2 - تخيل الشيء اخترعه وابدعه كما في التخيل المبدع، وهو قوة تتصرف في الصور الذهنية بالتركيب والتحليل، والزيادة، والنقص (مج) وتسمى هذه القوة بالمخيلة او المتخيلة.
قال الفارابي: القوة المتخيلة «حاكمة على المحسوسات ومتحكمة عليها، وذلك انها تفرد بعضها عن بعض، وتركب بعضها الى بعض تركيبات مختلفة، يتفق في بعضها ان تكون موافقة لما حس، وفي بعضها ان تكون مخالفة للمحسوس» (المدينة الفاضلة، ص 71 - 72 من طبعة بيروت). والمثال من هذا التخيل المبدع تخيل المصور الذي يرسم صورة خيالية يراها في اعماق نفسه، او تخيل الكاتب الذي يصف حياة بطل يتمثلها كما يشاء، او تخيل العالم الذي يبدع نظرية جديدة، ويسمى هذا النمط من التخيل اختراعا أو ابتكارا أو تجديدا.
3 - تخيل الشيء له تشبه، كما في التخيل الوهمي. والفرق بين التخيل المبدع والتخيل الوهمي، أن الأول يستمد عناصره من الوجود، فيركبها تركيبا جديدا، على حين أن الثاني ينسج الرؤى والأحلام نسجا خياليا لا صلة له بالوجود الحقيقي. حتى لقد وصف تلاميذ (ديكارت) هذه القوة الوهمية بقولهم انها مجنونة البيت الباعثة على الخطأ والرذيلة.
4 - وهذا الاختلاف في معاني التخيل جعل أحد الفلاسفة المعاصرين يقول: إن هذا اللفظ على ضرورته لغة يجب أن يحذف من قاموس الفلسفة لكثرة معانيه الخالية من الدقة والضبط. فلنسمّ التخيل التمثيلي بالمصوّرة، والتخيل المبدع بالاختراع، والتخيل الوهمي بالتوهم.
5 - والمخيلات عند فلاسفتنا القدماء هي القضايا التي تقال قولا لا للتصديق بها، بل لتخييل يؤثر في النفس تأثيرا عجيبا، من قبض وبسط، وإقدام وإحجام، مثل قول من أراد تنفير غيره عن أكل العسل: لا تأكله فإنه مرة مقيئة، أو ترغيبه في شرب الدواء: إنه الشراب أو الجلاب. قال ابن سينا:
«المخيلات ليست تقال ليصدق بها، بل لتخيل شيئا على أنه شيء آخر، وعلى سبيل المحاكاة، ويتبعه على الأكثر تنفير للنفس عن شيء أو ترغيبها فيه، وبالجملة قبض أو بسط، مثل تشبيهنا العسل بالمرة فينفر عنه الطبع، وكتشبيهنا التهور بالشجاعة، أو الجبن بالاحتياط، فيرغب فيه الطبع» (النجاة، ص 100).
مصادر و المراجع :
١- المعجم الفلسفي
(بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)
المؤلف: الدكتور
جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)
الناشر: الشركة
العالمية للكتاب - بيروت
تاريخ الطبع:
1414 هـ - 1994 م
تعليقات (0)