المنشورات
الرهائن الأميركيون في طهران وأسرار عملية مخلب النسر
عندما قامت الثورة الإيرانية في عام 1979، اهتزت على أثرها عروش كثيرة، وخافت من انعكاساتها نظم عديدة، اذ أنها لم تكن ثورة على الشاه فحسب، بل وعلى من يقفون وراءه ويدعمونه بكل آلات الحرب المتطورة أيضا. وكان من الطبيعي أن ترتجف أكبر دولة امبريالية في العالم تعتبر الشاه رجلها الأول ووكيلها المعتمد في هذه المنطقة الاستراتيجية
فبعد نجاح آية الله الخميني في اسقاط الشاه محمد رضا بهلوي عن عرشه، غادر الشاه المخلوع بلاده إلى المنفى ... تمشيا مع المبدأ القائل بأن كل وليف على ولفه يلفي، حيث لم يجد بلدة واحدة في العالم يسمح له بالإقامة هو وعائلته (باستثناء مصر .. ) ... حتى الولايات المتحدة لم تتمكن من حماية الشاه الذي كانت تسانده حتى سقط عن العرش تحت وطأة الثورة الايرانية. وطالب النظام الجديد بتسلم الشاه لمحاكمنه على الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب، وخصوصا على أيدي رجال مخابراته المعروفة با «السافاك، والمدربة على أحدث وسائل القمع والتعذيب الأميركية والاسرائيلية والغربية. كما طالب النظام الجديد أن تعترف الولايات المتحدة بأخطائها وبالجرائم التي ارتكبتها في حق الشعب الإيراني كذلك.
وظل الشاه حائرة في بلاد الله الواسعة يتنقل خلسة من بلد إلى بلد. فجأة سمحت الولايات المتحدة الأميركية للشاه وعائلته بالدخول إليها المعالجته من مرض خطير ألم به. واعتبر النظام الجديد في طهران أن هذا
175 العمل فيه كل التحدي لمشاعر الشعب الايراني مما دفع بالطلبة الايرانيين الى احتلال السفارة الأميركية في طهران واعتقلوا (53) من الرهائن. خمسون منهم تم اعتقالهم داخل مبنى السفارة التي كانت تتحكم في ايران وأحوالها، أما الثلاثة الباقون فقد تم اعتقالهم في مبنى وزارة الخارجية الايرانية.
وبدأت المحاولات الأميركية للإفراج عن الرهائن. فأخذت تفعل تماما مثل ما تفعله البلاد العربية مع اسرائيل. فاخذت تطرق أبواب مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، وترسل الوسطاء وتمسك جزرة ضخمة في يدها اليمنى وعصا صغيرة في يدها اليسرى. وإيران لا تريد أن تأكل من الجزرة وكانها فاكهة محرمة، وفي الوقت نفسه لا تخاف من العصا، اذ في المقدور مواجهتها.
وظهر للعالم أجمع مبدأ جديد من مبادئ الصراع الدولي، اخذ يستفز ويتفاعل على مسرح السياسة العالمية، هو مبدا وعجز القوة وقوة العجز» .. وهو تطبيق عملي لحرب العصابات في مجال السياسة الدولية. ووجد الرئيس الأمير کي اجيمي کارتر، أن الخيارات المتاحة أمامه استنفدت أغراضها ... فلا التهديد بأنواعه بجدي، ولا الهيئات الدولية وقراراتها تنفع، ولا طرد الشاه من الأميركيتين ليحل ضيفا على مصر فيه ارضاء للطرف الآخر ..
ولم يعد أمامه إلا تنفيذ الغارة العسكرية على طهران لفك الرهائن.
إذ أن «جيمي کارتر، كان منذ 9 نوفمبر 1979، أي بعد خمسة أيام من القبض على الرهائن قد أعطى تعليماته لوضع الخطط لإجراءات عسكرية، لاستخدامها في حالة فشل الجهود الأخرى لفك الرهائن.
وهكذا عمدت القيادة الأميركية، بإشراف الرئيس جيمي كارتر ذاته، الى وضع خطة العملية عسكرية ضد طهران التحرير الرهائن الأميركيين المحتجزين لديها. وقد سميت هذه الغارة باسم مخلب النسر، وهو الاسم الحركي لهذه العملية الفاشلة.
174 كيف تمت هذه الغارة؟ وما هي أسرارها؟.
جاءت عملية مخلب النسر، بعد جهود أميركية مضنية ومتواصلة شارك فيها مباشرة رئيس الولايات المتحدة الأميركية. کارتر - محاولا أن يبرز عضلاته خارج حدود أميركا، بقصد افهام العالم أن باع زعيمة الامبريالية العالمية طويل وفاعل، وحتى لا تجرؤ أية قوة في المعمورة أن ترفع رأسها في وجه أميركا بعد اليوم .... متناسية سلسلة هزائمها في وجه إرادة الشعوب وقادتها الثوريين.
لقد نوقشت تفاصيل هذه العملية أكثر من مرة في مجلس الأمن القومي برئاسة كارتر نفسه ووافق عليها. وأخيرا أعطى تعليماته بالتنفيذ يوم 24 ابريل 1980، بعد شهور عديدة من التدريب والتجهيز وإجراء التجارب، على ارض تماثل الأرض التي ستجري عليها العمليات الفعلية.
وتعتبر هذه الغارة بمثابة درس لنا نحن الشعوب النامية التي تحاول جهدها أن تفك الشباك التي تلقى عليها في كل وقت وحين. وقد تمثل غرضها بما يلي:
أولا: انقاذ الرهائن الأميركيين الموجودين بالسفارة الأميركية بطهران وعددهم 50) والموجودين بالخارجية الإيرانية (وعددهم 3) والذين تم احتجازهم منذ 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1979.
ثانيا: هز هيبة الحكم الثوري في ايران.
ثالثا: اذا تطورت العمليات بعد ذلك يمكن العمل على نقل الشاه المخلوع من مصر الى طهران لتكرار ما حدث ايام الدكتور محمد مصدق.
والاعتقاد الأكبر أن الغرض الأخير كان بيت القصيد، بالرغم من أنه لم يعلن عن ذلك حتى الآن. ويؤيد ذلك ما تسرب من أنباء عن أن قنبلة سياسية سوف تحدث، وذلك قبل شن الغارة بأيام قليلة.
177 ولتحقيق ذلك، تشكلت القوة التي أنيط إليها تنفيذ هذه العملية من
الأتي:
(3 طائرات س - 130، تحمل 90 فردا من الصاعقة من وحدة والنور الأزرق، الموجودة في كارولينا الشمالية في «فورت براج، وهي وحدة شكلت لمكافحة الارهاب منذ عام 1977 (وذلك بعد اتمام العملية لان نقل الأفراد الى منطقة الهبوط كان سيتم بالهليكوبتر).
(ب) 3 طائرات س - 130، للتموين بالوقود في الجو، وعند منطقة الهبوط في صحراء طوباز على بعد 200 ميلا شرق طهران.
(ج) 8 طائرات هليكوبتر طراز سوکورسكي (المدى 1000 ميل - حمولة كل واحدة 37 فردا وبها خزانات وقود اضافية) من على حاملة الطائرات نيميتز الموجودة في بحر العرب، وتحمل 90 فردا لتنفيذ العملية.
كان قائد العملية هو الكولونيل تشارلس بيکويت، ويتصل مباشرة بالجنرال «دانيد جونز، رئيس أركان حرب الجيش الأميركي الموجود في غرفة عمليات البنتاغون. أما فيما يتعلق بخطة الغارة، فكان المفروض أن تتم على مرحلتين:
المرحلة الأولى: وتتم يوم 24 ابريل 1980 حيث تبدأ بعد آخر ضوء.
تتحرك 6 طائرات نقل س - 130 من أحد المطارات المصرية، وتقوم 3 طائرات نقل بإعادة التموين بالوقود في الجو، وتنزل في أرض الهبوط الصحراء رقم 1، في منطقة طوباز على بعد 250 ميلا شرق طهران.
تتحرك 8 طائرات هليكوبتر وعليها قوة العملية (90 فردا) من على سطح حاملة الطائرات نيميتز الموجودة في بحر العرب الى منطقة الصحراء رقم 1، ثم تعيد التموين بالوقود من طائرات الوقود الثلاث.
- ترجع طائرات النقل س - 130 الى أحد مطارات عمان.
178 - تتحرك طائرات الهليكوبتر ليلا بقوة العملية إلى أحد المخابيء المد من قبل في أحد الجبال الموجودة شرق طهران، وتبقى هناك في مخبئها طوال نهار 20 نيسان 1980.
المرحلة الثانية: وتتم يوم 20 ابريل 1980 حيث تبدأ بعد آخر ضوء.
- عربات معدة بواسطة المخابرات الأميركية تنقل أفراد الهليكوبتر الى طهران ليلا. وتدخل العربات فرادى الى المدينة لتقابل في أحد الأماكن التي أعدتها المخابرات الأميركية.
تقسم القوة الى مجموعتين: المجموعة الأولى تتجه الى وزارة الخارجية الإيرانية لفك الرهائن حيث يوجد ثلاثة أفراد، وتتجه المجموعة الثانية الى السفارة الأميركية لتحرير الرهائن الخمسين فيها.
تعتمد العملية بعد ذلك على المفاجاة والسرعة فيتم تسلق الأسوار والقضاء على الحراس الايرانيين وفك اسر الرهائن.
تتجه المجموعة الأولى بعد تحرير الرهائن من الخارجية الايرانية الى السفارة لتقابل مع المجموعة الثانية.
تتحرك طائرات الهليكوبتر من مخبئها الى حديقة السفارة لتحمل الرهائن وأفراد العملية
تتحرك طائرات النقل بتنسيق ذلك مع باقي العملية من عمان الى ارض نزول شرق طهران تسمى اصحراء رقم 2» لتحميل الرهائن وأطقم
العملية.
? تعود طائرات س - 130 الى قاعدتها في مصر. وتعود طائرات الهليكوبتر الى حاملة الطائرات نيميتز. وكانت حاملة الطائرات نيميتز ستمد العملية بالتغطية الجوية بالمقاتلات التي ستطير منها للتدخل في حالة تورط القوة في أي عمليات فجائية، معتمدة على ضعف القوات الجوية الايرانية
179 وعدم قدرتها على الطيران الليلي، علاوة على أنه كان يمكن تدميرها على الأرض لأن أماكنها كانت معروفة بدقة.
هذا هو الذي قيل بوضوح عن الخطة، وفي الاعتقاد أن مرحلة ثالثة كانت تدبر في الخفاء وهي مرحلة ينقل فيها الشاه المخلوع الى ايران مرة آخري لمحاولة السيطرة على الأوضاع لو نجحت العملية وتطورت الأوضاع إلى حالة من الفوضى، كما حدث أيام سقوط حكومة الدكتور محمد مصدق.
ويبقى السؤال الكبير: كيف نفذت العملية وما هي نتائجها؟. - بدات العملية بعد شهور طويلة من الإعداد والتجهيز والتدريب.
غادرت طائرات س - 130 من قاعدتها المصرية إلى البحر الأحمر ثم في بحر العرب ووصلت الى منطقة الصحراء رقم 1، بطوباز على بعد 250 ميلا من طهران العاصمة.
غادرت 8 طائرات هليكوبتر سطح حاملة الطائرات نيميتز، ولكن تعطلت احدى الطائرات الأسباب فنية واضطرت للهبوط على الأرض الايرانية، واستعيد طاقمها بطائرة أخرى عادت بهم الى سطح حاملة الطائرات. وأصيبت طائرة ثانية بعطل فني آخر وهي في الجو، ولكن تمكنت هذه الطائرة من العودة ثانية الى سطح حاملة الطائرات نيميتز ... ومعنى ذلك أن 6 طائرات هليكوبتر بقيت لاستكمال العملية، وهو العدد الذي كان مقدرة من قبل للتنفيذ، وأضيفت طائرتان احتياطا، وهما الطائرتان المعطلتان.
وصلت الطائرات الست الى منطقة الصحراء رقم 1، مع ست طائرات س - 130 ولكن تعطلت طائرة ثالثة من طائرات الهليكوبتر. فيكون الباقي خمس طائرات وهو أقل من المطلوب لتنفيذ العملية.
طلب قائد العملية إلغاء التنفيذ ووافق کارتر بعد مشاوراته مع المختصين. .
أثناء إجراء عملية الانسحاب اصطدمت طائرة هليكوبتر بطائرة نقل
180 س - 130 واشتعلتا بالنيران.
ركب الجميع طائرات النقل س - 130 واتجهوا الى القاهرة، تاركين وراءهم أربع طائرات هليكوبتر سليمة، طائرتان هليكوبتر معطلة، هليكوبتر محروقة، وكانت طائرة قد عادت الى انيميتز». وعلاوة على ذلك تركت القوة وراءها طائرة س- 130 محروقة وكذلك ثماني جثث للجنود الذين احترقوا بعد تصادم الطائرتين
تم نقل الجرحى الى الاند ستوهل، بألمانيا للعلاج الأولي، ثم أعيد نقلهم الى المركز الطبي الدائم في اسان انطونيو، بولاية تكساس لإتمام
العلاج
أما لماذا أمر جيمي کارتر بالتنفيذ في ذلك الوقت؟ فالسبب في ذلك لا يرجع إلى أنه فقد صبره بعد محاولاته المتكررة لفك أسر الرهائن، وإنما برجع الى أسباب أخرى أهمها:
ا- ازدياد حملة النقد ضده، خاصة وهو يخوض حملته الانتخابية، وارتفاع أصوات الذين يتهمونه بالضعف وعدم قدرته على مواجهة الأمور.
2- خوفه على الرهائن لتوزع السلطة في طهران بين الإمام الخميني ومجلس الثورة والطلاب.
3. حدة المواجهة بين العراق وإيران، والتي كان يخشي کارتر أن تتطور الى حرب حقيقية بين البلدين.
4 - تحقيق نصر يوازي به النصر السوفياتي الذي تحقق في أفغانستان لإعادة شيء من التوازن للنفوذ الأميركي في المنطقة.
5 - قرب موعد موسم الصيف، حيث تشتد سرعة الرياح وترتفع درجة الحرارة وتقصر أوقات الظلام. وهذا عامل حيوي في إتمام العملية كلها تحت جنح الظلام.
181 أما لماذا فشلت العملية؟ فذلك يعود للأسباب التالية:
كان قائد العملية قد فقد أعصابه أمام الصعوبات الفجائية التي واكبت التنفيذ. فتكرار الأعطال التي حدثت في الطائرات، ثم مرور بعض الايرانيين فجأة في صحراء رقم 1، واضطراره للقبض عليهم، جعله يفقد اعصابه وينهي العملية
والدليل على ذلك ما تسبب من اضطراب في المنطقة مما أدى الى تصادم الطائرتين. كذلك فإنه غادر المنطقة دون أن يدمر الطائرات الأربع وتركها سالمة لتقع في أيدي الجيش الايراني. بل قيل أيضا أنه ترك وراءه بعض الخرائط ... وهذا لا يحدث إلا من قائد فقد أعصابه ...
كما كانت الخطة معقدة أيضا وعلى مراحل، بينها فواصل زمنية طويلة تسمح بكشفها في أي وقت. فمثلا لم يكن هناك ضرورة لطائرات النقل الضخمة مع الاكتفاء بازدواج عدد طائرات الهليكوبتر وبتخصيص النصف للعملية ونقل الأفراد، والنصف الآخر لنقل الوقود. أو كان يمكن تأمين الوقود اللازم من مكان الهبوط بواسطة أفراد موجودين في داخل طهران، وتصبح حاملة الطائرات «نيميتز» هي قاعدة العمليات، أو كان يمكن تنفيذ العملية من تركيا أو البحر المتوسط، فالمسافة من هناك تعتبر نصف المسافة بين حاملة الطائرات نيميتز وطهران.
يضاف إلى ذلك أن دولا عديدة في المنطقة تورطت في العملية مما سوف يكون له ردود فعل سلبية في المستقبل، وهو خطا دائما ما تقع فيه السياسة الأميركية. ولا شك أن تعدد القواعد في مصر وعمان ومن حاملة الطائرات «نيميتزه ثم «صحراء 1، درصحراء 2، جعل السيطرة على العمليات في غاية الصعوبة.
هذا بالإضافة الى سوء صيانة المعدات وعدم الدقة في إجراء التجارب. وربما يرجع ذلك إلى زيادة الثقة بالنفس، وهو أمر قاتل بالنسبة
182 لمن يقومون بمثل هذه العمليات، لأن الثقة الزائدة تقود الى التهلكة، والإقلال من شأن العدو يؤدي الى الفشل. ورغم أن الظواهر تؤکا فشل العملية من الناحية العسكرية، إلا أن رد الفعل السياسي سيكون حاسما بالطبع. إذ أن العملية نفسها بالرغم من أنها عملية عسكرية إلا أنها ذات هدف سياسي. في واقع الحال ممارسة للدبلوماسية ولكن بطريقة أخرى ... حتى بالأغراض نفسها والأهداف نفسها، ولكن ربما تكون لغة التخاطب قد اختلفت بعض الشيء، وترتب على فشلها النتائج التالية:
- أنها أقنعت الجانب الأميركي أن العمليات المحدودة، كما حدث في عملية مخلب النسرة، ربما لا تؤدي الى تحقيق النتائج المأمولة. وعلى ذلك فإنها إن اضطرت لاستخدام وسائل القوة مرة أخرى فإن هذا قد يكون على نطاق أوسع.
وأقنعت أميركا بأنه لولا التسهيلات التي منحتها لها بعض الدول كمصر وعمان وربما اسرائيل، فإن تنفيذ العملية كان سيصبح متعذرة. وإذا فإننا نتوقع عودة الولايات المتحدة إلى تطبيق سياسة الاحتواء التي كانت تمارسها في الخمسينات والستينات أيام كانت تحاول جاهدة الحصول على قواعد عسكرية هنا وهناك لتتخذها كنقاط وثوب عند الحاجة.
- إن هذا الاتجاه سوف يزيد من عدم الاستقرار الذي تعاني منه المنطقة .. وسوف تتزايد الحركات المناهضة لتقاوم عودة القواعد الى المنطقة مما لا يعد في صالح الولايات المتحدة وسياستها أو في صالح الحكام الذين يشجعون مثل هذه السياسات.
كما أن تفكك المعسكر الغربي ظهر واضحة بعد أن كان مستترة. فكل الدول الغربية لم توافق على الخطوة التي اتبعت وعدتها خطوة جامحة ستزيد الأمر تعقيدا، بل جعلت أوروبا ولاول مرة تعلن عن سياستها المستقلة سواء في الاتجاه نحو احياء سياسة الوفاق، مع الشرق، أو في تبني مبادرة مستقلة في معالجة ازمة الشرق الأوسط، بعد أن ابتعدت عنها لمدة طويلة،
|183 وبعد أن اقتنعت بأن مبادرة كامب ديفيد فقدت قوتها الدافعة.
من جانب آخر فإن العملية كان لها رد فعل ايجابي - من وجهة النظر الأميركية. على طهران. فقد كان رد الفعل يتسم بالاعتدال وعدم التطرف، بل بدات اتصالات سرية لمحاولة ايجاد مخرج للأزمة تنتهي بمحاكمات يقررها مجلس الشعب الإيراني المنتخب، وبعد أن تثبت الادانات المطلوبة يمكن أن بعد ذلك كافيا لحل الموضوع على طريقة الحلول الوسط .. لا نجاح كامل لطرف ولا فشل كامل لطرف آخر. فالحل يقع في نقطة وسط بين النجاح الكامل والفشل الكامل.
لا يمنع التفاوض لحل المشكلة من حدوث عمليات عسكرية في حالة الفشل على طريقة التفاوض والقتال. فهذه هي الطريقة المتبقية في الحوار السياسي. اختلاف لغة التخاطب حينما يصعب التفاهم بلغة معينة. كما لا يمنع ذلك من تفجير مواقف في مناطق أخرى نصطدم فيها المصالح على طريقة «الارتباط، أو الترابط كوسيلة من وسائل المساومة.
وهكذا فشل كارتر في عملية مخلب النسر، كما فشل قبله کينيدي في عملية «خليج الخنازير، وعملية النمسا، وفشل غيرهم من رؤساء أميركا في عمليات مماثلة ولا مجال لتعدادها، حيث تزيد عن عدد الرؤساء الذين تقلدوا المنصب الأول في الولايات المتحدة الأميركية. لقد عشش الفشل والهزائم في شرايين هذه الدولة وأدمنت على ذلك، وأصبحت كأنها لا تتنفس إلا الهزيمة تلو الهزيمة في عملية شهيق وزفير.
هذا ولقد اثبت الشاه محمد رضا بهلوي عبر تاريخه الطويل أنه من أكبر المخلصين للولايات المتحدة الأميركية، ومن أهم عملائها في منطقة الشرق الأوسط كلها، لذلك كان ابنها المدلل الذي حول بلاده إلى أكبر ترسانة عسكرية في المنطقة
وعندما عصفت في وجهه رياح الثورة الشعبية العاتية، لم يجز بمفرده
184 عن مواجهتها، بل عجز أيضا عن ذلك كل حماته، وعلى رأسهم عدوة الشعوب رقم 1. حتى وصل بها الأمر الى عدم تجرؤها على استقباله في أراضيها.|
والي القاموس الدولي أضيفت عبارة واحدة اهتز لها الغرب باجمعه من أقصاه الى أقصاه مفادها: «الويل لأعداء الشعب عندما يطفح الكيل ... وللصبر حدود
المراجع
1 - امين هويدي في السياسة والأمن، معهد الانماء العربي (برنامج
الدراسات الاستراتيجية). الطبعة الأولى، بيروت 1982، ص 119 -
131
2 - اندرو تولي حقيقة الجاسوسية الأميركية. ترجمة د. فؤاد أيوب. دار
دمشق, دون تاريخ. ص 118 - 131. 3- العقيد جون ويکس دکتاب جينز العسكري السنوي 1981 - 1982).
منشورات دار «جينز» البريطانية للنشر (متخصصة بالشؤون العسكرية والاسرائيلية) 1982. (نقلا عن نشرة برنامج الدراسات الاستراتيجية في معهد الانماء العربي. بيروت. المجلد الأول. العدد الثاني عشر. تاريخ 15 كانون الثاني / يناير 1982. ص 43.
189
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
30 مارس 2024
تعليقات (0)