المنشورات
إسرائيل، وسرقة تصاميم طائرة الميراج:
هذا وقد حققت الاستخبارات الإسرائيلية نجاحا مهما في عام 1968 على صعيد تطور صناعتها الحربية، في مجال الطيران على وجه الخصوص، بعد أن تمكنت من الحصول على تصاميم طائرة الميراج بعد سرقتها من سويسرا بالتواطؤ مع أحد المهندسين السويسريين الكبار وهو الفرد فراونکنشته.
إلا بعد أن تسلم تسفي زامير، رئاسة «الموساد» خلفا للجنرال مئير عميت في عام 1967، أوكل إلى مندوبة العقيد وزني الون، مهمة الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في برن في سويسرا بدلا من أنحميا کابين، الذي نقل إلى روما. وكانت المهمة التي اسندت إلى الون، هي تمويل عملية سرقة تصميمات سرية لطائرات
ميراج - 3 سيء المطورة في سويسرا، توجد في حوزة مهندس سويسري يدعى الفرد فراونکنشته، والذي تقدم إلى السفارة الإسرائيلية في باريس بعرض لبيعها. وفور موافقة قيادة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي على العرض، وضع الملحق العسكري الخطة، وتم تسليم المهندس السويسري مبلغ 200 ألف دولار ثمن هذه التصاميم
كان ألفرد فراونکنشت، كبير المهندسين السويسريين في شعبة الطائرات المقاتلة بشركة والأخوان زولتسرا، وقد أنيطت به مهمة الإشراف على إنشاء طائرات ميراج في سويسرا.
وكانت الحكومة السويسرية قد اشترت الطائرات من شركة أسلحة. داسو - الفرنسية، ومنحت تعهدأت العمل تلك إلى الأخوان زولتسر أوف فنترتور»، وكان افراونکنشت، مراقب المشروع يقابل بين الفينة والأخرى بعض الإسرائيليين إذا ذهب إلى باريس للتباحث مع مهندسي - داسو - وقامت بينه وبين بعض الإسرائيليين علاقات ودية، وكثيرا ما تباحث معهم في مشكلاتهم السياسية والعسكرية. وكان قد تأثر كثيرة - على حد زعمه. القرار الرئيس الفرنسي الجنرال شارل ديغول الذي يقضي بفرض حظر تصدير الأسلحة الهجومية لإسرائيل». كما كان متأثرا ايضا من عمليات الاضطهاد والتعذيب التي تعرض لها اليهود على يد النازية في معسكرات «داخاوي و اوشفتس،. وقرر بأي شكل من الأشكال تقديم خدمة لا يستهان بها الإسرائيل». .
وعلى هذا الأساس، واستنادا إلى هذا التعاطف مع إسرائيل، رأى جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) في تجنيده إلى جانبهم أمرا يستحق الاهتمام، واتصلوا به في أول الأمر يسالونه إن كان في وسعه جلب قطع الغيار التي يحتاجونها إليهم من فرنسا، وقال أحد الإسرائيليين: إنها تعادل وزنها ذهبة، وأبدى فراونکنشت تعاطفه قائلا: سأفعل كل ما في وسعي القيام به، ولكن هذا العمل أكبر من طاقتي، وساعرضه على رؤسائي، وعليكم أنتم إجراء اتصال مع الحكومة السويسرية. بعدها قام إثنان من رجال الموسادة العاملين في أوروبا بزيارة فراونکنشت في بداية نيسان 1998، وقد قابله هذان الرجلان وهما الكولونيل زفي الون والكولونيل نحميا کابين، في إحدى غرف فندق الإمباسادور في زيوريخ، وعزنا نفسيهما إليه باسمين مختلفين، وعرضا عليه قضينهما مرة أخرى، حيث أبدى فراونکنشت تعاطفه كالسابق.
بعد فترة، اتصل فراونکنشت هاتفية بالسفارة الإسرائيلية بباريس للتحدث مع الكولونيل آلون، وعندما وصلته عاملة الهاتف بمنزل آلون (الذي كان يومها في مهمة أمنية في العاصمة الفرنسية) قال له باختصار وإلحاح: أنا الفرد فراونکنشت، أريد مقابلتك بأسرع ما يمكن وشكرة. وانقطع الاتصال. في تلك الليلة لم تتوقف الاتصالات الهاتفية في السفارة الإسرائيلية. وفي غضون ساعات كان الكولونيل زفي آلون في طريقه إلى مطار أوروبي للحاق بإحدى الطائرات المتجهة إلى زيوريخ، ومن روما طار نحميا کاپين لمقابلته، كما نقلت رسائل بالشيفرة إلى قيادة الموساد تخبرها عن مكالمة فراونکنشت الهاتفية. وعندما التقيا به، دهش الإسرائيليان عندما مضى بهما فراونکنشت إلى حي فيدر دررف، وهو حي صغير للبغايا في مدينة زيوريخ، بينما كان فراونکنشت يعي تماما ما كان يقوم به. وهناك أبلغهم بمخططه لسرقة تصاميم طائرة الميراج وتهريبها إلى إسرائيل، لتقوم بصنعها بنفسها، بعد أن أوضح أن هذه المخططات قديمة والمفروض أنها ستحرق في المحرقة الرسمية، وأوضح أنه سيستمهم المخططات بدل إحراقها، حيث سيشتري بدلا عنها وثائق قديمة من إحدى الدوائر الحكومية ويقوم بحرقها بدل المخططات.
وقد نجح الفرد فراونکنشت بخطته نجاحا بارعة مع الكولونيل الون، كما ساعده أبن عمه، وأحد عملاء الكولونيل نحميا کابين، واسمه هانس شتريكر. وقد وصلت أول شحنة من شحنات فراونکنشت، عبر ألمانيا الغربية، إلى إسرائيل، في هت 1 1998. واحتاج فراونکنشت إلى حوالي 12 شهرة لإتمام العملية التي كانت آخر شحناتها في أواخر أيلول 1999 بعد أن اكتشف أمر شتريكر واعتقل الفرد فراونکنشت وبقي في السجن 18 شهرا كاملا بدون أن يوجه إليه الاتهام أو يقدم إلى المحاكمة، وعومل خلالها باللين، وفي 23 نيسان 1971 أدين بجريمة التجسس الصناعي وفضح الأسرار العسكرية السويسرية وحكمته المحكمة اربع سنوات ونصف السنة مع الأشغال الشاقة. أطلق سراحه في عام 1975 حيث دعي مع زوجته إلى إسرائيل، لمشاهدة تدشين الطائرة التي أنجبنها صناعة الطيران الإسرائيلي: «الكفير، أو الشبل ابن الأسد، حيث بذل جهودا كبيرة في تهريب خططها من سويسرا إلى إسرائيل، أما على الصعيد السويسري، فقد كان لهذه العملية انعكاسات كبيرة تمثلت أولا بطرد قائد سلاح الطيران السويسري الجنرال دايتيي بريموه من منصبه بتهمة الإهمال. ومن ناحية أخرى، في 1 تشرين أول 1999 طردت سويسرا الملحق العسكري الإسرائيلي في برن الكولونيل زفي الون مع احتجاج شديد اللهجة إلى إسرائيل، على التصرفات غير المقبولة لأعضاء السفارة الإسرائيلية الذين يتسترون بالحصانة الدبلوماسية، ويعملون لصالح الموساد (18) إسرائيل، وتهريب قوارب الباغوار، من فرنسا:
وكما نجح جهاز الاستخبارات الإسرائيلي في تهريب تصاميم وخطط طائرة الميراج، فإنه أحرز نجاحا هامة أيضا في تهريب قوارب الباغواره من شربورغ في فرنسا إلى إسرائيل ليلة عيد الميلاد عام 1969، حيث تعتبر هذه العملية من العمليات الهامة في تاريخ «إسرائيل» بقيادة البريغادير جنرال «مردخاي ليمون»، وهو بولوني الأصل. هاجر مع والديه من بولونيا إلى فلسطين وهو في الثامنة من عمره، ولم يكد بشب عن الطوق حتى انضم إلى - البال يام - وهو الفرع البحري من القوات اليهودية المسلحة السرية في فلسطين. وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية تطوع، شانه شان العديد من الشبان اليهود، في البحرية التجارية الإنكليزية. وعمل أثناء الحرب مع القوافل الخطرة التي كانت تنقل التزويدات الأميركية إلى روسيا على السفن البريطانية في بحر - مورمنسك ..
وعندما ألقت الحرب أوزارها اختير ليمون، وهو ما يزال في الحادية والعشرين من العمر لقيادة بعض سفن اللاجئين المتداعية التي كانت تحاول اختراق الحصار الذي فرضه الإنكليز على فلسطين، ونجا بحياته مرات كثيرة. كما أنه نسف عام 1948 إحدى السفن الحربية المصرية الراسية في ميناء بورسعيد، ونجا من الموت بأعجوبة، تلم قيادة الأسطول الإسرائيلي الصغير في عام 1950 وهو في الخامسة والعشرين من عمره.
بعد أربع سنوات، اعتزل الخدمة العسكرية وسافر إلى نيويورك حيث حصل على شهادة في حقل الأعمال من جامعة كولومبيا، ثم عين بعد سنوات مشرفة على مشتريات «إسرائيل، من الأسلحة من الخارج حيث لعب دورا حيويا في تحديث القوات المسلحة الإسرائيلية.
وعندما أوقفت المانيا تزود إسرائيل، بالأسلحة ومنها قوارب الياغوار في - کيل - بعد موجة من الغضب في جميع العواصم العربية عام 1964، تم الاتفاق مع الألمان على صنع تلك القوارب في مكان آخر. فكان هذا المكان في - شربورغ - في فرنسا.
وكان «مردخاي ليمون، المشرف على عملية بناء القوارب (في شربورغ) هذه بالاتفاق مع الفرنسيين. إلا أن سوء العلاقات بين فرنسا وإسرائيل، في عهد الجنرال ديغول، أدت إلى وقف تزويد الإسرائيليين بجميع الأسلحة الهجومية مما جعل سلاح الطيران عاجزة عن جمع كميات قطع الغيار وغيرها من التجهيزات الضرورية. إلا أن هذا القرار لم يمنع «مردخاي ليمون، من إكمال العمل في بناء القوارب في شربورغ وتهريبها إلى إسرائيل، بعد اجتماعات متواصلة مع قيادة الاستخبارات الإسرائيلية استمرت أياما، ونجحت عملية التهريب نجاحا عظيمة ليلة عيد الميلاد سنة 1999. وقد هزت هذه العملية فرنسا بأسرها كما أدت إلى إقالة جنرالين من جميع مناصبهما، وطلب من «مردخاي ليمون مغادرة فرنسا (4).
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
2 أبريل 2024
تعليقات (0)