المنشورات

«محمّد بن شريح» ت 476 هـ

هو: محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف، أبو عبد الله الرعيني الإشبيلي، نسبة إلى بلدة من بلاد الأندلس يقال لها «إشبيلية» وقد نسب إليها الكثيرون من العلماء (2).
وابن شريح من خيرة علماء الأندلس المعروفين، والمشهود لهم بالثقة والأمانة، ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
وابن شريح منذ نعومة أظفاره رحل إلى بعض المدن للأخذ عن علمائها، ويخبرنا التاريخ أنه رحل إلى كل من «مصر، وبغداد، ومكة».
احتل «ابن شريح» مكانة سامية بين العلماء مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «أبو عبد الله الإشبيلي المقرئ، الأستاذ، مصنف كتاب «الكافي» وكتاب «التذكير» وكان من جلة قراء «الأندلس» (3).
أخذ «محمّد بن شريح» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن نفيس، أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري».
وهو من القراء المشهورين، ومن الثقات المعروفين، انتهى إليه علوّ الإسناد، وقد عمّر حتى قارب المائة.
أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم: «أبو عدي عبد العزيز ابن عليّ صاحب أبي بكر بن يوسف».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بعلوّ الإسناد، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد بن شريح، وعبد الوهاب ابن محمد القرطبي» وغيرهما كثير.
توفي «أحمد بن سعيد» في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وقيل: سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
ومن شيوخ «محمّد بن شريح» في القراءة: «أحمد بن محمد أبو الحسن القنطري» نزيل مكة المكرمة. وهو من شيوخ القراء المعروفين، أخذ القراءة عن عدد من القراء وفي مقدمتهم: «الحسن بن محمد بن الحباب، وعمر بن إبراهيم الكتّاني».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد بن شريح، وأحمد بن عمّار المهدوي» وغيرهما كثير.
توفي «أحمد القنطري» بمكة المكرمة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «محمّد بن شريح» في القراءة: «أحمد بن عليّ بن هاشم» الملقب بتاج الأئمة، أبو العباس المصري، وهو من مشاهير القراء بمصر، ومن الثقات المعروفين.
أخذ «تاج الأئمة» القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «عمر ابن عراك، وأبو عدي عبد العزيز بن الإمام». كما سمع حروف القراءات من «منير بن أحمد» عن أحمد بن إبراهيم بن جامع، ومن «الحسن بن عمر ابن إبراهيم البزار». ثم رحل إلى «بغداد» وقرأ على «أبي الحسن بن الحمامي».
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحّة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه:
«محمّد بن شريح».
ويحدثنا التاريخ أنه دخل بلاد الأندلس سنة عشرين وأربعمائة، فقرأ عليه بها عدد كبير منهم: «أبو عمر الطلمنكي» مع كبر سنّة.
توفي «أحمد بن عليّ بن هاشم» سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
ومن شيوخ «محمّد بن شريح» في القراءة: «الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي» أبو علي البغدادي، وهو من مشاهير القراء، المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد، ومن المؤلفين المعروفين، فهو صاحب كتاب «الروضة في القراءات الإحدى عشرة».
ويحدثنا التاريخ أن «أبا علي البغدادي» رحل إلى «مصر» واشتهر بها حتى أصبح شيخا لقرّائها.
أخذ «أبو علي البغدادي» القراءة، وحروف القراءات عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن عبد الله السوسنجردي».
وبعد ان اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «محمد بن شريح، وإبراهيم بن إسماعيل».
توفي «أبو علي البغدادي» في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «محمّد بن شريح»: «مكي بن أبي طالب» يقول «الذهبي»:
أجاز له- أي إلى «محمّد بن شريح» - «مكي بن أبي طالب» وأخذ عنه، ومكي بن أبي طالب من خيرة العلماء الأندلسيين، وهو إمام محقّق عارف، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان.
احتل «مكي بن أبي طالب» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول صاحبه «أحمد بن مهدي» المقرئ: كان «مكي بن أبي طالب» من أهل التبحّر في علوم القرآن، والعربية، حسن الفهم، والخلق، جيّد الدين والعقل، كثير التأليف في علوم القرآن، محسنا، مجوّدا، عالما بمعاني القراءات، أخبرني أنه سافر إلى «مصر» وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وتردّد إلى المؤدبين، وأكمل القرآن، ورجع إلى «القيروان»، ثم رحل فقرأ القراءات على «ابن غلبون» سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وقرأ بالقيروان أيضا بعد ذلك، ثم رحل سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وحجّ، ثم حج سنة سبع وثمانين وجاور ثلاثة أعوام، ودخل الأندلس سنة ثلاث وتسعين، وجلس للإقراء بجامع قرطبة، وعظم اسمه، وجلّ قدره (1).
ويقول «ابن بشكوال»: قلّده «أبو الحزم جهور» خطابة مسجد قرطبة بعد وفاة «يونس بن عبد الله القاضي» وكان قبل ذلك ينوب عنه، وله ثلاثون تأليفا، وكان خيّرا، متديّنا، مشهورا بالصلاح (2).
ومن مؤلفاته: «التبصرة في القراءات السبع، والكشف عن علل القراءات، ومشكل إعراب القرآن، والموجز في القراءات، والرعاية في التجويد. ويقول «ابن الجزري»: وتواليفه تنوف عن ثمانين تأليفا.
ويقول رحمه الله تعالى: «ألفت كتابي الموجز في القراءات بقرطبة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب التبصرة بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب «مشكل الغريب» بمكة المكرمة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الإعراب» في الشام، ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة» (1).
توفي «مكي بن أبي طالب» في المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.
وبعد أن اكتملت مواهب «محمّد بن شريح» تولى خطابة مسجد «اشبيلية» وتصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وفي مقدمة من قرأ عليه: «ابنه الخطيب أبو الحسن، شريح» وعيسى بن حزم بن عبد الله بن اليسع، أبو الأصبغ الغافقي، الأندلسي نزيل المريّة بفتح الميم وتشديد الرّاء، وهي مدينة عظيمة على ساحل بحر الأندلس. من شرقيها، نسب إليها بعض العلماء.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عيسى بن حزم».
وبعد هذه الحياة التي عاشها «محمّد بن شريح» توفي سنة ست وسبعين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.






مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید