المنشورات
الابداع
في الفرنسية/ noitaerC
في الانكليزية/ noitaerC
في اللاتينية/ noitaerC
الابداع في اللغة إحداث شيء على غير مثال سابق. وعند البلغاء:
اشتمال الكلام على عدة ضروب من البديع.
وله في اصطلاح الفلاسفة عدة معان.
الأول: تأسيس الشيء عن الشيء، أي تأليف شيء جديد من عناصر موجودة سابقا كالابداع الفنّي، والابداع العلمي، ومنه التخيل المبدع في علم النفس.
والثاني: إيجاد الشيء من لا شيء كإبداع الباري سبحانه، فهو ليس بتركيب ولا تأليف، وإنما هو إخراج من العدم الى الوجود. وفرقوا بين الإبداع والخلق، فقالوا: الإبداع إيجاد شيء من لا شيء، والخلق ايجاد شيء من شيء كذلك قال اللّه تعالى:
بديع السماوات والأرض، ولم بقل بديع الانسان، بل قال خلق الانسان، فالابداع بهذا المعنى أعم من الخلق.
والثالث: إيجاد شيء غير مسبوق بالعدم، ويقابله الصنع، وهو إيجاد شيء مسبوق بالعدم. قال (ابن سينا) في الاشارات: «الابداع هو أن يكون من الشيء وجود لغيره متعلق به فقط، دون متوسط من مادة أو آلة أو زمان. وما يتقدمه عدم زماني لم يستغن عن متوسط» (الإشارات، النمط الخامس، ص 153 من طبعة فورجت). وهذا تنبيه الى أن كل مسبوق بعدم فهو مسبوق بمادة وزمان. والغرض منه، كما قال (الطوسي)، عكس نقيضه،وهو أن كل ما لم يكن مسبوقا بمادة وزمان لم يكن مسبوقا بعدم.
فالابداع هو إذن أن يكون من الشيء وجود لغيره من دون أن يكون مسبوقا بمادة ولا زمان. كالعقل الأول في فلسفة (ابن سينا) فهو يصدر عن واجب الوجود من دون أن يكون صدوره عنه متعلقا بمادة وزمان.
والإبداع بهذا المعنى أعلى رتبة من التكوين والإحداث، فإنّ التكوين هو أن يكون من الشيء وجود مادي، والإحداث أن يكون من الشيء وجود زماني. وكل واحد منهما يقابل الإبداع. فالتكوين يقابله لكونه مسبوقا بالمادة، والإحداث يقابله ايضا لكونه مسبوقا بالزمان.
والإبداع أقدم منهما، لأن المادة لا يمكن أن تحصل بالتكوين، والزمان لا يمكن أن يحصل بالإحداث. إذن التكوين والإحداث مترتبان على الإبداع، وهو أقرب منهما الى اللّه.
والرابع: الإبداع الدائم ( noitaerC eeunitnoC) وهو عند الفلاسفة الأصوليين والديكارتيين الفعل الذي يبقي به اللّه العالم. وهو عين الفعل الذي يخرجه به من العدم الى الوجود.
فالله اذن مبدع ومبق، لأنه إذا قبض جوده بطلت الموجودات كلها دفعة واحدة، وهذا أيضا يقابل التأليف، لأن التأليف باق، وان أمسك المؤلف تأليفه، أما الابداع فهو ايجاد وابقاء.
والفلاسفة الذين يقولون بوحدة الوجود لا يحتاجون الى القول بابداع العالم، ولكن الذين يجعلون اللّه متميزا عن العالم يقولون: ان علاقة احدهما بالآخر لا تعدو ثلاثة احوال.
فإما ان يقال: ان العالم قديم، وان اللّه عالم بالكل وبالواجب ان يكون عليه الكل حتى يكون على أحسن نظام. وهذا مذهب القائلين بالعناية الالهية كابن سينا وغيره.
وإما ان يقال: ان لقدرة اللّه تأثيرا في مبدأ العالم، من حيث انها تنظم المادة الموجودة سابقا، وترتبها كما يرتب الصانع صنعه.
وإما ان يقال: ان لها تأثيرا في اخراج العالم، من العدم الى الوجود، وهذا مذهب القائلين بالإبداع. أعني القول: إن اللّه ليس مؤلف نظام الأشياء، ومرتب صورها فحسب، وانما هو مبدع مادتها أيضا. ومعنى ذلك ان كل ما لم يكن موجودا، فقد صار بفعل قدرته تعالى موجودا.
مصادر و المراجع :
١- المعجم الفلسفي
(بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)
المؤلف: الدكتور
جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)
الناشر: الشركة
العالمية للكتاب - بيروت
تاريخ الطبع:
1414 هـ - 1994 م
25 مارس 2024
تعليقات (0)