المنشورات

جوناثان بولارد وفضائح التجسس الصهيوني في الولايات المتحدة

عندما أطلق المفكر كمال جنبلاط جملته الشهيرة بان والسياسة أخلاق ومباديء، ومتى خرجت عن هذا الإطار فقدت معناها وجوهرها، فإنه كان. بدرك تماما أن أرباب السياسة في مختلف العصور، لا يختلفون عن تجار السلع الخاضعة لمبدأ العرض والطلب والاستهلاك، بل أكثر من ذلك، فإنها تعتبر السلعة الأكثر رواجا في أسواق الدول الكبيرة والصغيرة على السواء. ولكن المؤكد أيضا أنه ليس في السياسة عاطفة دائمة، بل هناك مصلحة
دائمة.
هذا ما ينطبق بكل صدق على دولة الاحتلال الصهيوني التي قامت على الدم والمجازر والارهاب والجثث، والتي لا تقيم وزنا إلا لمصلحتها اولا وقبل كل شيء مهما كانت تحالفاتها قوية ومتينة وراسخة، حتى ولو كانت حليفتها بالتحديد: الولايات المتحدة الأميركية ... وما زالت قضية الجاسوس الاسرائيلي «جوناثان بولارد. محلل المعلومات في البحرية الأميركية - تتفاعل على أكثر من صعيد ومستوي.
فما هو الجديد في هذه القضية؟ وما هي أسرارها الأكثر خطورة؟.
منذ اللحظة التي تم فيها القبض على الجاسوس الاسرائيلي بولاردا في 21 تشرين الثاني / نوفمبر 1980 خارج السفارة الاسرائيلية في واشنطن برز سؤال رئيسي: مل تمت هذه العملية بتكليف من الحكومة الإسرائيلية أم أنها
210 كانت خيانة حدثت من وراء ظهرها؟ حكومة شيمون بيريز تقول أن قضية بولارد كانت مجرد انحراف، عن السياسة الاسرائيلية الثابتة بعدم التجسس على الولايات المتحدة، وأن هذه العملية تمت بدون علم أي مسؤول اسرائيلي. . ولكن التحقيقات تقول شيئا آخر أكدتها مجلة روز اليوسف، المصرية ذاتها. أن هذه القضية كان مخططا لها أن تستمر لمدة عشر سنوات وتكلف (300) الف دولار. فكيف يمكن لعملية تجسس - بهذا الحجم - أن تتم بدون علم القيادة الاسرائيلية؟.
التحقيقات الأولية تؤكد أن هذه العملية تمت بمعرفة أعلى السلطات الاسرائيلية.
كما كشفت هذه التحقيقات أن اسرائيل دفعت لبولارد أكثر من 45 ألف دولار، وأودعت له 30 الف دولار أخرى في أحد البنوك السويسرية، وتعهدت بأن تودع له نفس المبلغ كل عام لمدة عشر سنوات، هذا بالإضافة إلى منحه جواز سفر اسرائيلي بأسم مستعار.
وتؤكد التحقيقات أيضا أن هناك أشخاص آخرين اشتركوا مع بولارد في تصوير الوثائق والمستندات، وهذا يدل على أن العملية أكبر من كونها مجرد رحالة فردية، أو انحراف عن السياسة الراسخة تجاه الولايات المتحدة
أسئلة أخرى تلقي بظلالها على سير التحقيقات: اذا كانت اسرائيل تدعي عدم معرفتها بالعملية، فلماذا تعاون ضابط الأمن في السفارة الاسرائيلية في واشنطن مع بولارد وطلب منه اللجوء الى السفارة قبيل القبض عليه؟.
ولماذا قامت اسرائيل، بتمويل رحلتين لبولارد وزوجته الى فرنسا و اسرائيل، ودفعت له في كل رحلة عشرة آلاف دولار تغطية للنفقات؟ ولماذا دفعت له راسرائيل، ايضأ راتب شهري قدره الف وخمس مائة دولار ارتفع بعد
219 عدة شهور الى ألفين وخمس مائة دولار؟.
واحد من حلقات الاتصال بين بولارد و اسرائيل، هو «جوزيف باجور، الملحق العلمي السابق بالقنصلية الاسرائيلية في نيويورك، الذي طلب منه الحصول على وثائق معينة من جهات محددة تستفيد بها الأفرع المختلفة للجيش الصهيوني. . واعتذارا للولايات المتحدة عن هذه القضية اوعدت، حكومة شيمون بيريز بان اسرائيل، سوف تكشف كل الحقائق بغض النظر عما يسفر عنه ذلك، وأن المسؤولين لن يفلتوا من العقاب.
ومما أثار غضب الأمريكيين أن ضابط المخابرات الصهيوني روفائيل ايتان» - المخطط الأول لعملية التجسس - قد تم تعيينه رئيسا لمجلس إدارة إحدى الشركات الكيميائية في اسرائيل، وهنا سال مسؤول أميركي: مل تشجعون رجلا شريرة أم تكافئون قائد الفريق؟.
هذا وقد كشفت عملية بولارد النقاب عن عمليات تجسس اسرائيلية داخل الولايات المتحدة طوال السنوات السابقة. كما كشفت النقاب عن أن المخابرات الاسرائيلية كانت أنشط مخابرات داخل الولايات المتحدة بعد المخابرات السوفياتية. وأن المخابرات الاسرائيلية قد انحصر عملها بين الولايات المتحدة والدول العربية.
وقال مسؤول في وزارة العدل الأمريكية أنه طوال الثلاثين عاما التي قضاها في عمله ادين دبلوماسيون صهاينة بالتجسس، وطلب منهم مغادرة البلاد.
وكشفت احدى الوثائق السرية للمخابرات الأمريكية عام 1979 ان أولويات المخابرات الاسرائيلية الخارجية الثلاث هي بالترتيب:
1 - الدول العربية.
217 2 - جمع المعلومات حول السياسات أو القرارات الأمريكية السرية التي تتعلق باسرائيل،،
3 - جمع الوثائق العلمية من الولايات المتحدة ودول متقدمة أخرى.
ويؤكد مسؤولون آخرون في المخابرات الأمريكية أن هناك حالات تجسس اسرائيلية عديدة داخل الولايات المتحدة قام بها أمريكيون متعاطفون مع اسرائيل، ولم يكونوا مدفوعي الأجر مثل بولارد.
وإزاء هذه الحقائق الدامغة لا يكف يوسي غال، المتحدث الرسمي للسفارة الاسرائيلية عن التصريح - بشكل ممل - بان سياسة اسرائيل، واضحة في عدم القيام بعمليات تجسس داخل الولايات المتحدة .... وبين اوراق القضية يظهر اسم روفائيل إيتان، المسؤول الأول عن المخابرات الصهيونية باعتباره المخطط الأول لعملية التجسس.
وليست هذه أول مرة يبرز فيها اسم «إيتان، في قضايا التجسس.
ففي الستينات ورد اسمه في قضية تهريب اليورانيوم من ولاية بنسلفانيا الى اسرائيل، لاستخدامه في صنع القنبلة الذرية ... وتقول ملفات قضية اليورانيوم أن روفائيل ايتان، يعمل كيميائية في وزارة الدفاع الصهيونية من مواليد 23 نوفمبر 1929، وكان أحد أربعة صهاينة سافروا الى احد مصانع اليورانيوم في مدينة أبوللو بولاية بنسلفانيا الأميركية في شهر أيلول / سبتمبر 1998.
وقالت ملفات قضية بولارد أن اسم إيتان، الذي ورد فيها يحمل نفس تاريخ الميلاد وأنه اشترك في خطف النازي أدولف ايخمان، من أحد شوارع بينوس ايرس في الأرجنتين عام 1960. وفي عام 1998 عمل ضابطا في
الموساد»، ثم أخيرة مستشارا لاثنين من رؤساء الوزارة الصهيونية لشؤون الارهاب.
وقد كشفت التحقيقات في قضية اليورانيوم اختفاء 200 رطل من
218 اليورانيوم، وهي تكفي لصنع 6 قنابل ذرية ولم يتم التوصل الى الجاني، وتم حفط القضية كغيرها.
وأخر قضايا التجسس الصهيوني داخل الولايات المتحدة حدثت في شهر مايو 1985 عندما قام رجل أعمال أميركي بدعي ارينشارد سميث بشحن 810 أجهزة الكترونية تستخدم في صناعة الأسلحة النووية الى اسرائيل، وبعد أن تكشف أمره هرب الى خارج البلاد
ونشرت جريدة «نيويورك تايمز» أن قضية التجسس الاسرائيلية داخل الولايات المتحدة تؤكد أنه اذا اختلفت الدولتان الصديقتان ظهر والتجسس، ... وأضافت الجريدة أن هناك اتجاهة قوية داخل الولايات المتحدة يميل الى وحفظ القضية والعفو عن المتهمين باعتبارها حادثة فردية لا يجب أن يؤثر على العلاقات الأمريكية الصهيونية طوال الثلاثين عاما في المجالات العسكرية والتعاون الوثيق بين مخابرات البلدين، خاصة في مجال الإرهاب والنشاط السوفياتي في الشرق الأوسط. كما أن الاسرائيليين قدموا هدية ثمينة للولايات المتحدة عندما أعطتها الأسلحة السوفياتية التي حصلت عليها في حرب 1997، وكذلك بعد عملية الاجتياح الصهيوني للبنان عام
1982
وبصدد قضية «جوناثان بولارد لابد من الإشارة الى نص تقرير المدعي الام الأميركي حول هذه القضية، والذي يكشف الكثير من أسرارها.
فبتاريخ 19 سبتمبر 1979 تم تجنيد جوناثان بولارد، الذي يعمل في مکتب المخابرات بالبحرية الأميركية. ومنذ ذلك التاريخ وحتى يونيو 1984 كان بولارد يعمل أخصائية في أبحاث التخابر في البحرية الأمريكية حتى تم تعيينه ضابطا في مركز مكافحة الارهاب في البحرية الأمريكية ... وفي شهر اكتوبر من نفس السنة تم تعيينه أخصائية في أبحاث التخابر في البحرية الأمريكية حتى ألقي القبض عليه في 21 نوفمبر 1980. وقد عهد اليه أثناء عمله ببحث وتحليل معلومات المخابرات حول الارهاب
219 في دول الكاريبي والولايات المتحدة. وبهذا المنصب كان بولارد يحصل على اسرار هامة.: وفي ربيع عام 1984 تقابل بولارد مع ضابط صهيوني كبير في القوات الجوية يدعي انييم سيللا، ثم قام شخص ثالث بترتيب اجتماع بينهما. وكان الضابط الاسرائيلي آنذاك حديث التخرج من جامعة ولاية نيويورك. ثم اجتمعا مرة أخرى في واشنطن.
وفي هذا الاجتماع أنصح له بولارد عن رغبته في أن يكون عمية الاسرائيل، وانه على استعداد لأن يقدم لها معلومات ووثائق أمريكية هامة تفيد اسرائيل، في تدعيم قوتها الدفاعية. ثم طلب منه سيللا عينة من هذه المعلومات والوثائق. وبعد ذلك اتفقا على اشيفرة، تتكون من الحروف العبرية يستخدمها كل منهما في الاتصالات التليفونية، بالآخر.
وفي لقاء تم بينهما في واشنطن، أعطى بولارد اسيللا العينة المطلوبة من الوثائق الأمريكية، وقد وعده الأخير بنوسطه لدى الحكومة الصهيونية المنحه مقابلا مجزيا نظير الوثائق أو المعلومات التي سوف يقدمها فيما بعد. ثم درس كيفية تغطية هذه المبالغ الضخمة حتى لا يكتشف امره.
وفي لقاء ثالث بينهما في صيف 1984، عقد في مقر إقامة دبلوماسي صهيوني في ميريلاند، قدم بولارد عدة وثائق. وقد حضر هذا اللقاء عدة اشخاص قاموا بتصوير الوثائق. وفي أواخر صيف 1984 التقى بولارد مع سبيللا مرة أخرى في واشنطن حيث اخبره سيللا أنه قد صدر امر بعودته الى اسرائيل،، ولذلك فإنه سوف يواصل المهمة مع شخص آخر.
وبالفعل عاد سيللا الى اسرائيل، في أيلول/سبتمبر 1984. ثم طلب من بولارد السفر إلى باريس في خريف العام نفسه لمقابلة هذا الشخص الجديد وترتيب كيفية الحصول على الوثائق وقبض الثمن ... وقد طلب سيللا من الحكومة الاسرائيلية دفع نفقات هذه الرحلة ذهابا وإيابا والإقامة في فندق
تخم وطبقا لتعليمات وائييم سيللا، قام بولارد بالسفر الى باريس وبصحبته زوجته ران هندرسون، في شهر نوفمبر 1984. وطوال مدة اقامتهما في باريس التي استغرقت أسبوعا اجتمع بولارد لمدة يومين تقريبا مع سيللا وروفائيل ابتان وجوزيف باجور. وكان روفائيل ايتان هو ذلك الشخص الجديد الذي سوف يكمل معه بولارد مهمنه.
اما جوزيف ياجور فكان يعمل ملحقة علمية في السفارة الاسرائيلية في واشنطن، وهو المنصب الذي كان يشغله حتى اليوم التالي للقبض على بولارد.
وأثناء هذه الاجتماعات قدم كل من سيللا وإيتان وياجور الى بولارد کشفا بالمهام المطلوب منه القيام بها عبارة عن وثائق امريكية محددة.
وفي أحد هذه الاجتماعات ادعي اينان أن الحكومة الصهيونية تسعى للحصول على هذه الوثائق من أجل حماية أمنها، ثم وعد بولارد بإعطائه 1000 دولار شهريا بالإضافة الى عشرة آلاف دولار عند نهاية رحلته في فرنسا، ثم اشتري سيللا خاتما ثمينا من الماس واعطاه الى بولارد لكي يقدمه الى زوجته.
وبعد أن عاد بولارد وزوجته الى الولايات المتحدة تقابل مع باجور في ميريلاند، مقر إقامة الدبلوماسي الاسرائيلي. وفي هذا اللقاء الذي حضره شخص ثالث بدعي اعوزي، أحضر بولارد معه حقيبة مليئة بالوثائق وقدمها الى سيللا الذي طلب منه الآتي:
أ) أن تتم العملية الروتينية لتسليم الوثائق في شقة موظف بالسفارة الاسرائيلية في واشنطن. . (ب) أن ينبع بولارد إجراءات معينة في حالة حدوث أية تطورات غير متوقعة اثناء عملية التجسس.
(ج) أن يحصل بولارد على وثائق أخرى معينة.
221 ووفقا لهذه التعليمات التي تلقاها بولارد عن طريق ياجور فإن العمل الروتيني سوف يتم طبقا للآتي:
1- يقوم بولارد بنقل وثائق أمريكية خاصة بالدفاع الوطني في البحرية الأمريكية ثلاث مرات أسبوعيا، ثم يضع هذه الوثائق في سيارته ويتوجه بها الى مكان امين مثل محطة غسيل السيارات. وأثناء عملية غسيل السيارة يقوم بوضع الوثائق في حقيبة، وكل اسبوعين ينقل الحقيبة الى شقة إيريت إيرب الموظف السابق بالسفارة الاسرائيلية في واشنطن.
2- يقوم بولارد بنفس الطريقة بنقل الوثائق الى شقة «إيرب، في واشنطن مساء يوم الجمعة على أن تصور، ثم يعيدها بولارد الى مكانها. أما الوثائق التي يحصل عليها بولارد من جهات أخرى لا تقع تحت مسؤوليته فيمكن له أن يتركها عند إيرب، ثم يعود يوم الأحد التالي لأخذ الوثائق المسؤول عنها. . 3 - بالإضافة إلى هذا العمل الروتيني الأسبوعي يقوم بولارد في السبت الأخير من كل شهر بمقابلة ياجور في شقة أخرى في نفس العمارة التي يسكن فيها «إيرب، والتي كانت مركزا لتصوير الوثائق وذلك لمراجعة الوثائق التي أحضرها بولارد طوال الشهر، وأثناء ذلك يقوم أشخاص آخرون بتصوير الوثائق التي أحضرها بولارد معه في نفس اليوم ... وفي هذا الاجتماع الشهري يدفع ياجور مرتب بولارد ثمنا لأتعابه، وتم الاتفاق على أن يزيد هذا المرتب من 1000 الي 2500 دولار.
4 - اثناء المراجعة الشهرية التفصيلية للوثائق سوف يطلب ياجور من بولارد کشفا بالوثائق المطلوبة.
وقد استمر هذا العمل الروتيني من شهر كانون الثاني / يناير 1980 الى أن ألقي القبض على بولارد في شهر نوفمبر من نفس السنة. وأثناء عملية التجسس هذه قدم جوناثان بولارد الى سيللا وإيرب وياجور ملفات ضخمة تضم وثائق علمية وعسكرية هامة.
222 وفي يوليو 1980 طلب باجور من بولارد وزوجته السفر الى اسرائيل حيث اجتمع بولارد مع كل من روفائيل ايتان وجوزيف باجور وائييم سيللا واعوزي، (الشخص المجهول) حيث ناقشوا طلب الحكومة الاسرائيلية في الحصول على وثائق أكثر مقابل زيادة راتبه الشهري ثم حصل بولارد على عشرة آلاف دولار اخرى مقابل تغطية نفقات رحلته مع زوجته الى اسرائيل،.
وفي خريف عام 1985، أعطى ياجور الى بولارد جواز سفر أسرائيلي يحمل صورته ولكن باسم: «داني كوهين»، وهو الاسم الجديد له الذي يستخدمه عند سفره الى اسرائيل .. والى جانب جواز السفر تسلم بولارد رقم حسابه في أحد بنوك سويسرا باسم داني كوهين والذي تم فيه إيداع مبلغ 30 ألف دولار. وتم الاتفاق على أن يودع مبلغ مماثل كل عام لمدة تسع سنوات قادمة، بمعنى أنهم كانوا يعتقدون أن عملية التجسس سوف تستمر عشر سنوات. وقد بلغ مجموع المبالغ التي حصل عليها بولارد نقدأ 45 ألف دولار.
وفي يوم الجمعة 10 نوفمبر 1985 قدم بولارد حقيبة تحتوي على وثائق أخرى إلى إيرب، لتصويرها، ثم عاد يوم الأحد 11
/ 17 /لأخذ الوثائق وإعادتها إلى مكانها. ولكنه عندما طرق الباب أكثر من مرة لم يفتح له إيرب الأمر الذي أثار تاثرته. وفي اليوم التالي الاثنين 11/ 18 /کشف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي قضية بولارد وألقي عليه القبض وهو يحمل مجموعة من الوثائق الأمريكية أثناء ركوبه السيارة. وعلى الفور بدأ استجوابه عن نقل وثائق أمريكية. وأثناء عملية الاستجواب طلب بولارد مرتين الاتصال بزوجته، وقد سمح له المحققون بذلك. وأثناء هاتين المكالمتين استخدم بولارد كلمة اصبار، وهي الشيفرة المتفق عليها. -
وفي تلك الليلة، وبعد المكالمة التليفونية أخذت زوجته أن حقيبة تحوي وثائق امريكية من شقة بولارد ووضعتها في بير السلم في العمارة التي
223 بها الشقة، ثم طلبت من أحد الجيران توصيل الحقيبة الى أحد الفنادق. وبالفعل أخذ جارها الحقيبة، لكنه لم يقم بتوصيلها الى الفندق. وبعد عدة مکالمات تليفونية بين زوجة بولارد وجارها اتصلت زوجة بولارد با اسيللا.: وعندما فشل الجار في تسليم الحقيبة لزوجة بولارد تقابلت مع سيللا وأخبرته أن زوجها في ورطة، ثم طلب سيللا من زوجة بولارد أن يتصل زوجها ب دياجوره. وفي هذه المكالمة أخبره بولارد أنه وقع في ورطة فسأله ياجور: هل علمت السلطات بتورط وأسرائيل، في هذه العملية؟ وعندما أجابه بالنفي طلب منه الانتظار بعض الوقت.
وفي اليومين التاليين قام. مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي باستجواب بولارد. وفي هذا الاستجواب لم يكشف بولارد شيئا عن اشتراکه مع الاسرائيليين بل ادعى أنه اعطى وثائق أمريكية الى احد أصدقائه الأميركيين!!.
وأثناء هذه الفترة حاول بولارد وزوجته اللجوء الى السفارة الاسرائيلية.
وفي يوم الأربعاء 20 تشرين ثاني/نوفمبر اتصل بولارد بضابط الأمن في السفارة الاسرائيلية تليفونية وذكر أسماء الأشخاص الذين يتعامل معهم وطلب اللجوء الى السفارة هو وزوجته.
وفي صباح اليوم التالي اتصل بولارد مرة أخرى بضابط الأمن في السفارة الاسرائيلية الذي طلب من بولارد الحضور الى السفارة اذا استطاع الهروب من المراقبة.
وعندما توجه بولارد وزوجته الى السفارة الاسرائيلية لم يسمح لهما ضابط الأمن بالدخول وطلب منهما الانتظار خارج السفارة، حيث ألقى رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض عليهما.
ومن ناحية أخرى قام الجار بتسليم الحقيبة الى مكتب التحقيقات الفيدرالي، حيث تم فتحها وفحص محتوياتها بعد الحصول على إذن الجهات المعنية.
224 وبفحص الحقيبة وجد أنها تحوي وثائق أميركية تتعلق بالدفاع الوطني في البحرية الأميركية. وقد اتضح أن معظم هذه الوثائق قد تم تصويرها من قبل، بإرسال الصور الى «اسرائيل». كما عثر أيضا على خطاب موجه من بولارد الى ياجور يتعلق بأنظمة الصواريخ التي يتم تصميمها وتصنيعها في دول غير شيوعية، من بينها نظام يعرف باسم اصباره وجدير بالذكر أن «إيريت ايرب، قد غادر الولايات المتحدة يوم الأربعاء 20 نوفمبر وهو اليوم السابق للقبض على بولارد. أما جوزيف ياجور فقد غادر الولايات المتحدة يوم الجمعة 22 نوفمبر بعد اعتقال بولارد بيوم واحد، حسب تقرير المدعي العام الأمريكي جوزيف ديچينوٹا.
رغم كل ذلك، فسيلمس العالم أن قضية بولارد لم تكن الأولى من نوعها في أمريكا ولن تكون الأخيرة. وكما طويت القضايا السابقة المماثلة، فإن هذه القضية لن تكون افضل من سابقاتها. والملفات الجديدة على رفوف أميركية جديدة في انتظارها.
ولن يحاكم لص لصا آخر في هذا القرن، طالما أن الهدف واحد والعدو واحد، والشعوب الضعيفة في النهاية هي الضحية في شريعة أهل الغاب ... ولكل ظالم نهاية.
225
المراجع
1- ليديا مجريان الصهيونية في خدمة الرجعية، مجلة «المدار» (مجلة شهرية
تصدرها وكالة أنباء نوفوستي السوفياتية). العدد 10. سنة 1980.
2 - مجلة «بيروت المساء، العدد 179. تاريخ 12
/ 9/ 1980. ص 11 - 12. 3- أحمد بهاء الدين متي بدات اسرائيل التجسس على أميركا مجلة
المستقبل، الباريسية. العدد 461. السبت 21 ديسمبر 1980.
ص 8 - 9. 4 - باسم المعلم والتجسس الاسرائيلي على أميركا- جريمة دون عقاب،.
مجلة المستقبل، العدد السابق نفسه (461). ص 19. 5 - مجلة الأسبوع العربي، البيروتية. العدد 1390. الاثنين 9 كانون الأول/
ديسمبر 1985. ص 32. - عادل مالك رفضيحة التجسس الاسرائيلي اطاحت بماكفرلين». محلة
الحوادث، اللندنية. العدد 1020. الجمعة 30 ديسمبر 1985.
ص 39 - 40. 7 - راغدة درعام «فضيحة بلا ثمن مجلة الحوادث العدد 1018. الجمعة
1 كانون الأول/ديسمبر 1985، ص 10. 8 - دانيد بيشاي واشنطن تكشف احتيال اسرائيل،. مجلة الحوادث، العدد
1518. ص 45.
229 
9 - نشرة أخبار» (يصدرها المكتب الصحفي بالسفارة السوفياتية في بيروت) تاريخ 13 و 17 و 18 23? كانون الأول/ديسمبر 1980. 10 - مجلة الشراع، البيروتية. الغدد 197. الاثنين 23 كانون الأول/ديسمبر 1985. ص 10. 11 - مجلة رالكفاح العربي، العدد 389? 1099. الاثنين 2 - 8 کانون الأول/ديسمبر 1980. ص 9 - 9. والعدد 387 - 1070. ص 27.29. 12 - «السفير، بتاريخ 16 و 12/ 7 / 1980 نقلا عن وكالة يونايتدبرس والأسوشيتدبرس بتاريخ 12
/ 5/ 1980. 13 - «الأنباء» (الناطقة بلسان الحزب التقدمي الاشتراكي) بتاريخ الاثنين
1980/ 12/5
14 - اذاعة صوت الجبل، في نشرتها الاخبارية الثانية والثالثة بتاريخ
1980/ 12/0
10 - مجلة روز اليوسف، المصرية. الاثنين 30 حزيران/يونيو 1989. العدد 29
30. السنة الحادية والستون. ع 20 - 23.
227






مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید