المنشورات
دو مارانش، ألكسندر:
هو أحد الضباط الفرنسيين برتبة كولونيل. من مواليد 1921. حصل على رتبته العسكرية هذه (الكولونيل) وهو ابن 20 سنة.
هو ابن جنرال في الجيش الفرنسي ومن أم أميركية ثرية، كما أنه متزوج من مطلقة اسكتلندية وله منها ولدان.
الكولونيل دومارانش كان خلال الحرب العالمية الثانية إلى جانب الجنرال (الماريشال لاحقا) الفونس جوان إذ كان المترجم الموثوق به بين القادة الفرنسيين والقادة البريطانيين والأميركيين لإتقانه اللغة الإنكليزية من والدته. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى موعد تعيينه رئيسا لمديرية الوثائق الخارجية ومكافحة الجاسوسية في تشرين الأول 1970 لم يكن يعرف عن دو مارانش الشيء الكثير سوى انه يقيم في قصر صغير في الريف الفرنسي ويعيش حياة موزعة بين الاهتمام بأرزاقه وممارسة الاجتماعيات على المستوى الرفيع في النوادي الباهظة التكاليف. في المديرية كان ثمة تساؤلان عند مجيئه: ما هي الرتبة العسكرية العالية (كولونيل) التي حصل عليها الرجل وهو ابن 25 سنة؟ وكيف يجوز للرئيس ما لا يجوز للأفراد، وهو الزواج من أجنبية؟
لقد كان الاتجاه ذو الطابع الغالب على المؤسسة هو التخفيف من الاستعانة بالعسكريين وتقوية الاعتماد على العناصر المدنية ذات الاختصاص. فالمقصود في الظروف العالمية الراهنة الاهتمام بدرجات متساوية تقريبا بالمعلومات العسكرية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية لأنها كلها تؤلف مجتمعة عناصر ضرورية للمعلومات التي تريدها الدولة.
أما مدى فعالية الاستخبارات الفرنسية في عهد دو مارانش، ففي رأي العارفين أن اجتناب الفضائح هو في حد ذاته نجاح.
بعد حفل تنصيب " رونالد ريجان " بثلاثة أيام، استقبل رئيس الولايات المتحدة في مكتبه البيضاوي شخصية أحيط وصولها إلى البيت الأبيض بجو من السرية شديد، زاد منه أن اجتماع " ريجان " هذه الشخصية حضره الجنرال " فيرنون والترز " الذي عين مستشارا لرئيس الولايات المتحدة للمهام الخاصة التي يشرف عليها مجلس الأمن القومي.
كذلك حضره وزير الدفاع الجديد "كاسبر واينبرجر"، والجنرال "روبرت ماكفرلين" مساعد مستشار الأمن القومي للرئيس، الذي كان عليه أن يسجل وقائع الاجتماع المكتب الرئيس في "محضر مختوم لا يفض قبل خمسين سنة! |
وكان الزائر هو رئيس المخابرات الفرنسية الخارجية (SDECE) ذائع الصيت الكونت " ألكسندر دي ميرانش " وهو صديق وثيق الصلة ب " کايسي " وب " والترز " من تعاون و رفقة عمليات سابقة.
أشار "دي ميرانش" فيما بعد إلى ذلك اللقاء مع "ريجان" في حديث صحفي نشرته مجلة تايم في عددها بتاريخ 13 يونيو 1992).
وطبقا لجون کولي و (محرر مجلة " تايم " فإن "دي ميرانش" عرف من صديقيه (كايسي - ووالترز) أن الرئيس الأمريكي مشغول بتوفير نصيب أمريكا في الجهاد الأفغاني، وكان لديه الحل. ثم إن لديه الفرصة الآن ليعرضه على "ريجان" بنفسه، وقد دخل في الموضوع مباشرة قائلا:
"السيد الرئيس Mr President ، هل أستطيع أن أسأل ما الذي تفعلونه بالمضبوطات التي تصادرها الوكالة المختصة بتنفيذ قانون مكافحة الإدمان DEA أو مكتب التحقيقات الفيدرالى FBI أو هيئة الجمارك FCA ؟!
وقال الرئيس "ريجان": "إنه لا يعرف. لكنه يفترض إن هذه المضبوطات يجري حرقها تحت رقابة مشددة "، وقاطعه "دي ميرانش ": "هذه غلطة يا سيادة الرئيس"!
واستطرد "دي ميرانش" يقول لرئيس الولايات المتحدة. وفي مكتبه البيضاوي داخل البيت الأبيض). إنني أفهم أن تصادروا هذه الشحنات من المخدرات ولكني لا أفهم لماذا تحرقوها"، واقتراحي - سيادة الرئيس - أن تعملوا على توصيل جزء منها إلى معسكرات الجيش السوفيتي في أفغانستان لنشر الإدمان في صفوف رجاله، لأن ذلك يتكفل بإهاك القوى القتالية لجنوده. أضاف الكونت "دي ميرانش"، و "ريجان" يسمع مأخوذة: أليس ذلك - سيادة الرئيس - ما فعله "الفيت كونج" (المقاومة الوطنية في فيتنام؟ وأليس ذلك - سيادة الرئيس - ما أدى إلى هبوط معنويات الجنود الأميركيين في تلك الحروب"؟
أقر "دي مرانش" بهذه النصيحة فعلا وتحمل مسئوليتها في مذكراته التي نشرها (ديسمبر 1992) بعنوان " Perception et Action" رؤى وأفعال. لكن "دي ميرانش" لم يشر في كتابه إلى بقية النصيحة) |
کانت بقية نصيحة " دي ميرانش " تدعو (سيادة الرئيس) إلى تخصيص باقي مضبوطات المخدرات - بعدما يجرى تسريبه إلى معسكرات الجيش السوفيتي في أفغانستان - بحيث يجد طريقه إلى الأسواق العالمية) ويعاد بيعه عن طريق "شبكات أهلية"، ويكون من عائده فائضا يدفع نصيب الولايات المتحدة في "الجهاد الأفغاني".
ويسجل كتاب "حروب غير مقدسة" (صفحة 129)، وأن الرئيس ريجان أطرق مفکرا بضع ثوان ثم رفع رأسه قائلا: "هذه فكرة عظيمة A Great Idea" ، ثم التفت إلى معاونية المشاركين في اجتماعه مع مدير المخابرات الخارجية الفرنسية وقال: "إن أحدا لم يقترح علي فكرة على هذا المستوى من قبل"! ورفع الرئيس " ريجان "سماعة التليفون وطلب توصيله ب "ويليام كايسي" (الذي لم تمكنه مهمة عاجلة من حضور اجتماع البيت الأبيض)، وقال له: " أريدك أن تقابل صديقنا الفرنسي، لأن لديه اقتراحات أراها بديعة وأريدك أن تسمعها منه".
وكان " كايسي " قد سمعها من صاحبها قبلا، ولعله لم يحرص على حضور الاجتماع في البيت الأبيض حتى لا يشارك في إقناع " ريجان " بتلك الفكرة البديعة، ومن ثم يتحمل مسئوليتها القانونية في يوم من الأيام إذا تسرب سرها! وقد رأي الأفضل له أن يأتيه بها أمر من رئيس الولايات المتحدة.
"ويليام
و كذلك التقى "دي ميرانش " في اليوم التالي ب كايسي" وبحث معه تفاصيل فكرته وتحويلها إلى خطة!
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
3 أبريل 2024
تعليقات (0)