المنشورات

کوردا، الكسندر:

هو احد اشهر مخرجي السينما خلال النصف الأول من القرن العشرين. هو انكليزي من اصول مجرية. كان على علاقة وثيقة مع رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل الذي ارسله إلى الولايات المتحدة الأميركية، تحت غطاء العمل على إنشاء تعاون سينمائي بين البلدين. لكن دور الكسندر کوردا كان اكبر وأهم، إذ كان عليه أن يشتغل على الراي العام الأمير کي بغية إقناعه بضرورة دخول الولايات المتحدة الأميركية الحرب، باعتباره أحد عملاء تشرشل والاستخبارات البريطانية. ففي ذلك الوقت المبكر كان تيار الإنعزال الأميركي المنادي بضرورة بقاء امير کا على الحياد بين الحلفاء والمحور، كبيرة. وكان كل اميركي يطالب بدخول الحرب يعتبر مارقة إن لم يوسم بالشيوعية. ومن هنا كان دور کوردا اساسيا، خصوصا أنه كان بعث إلى العالم الجديد، قبل وصوله شخصيا، فيلمه "ليدي هاملتون" الذي حقق نجاحا كبيرا، لكنه قوبل بهجوم كبير من رعاة الإنعزال، بسبب جملة وردت في الفيلم على لسان اللورد نلسون، وعرف الأميركيون كيف يفسرونها. إذ في احدى لحظات الفيلم يقول نلسون: إن نابوليون لن يمكنه ابدا ان يصبح سيد العالم إلا بعد ان يسحقنا. وصدقوني أيها السادة انه يريد حقا أن يصبح سيد العالم. وانا اقول لكم انه لن يكون في وسعنا ابدا أن نعيش في سلام مع وجود الديكتاتوريين. لذلك علينا تدميرهم.
هذه الجملة التي عرف لاحقا أن تشرشل صاغها بنفسه ودمجها في حوارات فيلم صديقه كوردا، فهمها الأميركيون جيدا، وربما فهموا بسرعة فحوى. الدور الذي ارسل کوردا ليلعبه في بلدهم لحساب تشرشل والاستخبارات البريطانية، وكاد هذا يتسبب للرجل بمحاكمة
حقيقية استدعي اليها على أن تجري يوم 12 كانون الأول 1941. ولكن حدث أن هاجم اليابانيون بيرل هاربور يوم 7 كانون الأول 1941. وكان أن تحول کوردا في نظر الأميركيين من مشبوه الى بطل قومي (حسب تعبير الباحث الفرنسي رولان لاكورب الذي اورد هذه الحكاية). ولكن سواء اعتبر الأميركيون كوردا مشبوها او بطلا قوميا، فإن الحقيقة تقول ان الرجل كان مكلفا من قبل تشرشل بفتح مكاتب في لوس انجلوس وفي روكفلر سنتر في نيويورك، واجهتها أن تكون شركة سينمائية اميركية بريطانية مشتركة، أما حقيقتها فهي انها كانت تشكل غطاء لعمل ناشطي الاستخبارات البريطانية في أميركا. وكانت مهمة هؤلاء، بالاتفاق مع الرئيس ايز اور ورجله في اجهزة الاستخبارات الاميركية ويليام دونوفان ومن وراء ظهر الكونغرس -
كانت مهمتهم تقوم على إخبار الاجهزة البريطانية على جديد الاستراتيجيات الأميركية، وتعبئة الرأي العام من أجل وقوف اميركا إلى
جانب الحلفاء في أوروبا، ومد الروس بالأسلحة والمساعدات في حربهم ضد هتلر، وايضا تجنيد اهل هوليوود للوقوف إلى جانب قضية الحلفاء بدورهم. والمعروف أن كوردا حقق نجاحا كبيرا في جميع المهمات التي كلف بها، وهو نجح خصوصا في ان يبقي نشاطه کله نشاطا مكتومة لم يعرف به حتى اقرب المقربين إليه، بحيث أن كاتي سيرته لاحقا، لم يذكروه إلا عرضا. اما تشرشل فكان يقول دائما ان هذا الفنان النشيط والمتواضع لعب دورا لا ينسى خلال الحرب" من دون أن يخطر على بال احد أن الزعيم البريطاني يشير إلى دور کوردا في إطار العمل الاستخبارابي: كان الكل يعتقد أن الإشارة إنما هي إلى نشاطه السينمائي الذي قرب بين بريطانيا والرأي العام الأميركي ... لا أكثر.









مصادر و المراجع :

١- موسوعة الامن والاستخبارات في العالم

المؤلف: د. صالح زهر الدين

الناشر: المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت

الطبعة: الاولى

تاريخ النشر:2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید