المنشورات

«محمّد بن عليّ الشّوكاني» ت 1250 هـ

هو: محمّد بن علي بن محمّد بن عبد الله الشوكاني ثم الصنعاني. وهو من حفاظ القرآن، ومن خيرة العلماء المجتهدين المؤلفين: وهو مفسّر، محدث، فقيه، أصوليّ، مؤرخ، أديب، نحوي، منطقي، متكلم، حكيم.
كتب «الشوكاني» لنفسه ترجمة في كتابه «البدر الطالع» أسوة بغيره من المحدثين، والعلماء، وهذا ملخص لما كتبه:
ولد يوم الاثنين الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف، بهجرة شوكان من بلاد خولان، ونشأ بصنعاء، فقرأ «القرآن» على جماعة من المعلمين، ثم ختمه على الفقيه «حسن بن عبد الله» وجوّده على جماعة من مشايخ القرآن بصنعاء، ثم حفظ الكثير من الكتب، منها: كتاب «الأزهار» للإمام المهدي، ومختصر الفرائض للعصيفري، والملحة للحريري، والكافية الشافية لابن الحاجب، والتهذيب للتفتازاني، والتلخيص للقزويني، ومنظومة الجزري، وآداب البحث للعضد، ومع ذلك كان كثير الاشتغال بمطالعة كتب التواريخ، ومجاميع الأدب، ثم شرع في طلب العلم، وأخذ علومه عن عدد كبير من العلماء: فقرأ على والده رحمه الله تعالى في شرح الأزهار، وشرح الناظري لمختصر العصيفري، وقرأ الفقه على «أحمد بن محمّد بن الحرازي» وبه انتفع، وعليه تخرج، وطالت ملازمته له نحو ثلاث عشرة سنة.
وفي أيام قراءته في الفروع شرع في قراءة النحو؛ فقرأ عدة كتب في ذلك منها: «الملحة وشرحها» على العلّامة «إسماعيل بن الحسن بن أحمد»، وقرأ شرح «الرضي» على الكافية على «القاسم بن يحيى الخولاني»، وقرأ شرح «إيساغوجي» للقاضي زكريا على «عبد الله بن اسماعيل النّهمي».
وقرأ الشرح المطول للسعد التفتازاني، وقرأ شرح جمع الجوامع للمحلّى على «عبد القادر بن أحمد»، وقرأ شرح الجزرية، على «هادي بن حسين»، وقرأ «البحر الزخار» وحاشيته، وتخريجه، وضوء النهار على شرح الأزهار على «عبد القادر بن أحمد». وقرأ الكشاف وحاشيته، على «الحسن بن إسماعيل المغربي».
وسمع صحيح مسلم، وسنن الترمذي، وبعض الموطإ، وبعض شفاء القاضي عياض، على «عبد القادر بن أحمد».
وسمع جميع سنن «أبي داود» وتخريجها للمنذري، على «الحسن بن إسماعيل المغربي». وكذلك سمع شرح بلوغ المرام، على «الحسن بن إسماعيل» وهناك كتب أخرى ذكرها الشوكاني، أعرضت عن ذكرها، وبعد ذلك يقول «الشوكاني»: هذا ما أمكن سرده من مسموعات صاحب الترجمة ومقروءاته، وله غير ذلك من المسموعات والمقروءات.
ثم يقول الشوكاني عن نفسه: «وكانت قراءتي لما تقدم ذكره في «صنعاء» ولم أرحل لأعذار منها: عدم الإذن من الأبوين، وقد درس جميع ما تقدم ذكره، وأخذه عنه الطلبة، وتكرر أخذهم عنه في كل يوم من تلك الكتب، وكثيرا ما كان يقرأ على مشايخه، فإذا فرغ من كتاب قراءة أخذه عنه تلامذته، بل ربما اجتمعوا على الأخذ عنه قبل أن يفرغ من قراءة الكتاب على شيخه، وكان يبلغ دروسه في اليوم والليلة إلى نحو ثلاثة عشر درسا، منها ما يأخذه من مشايخه، ومنها ما يأخذه عنه تلامذته، واستمرّ على ذلك مدّة حتى لم يبق عند أحد من شيوخه ما لم يكن من جملة ما قد قرأه.
ثم يقول الشوكاني عن نفسه: ثم إن صاحب الترجمة جلس لإفادة الطلبة فقط، فكانوا يأخذون عنه في كل يوم زيادة على عشرة دروس، في فنون متعددة، واجتمع منها في بعض الأوقات: التفسير، والحديث، والأصول، والنحو، والصرف، والبيان، والمعاني والمنطق، والفقه، والجدل، والعروض.
ثم يقول الشوكاني: وكان في أيام قراءته على الشيوخ، وإقرائه لتلامذته يفتي أهل مدينة صنعاء، بل ومن وفد إليها، بل ترد عليه الفتاوى من الديار التهامية، وشيوخه إذ ذاك أحياء، وكادت الفتيا تدور عليه من أعوام الناس وخواصهم، واستمرّ يفتي من نحو العشرين من عمره فما بعد ذلك، وكان لا يأخذ على الفتيا شيئا تنزها.
ويقول الشوكاني عن نفسه: وربما قال الشعر إذا دعت لذلك حاجة كجواب ما يكتبه إليه بعض الشعراء من سؤال، أو مطارحة أدبيّة، أو نحو ذلك، ومن ذلك قوله:
أنا راض بما قضى ... واقف تحت حكمه
سائل أن أفوز بالخير ... من حسن ختمه
ويقول الشوكاني عن نفسه: وابتلى بالقضاء في مدينة صنعاء بعد موت من كان متوليا للقضاء، وكان دخوله في القضاء وهو ما بين الثلاثين والاربعين.
ترك الشوكاني للمكتبة الإسلامية والعربية الكثير من المصنفات في علوم متفرقة منها المطولات، ومنها المختصرات، وقد ذكرها الشوكاني أثناء ترجمته لنفسه، من هذه المصنفات: «نيل الأوطار وشرح المنتقى من الأخبار» أرشده إلى تصنيفه جماعة من شيوخه، وعرض عليهم بعضا منه.
وكتاب «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة».
وكتاب «المختصر البديع في الخلق الوسيع» ذكر فيه خلق السماوات والأرض، والملائكة، والجن، والإنس، وسرد غالب ما ورد من الآيات والأحاديث وتكلم عليها.
وكتاب «المختصر الكافي من الجواب الشوافي».
ورسالة في أحكام الاستجمار، ورسالة في أحكام النفاس، ورسالة في الكلام على وجوب الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم في الصلاة، والقول الصادق في إمامة الفاسق، ورسالة في «أسباب سجود السهو» وكتاب «البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع» وكتاب «فتح القدير الجامع بين فنّي الرواية والدراية من علم التفسير» في خمسة مجلدات.
ورسالة في وجوب الصوم على من لم يفطر إذا وقع الإشعار في دخول رمضان في النهار.
ورسالة في كون الخلع طلاقا، أو فسخا. ورسالة في حكم الطلاق ثلاثا، ورسالة في الطلاق البدعي، ورسالة في نفقة المطلقة، ورسالة في بيع الشيء قبل قبضه، وشفاء العلل في حكم زيادة الثمن لأجل الأجل.
والقول المحرر في حكم لبس المعصفر، وسائر أنواع الأحمر.
والبحث المسفر عن تحريم كل مسكر ومفتّر، وإتحاف المهرة بالكلام على حديث لا عدوى ولا طيرة، ورسائل في أحكام لبس الحرير، ورسالة في حكم المخابرة، وزهر النّسرين الفائح بفضائل العمرين.
ورسالة في لحوق ثواب القراءة، المهداة من الأحياء إلى الأموات، والقول المقبول في ردّ خبر المجهول من غير صحابة الرسول، وفتح القدير في الفرق بين المعذرة والتعذير، وتنبيه الأعلام على تفسير المشتبهات بين الحلال والحرام، والدرّ النضيد في إخلاص التوحيد، والقول الجليّ في لبس النساء الحليّ، والقول المفيد في حكم
التقليد، والفتح الرباني في فتاوى الشوكاني.
ثم يقول الشوكاني بعد سرده لهذه المصنفات: هذا ما أمكن خطوره بالباب حال تحرير هذه الترجمة، ولعل ما لم يذكر أكثر مما ذكر، وقد كان جميع ما تقدم من القراءة على شيوخه في تلك الفنون، وقراءة تلامذته لها عليه مع غيرها، وتصنيف بعض ما تقدم تحريره، قبل ان يبلغ صاحب الترجمة أربعين سنة، بل درس في شرحه للمنتقى قبل ذلك، وترك التقليد، واجتهد رأيه اجتهادا مطلقا غير مقيّد، وهو قبل الثلاثين، وكان منجمعا عن بني الدنيا لم يقف بباب أمير، بل كان مشتغلا في جميع أوقاته بالعلم درسا وتدريسا وإفتاء وتصنيفا.
وهكذا كان الشوكاني، حتى توفاه الله تعالى سنة خمسين ومائتين وألف من الهجرة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید