المنشورات
التجربة في الفرنسية/ noitatnemirepxE, eneirepxE في الانكليزية/ tnemirepxE, ecneirepxE في اللاتينية/ aitneirepxE
لهذا اللفظ عند الفلاسفة معنيان أحدهما عام، والأخر خاص.
آ- المعنى العام.
1/ التجربة هي الاختبار الذي يوسع الفكر ويغنيه، والمجرّب هو الذي جرّبته الأمور وأحكمته. فإن كسرت الراء وجعلته فاعلا كان معناه: من عرف الأمور وجرّبها. وبهذا المعنى قال المتنبي:
ليست الحوادث باعتني الذي أخذت مني بحلمي الذي أعطت وتجريبي 2/ التجربة أيضا هي التغيرات النافعة التي تحصل لملكاتنا، والمكاسب التي تحصل لنفوسنا بتأثير التمرين، أو هي التقدم العقلي الذي تكسبنا إياه الحياة.
والتجربة بهذا المعنى قسمان تجربة الفرد وتجربة النوع، وهذه الأخيرة هي التي تنتقل الينا بالتربية، واللغة، والتقليد، أو بالوراثة النفسية والفيزيولوجية. ولا يطلق لفظ التجربة إلّا على التغيرات النافعة.
أما التغيرات الأخرى كالنسيان، وعدم المبالاة، وفساد الأخلاق، فلا تسمّى تجارب.
3/ وفي نظرية المعرفة، يطلق لفظ التجربة على المعارف الصحيحة التي يكتسبها العقل بتمرين ملكاته المختلفة، لا باعتبار هذه المعارف داخلة في طبيعة العقل، بل باعتبارها مستمدة من خارجه. والفلاسفة يفرقون بين التجربة الخارجية (بطريق الإدراك الحسي)، والتجربة الداخلية (بطريق الشعور).
ب- المعنى الخاص.
1/ التجربة (، ecneirepxe) هي أن يلاحظ العالم ظواهر الطبيعة، في شروط معينة، بهيئتها بنفسه، ويتصرف فيها بإرادته. ففي كل تجربة ملاحظة، إلا أن الفرق الوحيد بينهما هو أن الملاحظ يشاهد الظاهرة كما هي عليه في الطبيعة، في حين أن المجرّب يشاهدها في ظروف يهيئها بنفسه. وغايته من ذلك الوصول الى قانون يعلل به حوادث الطبيعة.
وقد اختلف العلماء في حقيقة التجربة، فقال بعضهم انها مضادة للملاحظة بمعنى أنها تقتضي تدخل العالم في حدوث الظاهرة، في حين أن الملاحظة لا تقتضي ذلك. وقال بعضهم إن من تمام التجربة أن يقصد بها تحقيق نظرية أو فرضية أو توليد فكرة، وليس ذلك من شرط الملاحظة. (ر: استوارت ميل lliM trautS، كتاب المنطق، الجزء الثالث، الفصل السابع: «في الملاحظة والتجربة- avresbo'l eD ecneirepxe'l ed te noit». ر:
أيضا: كلود برنارد dranreB edualC.
كتاب المدخل الى الطب التجربي، الباب الأول، الفصل الأول: «في الملاحظة والتجربة»). وتلخيص ما جاء في كتاب (كلود برنارد) ان التجربة هي الملاحظة المحدثة لتحقيق الفرضية أو للإيحاء بالفكرة.
وهي بهذا المعنى مرادفة للتجريب ( noitatnemirepxE).
2/ والتجريبي ( latnemirepxE) هو المنسوب الى التجريب. تقول:
الطريقة التجريبية ( edohteM elatnemirepxe) أي الطريقة المشتملة على الملاحظة والتصنيف، والفرض، والتجريب، والتحقيق.
وتقول أيضا: العلوم التجريبية، ( selatnemirepxe secneicS) أي العلوم التي تعتمد على التجريب، فالطب التجريبي- epxe enicedeM) elatnemir) مقابل للطب السريري ( euqinilC) لأن الأول يعتمد على التجريب، والثاني على الملاحظة.
وعلم النفس التجريبي ( eigolohcysP elatnemirepxe) مقابل لعلم النفس النظري ( ellennoitaR) أو الاستبطاني ( evitcepsortnI).
3/ والتجربي ( euqiripmE) نسبة الى التجربة، وله ثلاثة معان:
(آ) التجربي هو الحاصل من التجربة مباشرة من دون أن يكون مستنتجا من قانون أو مبدأ. وهو مقابل للنظامي ( euqitametsyS) أو القياسي أو النسقي. تقول بهذا المعنى:
النمط التجربي ( euqiripme edecorP) أو المداواة التجربية ( noitacideM euqiripme) وتقول أيضا: هذا الحكم تجربي بمعنى أن عناصره وقواعد عمله تجربية اختيارية.
(ب) التجربي هو المحتاج الى التجربة كعلم الفيزياء، على عكس الرياضيات التي لا تحتاج الى التجربة ولكن التقابل بين الفيزياء والرياضيات لا يصدق على طريقة هذين العلمين إلا في مرحلتهما الحاضرة، ويشبه أن يكون التجربي بهذا المعنى مقابلا للنظري أو العقلي ( lennoitaR).
( ج) التجربي هو الحاصل في أذهاننا من ادراك العالم الخارجيّ، لا من مبادئ العقل وقوانينه. مثال ذلك أن ادراك المثلث حدس حسي محض. أما إدراك قطعة الورق المثلثة الشكل فهو إدراك حسي تجربي، والحدس الحسي المحض لا يحتاج في نظر (كانت) الى غبار التجربة. وقد يسمّى الحاصل من العقل قبليا ( iroirp a)، والحاصل من التجربة (بعديا) ( iroiretsop a).
4/ والتجربية ( emsiripmE) اسم يطلق على جميع المذاهب الفلسفية التي تنكر وجود أوليات عقلية متقدمة على التجربة ومتميزة عنها. وهذه المذاهب مقابلة من الناحية النفسية للمذهب العقلي ( emsilanoitaR) أو الفطري ( emsiennI) القائل باشتمال النفس على مبادئ فطرية مديرية للمعرفة، ومقابلة من الناحية (الابيستمولوجية) للمذاهب القائلة باشتمال العقل على مبادئ خاصة به، مختلفة عن قوانين الأشياء، سواء أ كانت هذه المبادي فطرية أم غير فطرية. (ر: كلمة ابيستمولوجيا).
ويطلق اسم التجربية أيضا على المذهب القائل ان ادراك الأشكال والمسافات يكتسب بحاسة البصر خلافا للمذهب القائل ان هذا الإدراك فطري.
5/ والمجرّبات كما يقول ابن سينا: «أمور أوقع التصديق بها الحس بشركة من القياس، وذلك انه اذا تكرر في احساسنا وجود شيء لشيء ... تكرر ذلك منا في الذكر. واذا تكرر منا ذلك في الذكر حدثت لنا منه تجربة بسبب قياس اقترن بالذكر» (النجاة، ص 94 - 95). فالمجربات هي إذن «قضايا وأحكام تتبع مشاهدات منا متكررة» (الاشارات، ص 56 - 57).
6/ والتجريب الذهني ( elatnem noitatnemirepxE) مقابل للتجريب المادي، وهو أن يتصور المرء بعض المواقف، ويركز انتباهه فيها، ويتنبأ بما ينشأ عنها من نتائج. وهذا التجريب لا يبلغ غايته الا اذا أمكن تمثل المواقف تمثلا دقيقا، وهو أيسر من التجريب المادي، لأن تصوراتنا في متناول أيدينا. فواضعو المشروعات، وبناة القصور في الخيال، والروائيون، ومخترعو النظريات السياسية، والاجتماعية، والباحثون عن الحقيقة يتصورون جميعا مشروعاتهم قبل الاقدام على تحقيقها. وعلى قدر ما يكون تصورهم لغاياتهم ووسائلهم أدق يكون نجاحهم في أعمالهم أتم وأوفى.
مصادر و المراجع :
١- المعجم الفلسفي
(بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)
المؤلف: الدكتور
جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)
الناشر: الشركة
العالمية للكتاب - بيروت
تاريخ الطبع:
1414 هـ - 1994 م
26 مارس 2024
تعليقات (0)