المنشورات
جوزينکو، ايجور:
كان موظف الشيفرة في السفارة السوفياتية في كندا، وكان الاتحاد السوفياتي قد بدأ منذ عام 1992 بانشاء شبكة تجسس في کندا، وحتى قبل اعتراف الكنديين بروسيا السوفياتية دبلوماسية، كان للروس بعثة تجارية برئاسة الميجور زوکولوف، الذي كان يشغل منصب سكرتير من الناحية الرسمية. ولقد بدأ زوکولوف ينسج الخيوط الأولى في شبكة التجسس، إذ بدأ بالاستعانة بالعملاء السريين المدربين في تكوين نواة منظمة جاسوسية ضاربة. ولقد أصبح لهذه المنظمة قوقا بعد أن استطاعت كسب الزعيم الشيوعي الكندي " فرد روز " إلى صفها. وفي صيف 1943 وصل الى أوتاوا الملحق العسكري السوفياتي الجنرال " نيكولاي تيسابوتين "، لينضم إلى أعضاء السفارة السوفياتية التي كانت قد أنشئت حديثا في ذلك الوقت برئاسة زاروبين. وصل "تيسابوتين " ومعه أوامر من موسكو تنص على أنه ينبغي عليه أن پرنس منظمة الجاسوسية العسكرية، التي انشأها زو کولوف وذلك إلى جانب واجباته الدبلوماسية كملحق عسكري.
ولقد حضر " تيسابوتين " ومعه عدد من المعاونين بينهم موظف الشيفرة الملازم ايجور جوزينکو. والمعروف أن موظف الشفرة يقف - بحكم عمله - على كافة الأوامر التي تبعث بها مراكز المخابرات في موسكو، وعلى كافة التقارير التي يبعث بها الملحق العسكري السوفياتي إلى موسكو. ولهذا كان جوزينکو على قدر كبير من المعرفة لا يستطيع أن يصل إليه السفير نفسه.
وفي نهاية شهر آب قررت موسكو استدعاء جوزينكو بمناسبة إنتهاء خدمته في كندا، ولا مراء في أن هذا الاستدعاء كان أمر طبيعية معروف بالنسبة للذين يقيمون في الخارج مدة طويلة. غير أن جوزينکو هرب من السفارة بمجرد سماعه نبأ استدعائه وطلب من حكومة كندا منحه حق الالتجاء السياسي.
وتمكن جوزينکو من الحصول على الأوراق السرية الخاصة بالملحق العسكري " تيسابوتين " وعلى المحادثات اللاسلكية التي دارت بين موسكو ومراكز الجاسوسية السوفياتية في أوتارا، وكذلك على المستندات والملفات الخاصة بشبكة التجسس، وذلك في الأيام الأخيرة السابقة لقيامه بالخطوة الحاسمة التي دبر لها الخطة. الخطة.
وكانت أهم الآثار التي لمستها المخابرات البريطانية والأميركية لما قدمه جوزينکو من معلومات، هي تلك التي تمثلت في حالة عالم الطبيعة الذرية البريطاني " الان نون ماي " فقد وصل هذا العالم البريطاني ضمن جماعة من العلماء البريطانيين الى كندا في شهر يناير 1943. وبالرغم من أن العالم " ماي " لم يشترك بصفة مباشرة في انتاج القنبلة الذرية
، إلا أنه كان يعلم الكثير عن الخطوات المتقدمة في هذا المضمار نتيجة كثرة أسفاره لزيارة مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة وكندا. ولقد أدت كثرة أسفاره هذه إلى أن يصبح من أحسن العلماء معرفة بهذا المجال من الأبحاث.
ولقد كان أكبر نجاح حققه " تيسابوتين " في حيانه حينما تنبه إلى " ماي " وتمكن من كسبه الى صف الجاسوسية العسكرية التي يمارسها الاتحاد السوفياتي. وتمكن " ماي " قبل إسقاط القنبلة الذرية على هيروشيما من سرقة عينة من اليورانيوم المشع من معامل مونتريال، وقام بتسليمها إلى " تيسابوتين " مع تفاصيل خاصة بالقنبلة الذرية ذات أهمية بالغة لا يمكن الوصول الى تقديرها. وعندما ألقي القبض على " ماي " في آذار 1946 أدى التحقيق الطويل الذي أجري معه الى كشف النقاب عن جاسوس الذرة "دكتور
ک لاوز فوخس ". عندها كان الاتحاد السوفياني قد وصل إلى حيازة سر هو في نظر الأميركيين وقف على الحكومتين الأمريكية والبريطانية ويجب أن يظل كذلك، ولم يكن ذلك السر إلا سر القنبلة الذرية.
وخلال مؤتمر بوتسدام الذي عقد للتشاور في أمر المانيا المهزومة، تحدث الرئيس الأميركي ترومان إلى ستالين حول هذه القنبلة التي تملكها أميركا وسوف تلقيها على اليابان لانهاء الحرب، غير أن ستالين " ثعلب الكرملين العجوز " لم يفعل سوى أن هز رأسه قائلا " يسعدني أن اسمع هذا " وتبين أخيرة أن ستالين يعرف عن أسرار القنبلة الذرية أكثر مما يعرف ترومان و برنز في الوقت الذي عقد فيه مؤتمر بوتسدام.
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
3 أبريل 2024
تعليقات (0)