المنشورات
التعالي في الفرنسية/ ecnadnecsnarT في الانكليزية/ ecuednecsnarT
ويقابله في اللاتينية/ aitnednecsnarT, snednecsnarT
تعالى الشيء ارتفع، والتعالي الارتفاع كالعلو، والعلاء، والاستعلاء.
والتعالي في اصطلاحنا أن يعلو الشيء ويرقى حتى يصير فوق غيره.
والعالي او المتعالي هو المفارق الذي ليس فوقه شيء فالله تعالى، هو المتعالي، والعالي، والعلي، والأعلى، وذو العلاء، الذي ليس فوقه شيء.
اما فلسفة التعالي فهي:
1 - القول ان نسبة اللّه الى العالم كنسبة المخترع الى آلته، او الأمير الى رعيته او الوالد الى ولده (ليبنيز، المونادولوجيا، 84) 2 - او القول ان وراء الظواهر الحسية المتغيرة جواهر ثابتة، او حقائق مطلقة، قائمة بذاتها.
3 - او القول ان هناك علاقات ثابتة، محيطة بالحوادث ومستقلة عنها وكل فلسفة تذهب الى القول ان في العالم ترتيبا تصاعديا تخضع فيه الحوادث للتصورات، والتصورات للمبادي فهي فلسفة متعالية، ومن قبيل ذلك ايضا القول ان في الوجود علاقات أبدية مستقلة عن اشتباك الحوادث وارتباطها، مجردة عن شروط الزمان والمكان، متعالية، مسيطرة على كل شيء، ثابتة، لا تتغير، كاملة لا تدثر ولا تبطل.
ومذهب التعالي ضد مذهب الكمون، او البطون الوجودي الذي يؤلّه الحوادث ويجعل عقول العلماء مغموسة في الطبيعة، راضية بالكون على علّانه، مقتنعة به، على تخبطه وتناقضه، وتنافي ظواهره، وتنافرها. وما دام الكون يجري الى الأمام دون مهادنة، فإن كل لحظة منه تجاوز التي قبلها، وتضيق عليها الخناق، لتكرهها على التبدل أو لتقلبها الى ضدها، وكذلك ما دام الإنسان عاجزا عن إيقاف حركة التطور، وتبديل مجرى التاريخ، فإن حقيقة الشيء في نظره ترجع إلى تحديد مكانه في سلسلة التطور. إن مذهب الكمون الوجودي يسلم بالتطور التاريخي، والسريان الوجودي. أما مذهب التعالي فيحكم عليه ويتعداه، الأول يلقي على الوجود نظرة أفقية تبدو مراحله فيها ممثلة لالتباس الصيرورة وتناقضها، والثاني يلقي على الوجود نظرة عمودية تجعل الحقائق العالية والمثل المخلدة الثابتة محيطة بالأشياء وناظمة لها.
والأعلى ( tnadnecsnarT) هو الذي يسمو إلى العلاء، حتى يجاوز كل حد معلوم، أو مقام معروف، وهذا السمو لا يقف عند السماء ولا فوق السماء، بل يستمر في الارتقاء الى غير نهاية. فليس الأعلى تابعا لتأثير بعض الأفعال أو الأشياء الخارجية، بل هو أسمى منها، كالعدالة السامية، أو العدالة المثالية، فهي أعلى من العدالة الواقعية، وكالعقاب والثواب المثاليين اللذين يختلفان تمام الاختلاف عن الثواب والعقاب الوجوديين والأعلى هو الذي يفوق حدّ الاعتدال ويجاوز المكان الأوسط، تقول هذا الجمال الاسمي، وهذا النظر الأعلى.
واللّه سبحانه وتعالى هو الأعلى، وله جميع الكمالات، لا يحده شيء، ولا تستطيع العقول المتناهية أن تدرك حقيقته.
والأعلى أيضا هو المعنى الذي نتصوره فوق كل تجربة ممكنة سواء أ عنينا بذلك الحقائق الوجودية، أم عنينا به مبادئ المعرفة. قال (كنت): تسمى المبادي التي ينحصر تطبيقها في حدود التجربة بالمبادئ الوجودية. أما المبادي التي تسمو بالعقل إلى ما فوق هذه الحدود فتسمى بالمبادئ العليا.
أما المتعالي ( latnednecsnarT) فله عدة معان، فهو يدل عند فلاسفة القرون الوسطى على المفارق أو على ما هو أعلى من المقولات الأرسطية، كالواحد، والخير، والحق والموجود، والشيء، والجائز والضروري، وهو عند (كنت) ضد التجربي تارة، والأعلى تارة، والمتافيزيقي أخرى.
فإذا كان ضد التجربي ( euqiripmE) دل على ما هو شرط قبلي للتجربة، كالمبادئ المتعالية، أو القوانين العقلية التي هي بمثابة قواعد للمعرفة. ليس الإدراك المتعالي إدراكك لذاتك بطريق الشعور، بل هو إدراكك إياها من حيث هي مبدأ ضروري تنسب إليه جميع احساساتك وعواطفك. وعلى ذلك فكل بحث يتناول الصور، أو المبادي، أو المعاني العقلية من جهة علاقتها الضرورية بالتجربة، فهو بحب متعال. تقول: علم الجمال المتعالي، والمنطق المتعالي، والتحليل المتعالي، والجدل المتعالي، والاستنتاج المتعالي.
والمتعالي بهذا المعنى هو الانتقادي أيضا. مثال ذلك أن المنطق المتعالي خلاف المنطق العام، لأن الثاني يقتصر على البحث في ارتباط المعاني بعضها ببعض، على حين أن الأول يبحث في أصل هذه المعاني ونسبتها إلى الأشياء. وتسمى هذه الفلسفة المتعالية عند (كنت) بالفلسفة الانتقادية.
وإذا كان المتعالي ضد الأعلى دل على ما يجاوز حدود التجربة، فالمبدأ الذي لا ينطبق في الأصل إلا على حدود التجربة الممكنة، إذا طبقته في مجالات أوسع من هذه الحدود جعلته متعاليا، على خلاف المبدأ الأعلى الذي يستلزم حذف هذه الحدود وإبطالها.
أما اختلاف المتعالي عن المتافيزيقي فهو أن المبدأ لا يكون متعاليا، حتى يشتمل على شرط قبلي عام، يصدق على التجربة من حيث هي تجربة، دون تعيين أو تخصيص، على خلاف المتافيزيقي الذي يضع قاعدة قبلية تسمح بتوسيع معرفتنا بالشيء، دون الرجوع الى التجربة. المثال من المتعالي قولك:
لكل تغير في الجوهر علة، والمثال من المتافيزيقي قولك: لكل تغير في الجوهر المادي علة خارجية.
(ر: الكمون ecnenammI).
مصادر و المراجع :
١- المعجم الفلسفي
(بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)
المؤلف: الدكتور
جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)
الناشر: الشركة
العالمية للكتاب - بيروت
تاريخ الطبع:
1414 هـ - 1994 م
26 مارس 2024
تعليقات (0)