المنشورات

الواحد في الفرنسية/ nu'l, nU في الانكليزية/ eno eht, enO في اللاتينية/ sunU

تصوّر الواحد بديهي، ومعناه سلبي، وهو نفي الانقسام عنه، قال ابن رشد: «الواحد انما يدل على سلب، وهو عدم الانقسام» (تفسير ما بعد الطبيعة ص 313)، وقال ابن سينا: «يقال واحد لما هو غير منقسم من الجهة التي قيل له انه واحد. فمن غير المنقسم ما لا ينقسم في الجنس فيكون واحدا في الجنس، ومنه ما لا ينقسم في النوع، فيكون واحدا في النوع، ومنه ما لا ينقسم بالعرض العام، فيكون واحدا بالعرض، كالغراب والقار في السواد، ومنه ما لا ينقسم بالمناسبة فيكون واحدا في المناسبة، كما يقال: ان نسبة الملك الى المدينة والعقل الى النفس واحد. ومنه ما لا ينقسم في الموضوع، فيكون واحدا في الموضوع، وان كان كثيرا في الحد، ولهذا يقال: ان الذابل والنامي واحد في الموضوع، ومنه ما لا ينقسم معناه في العدد، أي لا ينقسم الى اعداد لها معانيه ... فهو واحد بالعدد، ومنه ما لا ينقسم بالحد أي حده ليس لغيره، وليس له في كمال حقيقة ذاته نظير، فهو واحد بالكلمة، ولهذا يقال: ان الشمس واحدة» (النجاة 364 - 365).
«و الواحد» اما ان لا ينقسم الى جزئيات، بأن يكون تصوره مانعا من وقوع الشركة فيه، وهو الواحد بالشخص، ووحدته هي الواحدة الشخصية، او ينقسم الى جزئيات، وهو الواحد لا بالشخص، وأنه كثير له جهة وحدة، فهو واحد من وجه، اي من حيث هو هو، اي من حيث المفهوم، وكثير من جهة الانطباق على الأفراد، ووحدته هي الوحدة لا بالشخص» (كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي).
والواحد اما ان يكون صفة، واما ان يكون اسما.
فاذا كان صفة دل على المعاني التالية:
1 - الواحد بالعدد كما في قولنا خط واحد، وجسم واحد وحركة واحدة. وهو: «اما ان يكون غير منقسم بالصورة، منقسما بالكمية، كالانسان الواحد، والفرس الواحد، واما ان يكون غير منقسم بالكمية والصورة، وهذا على ضربين: ان كان له وضع، فهو نقطة، وان لم يكن له وضع، فهو الواحد الكلي الذي هو مبدأ العدد» (ابن رشد، تلخيص ما بعد الطبيعة ص 12).
والواحد بالعدد «اما ان يكون فيه بوجوه من الوجوه كثرة بالفعل، فيكون واحدا بالتركيب والاجتماع، واما ان لا يكون، وان لم تكن بالفعل، وكانت بالقوة، فهو متصل وواحد بالاتصال، وان لم تكن ولا بالقوة، فهو واحد بالعدد على الاطلاق»، (ابن سينا، النجاة، ص 365).
2 - ويطلق الواحد على الفرد من جهة ما هو جزء من كل، اي من كثيرين بالعدد، بحيث تعدّ كلا منهم واحدا، ولا نعدّه الا واحدا.
3 - ويطلق الواحد على الأحد ( euqinU)،  اي على ما لا نظير له في ذاته، وهو وصف للّه تعالى، فيقال هو الواحد، وهو الأحد لاختصاصه بالأحدية، فلا يشركه فيها غيره.
4 - ويطلق الواحد على الموجود غير المنقسم الذي ليس له اجزاء، قال (رينوفيه): «اذا كان هنالك وجود، وجب ان يكون واحدا، والواحد لا يجوز ان يكون ذا جسم، لأنه لو كان كذلك لكان منقسما الى اجزاء، ولم يكن واحدا» ( leunaM, reivuoneR 156. cna. solihP ed).
5 - ويطلق الواحد على الكثير من جهة ما هو ذو وحدة متماسكة، فيكون واحدا بالتركيب، الّا انه لا ينقسم بالفعل الى وحدات مختلفة، الّا اذا فقد مقوماته، كالذات الانسانية، فهي كل غير منقسم، او هي كما قال (برغسون) وحدة في كثرة (-  ovE, nosgreB 280, ecirtaerc noitul).
واذا كان الواحد اسما دل على المعاني التالية:
1 - الواحد اسم لأول الاعداد، وهو مقابل للكثير، وقيل انه «ليس بالعدد وانما هو ركن العدد» (مفاتيح العلوم للخوارزمي، ص 108) قال ابن سينا: «و اما العدد فانه تابع في الحكم للواحد، فإن كان الواحد في نفسه جوهرا، فالعدد المؤلف منه لا محالة مجموع جواهر، فهو جوهر، وان كان الواحد عرضا، فالتثنية وما اشبهها اعراض» (النجاة ص 340).
2 - والواحد هو الدال على معنى الوحدة من جهة ما هي مبدأ الوجود، أو الفكر، وهذا المعنى هو المطلق الحقيقي.
3 - والواحد مرادف للموجود، قال الفارابي: «يقال لكل موجود واحد من جهة ما هو موجود، بالوجود الذي يخصه. وهذا المعنى من معاني الواحد يساوق الموجود الأول، فالأول ايضا بهذا الوجه واحد، واحق من كل واحد سواه باسم الواحد ومعناه» (آراء اهل المدينة الفاضلة، طبعة بيروت، ص 30)، وقال ابن سينا: «و لما كان كل ما يصح عليه قولنا انه موجود، فيصح ان يقال له واحد، حتى ان الكثرة، مع بعدها عن طباع الواحد، قد يقال لها كثرة واحدة، فبيّن ان لهذا العلم (يعني العلم الالهي) النظر في الواحد ولواحقه بما هو واحد، ولهذا العلم النظر في الكثرة ايضا ولواحقها» (النجاة، ص 323)، وقال ابن رشد: «ان اسم الواحد والموجود يدلان على ذات واحدة، وانما يختلفان بالجهة» (تفسير ما بعد الطبيعة، الجزء 3، ص 1281 من طبعة الأب موريس بويج). 
4 - والواحد في فلسفة افلاطون وافلوطين أول اركان الوجود، فافلاطون يحله محل مثال الخير، ومثال الجمال، والصانع، ويقول: انه ليس بماهية، وانما هو شيء اسمى من الماهية، ولا يوصف الّا سلبا.
وافلوطين يجعل الواحد مبدأ الوجود، وهو عنده فوق العقل، والنفس، والمادة، يجاوز كل وجود معين، وكل فكر معين، وما حاجته الى التأمل والفكر اذا كان يملك شيئا اسمى من المعرفة، وأعلى من التأمل؟ والواحد عنده ليس شيئا من الأشياء، وانما هو اساس جميع الأشياء، او ما لك الأشياء كلها، وهو المبدأ الذي يفيض عنه كل شيء.
فائدة. والواحد في فلسفة ابن سينا من لوازم الماهيات لا من مقوماتها، والدليل على ذلك قوله: «و ليس الواحد مقوما لماهية شيء من الأشياء، بل تكون الماهية شيئا اما انسانا، واما فرسا، او عقلا، او نفسا، ثم يكون ذلك موصوفا بأنه واحد وموجود» (النجاة ص 340).
وسبب اعتقاد ابن سينا ان الموجود والواحد يدلان من الشيء على معنى زائد على ذاته انه «اشكل عليه الفرق بين اسم الواحد الذي هو مبدأ العدد ... وبين اسم الواحد المرادف لاسم الوجود» (ابن رشد، تفسير ما بعد الطبيعة، جزء 3، ص 1268) والحق ان الواحد المرادف لاسم الوجود ليس عرضا، وانما هو مبدأ كل شيء، وجوهر كل شيء، والواحد الذي هو مبدأ العدد يدخل في مقولة الكم، اما الواحد المرادف لاسم الوجود فهو مبدأ جميع المقولات.








مصادر و المراجع :

١- المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)

المؤلف: الدكتور جميل صليبا (المتوفى: 1976 م)

الناشر: الشركة العالمية للكتاب - بيروت

تاريخ الطبع: 1414 هـ - 1994 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید