المنشورات

الحقيقة في الفرنسية/ etireV في الانكليزية/ hturT في اللاتينية/ satireV

الحقيقة في اللغة ما أقر في الاستعمال على أصل وضعه، والمجاز ما كان بضد ذلك، وحقيقة الشيء خالصه، وكنهه، ومحضه، وحقيقة الأمر يقين شأنه، وحقيقة الرجل ما يلزمه حفظه والدفاع عنه.
ولها عند الفلاسفة عدة معان:
الأول هو مطابقة التصور أو الحكم للواقع، فالحقيقة بهذا المعنى اسم لما أريد به حق الشيء إذا ثبت، والتاء فيه للنقل من الوصفية إلى الاسمية، قال ديكارت: «ان الأحلام التي نتخيلها في النوم لا تحملنا ابدا على الشك في حقيقة الأفكار التي تحصل لنا في اليقظة» (مقالة الطريقة، القسم 4، ص 150: من الطبعة 2 من ترجمتنا). وقد تطلق الحقيقة على الشيء الثابت قطعا ويقينا، تقول:
هذه الشهادة مطابقة للحقيقة، وهذا الرجل يستر الحقيقة، ومن قبيل ذلك أيضا قولهم: الحقيقة التاريخية.
والثاني هو مطابقة الشيء لصورة نوعه، أو لمثاله الذي أريد له. فالحقيقة بهذا المعنى هي ما يصير اليه حق الشيء ووجوبه، تقول: لا يبلغ المؤمن حقيقة الايمان حتى لا يعيب انسانا بعيب هو فيه، يعني خالص الإيمان وكماله، وتقول ايضا: هذه الصورة مطابقة للحقيقة، تريد بذلك أنها قد بلغت الغاية في تعبيرها عن الشيء.
والثالث هو الماهية أو الذات، فحقيقة الشيء ما به الشيء هو هو، كالحيوان الناطق للانسان، بخلاف الضاحك والكاتب مما يمكن تصور الإنسان دونه. «و قد يقال ان ما به الشيء هو هو باعتبار تحققه حقيقة، وباعتبار تشخصه هويّة، ومع قطع النظر عن ذلك ماهية» (تعريفات الجرجاني)، قال ابن سينا. «إن لكل شيء ماهية هو بها ما هو» وهي حقيقته، بل هي ذاته» وقال ايضا:
«فإن لكل أمر حقيقة هو بها ما هو، (الشفاء 2، ص. 292)، وقال الفارابي: «الوقوف على حقائق الأشياء ليس في قدرة البشر، ونحن لا نعرف من الأشياء إلا الخواص واللوازم والأعراض، ولا نعرف الفصول المقومة لكل منها» (التعليقات ص: 4).
والرابع هو مطابقة الحكم للمبادي العقلية. قال (ليبنيز).
«متى كانت الحقيقة ضرورية أمكنك أن تعرف أسبابها بارجاعها إلى معان وحقائق أبسط منها حتى تصل إلى الحقائق الأولى» والحقائق الأولى هي الأوليات والمبادي العقلية.
الحقيقة الصورية ( etireV ellemrof)  والحقيقة المادية ( elleiretam etireV)-  الحقيقة الصورية هي اتفاق العقل مع نفسه بلا تناقض، وهي موضوع المنطق الصوري، أما الحقيقة المادية فهي اتفاق العقل مع الشيء الواقعي ماديا كان أو نفسيا، كالحقيقة الفيزيائية والحقيقة النفسية، وهي ما تتناوله العلوم التجريبية.
والحقيقة الواقعية ( etilaeR)  هي الوجود ذهنيا كان أو عينيا تقول: ان للعالم الخارجي حقيقة واقعية، أي وجودا مستقلا عن وجود المدرك.
فائدة إذا قلت ان الحقيقة هي اتفاق العقل مع الوجود الخارجي وقعت في الالتباس، لأنك لا تستطيع أن تتصور الحقيقة مستقلة عن العقل من جهة، وعن الوجود الخارجي من جهة أخرى، حتى تقرن بعد ذلك بينهما وتقول انهما متفقان.
الحقائق الابدية ( setireV sellenrete)-  الحقائق الأبدية هي المبادي أو القوانين المطلقة المحيطة بجميع الموجودات. وهي تفيض عن العقل الالهي، وتنعكس على العقل الانساني، فتقربه من اللّه. قال (ديكارت): «إياك أن يخطر ببالك ان الحقائق الأبدية تابعة للعقل الإنساني، أو لوجود الأشياء. ان هذه الحقائق تابعة لارادة اللّه، فهو وحده الذي سن الحقائق، ورتبها، وثبتها منذ الأزل».
والحقيقة عند البراغماتيين ( setsitamgarP)  هي الفكرة الناجحة، أو النافعة، أو الفرضية العلمية التي تحققها التجربة.
والحقيقة عند (الماركسيين) هي مطابقة الفكرة للشيء، أو هي المعرفة المعبرة عن الوجود الموضوعي.
وتقاس قيمة الحقيقة عندهم بدرجة مطابقتها للحاجات العملية، وعلى قدر ما تكون الحقيقة مطابقة لها بالفعل تكون أثبت وأصدق.
والحقيقة عند (الوجوديين) هي تجلّي الواقع للمدرك بحيث يتصور الشيء كما يشاء في حرية تامة، وبحيث تكون حقيقته ذاتية ونسبية وتاريخية، فالحقيقة اذن هي نتيجة فعل حر، لا معنى لها بالنسبة إلى الفرد إلا إذا كونها بنفسه.
والحقائق عند (المتصوفين) ثلاث: الاولى حقيقة مطلقة، فعالة، واحدة، عالية واجبة الوجود بذاتها، وهي حقيقة اللّه سبحانه. والثانية حقيقة مقيدة، منفعلة، سافلة قابلة الوجود من الحقيقة الواجبة بالفيض والتجلّي، وهي حقيقة العالم، والثالثة حقيقة أحدية جامعة بين الاطلاق والتقيد، والفعل والانفعال، والتأثير والتأثر، فهي مطلقة من وجه، مقيدة من آخر، فعّالة من جهة، منفعلة من أخرى.









مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید