المنشورات

الدبلوماسية اليهودية والارهاب الصهيوني في العالم

اختلف الباحثون حول طبيعة والدبلوماسية؛ منهم من قال أنها علم، وبعضهم قال أنها فن، وآخرون قالوا أنها تقنية، وقليلون أجمعوا على أنها كل هذه الصفات دفعة واحدة، ونحن منهم. ولذلك كانت الدبلوماسية علما وفنا وتقنية، ولا تزال.
إلا أن دبلوماسية، اليهود، تختلف عن كل دبلوماسيات العالم، باعتبارها دبلوماسية من نوع آخر، ومن طبيعة أخرى، وفي سبيل هدف - ربما. يتيم، في نهاية النصف الثاني من القرن العشرين. ومي في القاموس الصهيوني تنحصر بكلمة واحدة هي والارهاب؛ ويكفي أن الانجيل المقدس وصف اليهود باللصوص. ا
واذا كانت البشرية، على امتداد تاريخها الطويل، قد شهدت أنواعا من الارهاب متعددة، لكن الارهاب الصهيوني يبقى متميزة في هذا الإطار، ومتطورة في الوقت نفسه تبعا لطبيعة العصر. ويذهب بعض المفكرين الى القول أن كلمة ارهاب بمعني  Tenorisme  لم تتبلور، في مضمونها الحديث، إلا في القرن الثامن عشر. ففي ضوء تطور الثورة الفرنسية وتدابير قادتها المتعاقبين، ظهرت ابتداء من العام 1794 كلمة  Terrorisme،  المشتقة من كلمة رهبة  Terreur  المشتقة بدورها من أصل لاتيني هو  Tersere  و  Terrere  ومعناهما جعله يرتعد ويرتجف. وكان قد جاء تعريف الى  Terreur  في قاموس الأكاديمية الفرنسية العام 1994 بما يلي: رعب، خوف شديد، اضطراب عنيف تحدثه في النفس صورة شر حاضر أو خطر قريب.
وبنوع من التفصيل الدقيق لهذا الموضوع، قدم رجوليان فروينده محاولة للتعريف، فاعتبر ان الارهاب يقوم على استعمال العنف دون تقدير أو تمييز، بهدف تحطيم كل مقاومة، وذلك بإنزال الرعب في النفوس). ويضيف بأنه لا يرمي فقط، وكما يفعل العنف، الى القضاء على أجساد الكائنات وتدمير الممتلكات المادية، بل يستعمل العنف بشكل منسق ليخيف النفوس ويرهقها، أي أنه يستعمل جثث العنف ليزرع الياس في قلوب
الأحياء)
هذا وتاريخ البشرية حافل بعمليات الإرهاب، إن كان ذلك على المستوى الفردي أو المؤسساتي او الحكومي (الدولتي)، مع الفوارق - طبعا. بين حدث إرهابي وآخر. ولن نغوص عميقا في خضم هذا الموضوع، حيث تنتصب أمام أنظارنا إبادة والهنود الحمر، في موطنهم الأصلي امريکا على يد والمتحضرين البيض». وكذلك القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية في 1 اغسطس 1945، وبعدها بأيام ثلاثة قنبلة ناغازاكي، وإبادة الآلاف من البشر خلال دقائق معدودة، وإحلال الدمار والخراب في كل زاوية من زواياها، إضافة إلى إفساد التربة لعشرات السنين اللاحقة، وقتل الحياة فيها. ومن المؤكد أن العالم لن ينسي من استعمل السلاح الذري والارهابي، لأول مرة ضد الجنس البشري في التاريخ.
وكذلك آلاف الأطنان من القنابل والمتفجرات على فيتنام، التي انزلها الاستعماريون الفرنسيون والأميركيون، ولم يحصدوا سوى الهزيمة
ومن منطلق استرداد والهية الأميركية والثأر للهزيمة في فيتنام، ارسلت الولايات المتحدة أحدث آلات الموت والدمار الى لبنان، والآلاف من جنود البحر االمارينز»، خدمة لحلفائها الصغار والكبار من محترفي الارهاب. ولم يكن حظها باحسن مما أصابها في الهند الصينية، كما عمدت إلى تلغيم موانيء نيكاراغوا عام 1984، وإرسال والمحركات الفضائية المحتلة بأسلحة تدميرية من النوع الذي يفتح الباب أمام حرب الفضاء الكوني، أو ما يسمى ب (حرب النجوم، أو «حرب الكواكب، التي يكون فيها تدمير الكوكب الأرضي.
وما عجز عنه الارهاب البريطاني في الهند، أنجزه الارهاب الأميركي بأحدث وسائله المتطورة، لسبب بسيط هو اخطا في التقدير، لم يفطن له الكمبيوتر الأميرکي، عندما حدث «غلط کبمباني، في مصانع أميركية لانتاج الغازات في الهند، في شهر ديسمبر سنة 1984، أدى الى إبادة جماعية الألوف المواطنين وإصابة عشرات أخرين بالعمى والشلل، قبل أن يتضح السبب الحقيقي، وهو أن الشركة المذكورة متخصصة بانتاج الغازات السامة وتحت اسم مدني؛ وقد تكون متخصصة في مشاريع ال سي. آي. اي، ضد الشعب الهندي لقهره وإذلاله.
وطبيعي أن يكون العالم بأسره في أواخر القرن العشرين، مهددة بالدمار والفناء الشامل، ومرهونة بكبسة زر، يتحكم فيها مصابون بداء «جنون العظمة حيث يقول جورج شولتز: القوة والدبلوماسية تسيران معا دائم، جنبا إلى جنب ( ... ). أن دبلوماسية لا تساندها القوة لا تكون فعالة
إن هذا التلميع الى الارهاب الأميركي، لا يعني أن الدول الاستعمارية الأخرى (خصوصأ فرنسا وبريطانيا) كانت بعيدة عن انتهاج هذا الأسلوب، بل كانت تتنفسه يوميا وبصورة غير منقطعة على الإطلاق، ولو أصبح النموذج الأميركي، طليعية في هذا المجال. |
ولما كانت اسرائيل ترسانة عسكرية، وقاعدة أميركية متقدمة جدا في منطقة الشرق الأوسط، فليس من الغرابة أن تسرب إعلامية، ارهابها النووي تمهيدا لتسريبه حقيقة في ساعة الصفر (كما حدث في أواخر عام 1989 عن طريق الخبير النووي الاسرائيلي مردخاي فانونو).
فالارهاب الصهيوني هو الارهاب الأميركي ذاته .. إنه الارهاب الدولي، المصدر شرعية، من دولة الى دولة، وبتطور أكبر وأعمق وأشمل، وما لم يستخدم في الهند الصينية، استخدم في المنطقة العربية - وفي فلسطين منها تحديدا - على أيدي الصهاينة، وبتطبيق جيد وفق فهم واستيعاب لا باس به، ليكون على مستوى أهمية الارهاب نفسه والغاية من ورائه، بعد أن تعززت الروح الشوفينية والعسكرية والتعصب الديني في نفوس اليهود وانعكست بدورها على الحياة السياسية والاجتماعية
ومن هنا، وفي معرض الاشارة الى مذابح الصهيونية وجرائمها في فلسطين، وأثناء مناظرته مع سفير اسرائيل في كندا، أكد المؤرخ البريطاني الكبير «أرنولد توينبي، بقوله أن: «المجرم لا يمكن أن يكون مجرما أكثر من مئة بالمئة. كما ذكر في كتابه أيضا واليهود والغرب الحديث، أن «جرائم اسرائيل هي أفظع من جرائم النازية.
ويبقى السؤال الكبين: كيف نشأ الارهاب الصهيوني؟ وما هي مقوماته؟.
في الحقيقة، استلزمت فكرة قيام الدولة الاسرائيلية، تواجد مؤسسات ومنظمات عديدة تقوم كل منها بمهام مختلفة، ولكنها متضافرة. فقد سارعت المنظمة الصهيونية العالمية بإنشاء الوكالة اليهودية، والصندوق القومي اليهودي (کيرن کايمت) لتشرف على عمليات الهجرة والاستيطان لموجات اليهود التي تم تهريبها إلى داخل فلسطين. وكان من الواجب - وفق الرؤية الصهيونية - أن تواجد مؤسسات تستوعب وتنظم جهود الآلاف من المهاجرين اليهود. فما كانت السنوات الأولى من عشرينات هذا القرن تأتي، حتى كانت الأرض الفلسطينية تموج بمنظمات سياسية ومؤسسات اقتصادية ونقابات للعمال ومزارع وقرى لها خصائص عسكرية
وقبل ذلك كله، فقد فرض المشروع الاستعماري سيطرته على أجزاء من الأرض الفلسطينية اعتمادا على مؤسسات ومنظمات عسكرية تم بناؤها في السنوات الأولى من القرن العشرين؛ وتأسست وفق ذلك مؤسسات ومنظمات عسكرية كانت مهمنها حراسة المزارع والتجمعات اليهودية؛ وسرعان ما تطورت حتى تحولت الى منظمات كبيرة لها استراتيجيتها وأسلوب تفكيرها الذي يميزها عن التطور الطبيعي للجيوش الثورية في مراحل التحرير الوطني. فهي تختلف عن كل الجيوش الوطنية في طبيعة المهمة المنوطة بكل منهما. ففي حين تكون مهمة الجيوش الوطنية والثورية تحرير تراب الوطن والدفاع عنه، فإن مهمة المنظمات العسكرية الصهيونية في طرد سكان الوطن الأصليين، وسرقة الأرض وتفريغها من أي مظهر قومي لأصحابها، وإنشاء مؤسسات اقتصادية لتنظيم النهب والاستنزاف المادي لتلك الأرض.
والجيش الذي تكون مسؤوليانه محصورة في تلك المهام، فإن طبيعته هي طبيعة استعمارية استيطانية تجعله طرفي نقيض مع أي جيش وطني يسعي التحرير وطنه ...
ومن هنا فإن العنف والارهاب يصبح هو الأسلوب الوحيد، والتفكير الوحيد لدى المنظمات العسكرية الصهيونية، وحتى بعد قيام الدولة فإن العنف والارهاب يتحول الى طابع عام للكيان الصهيوني الراهن في تفكيره. وسياسته وأدبه وفنونه، حتى يتحول المجتمع كله الى منظمة عسكرية كبيرة لها كل مواصفات مؤسسات الارهاب.
والحقيقة أن التنظيم العسكري الاسرائيلي يحتل وضعا غريبا وشاذة. فالمجتمع الاسرائيلي يوصف عادة بأنه «أمة تحت السلاح.
ويقول «برنارد فرنييه، في كتابه الجيش والسياسة في الشرق الأوسط أنه اذا كان من الممكن أن نلقب هذه الدولة أو تلك بأنها مجتمع يحكمه العسكريون، فإن المجتمع الاسرائيلي بأسره هو ثكنة مسلحة، وهو أشبه ما يكون ب راسبرطة، الاغريقية وهذه ليست مجرد مبالغة. بل إن اسرائيل هي مجتمع عسكري، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وكل شيء في الدولة هو لخدمة الحرب.
• نفي عام 1907 انشا المستعمرون اليهود في فلسطين أول نوة مسلحة منظمة، حملت اسم منظمة الحرس اليهودي - ماشومير»، وقد أشرف عليها «حزب بو عالي صهيونه.
وكان شعار المنظمة وسقط بهودا بالدم والنار ... وسيبعث بالدم والنار»، وقد ألفها الارهابي العريق دافيد بن غوريون. وكان يهود مستعمرة ابتاح تكفا، عام 1878 يؤلفون الطليعة التي لجأت إلى استعمال السلاح ... وكان من أبرز قادتهم الصهيوني الهنغاري رجشوا ستامبرا.
هذا وقد حددت الهاشو مير منهجها برفض الحراسة السلبية للمستعمرات، بل ممارسة العنف ضد السكان العرب حتى يمكن خلق ما يسمي ب اليهودي العنيف، المتجرد من مشاعر الخوف أو الجبن عن طريق إحياء روح الأساطير الشعبية اليهودية القديمة.
وبذلك امكن للصهيونيين إنشاء ونواة لقوة عسكرية، هدفها الحقيقي هو خلق أمة يهودية في البلاد تحكم نفسها وتحقق أرادتها بالقوة والعنف، تعتمد على نفسها ولا تعتمد على المرتزقة
بعد ذلك حددت منظمة الهاشو مير ملامح ايديولوجيتها على اساس النقاط التالية:
1 - الا يقتصر دور «هاشو ميره على توفير الحماية المادية للمستعمرات اليهودية، بل عليها أن تغرس في السكان الاحساس بواجبهم في الدفاع عن أنفسهم.
2 - أن توفر النواة العسكرية القادرة على توسيع نطاق الوظائف الدفاعية في المجتمع اليهودي.
3 - أن تحتكر رهاشو مير، حق الاشراف على الدفاع عن المجتمع اليهودي في فلسطين.
}. كذلك يجب أن تعمل ماشومير، رکنوة مسلحة محترفة ومتخصصة في الدفاع عن البيشوف، (اليهود من سكان فلسطين).
يتوضح من خلال ذلك أن فكرة العنف والارهاب سيطرت منذ البداية على وجدان الحالوتسيم (أي الرواد الأوائل الذين اكتشفوا، فلسطين. فالرائد لم يكن فلاحة وحسب، بل كان أيضا هاشو مير - حارس - الذي بدافع عن الأرض التي سرقها، وحيث أن الإرهاب كان سلاحأ أساسية ومباشرة التحرير الأرض من السكان الأصليين، كان من الضروري تأسيس منظمات لها طابع مزدوج زراعي وعسكري، حتى تترجم الرؤية الصهيونية نفسها الى
واقع. |
• ومثل الانتداب البريطاني على فلسطين الفرصة المناسبة التي ساهمت في انقلاب منظمة هاشومير، الى منظمة الهاغاناه عام 1919، حسب ما ذكره مناحيم بيغن في كتابه: والثورة: نصة الأرجون». وكان يرأس والهاغانا، في طور تشكيلها المحامي الصهيوني البولوني ولهلم ربيل،، واتخذت شعارا لها وفلسطين لليهود». وفي هذا الإطار، کتب «جوزيف وايتزه، المدير المسؤول عن الاستيطان الصهيوني، في يوميانه: «يجب أن يكون واضحة بيننا أن لا مكان للشعبين معا في هذه البلاد ... ولن نتمكن من الوصول الى هدفنا في أن نصبح شعبأ مستقلا في هذا البلد الصغير مع وجود العرب بيننا،.
وقد أثر على تكوين الهاغانا، في الواقع، وعلى ذهنية المنخرطين فيها، اختيار أمكنة المستعمرات اليهودية التي كانت خاضعة لأهداف استراتيجية وسياسية محددة، ولم يكن العامل الاقتصادي هو العامل المؤثر في اختيار المستعمرات فحسب، ولكن أكثر من ذلك وبصورة رئيسية حاجات الدفاع الملحة والاستراتيجية الشاملة للاستيطان التي كان هدفها الرئيسي ضمان وجود سياسي يهودي في جميع أنحاء البلاد، والدور الذي يمكن يوما أن تلعبه مثل هذه المستعمرات في المستقبل، وخاصة في مجابهة حاسمة لابد من وقوعها يوما في نظر المخططين للاستيطان الصهيوني. وهكذا أنشئت المستعمرات على مختلف أنواعها منعزلة الواحدة عن الأخرى بالمسافات الجغرافية والعراقيل والفوارق الطبيعية. والنتيجة أن كل مستعمرة بهودية جاءت قلعة حصينة للهاغانا. وكان يرافق التخطيط الاقتصادي والزراعي التخطيط العسكري ... وكانت موازنة الهجرة تعنى بالسيف والمحراث معا، وتؤمن احتياجاتها.
وقد أدخلت هذه الحاجات عدة عناصر جديدة في تفكير الهاغانا العسكري وتنفيذ مخططاتها. ويشمل وضع استراتيجية متماسكة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الحاجات العسكرية في مختلف أنحاء البلاد. مقدرة على التحرك السريع، استعمال أكبر للأسلحة الأوتوماتيكية الخفيفة، وفوق ذلك كله، أدى تطور الهاغانا الى اقامة قيادتين سريتين: قيادة مدنية عليا، وقيادة عسكرية عليا، لها رئاسة أركان كاملة؛ وتخضع القيادتان الى التنظيم الصهيوني المتمركز في الوكالة اليهودية المسماة أيضا بالمنظمة الصهيونية العالمية
وبعد أن كبر حجم منظمة الهاغانا، غدت المنظمة العسكرية المسيطرة، وأصبحت تتشكل من القوات التالية:
1 - قوة الدفاع الثابت: وتضم سكان المستعمرات إضافة إلى سكان الأحياء اليهودية في المدن.
2 - قوة القتال:: وتضم شرطة المستعمرات. 3 - قوة البالماخ: وهي قوات الصاعقة. أنشئت سنة 1992 بقيادة
الصاعقة. أنشئت سنة 1942 بقيادة الارهابي الصهيوني أسحق ساديه.
واجتاز أفرادها تدريبا خاصا، شاقة وعنيفة، خصوصا على أعمال النسف والتخريب والهجوم الصاعق. وقد تخرج منها كل من موشي دايان واسحق رابين وحام بارليف والكولونيل موشي کرمل واسرائيل غاليلي وغيرهم ...
كان مقر الهاغانا في تل أبيب. وكان لها معسكرات تدريب خاصة باليهود في فلسطين، وتضم قيادتها هيئة مخابرات جيدة التنظيم، وبارعة التنفيذ. وقد استطاعت هذه الهيئة أن توفر للهاغانا عوامل الأمن والاستعداد والمواجهة في الهجوم. وقد ارتكبت هذه المنظمة الكثير من المذابح الجماعية في فلسطين.
• أما منظمة والارغون تسفاني ليؤمي، ومعناها المنظمة العسكرية الشعب اسرائيل، فقد تأسست سنة 1935 على يد فلاديمير جابوتنسكي الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي للارهاب الصهيوني. وساعد في تشكيلها وتنفيذ خططها كل من «دافيد رازينه، وہ ابراهام شيرن»، الذي أسس فيما بعد المنظمة التي حملت اسمه، وهي منظمة «شتيرنه. هذا وقد اتخذت منظمة الأرغون شعارها: «يد مرتفعة تمسك ببندقية ذات حربة مشرعة كتب عليها:: هكذا فقط
وبعد مقتل جابوتنسكي، استلم قيادة الأرغون الارهابي «مناحيم بيغن) المحامي البولوني الأصل. كما كان لها شعبة مخابرات سرية تعرف باسم الفرقة السوداء». .
ومنظمة الأرغون (بالتعاون مع الهاغانا) هي التي ارتكبت مجزرة قرية دير ياسين، في 9 ابريل 1948، التي وصفها بتفصيلاتها الدقيقة رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي في فلسطين «جاك دي رينيه، الذي كان محظوظة الإفلاته حيأ، فقال بعد أن توجه بسيارنه بتاريخ 10 أبريل 1948 الى احدي القرى العربية الصغيرة خارج القدس، وواجه في طريقه مجموعة من منظمة يهودية تدعى «أرغون»:
كانوا جميعا أحداثة، حتى أنه كان من بينهم صغار السن. ذكورا وإناثا مدججين بالسلاح: مسدسات ومدافع رشاشة وقنابل يدوية وخناجر بعضها لا يزال يقطر دما، عرضت على فتاة جميلة صغيرة السن بنظرة إجرامية خنجرها والدم يقطر منه. عرضته علي كأنه اکليل غاره.
وقد وصف أحد قادة الأرغون هذه المذبحة بقوله: «قمنا بتنفيذ عملية تنظيف؛ ولكن عملية التنظيف، هذه، نفذت بالمدافع الرشاشة ومن ثم بالقنابل وأنهيت بالخناجر، على حد قول مندوب الصليب الأحمر، الذي أضاف بأن «بعض مقاتلي الأرغون قطعوا أوصال ضحاياهم بالخناجر قبل أن يقتلوهم».
حتى أن السلطات البريطانية سجلت بذورها هذه التفاصيل بدقة متناهية؛ كما سجلت ما شاهده مساعد مفتش الشرطة العام وريتشارد کاتلنغ» الذي قام بالتحقيق بالحادث، فقال: نزعت أساور وحلقات النساء من أذرعهن وأصابعهن بوحشية متناهية، وقطعت أجزاء من آذانهن لانتزاع الأقراط منها»
لقد حول الارهاب الصهيوني قرية دير ياسين» إلى «مسلخ بشري بكل ما تعنيه هذه الكلمة؛ وقد قوم مناحيم بيغن نتائج هذه الوحشية بقوله: تملك العرب هلع لا حدود له بعد سماعهم القصص والمضخمة عن مذبحة الأرغون»، وبدأوا في الهروب للنجاة بأنفسهم. وسرعان ما تطور هذا الهروب الى فرار جماعي جامح لا يمكن السيطرة عليه». وكان الهم الصهيوني يتركز على ضرورة تجذيره العرب بأرضهم وديارهم، وليس اجتثاث جذورهم وتشريدهم بقوة الحديد والنار.
وذكرت الموسوعة الفلسطينية في هذا الصدد أنه قد اتفق السفاح الاسرائيلي «مردخاي كوفمن قائد قوات عصابة الأرغون في القدس مع ديفيد شالتائيل، قائد قوات عصابتي الهاغانا والبالماخ في المنطقة على القيام بعمل مشترك ضد قرية دير ياسين وبعض القرى المجاورة، بغية هدف مركزي يتمحور حول ترويع السكان العرب الآمنين وحملهم على مغادرة قراهم، مما يسهل لليهود عملية الاستيلاء على الأراضي العربية.
ولم تكن عمليات الإرهاب والمذابح الأخرى في كفر قاسم وقبية والقسطل وإقرت وکفر برعم وغيرها، إلا من هذا القبيل.
وفي سنة 1940 أسس أبراهام شتيرن، المنظمة التي حملت اسمه دشتيرن، بعد انفصاله عن الأرغون، لرفضه قرارها القاضي بضرورة عقد اتفاق ودي وهدنة مع السلطات البريطانية ما دامت الحرب العالمية الثانية قائمة ضد المانيا النازية.
وتدين هذه المنظمة. كأخواتها- بالارهاب وسيلة لإقامة الدولة اليهودية. وتؤمن أن العنف هو السبيل- ولا سبيل غيره - لتحقيق الهدف المنشود ... وإن اختلفت المنظمتان علنا، فإنهما متفقتان سرة حول الهدف المركزي، وأداته العنف والارهاب. وربما كان لثقافة ابراهام شيرن أثر في نزعة الارهاب لدى أعضاء هذه المنظمة؛ حيث تلقى ثقافته وعلومه في ايطاليا، وتأثر كثيرا بموسوليني.
والجدير بالذكر أن العقيد البريطاني «أورد وينغيت، الملقب ب «لورنس اليهود»، والذي كان يشغل منصب مهما في مخابرات القيادة الانكليزية في فلسطين، كان له اليد الطولى في خلق التنظيم الارهابي الصهيوني، ويعتبر بمثابة العقل المدبر والعمود الفقري والدم المغذي لجسم هذا التنظيم.
: وفي شهر يوليو سنة 1976، أعلن الحاخام الصهيوني مائير كاهانا ? خريج وكالة المخابرات المركزية الأميركية وزعيم رابطة الدفاع اليهودي، - عن تأسيس المنظمة الارهابية المعروفة باسم «کاخ، ومعناها (هكذا). وتمثل هدفها بتهجير العرب من الأراضي العربية المحتلة. كما يوجد منظمات ارهابية أخرى كثيرة ولا مجال لتعدادها جميعها.
وفوق كل ذلك، تعمد القيادات الصهيونية، عبر وسائلها الدعائية المختلفة، الى اخفاء الحقائق وإظهار الطابع السلمي، وواللاعنفي، لدولة الاحتلال، مشيرة إلى وجود الأحزاب السياسية الاسرائيلية. بيد أن من المعلوم أن أحزاب اسرائيل الرئيسية هي وليدة عصابات «الكيبوتز» الارهابية المسلحة:
فمن عصابة الأرغون مثلا، ولد حزب «حيروت» (الحرية). - ومن عصابة البالماخ ولد حزب «المابام
- ومن عصابة الهاغانا ولد حزب الماباي»، - ومن عصابة شتيرن ولدت حركة اليحيا، إلخ ...
ولقد نجح الارهابيون الصهاينة في اصطياد العرب، واختيار الأماكن المكتظة بهم (کالاسواق والساحات مثلا) أهدافا لإرهابهم، حتى أصبحت الجثث العربية الممزقة محشورة بين أكوام من الفواكه، والدماء المخلوطة بالعصير تسيل باتجاه المجاري ... وقد أصبح هذا المنظر مألوفة في فلسطين المحتلة بعد قيام دولة اسرائيل». كما لم ينج البريطانيون أنفسهم من هذا الارهاب، وهم الذين دربوا الصهيونيين على كيفية استخدام السلاح وزودوهم به، وطبقوا في عملياتهم تلك القواعد والدروس التي ألقاها عليهم الارهابي البريطاني الصهيوني وينغيته. وليست عملية «فندق الملك داود» في القدس إلا احدى عملياتهم البارزة ضد البريطانيين. وكذلك عملية اغتيال اللورد «موين» وزير الدولة البريطاني المقيم في الشرق الأدنى، عندما أرسلت عصابة «شتيرن» اثنين من أعضائها إلى القاهرة، ونفذا عملية الاغتيال في 1 تشرين ثاني/نوفمبر 1945. وقد حاکمهما القضاء المصري وقضي بإعدامهما.
وهكذا كان حال الكونت «فولك برنادوته الوسيط الدولي للامم المتحدة في فلسطين، رغم تمتعه بالحصانة الدبلوماسية الدولية، حيث أثبتت هذه الحادثة أن لا حصانة أمام حصانة الصهيونية وغطرستها وعنصريتها ومصالحها، ولا غرابة، فقد اقترفت منظمات الارهاب الصهيونية مجازر رهيبة بحق اليهود أنفسهم، كما هو حال الباخرة «باتريا، ويهود العراق. هذا على صعيد المؤسسات والتنظيمات الارهابية الصهيونية؛ أما على صعيد رموز هذه التنظيمات يكفي أن نذكر أسماء هرتزل، وجابوتنسكي، وبن غوريون، وغولدا مائير، وموشي دايان، ورفائيل اينان، وشامير، وكاهانا، وشارون، وغيرهم کثير ...
والجدير بالذكر، أن الاشارة الى هذه العينات، لا تعني أن الارهاب الصهيوني يقتصر على هؤلاء فقط؛ وانما كل أسرة صهيونية تستوطن أرض فلسطين العربية، تشربت الارهاب والعنصرية يوم كانت جنينة، وقد تغلغلت نزعة القتل والاجرام في دمها وعروقها، ومنها تستمد مقومات البقاء والحياة والاستمرار.
ومن يسمع تصريحاتهم وأحاديثهم المعسولة عن الأمن والسلام وحسن الجوار، يصرخ بملء صوته فورا: «ما أفصحهم وهم يتكلمون عن الشرف ..
ودولة إسرائيل قامت على الدم والجثث والمذابح، يصعب أن يتولى شؤونها غير الارهابيين العريفين المحترفين لا الهواة
وليس هذا الفصل سوى المرأة الصافية للدبلوماسية اليهودية والارهاب الصهيوني في العالم، حيث جرت عملية غسل دماغ، منظمة لكل المستوطنين الصهاينة رفن شعار «أن نقتل أو أن تكون مقتولا». وبما أن غريزة احب البقاء لا تفرق بين الجنسيات، وليست خاضعة للمزاجية الطائفية أو العرقية أو اللغوية أو اللونية، فقد اختار الصهيونيون القتل والارهاب في سبيل البقاء والحياة







مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید