المنشورات

التطور في الفرنسية/ noitulovE في الانكليزية/ noitulovE في اللاتينية/ oitulovE

الطور الحال، وجمعه أطوار، قال تعالى: «و قد خلقكم أطوارا»، أي ضروبا واحوالا مختلفة، وقيل الناس أطوار، أي أخياف على حالات شتى، وقد اتخذ أهل زماننا من هذا الاسم فعلا جديدا، فقالوا:
طوّر الشيء نقله من طور إلى طور، وتطوّر الشيء إي انتقل من طور إلى طور، كل واحد على حدة، واشتقوا من فعل طوّر اسم التطوير ومن فعل تطوّر اسم التطوّر.
وللتطور في الفلسفة الحديثة عدة معان:
الأول هو النمو، والمقصود به ان ينتقل المبدأ الداخلي من حال الكمون إلى حال الظهور، حتى يبلغ نهايته، كمبدإ الحياة الذي ينمو وينبسط، فيخلق في المادة أطوارا وصورا مختلفة، كالنطفة، والعلقة، والمضغة، والعظام، والعضلات الخ ..
والثاني هو التبدل التدريجي البطيء بتأثير الظروف الخارجية.
والثالث هو التبدل الموجه إلى غاية ثابتة على مراحل متعاقبة يمكن تحديدها مسبقا.
والرابع هو الانتقال من البسيط إلى المركب، ومن المتجانس إلى غير المتجانس، أو من الأكثر تجانسا الى الأقل تجانسا. وهو المعنى الذي ذهب إليه (هربت سبنسر) بقوله:
«التطور هو اتمام واكمال للمادة، مصحوب بتبديد للحركة، تنتقل المادة خلاله من حالة تجانس غير معين، وغير ملتحم، إلى حالة من اللاتجانس المعين والملتحم، بحيث تخضع الحركة المتبقية فيه لتبديل مواز»  IIVX. hc sepicnirp sreimerP
فإذا دلّ التطور على نمو الفرد وانتقاله من نقطة الابتداء الوحيدة الخلية إلى سن الرشد الكثيرة الخلايا سمي بالتطور الفردي، وإذا دلّ على تبدل النوع الواحد إلى أنواع كثيرة مختلفة سمي بالتكوين النوعي.
والتطور انما يكون بالتنوع، فالخلية الأم تتكثر بالانقسام، والخلايا المتولدة منها تتنوع، وتصير ذات أحوال مختلفة وخلق متباينة، وكذلك النوع المتجانس، فهو يتكثر، وتختلف أفراده بعضها عن بعض بتكيفها وفق شروط الوجود شيئا فشيئا. والتنوع يسير وتخصص الوظائف جنبا إلى جنب، وكلما كانت الوظائف أكثر تخصصا كانت اكثر تضامنا.
وكل فيلسوف مؤمن بالتغير والارتقاء، أو بالتنوع المصحوب بالتكامل، أو باتصال الاكوان، وتبدل الموجودات، واستحالة الأشياء بعضها إلى بعض، فهو فيلسوف تطوري.
إن أكثر العلماء يقولون اليوم إن معنى التطور يتضمن معنى الارتقاء. ولكننا إذا أردنا بالتطور مجرد التبدل لم نضمنه معنى الارتقاء، لأنه يدل في هذه الحالة على التبدلات الضرورية التي تطرأ على الشيء، من غير أن تكون متجهة إلى غاية معينة، خلافا للارتقاء الذي يتضمن معنى الانتقال من الأدنى الى الأعلى، ومن الحسن الى الأحسن، ففي كل ارتقاء تبدل، وليس في كل تبدل ارتقاء.
ومذهب التطور ( emsinnoitulovE)  مذهب قديم ترجع جذوره التاريخية الى الفلسفة اليونانية (أمبدقلوس وأرسطو)، والفلسفة العربية (اخوان الصفاء، وابن خلدون) غير أنه لم يصبح مذهبا علميا إلا في العصور الأخيرة، يوم أخذ العلماء يعللون نشوء الأنواع الحية بقانون تنازع البقاء، وقانون الانتخاب الطبيعي (دارون)، أو يرجعون تبدلها التدريجي البطيء الى تأثير البيئة والوراثة (لامارك)، أو يجعلون التطور قانونا كليا محيطا بكل شيء: من السديم الى الشمس والكواكب السيارة، ومن الأنواع الكيميائية الى الأنواع الحية، ومن الوظائف العضوية الى الملكات العقلية والمؤسسات الاجتماعية (هربرت سبنسر)، فالتطور عندهم هو التنوع المصحوب بالتكامل.
وضد التطور التكور ( noitulovnI)  وهو التضام، والتقبض، والتقلّص، والتراجع، ومنه قولهم كورت الشمس اي جمع ضوؤها ولف كما تلف العمامة، وقولهم: الأدوار والاطوار هي الدنيا، والاكوار هي الآخرة.
ويطلق التكور في اصطلاحنا على الرجوع الى الاصول، او على الانحطاط، والتأخر، والفساد، والانحلال والبلى، او على التغيرات الرجعية التي تنشأ عن الشيخوخة، او على توقف أحد الأعضاء عن القيام بوظيفته توقفا دائما او موقتا.
والتكور ايضا تغير او جملة من التغيرات المقابلة لتغيرات التقدم والتطور، وهو رجوع من المتباين الى المتجانس، وتمثيل للعقول بعضها ببعض، وتعميم، وانتقال من الجزئي الى الكلي. اما في الظواهر المادية فهو تسوية في الطاقة، وازدياد في التناظر والتماثل (ر:،  ednalaL 1903, setsinnoitulove snoisulli seL)








مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید