المنشورات
الحرّية في الفرنسية/ etrebiL في الانكليزية/ modeerf, ytrebiL في اللاتينية/ satrebiL
الحرّ ضد العبد، والحر:
الكريم، والخالص من الشوائب، والحر من الأشياء أفضلها، ومن القول أو الفعل أحسنه. تقول حرّ العبد حرارا خلص من الرق، وحرّ فلان حرية كان حر الأصل شريفه. فالحرية هي الخلوص من الشوائب، أو الرق، أو اللؤم، فإذا أطلقت على الخلوص من الشوائب، دلّت على صفة مادية، يقال: ذهب حر لا نحاس فيه، وإذا أطلقت على الخلوص من الرق، دلّت على صفة اجتماعية، يقال: رجل حر أي طليق من كل قيد سياسي أو اجتماعي، وإذا أطلقت على الخلوص من اللؤم، دلت على صفة نفسية، تقول:
رجل حر، أي كريم لا نقيصة فيه.
وعلى ذلك فالحرية تجيء على ثلاثة معان:
1 - المعنى العام- الحرية خاصة الموجود، الخالص من القيود، العامل بارادته أو طبيعته.
من قبيل ذلك قولهم: تظهر حرية الجسم الساقط في هبوطه إلى مركز الأرض، وفقا لطبيعته بسرعة متناسبة مع الزمان، إلا إذا صادف في طريقه عائقا يمنع سقوطه.
وكذلك وظائف الحياة النباتية أو الحيوانية، إذا لم يعقها عن القيام بعملها الطبيعي مانع خارجي، قيل انها حرّة. وإذا اطلق هذا المعنى على أفعال الانسان، دلّ على الحرية المادية. يقال ليس للمريض والسجين حرية، لأنهما لا يستطيعان أن يفعلا ما يريدان.
2 - المعنى السياسي والاجتماعي- الحرية بهذا المعنى قسمان: الحرية النسبية، والحرية المطلقة.
آ- أما الحرية النسبية، فهي الخلوص من القسر، والإكراه الاجتماعي، والحر هو الذي يأتمر بما أمر به القانون، ويمتنع عما نهى عنه. من قبيل ذلك ما جاء في المادة 11 من اعلان حقوق الإنسان (في فرنسة) لسنة 1789: إن حرية الإعراب عن الفكر والرأي أثمن حقوق الإنسان، ولكل مواطن الحق في حرية الكلام، والكتابة، والنشر، على أن يكون مسئولا عن عمله في الحدود التي يعينها القانون. ومن قبيل ذلك أيضا ما جاء في المادة 29 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان: يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته للقيود التي يعينها القانون. والغرض من التقيد بالقانون ضمان الاعتراف بحقوق الغير، واحترام حرياته، وتحقيق ما يقتضيه النظام العام من شروط عادلة. والحريات السياسية هي الحقوق المعترف بها في الدولة:
كحرية الفكر، والرأي، والضمير، والدين، والتعبير، وحرية الاشتراك في الجمعيات، وحرية الاسهام في ادارة شؤون الدولة مباشرة، أو بوساطة ممثلين يختارهم المواطن اختيارا حرا.
ب- وأما الحرية المطلقة فهي حق الفرد في الاستقلال عن الجماعة التي انخرط في سلكها. وليس المقصود بهذه الحرية حصول الاستقلال بالفعل، بل المراد منها الاقرار بهذا الاستقلال، واستحسانه، وتقديره، واعتباره قيمة خلقية مطلقة. وفرقوا بين الحرية المدنية ( elivic etrebiL)، والحرية السياسية ( euqitilop etrebiL)، فقالوا: الحرية المدنية هي استمتاع الأفراد بحقوقهم المدنية في ظل القانون، أما الحرية السياسية فهي استمتاع الأفراد بحقوقهم السياسية، واشتراكهم في ادارة شؤون بلادهم مباشرة، أو بوساطة ممثليهم. وإذا اطلقت الحرية السياسية على الدولة نفسها، دلّت على سيادتها واستقلالها.
3 - المعنى النفسي والخلقي: آ- إذا كانت الحرية مضادة للاندفاع اللاشعوري، أو الجنون، واللامسؤولية القانونية والخلقية، دلّت على حالة شخص لا يقدم على الفعل إلا بعد التفكير فيه سواء كان ذلك الفعل خيرا أو شرا. فهو يعرف ما يريد ولم يريد، ولا يفعل أمرا إلا وهو عالم بأسبابه. لذلك قيل: ان الحرية هي الحد الأقصى لاستقلال الارادة، العالمة بذاتها، المدركة لغايتها. وقيل أيضا الحرية هي عليّة النفس العاقلة. ومعنى ذلك ان الفاعل الحر هو الذي يقيد نفسه بعقله وإرادته، ويعرف كيف يستعمل ما لديه من طاقة، وكيف يتنبأ بالنتائج، وكيف يقرنها بعضها ببعض أو يحكم عليها، فحريته ليست مجردة من كل قيد، ولا هي غير متناهية، بل هي تابعة لشروط متغيرة توجب تحديدها وتخصيصها. وتسمى هذه الحرية بالحرية الأدبية أو الخلقية.
ب- وإذا كانت الحرية مضادة للهوى والغريزة، والجهد، والبواعث العرضية دلت على حالة انسان يحقق بفعله ذاته من جهة ما هي عاقلة وفاضلة. فالحرية بهذا المعنى حالة مثالية، لا يتصف بها الا من جعل أفعاله صادرة عما في طبيعته من معان سامية. لذلك قال (ليبنيز) ان اللّه وحده هو الحر الكامل، اما المخلوقات العاقلة فلا توصف بالحرية الّا على قدر خلوصها من الهوى. (، zinbieL 21. hC, II erviL, siassE xuaevuoN) ج- وإذا كانت الحرية مضادة للحتمية دلت على حرية الاختيار ( ertibra erbiL)، وهي القول ان فعل الإنسان متولد من ارادته.
قال (بوسويه): «كلما بحثت في أعماق نفسي عن السبب الذي يدفعني الى الفعل لم أجد فيها غير ارادتي». ( ud etiarT: teussoB II. hC. ertibra erbil). فالارادة اذن علة أولى، وابتداء مطلق، وهي خالصة من كل قيد، لأنها لا توجب أن يكون الفعل مستقلا عن الأسباب الخارجية فحسب، بل توجب أن يكون مستقلا عن الدوافع والبواعث الداخلية ايضا.
وهذا يدل على ان بين معاني الحرية واللاتعين واللاحتمية تساوقا وتلازما.
واذا سلمنا بحرية الاختيار، وجعلناها مقصورة على الأحوال التي تتساوى فيها الأسباب المتعارضة، حصلنا على معنى آخر للحرية، وهو حرية عدم المبالاة (- effidni'd etrebiL ecner)، وقد عرفوها بقولهم:
هي القدرة على الاختيار من غير مرجح.
د- وتطلق الحرية أيضا على القوة التي تظهر ما في صميم الذات الإنسانية من صفات مفردة، أو على الطاقة التي بها يحقق الانسان ذاته في كل فعل من أفعاله، فيشعر بحريته مباشرة، ويدرك انها ميزة نظام فريد من الحوادث، تفقد فيه مفاهيم العقل كل دلالة من دلالاتها.
قال (برغسون): «الحرية هي نسبة النفس المشخصة إلى الفعل الصادر عنها» (167، iassE: nosgreB)، ومعنى ذلك ان الفعل الحر عنده لا ينشأ عن عامل نفسي مفرد، بل ينشأ عن النفس كلها. ونسبة المريد إلى افعاله كنسبة (الفنّان) إلى آثاره. والفرق بين فلسفة الحتمية وفلسفة الحرية، ان الأولى تقسم الفعل الحر وتعلله بقوى طبيعية مختلفة التركيب والتأثير، على حين ان الثانية ترى ان الفعل الحر، لا ينقسم، وان السببية النفسية، التي هي عماد الحرية، مختلفة كل الاختلاف عن السببية الطبيعية.
ه- والحرية عند (كنت) صورة معقولة متعالية، ذلك أن لكل ظاهرة في نظره تفسيرا مزدوجا: الأول هو تفسيرها بحسب السببية الطبيعية، وهو ان تربط تلك الظاهرة بغيرها من الظواهر ربطا ضروريا محكما، حتى إذا عرفت قانونها الطبيعي، أمكنك التنبؤ بحدوثها، هكذا يمكن التنبؤ بأفعال الإنسان عند معرفة الظروف المحيطة به، والعوامل المؤثرة فيه. والثاني ان تربط تلك الظاهرة بأسبابها المعقولة المتعالية. وكل سبب متعال فهو غير زماني، وهو من عالم الشيء بذاته لا من عالم الظواهر، ونسبة الظواهر إلى هذه الأسباب المتعالية هي الحرية بعينها. ومعنى ذلك كله ان الفعل إذا نسب إلى عالم الشيء بذاته، أي إلى عالم الحقيقة، أمكن اعتباره حرا، لأن الحرية كما قلنا صورة معقولة متعالية، وهي مبدأ الأخلاق، لأنك لا تستطيع أن تتصور معنى الواجب من دون أن تتصور الإنسان حرا فيما يختار من سلوك.
و- وحرية الضمير ( etrebiL ecneicsnoC ed) هي الشعور بالحرية في ابداء الرأي واعتناق المعتقدات.
مصادر و المراجع :
١- المعجم الفلسفي
(بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)
المؤلف: الدكتور
جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)
الناشر: الشركة
العالمية للكتاب - بيروت
تاريخ الطبع:
1414 هـ - 1994 م
26 مارس 2024
تعليقات (0)