بابن اللبان الأصبهاني.
وهو من خيرة علماء القراءات، المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد، قدم بغداد، من أجل الأخذ عن شيوخها: اخذ القرآن، وحروف القراءات عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم المديني، وعبد الله بن محمد العطار الأصبهاني».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروفه، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه.
ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الله بن اللبان».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الله بن شبيب بن عبد الله ابن محمد بن تميم أبو المظفر الضبّي الأصبهاني». أحد مشاهير القرّاء بأصبهان، ومن خيرة العلماء.
سئل عنه «إسماعيل بن الفضل الحافظ» فقال: «هو إمام، زاهد، عابد، عالم بالقراءات، كثير السماع» (1).
أخذ «أبو المظفر» القراءة، وحروف القرآن، عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي».
ثم تصدر لتعليم القرآن، والقراءات، وأخذ عنه الكثيرون من الطلاب: وفي مقدمتهم «أبو القاسم الهذلي، وإسماعيل بن الفضل السرّاج».
توفي في صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
ومن شيوخ: «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الملك بن علي بن شابور بن نصر بن الحسين أبو نصر، البغدادي الخرقي»، أحد مشاهير القراء المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد.
أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو الحسن الحمامي، وعبيد الله بن مهران» وغيرهما كثير.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي، وموسى بن الحسين المعدّل».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الملك بن علي».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الواحد بن عبد القادر المقدسي» ثم الدمياطي. أحد قراء القرآن، أخذ القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو عيسى محمد بن عيسى الهاشمي، وأبو الحسن محمد بن النضر».
ثم تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي» بدمياط.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الواحد بن عبد القادر».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عثمان بن علي بن قيس الأصبهاني الدلّال» وهو من مشاهير علماء القراءات الثقات المعروفين.
أخذ القراءة عن عدد من خيرة القراء، وفي مقدمتهم: «أبو الفرج محمد بن إبراهيم الشنبوذي، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن يوسف العلاف» وغيرهما كثير.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، والإتقان، وحسن الأداء، وصحّة السند، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي» فقد روى القراءة عنه عرضا.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عثمان بن علي».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الساتر بن الذّرب» اللاذقي، أحد شيوخ القراءات الثقات المعروفين.
أخذ «عبد الساتر» القراءة عن عدد من خيرة القراء وفي مقدمتهم: «أبو أحمد السامري».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي» باللاذقية.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الساتر بن الذّرب».
ومن شيوخ: «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أبو الحسين الخشاب التّنّيسي» نسبة إلى «تنيس» بكسر التاء، وكسر النون المشددة، وهي بلدة من بلاد «ديار مصر» في وسط البحر، والماء بها محيط، نسب إليها عدد من العلماء (1).
أخذ «أبو الحسين الخشاب» عن عدد من خيرة القراء، وفي مقدمتهم:
«أبو أحمد السامري» فقد روى عنه القراءة عرضا.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي الحسين الخشاب».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده أبو عبد الله الملنجيّ: بكسر الميم، وفتح اللام، وسكون النون، وهي نسبة إلى قرية بأصبهان، يقال لها: «ملنجة» وقد نسب إليها عدد من العلماء (1).
أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم: «أبو الفرج محمد بن الحسن بن علّان» الواسطي.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أحمد بن محمد الملنجي» سوى أن «ابن الجزري» قال: «وعمّر حتى أدركه الحداد، فكان آخر من قرأ عليه» (2).
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن عبد الله بن الحسن ابن موسى أبو عبد الله الشيرازي»، نزيل مصر. وهو من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهورين.
أخذ القراءة، وحروف القراءات، عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم:
«أبو بكر محمد بن الحسن الطحّان، وأبو علي الأهوازي».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القراءات، والقرآن الكريم، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علومه، ومن الذين قرءوا عليه بمصر: «أبو القاسم الهذلي».
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن عبد الله».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: محمد بن الحسين بن محمد بن آذر بهرام، أبو عبد الله الكارزيني: بفتح الكاف، والراء، وكسر الزاي، وهي نسبة إلى «كارزين» وهي من بلاد فارس، مما يلي البحر، وقد نسب إليها عدد من العلماء (1).
وهو إمام مقرئ جليل، انفرد بعلوّ الإسناد في وقته، وأثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «هو مسند القراء في زمانه، تنقّل في البلاد، وجاور بمكة المكرمة، وعاش تسعين سنة أو دونها، لا أعلم متى توفي، إلا أنه كان حيّا في سنة أربعين وأربعمائة، سألت «الإمام أبا حيان» عنه، فكتب إليّ إمام مشهور لا يسأل عن
مثله» (2).
أخذ «محمد بن الحسين الكارزيني» القراءة عن عدد من علماء القراءات، وفي مقدمتهم: «الحسن بن سعيد المطوعي»، وهو آخر من قرأ عليه.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وتزاحم عليه الطلاب يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي، وأبو عليّ غلام الهرّاس» وغيرهما كثير.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن الحسين بن محمد أبو طاهر الحنائيّ الدمشقيّ». وهو من خيرة القراء، ومن الثقات المشهورين، ومن الأئمة المعترف بمنزلتهم في هذا العلم الجليل.
أخذ «محمد بن الحسين» القراءة على عدد من العلماء الثقات، وفي مقدمتهم: «أبو علي الأهوازي، ومحمد بن أحمد بن خلف الفحّام».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بين الخاص والعام وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي» فقد قرأ عليه بدمشق.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن الحسين».
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال، أبو بكر السلمي الجبني» شيخ القراء بدمشق، ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، في بيت علم، إذ كان والده يؤم بمسجد «تل الجبن» بدمشق، ولهذا قيل له: «الجبني».
أخذ «محمد بن أحمد» القراءة عن خيرة العلماء الأجلاء، وفي مقدمتهم:
«والده» رحمهما الله تعالى، وجعفر بن أبي داود، وغيرهما.
احتل «محمد بن أحمد» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول عنه شيخه «أبو علي الأهوازي»: «وما خلت دمشق قطّ، من إمام كبير في قراءة الشاميين، يسافر إليه فيها، وما رأيت بها مثل «أبي بكر السّلمي» من ولد «أبي عبد الرحمن السلمي» إماما في القراءة، ضابطا للرواية، قيّما بوجوه القراءات يعرف صدرا من التفسير، ومعاني القراءات، قرأ على سبعة من أصحاب «الأخفش» له منزلة في الفضل، والعلم، والأمانة، والورع، والدّين، والتقشف، والفقر، والصيانة» اه (1).
وبعد أن اكتملت مواهب «محمد بن أحمد» تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي».
وبعد حياة حافلة بطلب العلم، والطواف في البلاد، ثم نشر العلم، توفي «أبو القاسم الهذلي» سنة خمس وستين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.






مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید