المنشورات
الجاسوسية وصراع الأبالسة
كلما مل عصر جديد على البشرية، يستفيق الانسان على تطورات لم تعرفها الانسانية من قبل، وعلى فنون في المكر والخداع متقدمة جدا عما سبقها. ويبقى الانسان أولا وأخيرا سيد الموقف. كما تبقى الحرب العالمية الثانية مسرحا غنية لمختلف الأساليب التي جسدت بشكل كبير عظمة الانسان وعبقريته، وخصوصا في مجال الاستخبارات والتجسس. وفي الوقت الذي تأكد فيه جليا أن «لا تجسس بغير ماله، فقد لعبت بعض الشركات المالية. في أميركا، والتي كانت توجه من قبل النازي أدولف هتلر، دورا هاما في هذا المضمار، بعد أن شكلت وكرا معلوماتية، لا بأس به.
فما هي بعض هذه الشركات؟ وما هي أسرارها؟.
ففي شروق اليوم السابع عشر من شهر يونيو 1941، وصل اولبورکيجان، الى مكتبه في نيويورك، فصبحته رسالتان أطارتا صوابه .. واولبورکيجان، هو القائد النابغ اللرابطة الالمانية الأميركية، وصحيفتها الأمريكي الحرة التي تعمل على نشر الدعاية النازية ..
أما الرسالة الأولى، فخطاب من مصرفه ينبئه أن الأموال المودعة لديه الحساب والامريكي الحر، قد جمدت تنفيذا لقرار صادر من وزارة المالية. وأما الرسالة الثانية فصورة من أمر لرئيس الحكومة يحظر فيه على جريدة الأمريكي الحره أن تقوم بأي تصرف مالي إلا بعد أن ترفع الى وزارة المالية بيانة وافية عن أعمالها كافة.
وأمسك رکيجان، تلفونه بلهفة، فإذا أنباء سيئة أخرى تطرا. فقد صدرت أوامر مماثلة تجمد كل موارد النازي المالية، وأن ما دمي الرابطة ذاتها قد دهي «اتحاد المهن الالماني الأمريكي، ووالجمعية الأمريكية للإعانة الألمانية، وعشرات غيرها من الهيئات الصغيرة الملحقة بها ..
وأخذ رئيس الرابطة يزمجر: انهم لا يستطيعون أن يفعلوا هذا بنا، أننا مواطنون أمريكيون، وها نحن نضطهد على يد جستابو امريكيه.
ولكن وزارة المالية نعنت عملها بأنه «مراقبة الاعتمادات الأجنبية، وقد أنشئت هذه الادارة قبل الهجوم على ابيرل هاربوره، وتبين فيما بعد أن انشاءها كان من الحكم القرارات التي اتخذت في هذه الحرب على الصعيد الأمريكي. وفي الحرب العالمية الأولى، كانت جهود وكلاء الألمان في الولايات المتحدة ظاهرة الأثر في أعمال التخريب، وأهمها الانفجار الذي حدث في مدينة جرسي، ويعرف باسم انفجار «بلاك توم». أما في هذه الحرب العالمية الثانية فتكاد تنعدم حوادث التخريب وقلما نجحت أعال التجسس، وسبب ذلك أن إدارة مراقبة الاعتمادات الخارجية سلبت وكلاء العدو نقودهم، وقبضت على مموليهم، وأوصدت الأبواب في وجه المال الوارد من الخارج، ولا تجسس بغير مال. وقد بلغ من احكام تدابر وزارة المالية أن اضطر المخربون، الذين نزلوا من غواصة بجزيرة الونغ ايلاند،، أن يجلبوا معهم نقودهم، وقد بلغت 177 الف دولار ورقة من فئة 50 دولارأ ..
والى سنة 1940، كانت حملة وزارة المالية على وكلاء العدو قد أخذت تسير سيرها، فلما اجتاح هتلر غرب أوروبا تلفت المصارف ومكاتب السماسرة الأمريكية عدة برقيات من الممالك المحتلة، بالتصرف في الأوراق المالية والنقود المودعة باميركا حيث ارتابت: الحكومة في أن تكون هذه البرقيات قد صدرت تحت ضغط وتهديد، فحظرت انفاذ هذه التصرفات ما لم ترخص بها، وجعلتها لا تصدر ترخيصا إلا بعد أن تقف على جلية الأمر .. فلما كانت سنة 1941 بلغ النشاط النازي في إحداث الفتن حدة مروعة، ولم يكن بد من مقاومته بسلاح أشد صرامة. فأصدر رئيس الحكومة أمرا في 14 يونيو يحرم على كل أوروبي في الولايات المتحدة، فردا كان أو مؤسسة، أن يعقد أية صفقة مالية بغير ترخيص سابق من وزارة المالية. ولأسباب قرية شمل الحظر أيضا كافة الأفراد والشركات اليابانية، وسوي بهم الصينيين رغبة في حمايتهم. وطبق الحظر أيضا على كل الهيئات التجارية الأمريكية، اذا كانت مدينة لاي فرد في هذه الممالك أو اذا كان من الممكن أن تخضع لأية صورة من صور الإشراف أو التدخل الأجنبي. فوجب على جميع هؤلاء أن يراجعوا وزارة المالية قبل التصرف في أموالهم، وإلا كانوا عرضة للحبس أو لغرامة ندرها 10 آلاف دولار. وتضمن أمر الرئيس مادة تقضي بسريان أحكامه أيضا على كل مواطن أمريكي يتهم بأنه من وكلاء العدو الالماني، إلى أن تثبت براءته. وهذه المادة هي التي طبقت على رولبوركيجان، وعلى الأمريكي الحره الصحيفة النازية ..
وهكذا أصبح لزاما على أهل الريبة، الذين لا يستطيعون سحب مبلغ من حسابهم في المصارف، أن يلجأوا الى وزارة المالية حتى من أجل أن يأكلوا. وكان حتمأ عليهم أن يفضوا بحقيقة أمورهم دون أن يعلموا مقدار ما تعلمه السلطات الأمريكية عنهم، فإذا كذبوا وقعوا لساعتهم في الفخ ..
وقد كانت وزارة المالية تعلم أمورا كثيرة، على ما يبدو، وتحت سلطاتها مصادرها الخاصة تستقي منها معلوماتها: «مکتب الاستخبارات السرية، وخفر السواحل، رامصلحة الضرائب، رد الجمارك، ورد المصارف الحكومية، وما يتبعها من 150 الف مصرف تجاري. وزد على ذلك أنها تلقي العون من قلم الاستخبارات الحربية وإدارة الرقابة البريطانية، ومن كل سفارات أمريكا وقنصلياتها ..
ولم تغب شمس 14 يونيو حتى بدا ينهال على إدارة مراقبة الاعتمادات الأجنبية، في واشنطن، سيل من طلبات الترخيص، وبيانات وإقرارات عن الملكية ..
ثم حرم انتقال ملكية الأموال الأجنبية، وبلغ مقدار ما شمله التحريم 7 ملايين دولار. وشملت وزارة المالية برعاينها من لم تشك في براءتهم ومنحتهم حوالي 400 ألف ترخيص مؤقت .. .
وكان أكبر صيد وقع في شركها هو والشركة العامة للانولين والأفلام وهي شركة كيميائية أمريكية لها مصابغ في نيوجرسي ونيويورك، وتبلغ أموالها 16 مليون دولار ويدخل في ملكيتها عدة شركات أمريكية ملحقة بها، وأهمها شركة راجفا انسکو، بنيويورك. وقد قرر مديرو الشركة أنها أمريكية الجنس، ولا تخضع لاية رقابة أجنبية. ومع ذلك فقد كانت هذه الشركة مدرجة على قائمة أهل الريبة بعد 11 يونيو 1940، حين طلب مصرف في نيويورك ترخيصا لكي يسلم بمقتضاه الى مشتر جديد في سويسرا، قسما كبيرا من أسهم الشركة التي كان يحتفظ بها المصرف لحساب شركة هولندية.
وذكر المصرف في طلبه أن البيع قد تم في شهر أيلول السابق. ولما كانت هولندا قد سقطت بعد ذلك، وجهت وزارة المالية الأسئلة التالية الى الشركة: ما سبب هذا التأخير العجيب في نقل ملكية الأسهم؟ ومن هم أصحاب الشركة الهولندية؟ ومن هو المشتري السويسري؟ ..
الم يشق على الشركة أن تجيب على أسئلة سهلة كهذه: «فالمكاتبات السابقة الخاصة بنقل الملكية قد فقدت في البريد، وهي لا تعلم شيئا عن الشركة الهولندية وان قوانين المصارف السويسرية تحول دون حصولها على بيانات المشتري السويسري. ومع ذلك ثبت من التحقيق الذي قام به المصرف، أن الطلب الذي جاءه لم يحمله اليه البريد، بل سلمه اليه شخص يسمي الدكتور ادريسبرج، وهو محام بنيويورك يقول أنه تلقى الطلب من مصرف سويسري. وثبت أن الدكتور ادريسبرج، هو ابن الكيميائية الأول لأكبر مؤسسة كيميائية في المانيا، ألا وهي شركة فارين، كما تبين أن رئيس شركة الأنيلين - مع أنه امريكي الجنس - هو أخ الأستاذ الأكبر «هرمان شمتز، رئيس شركة فارين».
واتضح من موالاة التحقيق أن شركة الانيلين استمرت تدفع أرباح تلك الأسهم الى الشركة الهولندية برغم انتقال الأسهم بالبيع المزعوم. ثم دلت التقارير الواردة من روال ستريت، الحي المالي في نيويورك، على أنه حين أدمجت الشركات المتفرقة بعضها في بعض، ووحدت في شركة واحدة باسم
الشركة العامة للانيلين والأفلام، قامت شركة فارين، بشراء أسهمها الموجودة في الخارج على يد مصرف سويسري ..
ويلوح أن قرار وزارة المالية بوقف انتقال الملكية للأسهم أثار ثائرة مديري شركة الأنيلين اثارة لم تعهد من قبل. والظاهر أنهم كانوا يرون فض المسألة كلها بدون تأخير أمر حيوية، فإن مديري الشركة والمحامين أسرعوا الى واشنطن، وطلب المشتري من وزير سويسرا المفوض أن يتدخل في الأمر، ففعل. ويبدو أن حكومته أبلغته أن المشتري السويسري خاضع لسلطات سويسرا ولكن وزارة المالية ظلت مع ذلك تماطلهم.
وفي ليلة 11 ديسمبر 1941، أي بعد الهجوم على بيرل ماربوره بأربعة أيام، استقلت نخبة من رجال وزارة المالية الطائرة الليلية من واشنطن إلى نيويورك وخرج تلك الليلة مئات من موظفي مراقبة الاعتمادات الخارجية في مهمات مشابهة في طول البلاد وعرضها. وكانت المهمة الموكولة إلى ركاب هذه الطائرة أن يضعوا يدهم على الشركة العامة للأنيلين والأفلام، لأنها في أكبر الظن هي العدو الأول ..
وادي التحقيق الذي دام عدة أشهر إلى الوقوف على معلومات مثيرة للدهشة. فقد وردت من سويسرا تقارير سرية تفيد أن مديري الشركة السويسرية التي اشترت الأسهم كانوا ستارة بخفي النازيين، وأن مديري شركة الأنيلين كانوا على علم بذلك، وأنهم هم أنفسهم من عملاء الألمان.
ووردت من لندن شهادة من الانجليز، وأيدتها لجنة الهند الهولندية، بأن «شركة فارين، أصبحت منذ سنة 1939 اداة في يد التازي، وأنها أسست في الخفاء دولة كيميائية يمتد سلطانها في أرجاء العالم كله، وذلك بشرائها في بلاد أخرى كثيرة الأسهم في شركات تبدو عليها في الظاهر سمة الاستقلال، وأن هذه الشركات التوابع كانت نهيا باستمرار للتجسس ...
وفحص رجال وزارة المالية عقود استخدام موظفي شركة الأنيلين في مركز إدارتها بنيويورك، فوجدوا أنهم كانوا جميعا يطلبون السفر الى المانيا القضاء اجازاتهم. وأن مئات من المواطنين الألمان يعملون في مصانع الشركة، وأن عددا من صغار المستخدمين وظفوا بتوصية من هيئات نازية في نيويورك وبرلين، وأن رئيس العمال في مصنع الشركة بنيوجرسي عينته الرابطة زعيمة للمنطقة الشرقية كلها، لولم تخل الشركات التوابع كلها من المان مختصين في الكيمياء والصناعة استقدمتهم الشركة بعد أن قررت للحكومة وأقسمت أنهم لازمون لها كل اللزوم. ومما زاد في الهلع أن أثبتت السجلات أن أعمال الشركة، تضمنت قيامها بخدمات سرية في أحواض البواخر الحربية والمطارات، وأنها أدرجت بين الأعمال التي تتولاها استخراج صور من الأفلام والرسوم الهندسية المخططة على الورق الأزرق. وهذه المستندات تحتوي على قدر كاف من المعلومات السرية يريد به العدو فجيعة أخرى كفجيعة بيرل هاربور .. .
وفي الأسبوع نفسه تمكن رجال وزارة المالية من اصطياد شركة شمنيكو»، وأوقعوها في حبائلهم، وتبين من سجلاتها وجود لجنة في شركة فارين، لجمع المعلومات السياسية والاقتصادية، وهي على صلة بالحكومة النازية، ولها مرکز رئيسي في برلين. كما أثبتت الملفات أن هذا المركز الرئيسي كان يتلقى منذ سنين طويلة بيانات كاملة عن الولايات المتحدة. مصانعها، ومخترعاتها وانتاجها وخاماتها. وكانت ترسل لألمانيا تقارير أسبوعية لا تستند إلى المعلومات المستقاة من تحريات الأفراد فحسب، بل تستند أيضا إلى تلخيص واف للمجلات العلمية الفنية، ونشرات الأنباء، وبلغت نفقات هذه التقارير 340 ألف دولار. هذا بالإضافة إلى ما وجد في هذه الشركة من خرائط طبوغرافية عن سواحل أمريكا وموانئها، وخرائط عن جزر الهند الغربية ومداخل قناة بناما. وتبين أن شركة شمنيکو، جائزة في وسائل انتاجها الكيميائي على حق استعمال ثلاثة آلاف امتياز مسجل باسم شركة نارين،. وكان من بين الذين نالوا حق الانتفاع بهذه الوسائل المسجلة مئات من أهم المصانع الأمريكية. وبفضل هذه العلاقات القائمة تمكنت دشمنيکو، من أن تحصل لكثيرين من رؤساء نازيين وكيميائيين وموظفين على اجازة بدخول أهم المصانع الأمريكية، من مصانع الألمنيوم والمطاط إلى مصانع بناء الطائرات. وحتى يوم كان السلاح الجوي الالماني مسيطرة على بولندا، اتبعت الحيلة نفسها في إدخال كلود دورنيه، وهو ابن أبرع مهندسي الطيران في المانيا، الى مصانع طائرات شركة ساحل الباسفيك ..
وكان من بين ما حصلت عليه شبكة رجال وزارة المالية الأميركية، مذكرات محام سابق الشركة شمنيکو،، فإذا بها تدون بأمانة كل ما جرى من مناقشات في المانيا. وترى كيف أن حكومتها هي التي اقترحت أن تؤسس في امير کا شركة كالشركة العامة للأنيلين تسيطر عليها شركة نارين، بأن تشتري بواسطة مصرف سويسري ما قيمته 10 ملايين دولار من أسهمها. وأن الدكتور اشمتز، مدير شركة الأنيلين،، الى يوم أن بدأ تحقيق وزارة المالية كان من قبل مديرة الشركة شمنيكوا ..
وظلت شركة فارين سنين طويلة وهي تحتفظ بملكية أسهم شركة الأنيلين وراء ستار من بيوتات مالية غامضة في هولندا وسويسرا. وفي سنة 1940 اراد ممثلو شركة فارين المسيطرون على شركة الأنيلين، أن يخلصوا اسهمهم الموجودة في هولندا من قرار تجميد أموال البلاد المحتلة. فزوروا عقدة بتاريخ سابق يتضمن بيع تلك الأسهم من ستارهم الهولندي الى ستارهم السويسري، وبذلك يمكن الاحتجاج بأن هذه الأسهم هي ملك أناس ينتمون إلى دولة محايدة، ثم يعاد بيع تلك الأسهم الى موظفي النازي المخلصين المقيمين في أمريكا، وحينئذ تصبح الأموال الامريكية سلاحا مسلولا في يد شركة نارين. وتتراءى شركة الأنيلين كأنها شركة لا نزاع في جنسيتها الأمريكية. وفي الوقت نفسه تتمثل فيها دولة موطدة الدعائم ديدنها التجسس والتخريب.
وسرعان ما انهتك الستر، اذ نطق بالحق موظف سابق في شركة الأنيلين من الأمناء على اسرارها، واعترف بأن الشركة كانت هي وتوابعها في حيازة شركة فارين، وأن صفقة بيع الأسهم كانت أهون عناصر المؤامرة. وأن شركة الأنيلين لم تقتصر في تجسسها على ارسال التقارير الأسبوعية الى المانيا منذ عام 1939، بل لم تزل ترسل اليها بصورة خفية ..
كانت هذه التقارير تشمل أفلاما مأخوذة للعتاد الحربي السري في أميركا، ورسومة هندسية، وأفلاما مصغرة، ومعلومات عن بناء أحدث المستودعات الحربية الأمريكية وانتاجها. وكانت شركة راجفا انسكو»، وهي من الشركات التوابع، تبيع الهواة أفلام التصوير السينمائي على شريطة أن تقوم هي بتحميضها. ولما كان من بين عملائها رجال في الجيش والاسطول، وكانت تتسلم الأفلام لتحميضها قبل أن تعرض على الرقابة، لم يبق هناك مانع يمنعها من إرسال صور هذه الأفلام الى برلين. اضافة لذلك، فقد وجد تقرير کامل عن أحدث البوارج الحربية مصورة على فيلم عرضه 30 ملم، معدة للإرسال فورا. تلك هي الجاسوسية الراقية ولا شك ..
ذلك هو الصراع بين الجبابرة، كما هو بين الأبالسة. ولم يهدا هذا الصراع طالما أن الأرض بسكنها مخلوق عجيب هو: الانسان. ولا مجال للعجب والدهشة من أي فن جديد قد يأتي في المستقبل، حتى ولو كان معجزة العصرا ...
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
1 أبريل 2024
تعليقات (0)