المنشورات

رومل ثعلب الصحراء وأسرار محاولة اختطافه في شمال أفريقيا

النصر والهزيمة كلمتان صغيرتان في قاموس الحروب، وهما في الوقت نفسه رمزا الموت والحياة في قاموس الشعوب والدول. ووقائع الحرب العالمية الثانية ليست عنا ببعيدة .... وكثيرا ما لعب قائد عسكري دورا حاسمة في مثل هذه المعارك المصيرية، كما هو حال الجنرال «رومل، الملقب
بثعلب الصحراء، والذي دفع بقادة الحلفاء الى بذل قصارى جهودهم للتخلص منه، وأصبح على لائحتهم المطلوبة حية أو ميتا. وحاول البريطانيون ذلك فعلا.
فكيف كان ذلك؟ وما هي أسرار هذه الخطة؟.
في الأيام الأولى من شهر كانون الثاني / يناير 1941، وفي خلال عشرة أسابيع تقريبا، كان قائد الجيش البريطاني في مسرح شمال أفريقية الصحراوي، الجنرال وأوكو نوره، قد حقق نصرة ساحقة على الإيطاليين، وضع به حدة للتهديدات التي توعد بها موسوليني، باحتلال مصر، وذلك بعد أن سحق تشكيلات الجيش العاشر الايطالي، وأسر 130 ألف جندي بينهم 6
جنرالات، واستولى على 400 دبابة و 290 مدفعة، وذلك في مقابل خسائر من جيشه لم تتعد 417 قتيلا وہ122 جريحا و 43 مفقودا. والأهم من هذا كله أنه تقدم 500 ميل غربأ واستولى على قلعتين رئيسيتين بنغازي وطبرق، في حين ضاعت الى الأبد آمال موسوليني، في دخول القاهرة دخول الغزاة الفاتحين ممتطيا جواده الأبيض المطم! |
سارع رادولف هتلر، الى نجدة حليفه موسوليني، بعد الكارثة التي حلت بجيش المارشال رغرازيانيه - الذي طالما تغنى به دكتاتور ايطاليا وتوعد به الحلفاء - فارسل الى هذا المسرح الصحراوي واحدة من أعظم قادة معارك الصحراء ونعني به الجنرال رومل»، الذي حقق انتصارات سريعة وباهرة حتى باتت مدينة طبرق على شفا السقوط. وكان هذا الميناء يمثل أهمية عسكرية بالنسبة للجانبين المتصارعين: فهو شوكة في خاصرة رومل تهدد مؤخرة جيشه وطرق مواصلاته، مثلما هو ميناء جيد يعتمد عليه بالنسبة للإمدادات القادمة اليه من ايطاليا ومن المانيا على السواء. أما بالنسبة البريطانيا فقد توقفت سمعة الامبراطورية رهينها العسكرية وقتئذ على الاحتفاظ بطبرق باي ثمن. وهكذا أصدر الجنرال اريفل» - القائد العام للقوات البريطانية في الشرق الأوسط. تعليماته المشددة الى الجنرال «هور سهيد». قائد الحامية الاسترالية بطبرق - بالدفاع مع جنوده عن الميناء باي ثمن والقتال هناك حتى الموت. أدرك الحلفاء أن لا سبيل إلى وقف المد الالماني إلا بالتخلص من العقل المفكر لفيلق البانزر، الذي أصبح مجرد اسمه بين صفوف الجيش البريطاني مبعثا للذعر والارتباك.
وهكذا بدات القيادة البريطانية تعد للهجوم المنتظر، وقد تسلطت عليها فكرة إبعاد «رومل، عن قيادة فيلق البانزر الالماني المدرع: يجب شل عقل الجيش الألماني في شمال أفريقية إما بقتل هذا العقل أو اسرها كان الفيلد مارشال ركلود أوتشنليك، نائب القائد العام للقوات البريطانية في الشرق الأوسط، قد أصدر منذ قليل أمر قتال بومي الى جميع الضباط العظام والقادة في القيادة العامة للشرق الأوسط، قال فيه بالحرف: ان هناك خطرا حقيقيا في أن يصبح اسم (رومل) بعبعأ ترتعب منه قواتنا، كما أصبح اسمه موضوع مناقشات طويلة لا تنتهي. إن «رومل، مهما كان قديرة أو كفؤا فإنه ليس انسانا خارقة للطبيعة، وحتى لو كان كذلك، فإنه من غير المرغوب فيه أن تصفه قواتنا بهذه الصفات. لذلك أرجو أن تبذلوا قصارى جهدكم لمحو هذه الفكرة عن «رومل»، لأنه لا يزيد في الواقع عن أن يكون قائدة المانية عادية. لذا يجب ملاحظة عدم ذكر اسمه عندما نشير الى العدو في الصحراء الغربية:
ص فتقول «الالمان» أو «المحور» أو «العدو، ولا نقول رومل،، وأنني أطلب
ب: منكم التاكد من تنفيذ هذا الأمر ومن صدور التعليمات اللازمة الى القادة الأصاغر بذلك، علما بأن لهذا الأمر أهمية نفسية (سيكولوجية) عظمي،.
كان لدى راوتشنليك، مجموعة الصحراء البعيدة المدى، التي كانت القيادة البريطانية قد شكلتها للعمل في الصحراء الغربية، وتتكون من الفدائيين المتطوعين، وكانت هذه المجموعة تقوم بأغارات جريئة بعيدة المدى خلف خطوط الالمان. فلو أمكن استخدام قوة من هذه المجموعة للقيام بقتل أو خطف هذا الثعلب الماكر، فلا شك أن مثل هذا العمل سوف يؤثر بدرجة كبيرة على نتيجة المعركة الوشيكة، وهكذا أصبحت المشكلة تنحصر من الآن وصاعدا في اكتشاف عادات ورومل، وخط سيره وأماكن إقامته ومراكز قياداته التي كان يقوم بتغييرها بصفة مستمرة.
كانت القيادة الالمانية لجيش البانزر في شتاء 1941 أثناء الاستعداد اللهجوم الالماني تقع خلف الخطوط الالمانية في منطقة سيرين، الأثرية بالصحراء الليبية، وفي بوم 17 نوفمبر 1941، كانت أعاصير الشتاء والرياح العاصفة على أشدها لبضعة أيام مضت في منطقة ابيداليتوريا،، ولم يكن اشلوسترا - رئيس الإمداد والتموين لفيلق البانزر - في مركز القيادة آنذاك، كذلك مساعده القدير كابتن أونوه، حيث كان الاثنان في مستشفى أبولونيا»: كان الأول مصابة بالدوسنتاريا، والثاني بعالج من حالة التهاب رئوي حاد، أما «رومل، فكان قد غير مقر قيادته الشخصية في أخر شهر اغسطس الى اعين الغزالة، التي تبعد 40 ميلا غربي طبرق) ثم نقله للمرة الثانية الى
جمبوت، (بين طبرق والبردية) وترك مقر قيادته في ابيداليتوريا، لرئاسة الإمداد والتموين، وبذلك لم تكتشف المخابرات البريطانية المقر الجديد للرجل العجوز، ونتيجة لتلك العوامل والمتغيرات، فقد كان الكابتن اريتره في تلك الليلة هو قائد مقر القيادة الالمانية في ابيداليتوريا، في شهر نوفمبر 1941، كما كان بسکول، هو نائبه في المقر، بينما جلس بقية أفراد مركز القيادة من ضباط ومراسلات راكبين، وسائقو الدبابات في المبنى المظلم، يستمعون الى صوت الأمطار المنهمرة بغزارة.
وقبيل منتصف تلك الليلة الظلماء. 17 نوفمبر 1941 - انصرف كل أفراد القيادة الى غرفهم في الطابق الأرضي أو الأول، حيث راح الجميع في نوم عميق، ولم تكن هناك حراسة مشددة لمقر القيادة وما جدواها في مكان بعيد كل هذا البعد عن خطوط القتال؟
كان أحد رجال الشرطة العسكرية يقوم بأعمال المراقبة في الممر السفلى مسلحا ب اسونکي، فقط، بينما كان الجندي «ماتي بوكسهامر، يقوم بأعمال الحراسة الليلية في خيمة الحراسة، حيث كانت التعليمات التي لديه تسمح له بأن يرقد على فراشه بعد منتصف الليل.
وفي الوقت الذي كانت فيه بيداليتوريا، تبدو هاجعة وهادئة، كان عدد من الأشباح السوداء قد دهنوا وجوههم باللون الأسود وارتدوا ملابس الميدان البريطانية، يتربصون بين شجيرات وأعشاب المرتفعات القريبة: وكان بإمكانهم من هذا الموقع القريب، أن يروا أضواء ابيداليتوريا، تطفا نبيل منتصف الليل بقليل.
كان هؤلاء الأشباح المختفون في غابة السرو الصغيرة، قادمين من رحلة طويلة بعد أن أنزلتهم الغواصتان البريطانيتان توربي، وتلزمان، ليلة 10 نوفمبر في خليج صغير مهجور على ساحل ابرقة. كانت التعليمات التي سلمت لتلك القوة الصغيرة تقضي بقتل أو اسر ارومل، وذلك قبيل شن الهجوم البريطاني الكبير باثنتي عشرة ساعة فقط!.
بعلق السير ونستون تشرشل، على تلك العملية الانتحارية في مذكراته فيقول: « ... ولكي نشل العقل المفكر للعدو، ومرکز اعصابه في أحرج اللحظات نقلنا بالغواصات 50 مقاتلا من الفدائيين الاسكتلنديين، تحت قيادة الكولونيل ليكوك الى نقطة على الساحل الليبي تبعد 100 ميل خلف خطوط العدو. وتمكن 30 منهم من الوصول الى الشاطيء رغم الأمواج العاتية، حيث كونوا جماعتين احداهما لقطع المواصلات السلكية والتلغرافية، والثانية بقيادة کيز، لمهاجمة مفر درومل، والقضاء عليه.
كان كل شيء قد تم تخطيطه بدقة تامة، في مكتب أميرال الاسطول السير اروجر کيزه - والد قائد قوة الإغارة - الذي كان يقود عمليات الفدائيين وجماعات الإغارة البريطانية، اذ تم اختيار 03 فردة من بين مائة ضابط وجندي مارسوا التدريب الشاق في لندن لأسابيع طويلة، اختارهم الماجور اکيزه من أصلبهم عودة، وكان قائده الثاني الكابتن «کامبل، يتحدث اللغتين الالمانية والعربية بطلاقة تامة.
في مساء 15 تشرين الثاني / نوفمبر 1941، وصلت قوة الماجور اکيزه الى شاطئ برقة أثناء عاصفة هوجاء، كانت الأمواج خلالها تزمجر فوق الغواصة توربي، التي أخذت تتأرجح فوق المياه كعلبة من الكبريت، لتنقلب بهم قوارب المطاط مرات عديدة، وفي كل مرة كانت تجري عمليات الإنقاذ. وأخيرة أمر الماجور «کيز، رجاله بالتمسك بحبال القوارب مع النضل للوصول الى الشاطيء؛ وبعد كفاح مربر نجح ركيز، ومجموعته - 22 - رجلا في الوصول الى الشاطي
أما بالنسبة للغواصة الثانية تلزمان، فقد ساءت الأمور: غرق رجلان في حين عاد الى الغواصة عدد كبير من الفدائيين أعضاء مجموعة الكولونيل اليكم بسبب ارتفاع الأمواج، وبذلك لم يصل الى الشاطيء سري سبعة رجال فحسب، لتنخفض قوة الفدائيين بذلك الى النصف، مما أدي بالميجر وکيز، الى أن يقرر اقتصار عمل القوة على محاولة خطف درومل، أو التخلص منه، وإهمال الشق الثاني من المهمة بقي الكولونيل البكوك، وسه 3 رجال في الخلف عند نقطة الانزال على الساحل لستر عملية عودة الفدائيين بعد انتهاء المهمة، بينما اتجه باقي القوة (3 ضباط + 20 جندية) إلى الصحراء سيرا على الأندام وهم يرتعشون نتيجة الابتلال ملابسهم وبرد الصحراء الشديد في تلك الليلة.
على مسيرة 15 دقيقة، كان هناك راعرابي، في انتظارهم: كان مذا الاعرابي هو الليفتانت کولونيل، جون هزلدين، - الضابط في نوة مجموعة الصحراء البعيدة المدى - وكان منذ فترة طويلة يعيش متخفيا في زبه البدوي في صحراء برقة؛ على أية حال، شرح لهم هزلدين، الموقف والطريق الى مقر قيادة «رومل،، ثم أعطى الميجر اکيزه ثلاثة من المرشدين العرب، وهكذا سارت المجموعة نحو هدفها المنشود.
في ليلة 17 تشرين الثاني / نوفمبر 1991 وقف الميجر اکيزه ورجاله فوق التلال بالقرب من ابيداليتوريا، ليحددوا موقعهم واتجاههم: في الأمام مباشرة كانت الأكواخ الخشبية وبعدها بمسافة قليلة غاية السرو، وفي الوسط تقع المباني الحجرية الضخمة. هدفهم المنشود. حيث يعمل ويقيم ارومل،، طبقا لمعلومات إدارة المخابرات البريطانية، وهي المعلومات التي أعدتها كذلك معلومات رهزلدين).
كان رکيز، ورجاله على ثقة تامة من هذه المعلومات، ولكن الجميع كانوا ضحايا لخطأ جسيم، وليس من العسير اكتشاف سبب هذا الخطا الجسيم الذي وقعت فيه المخابرات البريطانية
ففي أواخر يوليو 1941 تقلد الجنرال «رومل، تبادة فيلق البانژر الأفريقي - الذي كان حديث الانشاء آنذاك. وكانت القيادة تعسر في منطقة ابيداليتوريا: ارومل، ورئيس أركانه الميجر جنرال «جوس، والجنرال دوستفال، وأركان حرب العمليات في مبنى البلدية السابق، وعدة مبان أخرى مجاورة، وضعت عليها لافتات صغيرة التمييز وظائف شاغليها. وكانت هذه اللافتات معروفة بالنسبة لإدارة المخابرات البريطانية حيث يعتقد أن العملاء الانكليز كانوا قد نجحوا في التقاط بعض الصور الفوتوغرافية لها.
كانت وزارة الحرب البريطانية تعلق آمالا كبيرة على التخلص من رومل، قبيل بدء المعركة الفاصلة. لهذا ترك الميجر اکيزه. قائد قوة الإغارة - رسالة مؤثرة لوالده أميرال الاسطول ختمها نائلا: «إذا نجحت الإغارة وتخلصنا من خصمنا، تكون بريطانيا قد تقدمت للأمام، وهو أمر يستحق الكثير حتى لو فقدت حياتي في سبيله.
انهمرت الأمطار بغزارة ... وكأنما كان البرق والرعد هما الموسيقى المصاحبة لهذه المغامرة المثيرة. وفي منتصف الليل تماما كان الميجر اکيزه يشرح لرجاله اللمسات الأخيرة للهجوم الانتحاري ... كان عليه هو ورکامبل والرقيب تيري، وستة أفراد آخرون، الزحف الى مدخل مبنى البلدية، بينما يقوم ثلاثة أفراد آخرون بالدوران حول المبنى للوصول إلى الباب الخلفي. أما الحارس الالماني الذي كان يقف في منتصف فتحة الباب الأمامي، فقد كان على الرقيب تيري، أن بقتله بخنجره. ولكن الجندي تحرك نجاة فأخطا الخنجر طريقه اليه، وسرعان ما اشتبك الرجلان في صراع عنيف بالممر.
صاح الحارس الالماني: النجدة، ولكن صياحه ضاع وسط الرياح والرعد والمطر المنهمر، وساهم في ذلك أصوات تدمير محطة توليد الكهرباء التي كانت تبعد نحو 300 خطوة عن المبنى.
لم يتمكن المغيرون. خلال الاشتباك الذي دار في الممر الضيق - من استخدام رشاشاتهم السريعة الطلقات. حاولوا خنق الحارس واسكاته، ولكن الجندي الألماني كان قوي البنية ودافع عن نفسه ببسالة، ولكنه سقط في النهاية مضرجا بدمه أمام الباب الأول.
نادى ركامبل» - الذي يتحدث الالمانية - الحارس الألماني، الذي ما إن خرج حتى بادره الميجر اکيزه بوابل من الرصاص أرداه قتيلا ... قفز اكيزه، ورکاميل، وتيري، فوق جثة القتيل، وأداروا مقبض باب الحجرة الأولى وفتحوه ليواجههم ضوء بعمي الأبصار. أخذ الضباط الألمان الذين كانوا يجلسون حول المائدة يحملقون في دهشة نحو هؤلاء المتطفلين، ودون أي كلمة، وقبل أن يفيقوا من هول المفاجأة حصد الميجر اکيز، رقاب أقدر الرجال في الفيلق الالماني برشاشة. ثم اتجهت قوة الإغارة نحو الغرفة التالية، وفتحوا بابها عنوة، ولكن الظلام ساد المبنى فجأة، وقابلتهم نيران مرکزة من مسدسات الضباط الألمان. أصيب الميجر اکيزه برصاصات خمس أنهت حياته، وقفز «تيري، للأمام، وأطلق عدة دفعات من رشاشه في الحجرة وخارجها.
أدرك «كامبل، أنذاك أن ركيزة قد أصيب في مقتل، وأنه كذلك ند اصيب في ساقه لذا سلم قيادة المجموعة إلى الملازم رکوك الذي وقع على عاتقه، اعتبارا من هذه اللحظة، مهمة قيادة المجموعة والعودة بها إلى الشاطئ.
وطبقا لسجلات المخابرات من كلا الجانبين: الالماني والبريطاني، والأبحاث التي أجريت بعد انتهاء الحرب، فالمعتقد أن أربعة من هيئة الأركان الالمانية قد لقوا مصرعهم، وأصيب عدد أكبر من ذلك. أما هدف العملية كلها: «رومل، فقد غادر ابيداليتوريا، الساعة الثامنة والنصف من مساء ذات اليوم 18 تشرين الثاني / نوفمبر لحضور حفل زواج أحد الشيوخ، ليعود ثانية بعد منتصف الليل باربعين دقيقة، ومن ذلك يتبين أنه كان في مقر القيادة الذي هوجم بعد انتهاء الإغارة بأربعين دقيقة فقط أنقذت حياته.
وبذلك انتهت المغامرة الكبرى بالفشل الذريع نتيجة لظروف غير متوقعة، ومقاومة أبداها عدة رجال من جنود وضباط فيلق البانزر الألماني. ولا يمكننا التفكير الآن فيما كان سيحدث لو كان المغيرون الانكليز قد تمكنوا من دخول مقر القيادة في صمت وسكون، ودمروا رئاسة الإمدادات والتموين تدميرا كاملا، قبل بداية الهجوم البريطاني الكبير بنحو خمس ساعات فقط: عندئذ كان وضع الإمداد والتموين للفيلق الالماني سيصبح في موقف لا يحسد عليه على الإطلاق، لكنها احدى سخريات القدر.
لم يجرؤ الجنود الانكليز المنسحبون - بعد أن فقدوا قائدهم ونائبه ولم يقتلوا رومل - على العودة مباشرة إلى الغواصة التي كانت تنتظرهم، وذلك خوفا من تعقبهم بواسطة القوات الالمانية الخاصة، التي قد ترسل للبحث عنهم، لذلك قاموا بالاختباء لدى الأعراب بمنطقة مجاورة
خرجت قوة المانية - ايطالية مشتركة للبحث عنهم فجر اليوم التالي، وقامت بتفتيش دقيق لكافة المناطق عدة أيام، لم تتمكن من التوصل الى مكان تلك القوة التي اختفت كأنما انشقت عنها الأرض وابتلعتها!.
بعد عدة أيام قبض على أول جندي بريطاني في نفس الكوخ الذي كانت القوة الالمانية - الايطالية قد فتشته من قبل، وكان يرتدي ملابس الأعراب. وما لبث بقية الفدائيين الإنجليز أن وقعوا في أسر الألمان. ولم ينجح من الإفلات منهم سوى الرقيب الدامية انيري، الذي تمكن من تدبير هروبه مع رجلين، حيث وجد طريقه إلى الخطوط البريطانية
الم يعامل الأسرى الانجليز معاملة العملاء، حيث كان يعني ذلك إعدامهم رميا بالرصاص ولكن «رومل، - بعد أن حصل على تصديق خاص من هتلر شخصية. قام بمعاملتهم كاسري حرب. أما قائد الإغارة الميجر اكيز، فقد دفن في مقبرة «بيداليتوريا، مع الأربعة الألمان القتلى، الذين تم دفنهم في جنازة عسكرية.
ان عملا من هذا النوع. في الواقع - يستحق الاعجاب والتقدير. وبالرغم من الخسارة الكبرى التي مني بها المحور، بعد هزيمته في الحرب العالمية الثانية، فتبقى للجنرال درومل - ثعلب الصحراء - أهميته الكبرى في الحرب والسلم. وشخصية من هذا الطراز جديرة بالتقدير والثناء والقدوة.

المراجع
ا. العميد الركن محمد فيصل عبد المنعم ارومل ... مطلوب حيا او مينا.
مجلة والحرس الوطني، (السعودية، السنة السادسة. العدد 30، محرم
1406 ه/ اكتوبر - تشرين أول 1980، ص 73 - 77. 2 - رمضان لاوند «الحرب العالمية الثانية، عرض مصورة. دار العلم
للملايين، بيروت. الطبعة التاسعة. 1982، ص 138 - 144.








مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید