المنشورات

التصوّف في الفرنسية/ euqitsyM, emsicitsyM في الانكليزية/ msicitsyM في اللاتينية/ sucitsyM

التصوف طريقة سلوكية قوامها التقشف والزهد، والتخلي عن الرذائل، والتحلي بالفضائل، لتزكو النفس وتسمو الروح، وهو حالة نفسية يشعر فيها المرء بانه على اتصال بمبدإ أعلى.
قال الجرجاني في تعريفاته:
التصوف هو الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرا، فيرى حكمها من الباطن في الظاهر، فيحصل للمتأدب بالحكمين كمال. وقال الجنيد:
التصوف هو ترك الاختيار، وقال أيضا: الصوفية هم القائمون مع اللّه تعالى بحيث لا يعلم قيامهم إلا اللّه، وقال الشبلي: التصوف هو حفظ حواسك ومراعاة أنفاسك، وقيل:
التصوف هو بذل المجهود في طلب المقصود، والانس بالمعبود، وترك الاشتغال بالفقود. وقيل أيضا:
تصفية القلب عن موافقة البرية، ومفارقة الاخلاق الطبيعية، واخماد صفات البشرية، ومجانبة الدعاوى النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية والتعلق بعلوم الحقيقة، واستعمال ما هو أولى على السرمدية، والنصح لجميع الأمة، والوفاء للّه تعالى على الحقيقة، واتباع رسوله في الشريعة. وأصل التصوف الاعراض عن الدنيا، والصبر، وترك التكلّف، ونهايته الفناء بالنفس، والبقاء بالله، والتخلص من الطبائع والاتصال بحقيقة الحقائق. لذلك قيل: أول التصوف علم، وأوسطه عمل، وآخره موهبة من اللّه.
والصوفية يعتقدون أن في وسع الإنسان أن يصل إلى الحقيقة بغير طريق العقل، وأنه يستطيع أن يصدق بالشيء من دون أن تستبين له أسبابه العقلية، لأن الحكم تابع للعاطفة والارادة. والمتصوفون فريقان: فريق يحب، وفريق يريد، ويمكن القول إن التصوف يقوم على اجتياز الحدود التي يضطرنا العقل النظري إلى حبس ذواتنا فيها، وذلك إما بدافع من الحب، وإما بدافع من الإرادة.
ويطلق لفظ الصوفية في ايامنا هذه على الفلاسفة الذين يقولون بإمكان الاتحاد الباطني المباشر بين الفكر البشري ومبدأ الوجود، بحيث يؤلف هذا الاتحاد حالتي وجود ومعرفة بعيدتين عن حالتي الوجود والمعرفة الطبيعيتين وأعلى منهما.
ويطلق لفظ التصوف على مجموع الاستعدادات الانفعالية والعقلية والخلقية المتصلة بهذا الاتحاد. وظاهرة التصوف الذاتية بهذا المعنى هي الوجد، ( esatxE)  وهو حالة تشعر فيها النفس بالاتحاد بينها وبين حقيقة داخلية هي الموجود الكامل، الموجود اللانهائي، أي اللّه، لانقطاع الاتصال بينها وبين العالم الخارجي. ولكن ارجاع التصوف إلى هذه الظاهرة التي هي نهايته يجعل تصورنا له ناقصا، لأن التصوف حياة وحركة ونمو ذو اتجاه معين (بوترو)، ومراحل هذا النمو هي التطلع الى المطلق، ثم المجاهدة لتخلية القلب وتجلية النفس، والزهد، والاعراض عن الدنيا، ثم الوجد، ثم محاسبة المرء نفسه على ما فرطه في حياته السابقة، ثم توجيه الحكم والارادة توجيها جديدا، ثم تحقيق الحياة الكاملة فردية كانت أو اجتماعية.
والتصوف بهذا المعنى هو الطريقة السلوكية الموصلة إلى الحياة الكاملة، لا بل هو مجموع النظريات الموضحة للمعارف التي هي ثمرة من ثمرات هذه الحياة.
وإذا كان الفلاسفة الريبيون يبطلون أحكام العقل وينكرون حقيقة العلم فإن الفلاسفة المتصوفين يتعلقون بالحقيقة ويؤمنون بامكان الوصول إليها، والفرق بينهم وبين الفلاسفة العقليين انهم يبخسون العقل حقه، ويبالغون في قيمة الكشف الباطني، وتأثير القلب، والخيال، في الوصول الى الحقيقة.
وقد يطلق لفظ التصوف على النظريات التي يهيم اصحابها في بيداء الوهم، ويعتمدون في ادراك الحقيقة على العاطفة والحدس والخيال اكثر من اعتمادهم على الملاحظة والتجربة الحسية والاستدلال، ويزعمون ان في وسعهم ان يدركوا بالالهام اسرارا لا يدركها العلماء بعقولهم.
وهذا المعنى كما ترى لا يخلو من زراية.
(ر: الصوفي).








مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید