المنشورات
المخابرات السوفياتية تتغلغل في نخاع فرنسا
احتلت فرنسا مكانة هامة عبر تاريخها الطويل حتى الحرب العالمية الثانية التي انتقلت فيها زعامة العالم الى الجبارين المتمثلين بكل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي .... إلا أن الامبراطورية الفرنسية كانت الحقل الجيد والواسع لكي يمارس فيه الاتحاد السوفياتي جاسوسيته المتفوقة والمتطورة، وخصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، حتى أصبحت تحتل المرتبة الأولى في اهتمام المخابرات السوفياتية على اساس مناهضتها المبكرة للنظام الروسي الجديد بعد ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917، وكذلك تمتعها بمكانة دولية كبيرة في فترة ما بين الحربين، الأمر الذي دفع موسكو الى تركيز نشاط أجهزة مخابراتها فيها معتمدة في ذلك بصفة أساسية على الحزب الشيوعي الفرنسي الذي يتمتع بنفوذ واسع في الداخل، وعلى العملاء الآخرين الذين استغلت الوسائل المعروفة في تجنيدهم. ورغم تحول الاهتمام الأساسي للاجهزة السوفياتية من فرنسا الى المانيا بعد تولي الحزب النازي للحكم عام 1933، فقد استمرت الأجهزة السوفياتية في اهتمامها بالساحة الفرنسية والإبقاء على نشاط عملائها فيها. وهنا لابد من الإشارة الى الدور الذي لعبه رئيس هذه الشبكة الجاسوسية التي عرفت بالأوركسترا الحمراء، وهواليوبولدتريباره الذي يعتبر دماغ هذه الشبكة ومحركها دون انکار الدور الهام لبقية أعضائها الآخرين.
فما هو سر هذه الشبكة؟ ومن هم قادتها؟. كان اليوبولد تريباره يهوديا من بولندا، ويمتد تاريخ انضمامه للمخابرات السوفياتية إلى ما قبل نشوب الحرب العالمية الثانية بوقت طويل، وقد استطاع بفضل ذكائه وحسن تصرفه وقدرته على مواجهة الظروف الطارئة. وفضلا عن ولائه للشيوعية فقد كسب ثقة المسؤولين في الحكومة والحزب والمخابرات السوفياتية الى الحد الذي دفعهم إلى تعيينه مديرة مقيمة لكافة الشبكات الاستخبارية السوفياتية في دول غرب أوروبا.
وتعتبر سياسة الحكم النازي المعادية لليهود علنا احد الدوافع التي حرکت جهود تريبار للعمل ضد المانيا حيث وقفت على قدم المساواة مع الدوافع الأخرى إن لم تكن تفوقها بعد أن ضاعف نشاطه للحصول على المعلومات التي تكفل في النهاية هزيمة المانيا والقضاء على النظام النازي فيها، كما سعى أيضا إلى تجنيد كثير من اليهود من جنسيات مختلفة وضمهم للشبكة للعمل على تحقيق نفس الهدف. وقد تميزت بعض أعمال تريبار بالجرأة والابتكار. ومن أبرز الأمثلة على ذلك قيامه باستغلال صلاته بقنصل المجر في بلجيكا وكانت العلاقات بين المانيا والمجر طيبة) في اصطحابه خلال قيامه بتفقد أحوال رعايا بلاده في فرنسا بعد اقناعه بان متابعة فروع شركة الملابس الواقية من المطر هناك يقتضي ذلك، وقد تم بالفل تنظيم رحلة مشتركة الى المناطق التي تدور فيها المعارك بين القوات الالمانية والفرنسية. وخلال هذه الرحلة قام تريبار بتعطيل السيارة المدنية التي كان يستقلها مع مرافقيه وانتقل إلى سيارة المانية قامت بالانتقال عبر الخطوط الألمانية ومراكز الحشود الخاصة بها. وقد تمكن تريبار خلال هذه الجولة من كتابة تقرير مطول عن استراتيجية هتلر في الحرب الخاطفة وعن طرق تعزيز القادة الألمان لقواتهم وكيفية إدارتهم للمعركة والدور الذي كانت تقوم به نوات العاصفة للقضاء على الدفاع المضاد للمدرعات المعادية
اتخذ المدير المقيم للشبكة «تريباره من فرنسا مقرا رئيسيا لها نظرة الأهميتها وموقعها الجغرافي في وسط دول غرب أوروبا (التي تعتبر المجال الأساسي لتحرك الشبكة). وقد اعتمد في تنظيمها على كثير من العملاء الذين كانوا مجندين بالفعل لصالح الاتحاد السوفياتي وينتمون إلى الشبكات المختلفة التي كانت تمارس نشاطها في ذلك الوقت، فضلا عن العملاء الذين قام بتجنيدهم بالتعاون مع الأعضاء الرئيسيين للشبكة.
أما فيما يتعلق بالسواتر التي اتخذها أعضاء فرع الشبكة في فرنسا التغطية حقيقة نشاطهم والعمل من خلالها على تحقيق الأهداف المحددة، فقد انحصرت بصفة أساسية في النشاط التجاري والعمل الصحفي. وكان الساتر الأخير يستخدم بكثرة في فترة ما قبل الحربين العالميتين نظرا لما يتيحه من مرونة وتغطية مناسبة لمن يمارسه. وقد قامت المخابرات السوفياتية بالفعل بإيفاد عدد كبير من العملاء الى فرنسا ليعملوا كمراسلين صحفيين، كما قامت أيضا بتجنيد عدد من الروس البيض الذين هاجروا اليها للعمل في نفس الميدان مستغلة استمرار ارتباطهم بالوطن الأم وعطف بعضهم على النظام الشيوعي الجديد (خاصة بالنسبة للجيل الثاني من المهاجرين).
استمر بعض العملاء في استخدام السواتر المختلفة بما فيها العمل الصحفي بعد أن تولي تريبار الإشراف على نشاطهم. إلا أنه لجأ إلى التوسع في استخدام النشاط التجاري كساتر رئيسي نظرا لما يتيحه من إشراك أكبر عدد ممكن من العملاء فيه فضلا عن كفالة حرية الحركة والانتقال إلى المدن والدول المختلفة لمباشرة الإشراف على فروع الشبكة (الشركات) فيها وتنفيذ أهدافها الكثيرة، وقام تريبار لذلك بالتعاون مع زملائه بتأسيس شركة سيمکس، للإستيراد والتصدير والتي اتخذت مقرا لها في شارع الشانزلزيه، كما قام بفتح عدة فروع لها في مرسيليا وعدة مدن أخرى.
قامت هذه الشركة بالتعامل مع السلطات الالمانية في فرنسا بتنفيذ بعض الأعمال الخاصة بالقوات الألمانية. كما تمكن تريبار وبعض العملاء الآخرين من الحصول عن طريقها على تصريحات رسمية لدخول المناطق الالمانية المحرمة والتي تشمل تحصينات ومباني سرية، الأمر الذي أتاح لفرع الشبكة في فرنسا الحصول على معلومات هامة عن تحركات ومواقع القوات الالمانية في الأراضي الفرنسية وخططها التكتيكية والاستراتيجية فضلا عن بعض الانجازات الأخرى. وكان من بين مجموعات العملاء السوفيات التي انتظمت تحت إشراف تريبار بعد توليه لمنصبه الجديد، مجموعة «هنري روبنسون، الذي كان، مؤسسة الجمعيات الشباب الشيوعي في فرنسا ورئيسا للقسم السري في الكومنترن، وكذلك فاسيلي وآنا ماکسيموفيتش، وهما شقيقان أرستقراطيان من الروس البيض اللذان ماجرا الى فرنسا مع والدهما حيث اعتنقا الشيوعية وعملا لصالح المخابرات السوفياتية. وقد قامت هذه المجموعة بوضع عملائها من السياسيين وموظفي الحكومة والعمال الفرنسيين والألمان في خدمة تريبار الذي تمكن مع هذه المجموعة وباقي أعضاء الشبكة من إمداد موسكو بمعلومات هامة عن المانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وذلك على النحو التالي:
- اشتغال ناسپلي باکسيموفيتش كمترجم لأحد القادة الالمان المتواجدين في فرنسا وقيامه بنقل كل ما يراه أو يسمعه أو يصوره الي تريبار.
عقد فاسيلي ماکسيموفيتش خطوبته على احدى الالمانيات العاملات بمقر القيادة العليا الألمانية في باريس وحصوله منها على جميع الوثائق السرية الخاصة بالقوات الفرنسية والألمانية في فرنسا وسياسة الحكومة الفرنسية في الداخل والخارج واتجاهات الرأي العام الفرنسي.
- افتتاح آنا ماکسيموفيتش التي كانت تعمل كطبيبة للأمراض النفسية الإحدى العيادات في المنطقة التي تقع بين الأراضي الفرنسية المحتلة وغير
المحتلة، وقد اتخذت هذه العيادة مقرا لاجتماع العملاء وتزويد من ليس لديه بطاقات تموينية بالمواد الغذائية، وقد تمكنت الشبكة بهذه الوسيلة من الحصول على معلومات هامة عن القوات الألمانية في فرنسا وغيرها، وكان من بين مصادرها بعض الضباط الألمان الذين كانوا يترددون على هذه العيادة وإحدى الطبيبات التي تعمل فيها وكان أخوها يشغل منصب مدير شؤون اليهود في فرنسا،.تعيين احدى الالمانيات وهي ركاث فولكيز، (التي كانت تعمل بالرقص وقامت بزيارة موسكو بعد إفلاسها حيث جندت في المخابرات السوفياتية وتم تدريبها وإرسالها إلى فرنسا) في منصب سكرتيرة لأحد المسؤولين الألمان واستطاعت عن هذا الطريق تزويد الشبكة بمعلومات هامة عن القطاع الذي كانت تعمل فيه وعن اتصالات ومحادثات رؤسائها وزملائها.
- تغلغل الشبكة في بعض الأوساط الالمانية والفرنسية الهامة وتمكينها من تعيين وتجنيد بعض الموظفين والفنيين في تلك الأوساظ ومن بينهم:: 1. عميلان في السنترال الألماني بباريس وفد أمدا الشبكة بكثير من نصوص المحادثات التي أجريت بين برلين وباريس. . 2 - أحد المهندسين العسكريين الألمان وكان معادية للنظام النازي وقد أمد تريبار بمعلومات هامة عن الهجوم الألماني على الأراضي السوفياتية
3 - اثنان من المترجمين كانا يعملان في هيئة موظفي القيادة الالمانية في باريس وقد قاما بتحقيق مكاسب كبيرة للشبكة خاصة فيما يتعلق بالأنباء المتصلة بتسليح القوات الالمانية وتحركاتها ومواقعها.
أما فيما يتعلق بالوسائل التي كان يتم عن طريقها نقل المعلومات الى موسكو فقد انحصرت في عدة طرق رئيسية أهمها:
- استخدام أجهزة اللاسلكي الخاصة بالشبكة في فرنسا أو بلجيكا كوسيلة أساسية.
- إرسال المعلومات عن طريق أجهزة الحزب الشيوعي الفرنسي أو السفارة السوفياتية في باريس ولم يكن يتم ذلك إلا في حالات الضرورة القصوى (كما هو الحال في استخدام تريبار جهاز اللاسلكي الخاص بالملحق العسكري السوفياتي في باريس في إرسال المعلومات العاجلة المتعلقة بتاريخ غزو القوات الالمانية).
حاملي الرسائل Courriers وكان هناك أحد الأفراد المختصين بنقل هذه المعلومات داخل وخارج فرنسا. إلا أن هذه الطريقة كانت تستخدم قليلا نظرا لعدم وجود تأمين کاني لها.
إلا أن الأهمية الكبرى التي تعادل في نيمتها تلك التي تميزت بها شبكة تريبار، فإنها تتمثل بما أحرزه أيضا واحد من أهم الجواسيس الروس المقيمين في فرنسا، والمسجل في ملفات الجاسوسية الروسية تحت اسم
,غامبان».
فلما سارت فرنسا في طريق الأبحاث الحديثة وأصبحت تساهم مساهمة مهمة في حقل الطيران النفاث والصواريخ الموجهة والابحاث الذرية، قررت المخابرات العسكرية في موسكو أن توسع دائرة جاسوسيتها في فرنسا، وكان ,غامبان، الذي جاء الى باريس عام 1956 قادمة من مراكش، من أبرز الذين خدموا السوفيات في هذا المجال. لم يكن غامبان، من مواليد فرنسا، بل کان روسيا، ولد عام 1923 في نيبليسيه عاصمة جمهورية جورجيا السوفياتية، من أب أوكراني وام من جورجيا. وكان اسمه الحقيقي افلاديمير اغناتوفتش بودارنکو»، ويعود مظهره الفرنسي الى كون والدته من جورجيا. وهذا أحد الأسباب التي دعت قسم التجنيد في القيادة العامة للمخابرات في موسكو الى اختياره للعمل في فرنسا.
دخل بردارنکو معهد ستيبنايا للجاسوسية الخاص بالدول اللاتينية عام 1946. ومنذ ذلك الحين أصبح يعرف باسم (غامبان، وكان رقم تسجيله ف? 461707/ 10042 .... وعندما أصبح غامبان مهيئة للعمل في فرنسا عام 1956، أرسل الى مارسيليا على ظهر باخرة شحن سوفياتية ونزل في فندق صغير هناك. بعد أسبوع، ذهب غامبان الى تولوز، حيث ادعى أنه ولد فيها عام 1922.
كانت أوراق الهوية التي حملها غامبان هي لعامل سلاني وجد قتيلا في معمل قصفته القنابل قرب بريسلو خلال الزحف الروسي الى المانيا. وقد أخذ المرشد السياسي هذه الأدوات وأرسلها الى موسكو حيث أجرت القيادة العامة للمخابرات سلسلة من التحريات لمعرفة ما اذا كانت أوراق هوية الرجل الميت صالحة للاستعمال في المستقبل، وقد توصلت الى نتائج ايجابية بهذا الصدد.
كانت الأوامر مع غامبان تقول أن عليه أن يذهب الى مراكش الفرنسية، ويعود الى فرنسا فيما بعد. وكان كل شيء معدا لهذه الرحلة حيث زودته المخابرات الروسية برسائل حقيقية من الرجل الذي سيعمل غامبان عنده في مراکش. لم تطل إقامة غامبان في مراكش، فعاد بعد عشرين يوما الى فرنسا. وفي أيلول 1909 بدأ في تنظيم حلقة للجاسوسية في باريس. بحث عن محترف ملائم لانه قرر أن يعمل متخفيا كفنان ومصور. وقرر كذلك أن يستأجر شقة في منطقة راقية من باريس وبنشيء فيها وكرا للدعارة السرية. وقد جهز غامبان الشقة بأجهزة للصوت متصلة بمسجلات مخفية، ودرب، المومسات على كيفية تشغيل الآلات السرية اللاقطة للصوت، ووعدهن بأجور مرتفعة للتسجيلات مهما كانت قيمتها. وقال لهن أن هذه التسجيلات سوف تباع الى مؤسسات صناعية كبيرة بهمها معرفة الأسرار الصناعية عن المؤسسات المنافسة لها. وقد نظم غامبان جهازأ من القوادين مهمنهم استجلاب التقنيين والصناعيين والمهندسين الى وكر الدعارة.
وفي تشرين الثاني / نوفمبر 1956، أرسل غامبان تقريرة الى موسكو يقول فيه أنه قد وجد محترفة ملائما ليجعله مقرا عاما لعملياته، وبعد مدة وجيزة كتب الى رؤسائه يقول: ( ... ليس من الضروري في معظم الحالات أن استعمل الوسائل والعنيفة لاستجلاب المساعدين هنا. إن عددا كبيرا من المهندسين والكتبة السريين في مؤسسات الأبحاث، والعلماء والتقنيين والمدراء والضباط وجنود الجيش والبحرية والطيران في فرنسا يکنون عطفة كبيرا في قلوبهم على الاتحاد السوفياتي. وقد وافق العديد منهم على العمل الصالحنا. إنه من الأسهل التعاون مع الرجال أكثر مما هو مع النساء ...
هذا وتشير السجلات الاستعلامية في موسكو أن غامبان هو انکي العملاء وأكثرهم نشاطا وأنه زود المخابرات الروسية بالمعلومات أكثر من أي جاسوس آخر في فرنسا في ذلك الحين،.
وفي الوقت الذي أرسل فيه غامبان الى فرنسا، كانت التعليمات التي بحملها تطلب منه التركيز على التجسس الصناعي، لكنه نشط في الحفل العسكري عندما عثر على مخبرين في القوات المسلحة الفرنسية ... والمؤسسات الأخرى التابعة لها والمتخصصة باختراع وإنتاج الأسلحة العسكرية السرية.
وكان أسلوب غامبان لضرب المواعيد مع عملائه بسيطة للغاية. فقد كان يضع إعلانا في الزاوية الشخصية في جريدة باريسية، حيث يقول الإعلان مثلا: ارسام شاب بحاجة إلى موديل»، ويلي ذلك عنوان محترف غامبان. عند قراءة هذا النص، يعرف عميل معين أن عليه مقابلة الجاسوس الماهر في الساعة الواحدة من اليوم التالي في كاتدرائية نوتردام. واذا كان الإعلان يقول: «مصور شاب بحاجة الى موديل»، فهذا يعني أن الموعد هو في الساعة الثالثة والربع بعد الظهر في نوتردام، لأن كلمة «مصوره كانت الكلمة المتفق عليها لتحديد الوقت. أما اذا ظهر إعلان غامبان في زاوية
الأغراض المعروضة للبيع، يكون عميل آخر هو المعني بالأمر فيعلم بذلك المكان والزمان الذي عليه أن يقابل رئيسه فيه
كل عميل يعلم في أية زاوية وفي أية جريدة عليه أن يفتش ليعرف ما اذا كان مطلوبا أم لا. وكان غامبان يؤكد في تقاريره العديدة الى القيادة العامة في موسكو أن أسلوب الاتصال بواسطة الإعلان في الجرائد يثبت باستمرار أنه أفضل أساليب الاتصال.
ولكن رغم حذر غامبان، اضطر الى أن يوقف نشاطه کجاسوس روسي في فرنسا عندما تورط صدفة في حادث سرقة كان بريئا منه. ولم تكن موسكو مستعدة أن تجازف به، فأرسلت تستدعيه الى وطنه.
ومن المؤكد أن غامبان لم يكن وحيدا هناك، ولم يكن أول الجواسيس السوفيات ولن يكون آخرهم، بل إن الساحة الفرنسية خصبة جدا لأن تعج بأمثال هذا الجاسوس الماهر الفذ الذي أثبت جدارته وكفاءته المخابراتية على أكثر من صعيد متجاوزة تعليمات قادته في موسكو الى ما هو أهم وأكثر فائدة.
ومع كل تسرب خبر الى المخابرات السوفياتية، كانت فرنسا تشعر بأن تيارة كهربائية يسري في أعصابها وشرايينها وحتى في نخاعها الشوكي، انتصاب عندها بغيبوبة، سرعان ما تستفيق منها على هدهدات الأشباح والعمالقة، لتجد نفسها أمام مخابرات الكرملين، التي تحصي عليها الأنفاس وتمنعها من ممارسة عملية التنفس الطبيعي، حتى في عقر دارها، مجيرة كل هذه العمليات التجسسية لمصلحة الشعوب الطامحة للحرية والاستقلال. والشعوب المناضلة هي المنتصرة في النهاية رغم كل جبروت القرى الاستعمارية وادعاءاتها التفوقية.
المراجع
أ. د. حمدي مصطفى حرب الجاسوسية دار الوثبة. دمشق. ص 30 ?
2 - ج. برنارد هاتون «مدرسة الجواسيس، ترجمة غسان درويش. بيروت
1993. ص 183 - 187. 3 - کبار جواسيس الحرب العالمية الثانية، بإشراف البير دي مازيير بالتعاون
مع جان مارسياك ولويس غاروس. جنيف 1978. ص 11 - 107.
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
1 أبريل 2024
تعليقات (0)