تعداد الخبر، تعدد المبتدأ
تعداد الخبر، تعدد المبتدأ 1 يكثر أن يكون للمبتدا الواحد خبران أوأكثر2؛ مثل: التنبى شاعرٌ، حكيمٌ، فكلمة "المتنبى" مبتدأ، و"شاعرٌ" خبر، و"حكيمٌ" خبر ثان. وكذلك: "شوقىٌّ" شاعر، ناثر، حكيم؛ فكلمة "شوقىّ" مبتدأ و"شاعر" خبر، و"ناثر" خبر ثان، و"حكيم" خبر ثالث. وهكذا يتعدد الخبر. غير أن هذا التعدد ثلاثة أنواع: أولهما: أن يتعدد الخبر لفظاً ومعنى، بحيث يكون كل واحد مخالفاً للآخر فى هذين الأمرين؛ نحو: بلدنا زراعىّ، صناعىّ - صحيفتنا علمية، أدبية، سياسية … فكلمة "بلد" مبتدأ، بعده خبران، مختلفان، لفظاً ومعنى، وكل معنى مقصود لذاته. وكلمة "صحيفة" مبتدأ، وبعدها ثلاثة أخبار؛ كل واحد منها على ما وضفنا. نحوقوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} . وحكم هذا النوع أنه يجوز فيه عطف الخبرالثاني وما بعده على الخبر الأول، بحرف عطف مناسب3 فيصح فى الأمثلة السابقة أن نقول: بلدُنا زراعىٌّ وصناعىٌّ - صحيفتنا عمليةٌ، وأدبيةٌ، وسياسيةٌ … - معهدنا علمىٌّ، وأدبىٌّ، ورياضىٌّ، وثقافىٌّ … بإثبات حرف العطف أوحذفه فى كل الأمثلة؛ فعند إثباته يعرب ما بعده معطوفاً على الخبر الأول4 دائماً. ومع أنّ ما بعد الخبر الأول هوخبر فى المعنى والتقدير فإنا لا نسميه عند الإعراب1 خبراً. أما عند حذف العطف فيسمى اللفظ المتعدد: خبراً، ويعرب خبراً. ثانيهما: أن يتعدد الخبر فى اللفظ فقط وتشترك الألفاظ المتعددة فى تأدية معنى واحد، هوالمعنى المقصود، وذلك بأن تكون الألفاظ مختلفة؛ لكل منها معنى خاص يخالف معنى الآخر -. ولكنه معنى غير مقصود لذاته؛ وإنما المعنى المقصود لا يتحقق إلا بأن تنضم هذه المعانى المتخالفة، بعضها إلى بعض، لتؤدى وهى مجتمعة معنى جديداً لا ينشأ إلا من مجموعها، كأن ترى رجلاً ليس بالقصير ولا الطويل. فتقول: "الرجل طويل قصير" تريد أنه "متوسط" فكل من كلمتى: "طويل" و"قصير" لها معنى خاص يخالف الآخر، ولكنه ليس مقصوداً لذاته؛ وإنما المقصود منه أن ينضم إلى المعنى الآخر لينشأ عن انضمامهما معنى جديد، هو: "متوسط" وهوالمعنى المراد، الذى لا يفهم من إحدى الكلمتين منفردة؛ وإنما يفهم منهما معاً؛ برغم أن كل واحدة منهما تسمى: خبراً2، وتعرب خبراً، ولها معنى خاص، ولكنه غير مقصود، كما قلنا. ومثل: الطفل سمين نحيف، أى: معتدل. ومثل: الفاكهة حلوةٌ مرةٌ، أى: متغيرة الطعم، أومتوسطة، بين الحلاوة والمرارة، وهكذا … ولهذا النوع ضابط يميزه؛ هو: أن المعنى المراد يتحقق ويصلح حين نجعل الألفاظ المتخالفة كتلة واحدة هى الخبر، ويفسد إذا جعلنا بعضها هوالخبر دون بعض. على أننا عند الإعراب لا بد أن نعرب كل واحد خبراً، ونسميه خبراً، - كما قلنا - ونعلم أنه يشتمل3 على ضمير مستتر يعود على المبتدأ، وهوغير الضمير المستتر الذى يحويه المعنى الجديد الناشئ من المعانى الفردية غير المقصودة. وحكم هذا النوع أنه لا يجوز فيه العطف؛ لأن الخبرين أوالأخبار شئ واحد من جهة المعنى، والعطف يشعر بغير ذلك1. كما لا يجوز أن يَفصِل فيه بين الخبرين أوالأخبار فاصل أجنبى، ولا أن يتأخر2 المبتدأ عن تلك الأخبار أويتوسط فيها3. ثالثها: أن يتعدد الخبر فى لفظه ومعناه ولكن تعدده فى هذه الحالة يكون تابعاً لتعدد المبتدأ فى نفسه حقيقة أوحكماً. ويوصف المبتدأ بأنه متعدد فى نفسه حقيقة حين يكون ذا فردين أوأفرادن أى: حين يكون مثنى أوجمعاً؛ نحو: الصديقان مهندس، وطبيب. ونحو: السباقون غلام، وشاب، وكهل. ففى المثال الأول تعددت أفراد الخبر فكانت فردين، يستقل كل منهما عن الآخر؛ تبعاً لتعدد أفراد المبتدأ المثنى؛ إذ يشمل فردين. وفى المثال الثانى تعددت أفراد الخبر فكانت ثلاثة أفراد - على الأقل - تبعاً للأفراد المقصودة من المبتدأ الجمع. فالمبتدأ المثنى فى المثال السابق فى قوة مبتدأين لكل منهما خبر، والمبتدأ الجمع فى قوة ثلاث مبتدءات لكل منها خبر … وهكذا. ويوصف المبتدأ بأنه متعدد حكماً حين يكون منفرداً "أى: شيئاً واحداً" ولكنه ذوأجزاء وأقسام؛ نحو: جسم الإنسان رأس، وجذع، وأطراف. ونحو: البيت غرفة للضيوف، وغرفة للأكل، وغرفة للقراءة، وغرف للنوم. ونحو: حديقة الحيوان جزء للوحوش، وجزء للطيور، وجزء للقردة … و … و … والفرق بين هذا النوع وسابقه أن المبتدأ فى النوع السابق لا بد أن يكون ذا فردين أوأفراد، وكل فرد له كيان مستقل كامل، يتركب من أجزاء متعددة أما فى النوع فالمبتدأ فرد واحد، لكن له أجزاء، ومن هذه الأجزاء مجتمعة يتكون الفرد الواحد. وحكم هذا النوع أنه يجب فيه عطف الخبر الثانى والثالث وما بعدهما، على الأول1؛ بشرط أن يكون حرف العطف الواو، ومتى عطف الخبر زال عنه اسم الخبر، وسمى عند الإعراب معطوفاً2. هذا وتعدد الخبر ليس مقصوراً على نوع الخبر المفرد؛ بل يكون فيه "نحو: المجلات طبيةٌ، هندسيةٌ، زراعيةٌ، تجاريةٌ … " ويكون فى الجملة؛ "نحو: العصفور يغردُ، يتحركُ؛ يطيرُ، يتلفتُ - الصيف نهاره طويل، ليله قصير". وفى شبه الجملة؛ "نحو: الطائر أمامكَ؛ قُرْبك" وقد يكون مختلطاً؛ "نحو: هوأسد يزأر". فكلمة: "أسد" خبر. وكذلك جملة: "يزأر"، "ونحو: الأسد يَكْشِر عن أنيابه، غاضب، عابس". فجملة؛ "يكشر … " خبر، وكذلك كلمة: غاضب، وكلمة: عابس. نستخلص من كل أن الأخبار المتعددة: "أ" وقد تكون واجبة العطف. "ب" وقد تكون ممتنعة العطف. "ج" وقد يجوز فيها العطف وعدمه مصادر و المراجع: 1-شرح المقدمة المحسبة المؤلف: طاهر بن أحمد بن بابشاذ (ت ٤٦٩ هـ) 2-المفصل في صنعة الإعراب المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت ٥٣٨هـ) 3-الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين: البصريين والكوفيين المؤلف: عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري، أبو البركات، كمال الدين الأنباري (ت ٥٧٧هـ) 4- نتائج الفكر في النَّحو للسُّهَيلي المؤلف: أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (ت ٥٨١هـ) 5- البديع في علم العربية المؤلف: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ) 6- التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين المؤلف: أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي محب الدين (ت ٦١٦هـ) 7- سفر السعادة وسفير الإفادة المؤلف: علي بن محمد بن عبد الصمد الهمداني المصري الشافعي، أبو الحسن، علم الدين السخاوي (ت ٦٤٣ هـ) 8- شرح المفصل للزمخشري المؤلف: يعيش بن علي بن يعيش ابن أبي السرايا محمد بن علي، أبو البقاء، موفق الدين الأسدي الموصلي، المعروف بابن يعيش وبابن الصانع (ت ٦٤٣هـ) 9-الكافية في علم النحو المؤلف: ابن الحاجب جمال الدين بن عثمان بن عمر بن أبي بكر المصري الإسنوي المالكي (توفي: ٦٤٦ هـ) 10- أمالي ابن الحاجب المؤلف: عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، أبو عمرو جمال الدين ابن الحاجب الكردي المالكي (ت ٦٤٦هـ) 11- شرح الكافية الشافية المؤلف: جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني 12- تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد المؤلف: محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبد الله، جمال الدين (ت ٦٧٢هـ) 13-شرح تسهيل الفوائد المؤلف: محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبد الله، جمال الدين (ت ٦٧٢هـ) 14- الكناش في فني النحو والصرف المؤلف: أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد ابن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، الملك المؤيد، صاحب حماة (ت ٧٣٢ هـ) 15- التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل المؤلف: أبو حيان الأندلسي 16-شرح قطر الندى وبل الصدى المؤلف: عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، أبو محمد، جمال الدين، ابن هشام (ت ٧٦١هـ) 17-أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك المؤلف: عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، أبو محمد، جمال الدين، ابن هشام (ت ٧٦١هـ) 18- تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد المؤلف: جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري (ت: ٧٦١ هـ) 19- المساعد على تسهيل الفوائد المؤلف: بهاء الدين بن عقيل 20- نحو مير = مبادئ قواعد اللغة العربية المؤلف: علي بن محمد بن علي الشريف الحسيني الجرجاني المعروف بسيد مير شريف (ت ٨١٦هـ) 21-همع الهوامع في شرح جمع الجوامع المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت ٩١١هـ) 22-شرح كتاب الحدود في النحو المؤلف: عبد الله بن أحمد الفاكهي النحوي المكي (٨٩٩ - ٩٧٢ هـ) 23-شرح الإمام الفارضي على ألفية ابن مالك المؤلف: العلامة شمس الدين محمد الفارضي الحنبلي (ت ٩٨١ هـ) 24-جامع الدروس العربية المؤلف: مصطفى بن محمد سليم الغلايينى (ت ١٣٦٤هـ) 25-النحو الوافي المؤلف: عباس حسن (ت ١٣٩٨هـ)