المنشورات

«أبو نصر الكركانحي» ت 481 هـ

هو: «محمد بن أحمد بن علي بن حامد أبو نصر الكركانجي: بضم الكاف، وسكون الراء، وهي نسبة إلى «كركانج» وهي اسم بلدة في «خوارزم» يقال لها: «الكركانجيّة» نسب إليها بعض العلماء (2).
ولد سنة تسعين وثلاثمائة تقريبا.
وهو من خيرة القراء، واشتهر بالثقة، والأمانة، وحسن الأداء. قال عنه «أبو سعيد السمعاني»: «له مصنفات كثيرة، ككتاب «المعول» وكتاب «التذكرة» طوّف الكثير من العراق، والحجاز، والشام، والجزيرة، وكان زاهدا، ورعا، عابدا» (3).
وقد رحل إلى كثير من المدن من أجل العلم، والأخذ عن الشيوخ، ويحدثنا التاريخ أنه رحل إلى كل من: بغداد، نيسابور، الموصل، حرّان، دمشق، مصر.
أخذ «أبو نصر الكركانجي» القراءة عن مشاهير علماء الأمصار التي رحل إليها: ففي بغداد أخذ القراءة عن «علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبي الحسن الحمامي».
وهو شيخ العراق، ومسند الآفاق، ومن الثقات المتصدرين.
ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وأخذ القراءات عرضا عن «أبي بكر النقاش، وهبة الله بن جعفر»، وغيرهما.
قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها (1).
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو نصر الكركانجي» وغيره.
توفي «عليّ بن أحمد» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة «بنيسابور»: «محمد بن علي ابن محمد بن حسن أبو عبد الله الخبّازي».
ولد سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، واشتهر بالثقة، والصلاح، وصحّة الإسناد، وهو شيخ «نيسابور» ومسندها.
أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «والده» رحمهما الله تعالى، إذ كان والده من مشاهير القراء، وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ويقرءون عليه.
قال «محمد بن عليّ الزنجي»: تخرج على يده ألوف بنيسابور، وكان ذا حرمة وافرة لعبادته، وزهده، وتهجّده، وكان يقال: مجاب الدعوة (2).
ومن الذين قرءوا عليه «أبو نصر الكركانجي» وغيره كثير.
توفي «محمد بن عليّ» سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة بحرّان- وحرّان بلدة من الجزيرة كان منها جماعة من الفضلاء، والعلماء في كل فنّ، وهي من ديار «مصر» على القول الصحيح (1) - «أبو القاسم علي بن محمد الزيدي».
ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة بدمشق: «الحسين بن عليّ ابن عبيد الله بن محمد، أبو علي الرهاوي، السلمي». وهو من مشاهير القراء، المعروفين بالثقة، وصحّة الإسناد، وشيخ قرّاء «دمشق». اعتنى بالقراءات أتم عناية، وأكثر من الشيوخ، إذ أخذ حروف القراءات عن عدد كبير من علماء القراءات، منهم: «الحسن بن سعيد البزّاز، صاحب ابن شنبوذ».
وبعد أن اكتملت مواهبه صنّف في القراءات كتابا حافلا، وتصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو نصر الكركانجي، وأبو علي غلام الهرّاس».
توفي «الحسين بن علي» بدمشق في شهر رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة.
ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة بمصر: «إسماعيل بن عمرو ابن إسماعيل بن راشد الحدّاد، أبو محمد المصري». وهو من خيرة القراء، المشهود لهم بالثقة، والتقوى، والصلاح، وشيخ كبير متصدّر، أخذ القراءة، وحروف القراءات عن عدد من القراء المشهورين منهم: «أبو عديّ عبد العزيز بن الإمام، وقسيم بن مطير» وغيرهما.
ثم تصدر لتعليم القرآن، والقراءات، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم يوسف الهذلي، وأبو نصر الكركانجي».
توفي «إسماعيل بن عمرو» سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
وبعد أن اكتملت مواهب «أبي نصر الكركانجي» وأخذ العلم عن الشيوخ الذين سبق ذكرهم، وعن غيرهم، تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر ذكره بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ومن تلاميذه «الحسين بن مسعود بن محمد، أبو محمد البغوي المفسّر»، كان إماما في التفسير، إماما في الحديث، إماما في الفقه، جليلا، ورعا، زاهدا، تفقه على «القاضي الحسين» وهو أخصّ تلامذته، وسمع الحديث منه، ومن «أبي عمر عبد الواحد» وغيرهما.
والإمام البغوي من خيرة العلماء، وله عدة مصنفات انتفع بها المسلمون منها تفسيره المعروف «معالم التنزيل» وشرح السنة، والجمع بين الصحيحين، والتهذيب في الفقه، وله عدة فتاوى شيخه «القاضي الحسين» التي علّق عليها، وقد بارك الله تعالى في مصنفاته، وانتفع المسلمون بها، ويقال إنه كان لا يلقي الدّرس إلا على طهارة، وكان قانعا بعيش الدنيا، فقيرا، يرضى باليسير، وكانت إقامته رحمه الله تعالى «بمروالرّوذ» وهي بلدة حسنة مبنية على وادي «مرو» فتحها «الأحنف بن قيس» وقد نسب إليها جماعة من العلماء (1).
توفي «أبو محمد الحسين البغوي» في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة «بمرو الروذ» وقد جاوز الثمانين، ودفن عند «شيخه القاضي الحسين» رحمهما الله تعالى رحمة واسعة.
وبعد أن عاش «أبو نصر الكركانجي» حياة حافلة بالعمل والجدّ، والنشاط، وكثرة الترحال إلى المدن، والبلاد، من أجل أخذ العلم عن العلماء، وبعد انقطاعه لتعليم القرآن، وحروف القراءات، توفي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وقيل سنة أربع وثمانين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.





مصادر و المراجع :

١- معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

المؤلف: محمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید