المنشورات

تران، بير:

كان ضابطا في سلاح المشاة الفرنسي عام 1915. وبعد ان جرح في معركة على الدردنيل، توجه نحو علم فك الرموز. عام 1931، توصل إلى اقتناع بأن خير وسيلة لدفع الاستخبارات، أية استخبارات، الى الأمام هي في شراء شيفرات جاهزة مع مفاتيحها.
في هذه الأثناء كان أحد العاملين في قسم الشيفرة في وزارة الدفاع الألمانية يتصل سرة بأجهزة الاستخبارات الفرنسية. كان اسمه هانس شميدت وهو أخ لضابط الماني اصبح فيما بعد جنرالا. بعد تسعة عشر لقاء في عدة دول، سلم شميدت إلى الفرنسيين حوالي ثلاثماية مستند سرية، منها ما يتعلق بنظم الشيفرة الالمانية ومفاتيحها
جميع هذه المستندات سلمت إلى مكتب الاستخبارات البولوني، الذي استخلص منها أعظم الفائدة. وقد ساعد هذا الانجاز الشبان البولونيين المهرة زيكالسكي، وروزيکي وريجوسكي، الثلاثة على التمرس في مهنتهم واتقاها في ما بعد بشكل بارز. وبعد اسابيع عدة من هذا التعاون الفرنسي البولوي، حصل ان اصبح هتلر مستشارة للرايخ.
مع أواسط عام 1933، زاد البولونيون عدد العاملين في جهاز الشيفرة ستة اشخاص ليتمكنوا من انجاز العمل المتزايد. كما وضعوا في العمل آلة لفك الرموز على نسق آلة " انيغما " الألمانية، انما مكبرة بحيث بلغ انتاجها ضعف انتاج الآلة الأم. وقد اطلقوا عليها اسم بومبا. بفضل هذا التطور، استطاعوا اکتشاف ما حصل من اغتيالات في صفوف النازيين في تلك الليلة المسماة " ليلة السكاكين الطويلة ". ومعروف أن من بين الذين اغتيلوا أرنست روهم، أحد أقرب المقربين إلى هتلر في الحزب. بعد ذلك، طوروا آلة أخرى لفك الرموز تنتج يومية اضعاف ما تنتجه بومبا. قبل اجتياح الألمان لبولونيا، بدأت مصادر الاستخبارات البولونية تشح وهذا ما حمل الفرنسي بيرتران على تنظيم لقاء بين استخبارات كل من فرنسا وبريطانيا وبولونيا، غايته تكثيف الجهود حول تطوير الآلة "انيغما" وهو ما بدأ به البولونيون بنجاح، كما أسلفنا. لكن المندوب البولوي فضل العمل منفردا بعدما لاحظ انه ليس لدى الآخرين ما يمكنهم اعطاءه له في هذا المجال. بعد جهود حثيثة، تمكنوا من ادخال تطوير آخر على الآلة بومبا، بحيث لم يعد في استعمالها اية صعوبات مهما زاد حجم العمل. وفي تموز 1939، وبمبادرة من البولونيين، اجتمع هؤلاء بالفرنسيين والبريطانيين وقدموا لهم ما توصلوا اليه. كانت تلك هدية رائعة ساعدت الحلفاء كثيرة أثناء الحرب التي كانت طبوها قد بدأت تقرع ... في الثامن من تشرين ثاني 1942، وردا على الانزال الأميركي على الشاطئ الأفريقي الشمالي، انجز الالمان غزو فرنسا وقد ألقي القبض على بيرتران واعوانه. أما البولونيون فقد هربوا إلى انكلترا، ومن هناك استمروا في العمل ضمن وحدة خاصة ببلدهم حتى آخر ايام الحرب.
فرنسا سنة 1940، تلك الوثيقة التي وقعت في أيدي البريطانيين،
حيث مكنت انكلترا من أن تخلي قواتها من (دنكرك) في الليلة السابقة الانهيار فرنسا. كان الكولونيل " فون تروسكو " الألماني يستقل سيارته متجهة إلى مواقع قوات المدرعات الألمانية التي تزحف على (دنكرك)، آخر موقع يستطيع منه البريطانيون الهروب من التدمير الذي ينتظرهم بواسطة المدرعات الألمانية بقيادة الجنرال جيردفون رون ستيد لينقل إلى الفرق المدرعة الألمانية أمر هتلر بوقف الزحف على دنكرك والتعجيل بنقل مركز الثقل للزحف على باريس، وكان فون تروسكو يحتفظ في سيارته بحافظة ها الوثيقة التي تحوي هذا الأمر. وعندما تعرضت سيارته لهجوم من إحدى الدوريات البريطانية واشتعلت بها النيران وقتل سائقها، ترك فون تروسكو سيارته وهرب على الأقدام تاركا حافظته في العربة و كان بها الأمر الخطير بوقف زحف مدرعات رون ستيد إلى دنكرك. واستطاعت الدورية البريطانية أن تنقذ الحافظة من السنة النيران، وبعد ساعات قليلة كانت محتويات الوثيقة تفحص بواسطة ضباط المخابرات البريطانيين الذين ترددوا في تصديق ما قرأوه، الا اهم استفادوا من كل ما جاء بهذه الوثيقة واستطاع البريطانيون أن يبحروا الى انكلترا دون تحرش من الدبابات الالمانية، وتم إنقاذ 338 ألف جندي كانوا النواة " التي يمكن لبريطانيا أن تبنى عليها جيوشها للمستقبل" على حد تعبير " تشرشل ". وفي الواقع " كانت هذه عملية أمن في أسوء صورها بالنسبة للالمان، وكانت عملية مخابرات ناجحة على أفضل وجه بالنسبة للبريطانيين.







مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید