المنشورات

تهريب طائرة الميغ 21، إلى «إسرائيل»:

أمام تفاقم هذا الوضع ضمن عملية الصراع الشاملة في منطقة الشرق الأوسط، بلغ التنسيق الاستخباري الاميركي - الصهيوني ذروته قبل حرب حزيران عام 1997،
خاصة عندما أقلقت طائرة الميغ السوفيتية الصنع الدوائر العشكرية في حلف شمالي الأطلسي، وخاصة الولايات المتحدة، وسببت لسلاح الطيران الإسرائيلي القلق الدائم. لذلك صممت الاستخبارات المركزية الأميركية بالتنسيق مع المخابرات الإسرائيلية على سرقة هذه الطائرة بمختلف السبل والوسائل.
وصادف في هذه الفترة، وجود ثلاثة من ضباط الطيران العراقيين في قاعدة التدريب الأميركية الجوية في مدينة فلوريدا، وهم شاکر بوسف، وحامد الضاحي، ومنير روفا. وقد أصبح هؤلاء الثلاثة هدفا لمخطط واسع اشتركت في إعداده وتنفيذه الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية معا. ولم يكونوا ليعلموا أن الخطة التي تشملهم تهدف إلى سرقة طائرة والميغ 21، إلى إسرائيل،، ولم تتورع المخابرات الأميركية عن استخدام الجنس لحمل هؤلاء الضباط على الانصياع لرغباتها وتنفيذ مخططها.
وكانت «کروترث ملکر، سيدة جميلة تشرف على نادي الضباط الشرقيين في قاعدة التدريب الجوية في فلوريدا، حيث كانت تعمل في السابق كممرضة في المستشفى الأميركي في النمسا، وقامت الاستخبارات الأميركية بنقلها إلى فلوريدا. واستطاعت فيما بعد استدراج الطيار العراقي شاكر يوسف الذي تزوجها واصطحبها معه إلى العراق عند انتهاء دورته.
وأثناء إقامة الطيارين الثلاثة في الولايات المتحدة حاولت الاستخبارات الأميركية تجنيدهم لصالحها. واستخدمت كل وسائل الإغراء بالمال والجنس، حيث وقع في مصيدتها الطيار منير روفا، رغم كل التحذيرات التي نبهه لها رفيقاه. ورغم جميع الشكوك، إلا أن الاستخبارات الأميركية - المتعاونة مع المخابرات الإسرائيلية - وضعت
حدا لها تحسبا لمضاعفاتها، فأوعزت إلى السيدة رهلكرة القيام بالواجب الأخير المهمتها، فأطلقت الرصاص على زوجها الطيار شاكر يوسف ووضعت جثته تحت السرير وفتحت أجهزة التكييف لكي لا تنبعث رائحة الجثة واستقلت أول طائرة إلى الولايات المتحدة. كان ذلك في عام 1966.
أما الطيار منير رونا فهو عراقي من بغداد برتبة نقيب في الجيش. اتفقت معه المخابرات الأميركية والإسرائيلية يوم كان في دورة التدريب في قاعدة فلوريدا الجوية، على أن يهرب بطائرته الميغ 21، إلى «إسرائيل»، حيث وافق مشترطا سحب عائلته من بغداد مسبقا من بين يدي السلطات. واستطاع تهريب عائلته إلى لندن بعد أن سلم أحد أطباء المخابرات الإسرائيلية لمنير رونا حبة طبية أحضرت خصيصا من تل أبيب ليبتلعها ابنه فيصاب بعوارض بطلب منير على أثرها نقل ابنه للعلاج في مستشفيات لندن. ونجحت العملية فعلا. وبتاريخ 16 آب 1966 خرج سرب من طائرات الميغ 21، التابع لسلاح الجو العراني للقيام بأعمال الدورية في المجال الجوي العراقي، وكان النقيب منير روفا في عداد هذا السرب. تأخر منير بطائرته ولم يلب نداء رئيسه الذي غاب عن نظره مع بقية السرب نظرا لسرعة الميغ. وهنا تحول منير روفا إلى الحدود الإسرائيلية متخطية الحدود الأردنية، حيث حاولت طائرتان أردنيتان من نوع هنتر) اعتراضه فلم تتمكنا بسبب ضعف سرعتهما.
ثلاث رادارات اكتشفنه برقت واحد، وتحركت شبكة الإنذار. أقلع النقيب الإسرائيلي اران، الذي يعتبر بطل الطيران البهلواني أثناء عيد الاستقلال في الكيان الصهيوني، فورة مع سرب من طائرات الميراج الإسرائيلية. وبلحظات كان «ران» اعلى من الطائرة القادمة ويحميه سر به. عند ذلك تلقى مع سربه أمرا قاطعا باللاسلكي من الجنرال «موتي هوده قائد سلاح الجو الإسرائيلي: لا تطلقوا النار بأي ثمن. القضية قضية دولة وبأمر رئيس الوزراء، ونفذ «ران، الأمر بعد أن تأكد من صوت قائده الذي قال له: إياك أن تلعب دور البطولة ... هذا الميغ سيتبعك بلطف ويرسو عندنا. أقلع وران، عندها عن المطاردة. وبعد دقائق كانت طائرة الميغ تستقر على ارض المطار الإسرائيلي، ورحب الجنرال موتي هود» بمنير روفا، حيث وجهت الدعوة في نفس اليوم إلى الملحقين العسكريين الأجانب لمشاهدة الميغ 21،. وكم كانت دهشتهم عظيمة، خاصة الكولونيل فدنة الأميركي الذي قهقه فرحا وهو يلمسها لانه اول أميركي في العالم يلمس ويرى بأم عينه هذه الطائرة السوفياتية التي كانت بالأمس القريب لغزا محيرة لهم، هذا وقد كان الأشخاص الذين يعرفون عملية تهريب الميغ 21: لا يتعدون أصابع اليد وهم:. ليفي أشكول رئيس الوزراء الذي أصدر أمره منذ ثلاث سنوات للحصول على هذه
الطائرة. - وزير الدفاع الإسرائيلي. - الجنرال إسحق رابين رئيس الأركان في حينه. - رئيس الأمان - مخابرات الجيش. . وقائد سلاح الجو، موتي هود. ومئير عميت رئيس الاستخبارات (الموساد).
وعندما انتهت مهمة منير روفا، استقبل بعد ذلك في مطار اللد زوجته وولديه القادمين من لندن وانتقلوا إلى مسكن فخم أعد لهم في إحدى ضواحي تل أبيب تحت اسم جديد. وفي اليوم التالي قبض منير روفا ثمن خيانته ووضعه في بنك (هاتسوفيه) وعاد إلى منزله ليعيش بقية حياته ذليلا، بينما يخرج أولاده للعب مع أولاد اليهود، وقد تعلموا اللغة العبرية بطلاقة
وبعد المؤتمر الصحفي عن هذه الطائرة (الميغ 21) وضعت تحت تصرف خمسين خبيرة أميركية حضروا على متن طائرة خاصة بالإضافة إلى مهندسي وتقنيي سلاح الجو الإسرائيلي. فجري فحص أجزائها بدقة متناهية (28).









 مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید