المنشورات
المادة في الفرنسية/ ereitaM في الانكليزية/ rettaM في اللاتينية/ seiretam, airetaM
المادة في اللغة كل شيء يكون مددا لغيره، ومادة الشيء اصوله وعناصره التي يتركب منها حسية كانت او معنوية كمادة البناء، ومادة البحث الخ.
وللمادة في اصطلاح الفلاسفة عدة معان:
1 - المادة هي الجسم الطبيعي الذي نتناوله على حاله او نحوّله الى شيء آخر لغاية معينة مثل المرمر الذي يصنع منه التمثال، فهو مادته، اما صورة التمثال، فهي الشكل الذي يسوّى به المرمر.
2 - المادة في الاصطلاح الارسطي او المدرسي هي المعنى المقابل للصورة. ولها بهذا الاعتبار وجهان:
الأول دلالتها على العناصر غير المعينة التي يمكن أن يتألف منها الشيء، وتسمّى مادة اولى ( ereimerP ereitaM) او هيولى، وهي كما قيل امكان محض، او قوة مطلقة، لا تنتقل الى الفعل الا بقيام الصورة فيها. قال ابن سينا: الهيولى المطلقة «جوهر ووجوده بالفعل انما يحصل لقبول الصورة الجسمية لقوة فيه قابلة للصور، وليس له في ذاته صورة تخصه الا معنى القوة» (رسالة الحدود، ص 83 - 84) وقال ايضا: «يقال هيولى لكل شيء من شأنه ان يقبل كمالا ما، وأمرا ليس فيه، فيكون بالقياس إلى ما ليس فيه هيولى، وبالقياس الى ما فيه موضوع» (م. ن 84) والثاني دلالتها على المعطيات الطبيعية والعقلية المعينة التي يعمل الفكر على إكمالها وانضاجها. فكل موضوع يقبل الكمال بانضمامه الى غيره، فهو مادة، وكل ما يتركب منه الشيء، فهو مادة لذلك الشيء حسيا كان او معنويا، ومن هذا القبيل قولنا: ان مادة المعرفة هي المعطيات الحسية التي يتألف منها مضمون الفكر، وان مادة الفن هي المعطيات التي يستمدها الفنان من تجربته.
3 - والمادة بالمعنى الديكارتي مقابلة للصورة من جهة وللفكر من جهة. اما التقابل بينها وبين الصورة فيرجع الى ان الجسم مؤلف من شيئين: احدهما شكله الهندسي، وهو صورته، والآخر جوهره المشخص المفرد الموجود بالفعل، وهو مادته. وأما التقابل بينها وبين الفكر فيرجع الى ان المادة كتلة طبيعية ندركها بالحدس الحسي لوجودها خارج العقل، على حين ان الفكر شيء داخلي مجرد عن المادة وعن لواحق المادة.
لذلك قال (ديكارت) ان المادة هي الامتداد، وقال آخر ان تصور المادة لا ينفصل عن تصور القوة، والحركة، والطاقة.
4 - وتطلق المادة عند (كانت) على معطيات التجربة الحسية من جهة ما هي مستقلة عن قوالب العقل. فمادة الظاهرة عنصرها الحسي، أما صورتها فهي العلاقات التي تضبطها، وتنظم حدوثها.
5 - وتطلق المادة في المنطق على الحدود التي تتألف منها القضية او على القضايا التي يتألف منها القياس.
فمادة القضية هي الموضوع والمحمول اللذان تتألف منهما، أما صورتها فهي النسبة التي بين الموضوع والمحمول، وتنقسم بهذا الاعتبار الى كلية، وجزئية، وموجبة وسالبة.
ومادة القياس هي القضايا التي يتألف منها، وهي الكبرى، والصغرى، والنتيجة، أما صورته فهي شكله، فقولنا: كل انسان فان، وجبريل انسان، فجبريل فان، قياس كاذب من حيث مادته لأن صغراه كاذبة، أما من حيث صورته فهو قياس صحيح من الشكل الأول.
والمنطقيون القدماء يطلقون المادة على حالة للقضية في ذاتها غير مصرح بها، وهذه الحالة منحصرة في الوجوب، والامتناع، والامكان، لأن المحمول اما ان يستحيل انفكاكه عن الموضوع فتكون النسبة واجبة، وتسمى بمادة الوجوب، واما ان يستحيل ثبوته له فتكون النسبة ممتنعة وتسمى بمادة الامتناع، وإما ان لا يستحيل ثبوته فتكون النسبة ممكنة، وتسمى مادة الامكان الخاص، وتنحصر باعتبار آخر في الضرورة واللاضرورة، او في الدوام واللادوام. والفرق بين الجهة والمادة ان الجهة لفظ مصرح به يدل على الوجوب، او الامتناع، او الامكان، على حين ان المادة «حالة للقضية في ذاتها غير مصرح بها، وربما تخالفا، كقولك زيد يمكن ان يكون حيوانا فالمادة واجبة والجهة ممكنة» (ابن سينا النجاة، ص 25).
6 - والمادة في علم الاخلاق هي الفعل الذي يقوم به الفاعل، بصرف النظر عن نيته وقصده، كالممرض الذي يخطئ فيعطي مريضه سما قاتلا بدلا من اعطائه عقارا منوما، فهو لا يعد قاتلا الا من حيث مادة الفعل، اما من حيث صورة الفعل فهو بريء من جريمة القتل.
مصادر و المراجع :
١- المعجم الفلسفي
(بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)
المؤلف: الدكتور
جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)
الناشر: الشركة
العالمية للكتاب - بيروت
تاريخ الطبع:
1414 هـ - 1994 م
28 مارس 2024
تعليقات (0)