المنشورات

الاخطبوط الصهيوني وأسرار إقالة الدبلوماسي الزنجي اندرو بانغ

من الأمم المتحدة
اليهود .. وراء كل جريمة، هذا ما صرح به المؤرخ الشهير وليام کاره، ونتيجة للقرار التاريخي الذي اتخذه محرر العبيد، في أمريكا، الرئيس
ابراهام لنكولن، والقاضي بتحرير جميع الأرقاء ابتداء من أول كانون الثاني/ يناير 1893، وموافقة الكونغرس الأميركي على التعديل الثالث عشر للدستور الأميركي الذي قضى بتحريم الرقيق في جميع أراضي الولايات المتحدة الأميركية في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1898 ... نتيجة لذلك، عمد الأخطبوط اليهودي في أمريكا الى اغتيال الرئيس لنكولن باعتباره عقبة أساسية أمام مشاريعهم وأهدافهم المناهضة للإنسان وحقوقه المشروعة.
واستنادا الى تغلغل النفوذ الصهيوني في المؤسسات الدولية، والوزارات الأمريكية ذاتها (كالخارجية والبنتاغون)، فقد تربع أحد كبار الصهاينة المدعو تريجفي لي، على العرش الأول لهيئة الأمم المتحدة كامين عام لها، عام 1948، ليساهم في مشروع تقسيم فلسطين العربية وتشريد شعبها إلى خارج الحدود
وما زالت مؤامرات الصهيونية ودسائسها مستمرة في الربع الأخير من القرن العشرين. وعندما كانت القيم الانسانية والمثل العليا، لا وجود لها في تاريخ الصهيونية، وحتى في قاموسها، فليس من المستغرب أبدا أن يكون الرجل والزنجي، الأميركي، الدبلوماسي الحاذق «اندرو يانغ، ضحية من ضحايا الخبث الصهيوني والمكر الذي لا يجاريه مكر آخر في تاريخ البشرية.
واستنادا الى مقولة شعب الله المختار، التي تنخرها العنصرية وسياسة التمييز العرقي، فقد كان من الطبيعي أن يشن «اللوبي الصهيوني، الامريكي - مدعومة من اسرائيل - هجوما عنيفا على الممثل الحقيقي للزنوج بعد مارتن لوثر كينغ»، والمدافع الأكبر عن حقوق الانسان من فوق أكبر منبر دولي متمثل بالأمم المتحدة: ذلك هو «اندرو يانغ، ممثل أمريكا في الأمم المتحدة في عهد رئيسها جيمي كارتر، صديقه الحميم.
فمن هو هذا الدبلوماسي والأسود، الذي أخاف الصهيونية، ليس بلونه بل بتصريحاته ومواقفه الجريئة المناهضة لسلب انسانية الانسان وانتزاع حقونه المشروعة، أينما كان؟ ولماذا اعتبر كابوسا خطيرا هدد مشاريع القادة الصهيونيين في أمريكا وخارجها، وزعزع نظرياتهم وادعاءاتهم؟ لقد توقف الرجل الأسود ... وما أكثر ما توقف في مسيرته الطويلة على مدى قرن أو يزيد من الزمان منذ أن حرر لنكولن العبيد، من أجل تأكيد حقه في الحياة ... توقف ليتساءل: من هو العدو؟ بالأمس كان الرجل الابيض هو عدوه، ولكنه اليوم، وبتحديد أدق والصهيوني، الأبيض الذي يملك قوة التأثير والضغط على كل المؤسسات الحكومية والأهلية ابتداء من رجل الشارع حتى والبيت الأبيض، الامريكي.
وامتلا الهواء برائحة الكراهية، وهي رائحة ليست غريبة. فقد كانت تملا سماء أمريكا على اتساعها منذ أكثر من ربع قرن من الزمان أو أكثر قبل أن يخرج الرجل الأسود ويمشي تحت الشمس ليعبر في حرية عن أحزانه ابان حكم الرئيس القوي الجنرال «دوايت أيزنهاور»، ثم جون كنيدي من بعده. وقال السود «(الذين يبلغ عددهم في أمريكا 22 مليون نسمة)،: هذه هي مشاعر اليهود تجاهنا اذن ... وانهالت المكالمات الهاتفية على زعماء الصهيونية في أمريكا: «أنتم تخدمون مصالح اسرائيل في أمريكا، أنتم تضعون مصلحة هذه الدولة الأجنبية فوق مصلحة أمريكا وقبلهاء.
وامتلات السماء بغيوم، لا أحد يعرف متى وكيف تنقشع. هكذا بدت الصورة في الولايات المتحدة الأميركية، في أعقاب الضجة التي أثارتها بإقالة، اندرو بانغ سفير أمريكا في الأمم المتحدة.
ويبقى السؤال المحير هنا: كيف حدث ما حدث؟ والكل يعرف طبيعة العلاقة القوية التي تربط بين الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ... وبين الرجل الذي اختاره هو ليمثل بلاده في المنظمة الدولية، من الذي تخلى عن من؟ هل هو کارتر الذي بکي وهو يكتب الرسالة التي أعلن فيها قبول استقالة يانغ، صديقه الذي أحبه ووضع فيه كل ثقته؟ أم هو يانغ الأسمر الذي قال مبررا اسباب استقالته بأسلوب مهذب منمن: القد أشفقت علي صديقي کارتر من الحرج الذي سيجد نفسه فيه
راي بانغ في رئيس أمريكا الذي تحمس له، ووقف بجانبه مدة ثلاث سنوات وهو يخوض المعركة الانتخابية العاتية، إنه رجل امين نظيف متدين ... ثم انطلق الى الشارع يبشر بفضائل الرجل حتى أوصله إلى البيت الأبيض، وراي کارتر في بانغ الذي لازمه کله أيام المعركة التي خاضها من عالمه المجهول في حقول والفول السوداني، الى الشارع الامريکي ... را به آن بانغ اعظم دبلوماسي عرفته في حياتية، فقد كان اندرو أو «آندي، كما يحلو لكارتر أن يناديه هو الذي أخذ على عاتقه مهمة الاجابة على الأسئلة التي كان كارتر يصطدم بها في كل مكان يذهب اليه ويخاطب منه ضمير الأمة الأمريكية: من أنت يا مستر کارتر؟
لماذا ذهب بانغ اذن؟ ما الذي حدث بين الصديقين؟ والجواب: النفوذ الصهيوني الذي يحكم تصرفات أكبر وأغنى دولة في العالم، إذ وليس في السياسة عواطف دائمة، بل هناك مصالح دائمة.
ففي أوائل الستينات، وفي أعقاب انتهاء حكم رئيس أمريكا القوى الجنرال أيزنهاور، وجه بن غوريون رئيس وزراء اسرائيل في ذلك الوقت نداء الى يهود أمريكا يدعوهم فيه الى اعلان ولائهم لاسرائيل أولا، ولا بأس من أن يدينوا بالولاء أيضا لأمريكا، البلد الذي يعيشون فيه ويرتزقون، ولكن بعد اسرائيل.
وثار اليهود الأمريكيون، وقالوا أنهم أمريكيون وليسوا اسرائيليين، ومات رئيس حكومة اسرائيل العجوز - بن غوريون - ولكن سموم ندائه بقيت تسير في عروق العديد من اليهود الذين يملكون قوة الضغط والتأثير. لقد كان السم هناك قبل هذه الجرعة المنشطة، ولكنها على أية حال نجحت في تحصينهم وزيادة مقاومتهم .. وقد كان هؤلاء هم الذين وقفوا بكل ثقلهم وراء الحملة المحمومة التي أدت في النهاية إلى طرد السفير الأمريكي «اندرو بانغ، من منصبه الذي أمضى فيه ما يقرب من ثلاث سنوات، فطع فيها الآلاف من الأميال، وتحدث في العشرات من الاجتماعات مع ممثلي 147 دولة (هي عدد الدول الأعضاء في المنظمة الدولية)، وادلي بمئات التصريحات بهدف الوصول الى تقديم صورة أفضل لبلاده أمام عيون العالم الخارجي.
ونجح بانغ باعتراف بلاده ورئيسها ... حتى أن مندوب احدى الدول الأسيوية لم يجد حرجا في أن يقول للسفير الأمريكي بانغ»: «لا أدري لماذا أشعر كلما لقيتك بأنك تنتمي إلينا ... أو ربما كنا نحن ننتمي اليك ... اننا نحس بأنك واحد منا،.
ما الجريمة التي ارتكبها يانغ؟ ولماذا أقيل من الأمم المتحدة؟.
أنه في شهر آب / أغسطس 1979، التقى «اندرو بانع، بمندوب فلسطين أو مراقبها في الأمم المتحدة، في بيت صديقه سفير دولة الكويت بمدينة نيويورك .. ولم يكن سفير أميركا هذا أول مسؤول أمريكي يتصل بزعماء حركة التحرير الفلسطينية أو من يمثلهم. فقد تمت اتصالات على مختلف المستويات كما ذكرت مجلة تايم، الامريكية، وحددت تواريخ هذه اللقاءات، بين الرسميين الأمريكيين ومنظمة التحرير في بيروت .. ودمشق .. وفيينا وأمريكا نفسها، ثم في بيروت مرة أخرى .. فلماذا كانت هذه الضجة اذن حول اجتماع «اندرو بانغ، بالمسؤول الفلسطيني؟.
في الواقع أن تصريحاته في مناسبات ماضية لم تعجب اسرائيل حيث نال مثلا: ان مندوبي منظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة شخصيات لطيفة هادئة، كما وصف والقصف الإسرائيلي لجنوب لبنان بالقصف الأمريكي لفيتنام» .. لقد كان يانغ، واضحة وصريحة منذ اللحظة الأولى التي بدا يمارس فيها نشاطه السياسي في الأمم المتحدة بحكم منصبه الجديد.
فقد قال للصحفيين الذين التفوا حوله في مقر المنظمة الدولية: «شيء واحد استطيع أن أؤكده لكم، وهو أنني لن أكون أبدأ الرجل الأسود في البيت الأبيض، أو «زنجي البيت الأبيض، والمعنى الذي ذهب اليه يانغ، مفهوم تماما. فهو يريد أن يقول أنه لن يكون أداة لأحد وأنه لن يدلي براي ولن يتخذ موقفا .. أي موقف الا عن قناعة وبدون خضوع لأي اضغط أبيض ..
فقد عاش بانغ آلام الزنوج وأحزانهم في طفولته وشبابه .. وكان هناك على مقربة من الزعيم الزنجي الراحل مارتن لوثر كينغ، بطل المقاومة العنصرية، الذي قتل في شهر أبريل من عام 1968 فقتلوا معه ضمير أمة ... يومها وقف بانغ يقول أمام الجثمان المسجى أمامه: اسيبقي لوئر كينغ ملكا ومالكة لقلوب الملايين من محبي السلام والحرية.
وحمل «اندرو بانغ، ألام وآمال زنوج امريکا بعد رحيل الوثر كينغ،، فهو الذي مضى يكمل الرسالة التي بدأها استاذه ومعلمه، من هنا كان وقع سقوطه قوية بين السود في أمريكا (وعددهم 22 مليونا والسود وغير السود في الخارج، وفي أفريقيا بصفة خاصة.
وخلال محاولاته الأخيرة لتهدئة النفوس الثائرة في روديسيا وجنوب أفريقيا قال يانغ: القد اخترع الانكليز العنصرية، وقرا والجذور، ورأى هذا الوجه القبيح لهؤلاء الذين أسروا الرجل الأسود وباعوه وسخروه في بناء امبراطوريتهم، الجديدة في هذا العالم الجديد البعيد. فلما انتهت مهمتهم جلسوا يحتفلون بذبحه.
وقرأت امريکا معه قصة الرجل الأسود الذي بني بدمه وعرقه هذه الدولة الكبرى ... وكانت من أكثر الكتب رواجا وتوزيعة في العالم خلال العامين الأخيرين وأكثرها تأثير على المشاهدين الذين تابعوا حلقاتها المصورة على شاشة التلفزيون. كان والد «يانغ، طبيب الأسنان المعروف في مدينة راتلانتا، پري آثار الكراهية على وجوه أبناء الحي الذي يعيشون فيه من السكان السود ... وكانت تقطر دما ... البيض يتعقبونهم، ورجال الشرطة بطاردونهم .. وأشفق الأب على ابنه وقرر أن يعاونه على مواجهة هذا البغي والعدوان، فعلمه الملاكمة على يد ملاكم محترف .. ولكن يانغ لا يذكر أنه استخدم قبضة يده مرة في حياته، فقد كان له دائما طريق آخر بعد تخرجه من الجامعة في عام 1901 ... لقد اختار أن يكون قسيسة ... ودرس اللاهوت وحصل على الليسانس بعد سنوات أربع. . وفي هذه المدرسة الهادئة، تعلم يانغ، الحوار المقنع، وتعلم الايمان بالله، وبحقوق الانسان في كل مكان .. وتعلم قبل وبعد هذا كله نبذ العنف. كان يدخل اجتماعا - أي اجتماع - في ولاية جورجيا، حيث التقى بصديقه کارتر بعد ذلك بسنوات طويلة ... وكانت التفرقة العنصرية بين السود والبيض أعنف ما تكون في تلك الفترة في منتصف الخمسينات ... فقد كان الرجل الأسود مواطنا من الدرجة الثانية في بلده، محرومة من ممارسة حقه السياسي لأنه غير متعلم ... مغلوب على أمره في كل مجال من مجالات الحياة ... كان يعيش وراء حائط عال، وويل له اذا حاول أن يتسلق هذا الحائط لمجرد أن يلقي نظرة عابرة على ما يحدث وراءه على الجانب الأبيضا.
وكانت هناك اجتماعات كثيرة تعقد بين زعماء السود وحدهم لبحث ومناقشة آلامهم ومحاولة العثور على حل لها ... وكانت هناك اجتماعات أخرى بين السود وعقلاء البيض لتجنب الانفجار الذي يوشك أن يودي بوحدة الأمة الأمريكية .. وكان يانغ يحضر هذه الاجتماعات الأخيرة التي كانت دائما ساخنة وملتهبة لا مجال فيها للحديث الهاديء أو المناقشة العاقلة. ويصل الشاب المنحمس الى مقر الاجتماع، فلا يكاد البيض يلمحونه حتى يبدؤون في التحفز، ولكنه يسارع الى تهدئتهم: سأمضي بينكم دقيقتين أو ثلاثا ثم أنصرف. سأكون مستمعة فقط ولن أتكلم الا اذا طلبتم الى الكلام،.
وتلتقط اذنه وسط الصخب الذي يملا المكان كلمة أو عبارة تعبر عما تحمله قلوب هؤلاء العنصريين المتعصبين من كراهية لكل ما هو أسود، ويبتسم «بانغ، ثم يقول في هدوء: دعونا نشترك جميعا في صلاة قصيرة. ويرفع الجميع ايديهم ويصلون وتهدأ النفوس وتحين الفرصة التي انتظرها ... فيمضي في حديثه، وكأنه في صلاة طويلة ... وعندما ينتهي الاجتماع يكون قد مضى على يانغ ثلاث ساعات. وهو يتكلم ...
ويقدر ما كان «اندرو بانغ، صريحا ولبقا في حديثه الذي يشد المستمعين، كان أيضا مستمعأ ذكية، يحفظ ويهضم ما يسمع، ولا ينفعل حتى لو كانت كلمات محدثه تحمل له الشتائم والاهانات ... كانت الابتسامة لا تفارق شفتيه لحظة واحدة ... ولكنه لا يلبث أن يتحول الى الجد بسرعة اذا استمع إلى تفسير خاطئ أو الى معلومات يحاول صاحبها من ورائها أن يقلب حقائق معينة لأحداث عرفها ودرسها.
وحتى بلاده، لم تسلم من النقد، وهو الذي قال: رأن السجون الأمريكية مليئة بالمسجونين السياسيين». وكذلك. «إن السود في السويد يلقون نفس المعاملة السيئة التي يتعرض لها الرجل الأسود في اكوينزا بنيويورك» .. «إن جيرالد فورد وريتشارد نيكسون من أنصار السياسة العنصرية .. وران باتريشيا هيرست ابنة ملك الصحافة في أمريكا، سجينة سياسية أيضا .... لقد قال يانغ وهو يعلن نبا استقالته على الصحفيين، أو على الأصح الاستقالة التي أجبرته وزارة الخارجية على تقديمها بعد الضجة الاسرائيلية المفتعلة قال: من الصعب جدا أن أفعل ما أظن أنه في مصلحة بلدي، وفي الوقت نفسه أحافظ على قواعد البروتوكول والدبلوماسية. انني لا أشعر بأي أسف لأي عمل قمت به.
ولن أستطيع أن أقول أنني لن أفعل ما فعلت اذا واجهت نفس الموقف مرة أخريه.
وكان من أقدر السياسيين الذين عرفتهم أمريكا، هكذا قال عنه صديقه کارتر الذي أراد أن ينام على الحادث المفتعل كما قال المساعديه بالحرف الواحد لولا الضغوط الصهيونية التي أملت عليه ارادتها وسلبته اقدس حق من حقوقه المشروعة بوصفه رئيسا للولايات المتحدة الامريكية.
لقد اشتغل يانغ، بالسياسة عقب مصرع الزعيم الزنجي لوثر كينغ مباشرة، ورشح نفسه لعضوية الكونغرس الأمريكي مرتين ... وفاز في المرة الثانية، عام 1972، وكان يمثل مدينة راتلانتا، بولاية جورجيا. ومن هذا المنبر الجديد راح يدعو الى الحب والتسامح والتعايش السلمي بين السود والبيض. أما صلته بالرئيس كارتر، فقد بدأت في عام 1970، وعندما بدا يتحمس لهذا الرجل الذي اعتزل عمله كالم من علماء الذرة في البحرية الأمريكية ليتفرغ لزراعة والفول السوداني، في مزرعنه، كان يؤمن بان جيمي کارتر يمكن أن يكون رئيسا مثاليا لأمريكا ...
وعندما وصل كارتر الى البيت الأبيض في النهاية، أراد أن يكاني يانغ، على المجهود الذي بذله خلال حملته الانتخابية فعينه سفيرا لأميركا في الأمم المتحدة. وجاء ربانغ، الى نيويورك مع زوجته اجين، وأولاده الأربعة: اندريا وليزا وبولا وأندرو الصغير، وأقام الجميع في الطابق الثاني والأربعين بفندق روالدورف تاورز»، وقال أصدقاؤه مداعبين تعليقا على اختياره لهذا الدور العلوي في الفندق: أنه يريد أن يكون دائما قريبة من السماء. واستغنى ديانغ، عن سيارته الرسمية الفاخرة والكاديلاك، واستبدل بها سيارة فورد عادية. وكان يدعو سائق سيارته لتناول الإفطار معه في كافتيريا الأمم المتحدة، قبل أن يذهب إلى مكتبه الذي اختار للعمل فيه اكبر عدد من السيدات السود المتعلمات.
وتبقى للام في النهاية كلمتها الممزوجة بالحنان والعاطفة. ففي اللحظة الحرجة التي كانت تمر بها أمريكا كلها عندما اختير ديانغ، سفيرة لها في الأمم المتحدة، اتصلت به والدته تليفونية عقب اعلان نبأ تعيينه قائلة: هل ترکت مقعدك في الكونغرس من أجل هذا المنصب؟ ارجوك ألا تفعل. ابق حيث أنت .... فهذا أفضل لك ولنا ولكل رجل وامرأة من السود في أمريكا،.
أما المرأة الثانية التي اتصلت به، فكانت رکوراء ارملة الزعيم الزنجي الراحل مارتن لوثر كينغ، وكانت هي الأخرى تعترض بقوة على تركه مقعده في مجلس الشيوخ الأمريكي من أجل هذه الوظيفة الجديدة في الأمم المتحدة
الم اكن اريد هذا المنصب .. لم أكن أريده. كانت هذه كلمات اندرو بانغ، بعد العاصفة ولكن كيف ستنتهي؟ هل تهدا الثورة التي تعتمل دوما في صدور السود في أمريكا وهم يرون الرجل الذي يمثلهم ويحمل آمالهم لمستقبل أفضل يهوي تحت مطرقة النفوذ الصهيوني؟.
ولا احد في أمريكا أو في خارج أمريكا يتوقع أن يهري ديانغ، هكذا في هدوء، أو أن يختفي لفترة طويلة، فهو رجل يؤمن بمبادئ ومثل عليا، في زمن أصبحت فيه هذه المبادئ عملة نادرة
ولابد أخيرة من القول، أن من صلب السيد المسيح على الجلجلة، لن يتوزع مطلقا عن اغتيال أبناء المسيح ورسالته، ولا عن اقالة ممثلي الفقراء والمدافعين عن حقوق الإنسان، في أي زمان ومكان .. والذين رضعوا مع الحليب، وقبل أن يروا النور، الخبث والمكر والحقد والكراهية، على كل ما هو بشري وإنساني، وتغلغلت في عروقهم مع الدم الفاسد، عنصرية العرق والنقاء العرقي، لا ينتظر أن يصدر عنهم ما يعتبر خدمة للإنسان والانسانية.
وليس الأبرياء العرب - الذين يقدر عددهم بأكثر من مائة وخمسين مليونة - الا الضحية الكبرى للصهيونية السياسية في هذا العصر من القرن
العشرين.
واذا تغلبت القوة على الحق في مرحلة ما من عمر التاريخ، فإن قوة الحق هي التي ستنتصر في النهاية، وكل آت قريب.
المراجع
1- عبد المجيد نعنعي تاريخ الولايات المتحدة الأميركية الحديث، دار
النهضة العربية. بيروت 1979. ص 137. 2? منير نصيف وحكاية اندرو بانغ،. مجلة العربية الكويتية. العدد 201.
تشرين أول/ اکتوبر 1979، ص 28 - 32. 3 - ابراهيم ابراهيم من يحكم الولايات المتحدة؟، مجلة العربي، الكويتية.
العدد 298. أيلول/سبتمبر 1983، ص 17 - 22. - عبد الحميد الكاتب والأمين العام للأمم المتحدة في خدمة الصهيونية
مجلة العربي، الكويتية. العدد 298. سبتمبر 1983. ص 44 - 50. 5 - نجدة فتحي صفوة ارسالة الى وايزمان، مجلة العربي، الكويتية العد
301. كانون أول/ ديسمبر 1983. ص 130 - 133.







مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید