المنشورات
موري، کارمن ماري:
من أهم جاسوسات الجستابو في باريس وغيرها. هي احدى أهم جاسوسات المخابرات الألمانية (الجستابو). تخرجت
کارمن من معهد الجاسوسية الألماني بدرجة تفوق، حيث عهد إليها بمهمة الكشف عن أسرار (خط ماجينو) هذا الخط الذي وصف في حينه بأنه قلعة منيعة لا يمكن اختراقها. توجهت كارمن رأسا إلى العاصمة الفرنسية باريس) لأنها أكثر المدن أهمية، كما أنها تعج بعشرات الضباط الفرنسين حيث أصبحت مقصد أغلبهم بالاضافة إلى صداقتها لعدد من الشخصيات الهامة، وكانت تذهب من وقت لآخر للقيام بزيارة قصيرة للمدن والقرى الواقعة على مقربة من خط ماجينو، حتى إنها تمكنت من معرفة النقاط الإستراتيجية التي كان يضعها الفرنسيون لإعاقة أي هجوم عليهم، ثم قامت بارسال هذه المعلومات إلى خطيبها الضابط في الاستخبارات الألمانية (هنز) الذي كان قد ذكاها لهذه المهمة، ومن ثم وعدها بإتمام زواجه منها فور إنتهائها من أداء مهمتها. اتخذت كارمن من فندق (جورج الخامس) مقرا لها وأصبحت من نزلائه المرموقين حيث كان الجميع يعاملوها باحترام كبير. وفي إحدى أمسيات شتاء 1939 تناولت الكثير من المشروب مع صديقين فرنسيين، كانا من ضباط المخابرات الفرنسية حيث استدرجاها الى حديث تجاوز مداه ما يطلبه الحذر منها وقد أجابت على بعض الأسئلة التي طرحت عليها بترتيب بعد أن تم إعدادها للايقاع بها. . في اليوم التالي تم اعتقالها ووضعت في سجن (بوتيت رو کيت) الذي يقع في احدى ضواحي باريس، ومن المعروف عن هذا السجن إنه سجن موحش يوضع به المجرمون الخطرون ومنهم الجواسيس، وقد عوملت معاملة قاسية. وبقيت هناك حتى شهر نيسان من عام 1940، وكان قد حكم عليها بالاعدام ثم انزل الحكم إلى السجن المؤبد مدى الحياة، وبقيت فيه حتى سقطت فرنسا ووصلت القوات الألمانية المنتصرة إلى باريس حيث تم تحريرها من السجن ونقلت بطائرة إلى برلين حيث قدمت إلى زعيم الجستابو الذي رحب بها وكلفها بالعمل في بلجيكا وهولندا والتظاهر كأنها عضو في منظمات المقاومة السرية. وكانت نتيجة أعمالها رهيبة جدا لأن الأسلوب الذي كانت تتبعه بضحاياها للايقاع بهم هو نفس الاسلوب الذي كانت تتبعه قبلا عند استيلائها على اسرار (خط ماجينو)، وكان لنجاحها في تنفيذ مهماتها اكتساب ثقة رؤسائها. ثم نقلت کارمن إلى معسكر (رافنسبروك الذي يقع على بعد 80 کلم من برلين، حيث ادخلت الى المعسكر في صورة (معتقلة سياسية)، وكان من بين المعتقلات (ابنة أخ الجنرال ديغول) وكانت المعاملة القاسية التي تلقتها كارمن سببا في كسبها ثقة من في المعتقل. وتعرفت على (فريدز سوهيرن) وهو من اعوان هتلر الموثوقين، والذي كان يدير المعتقلات في ألمانيا ومنها هذا المعتقل. ولما كشفت کارمن من قبل المعتقلات جرى تعيينها كرئيسة لأحد عنابر هذا المعتقل، وكانت قاسية جدا في معاملتها للنساء المعتقلات حتى اطلق عليها اسم "الملاك الأسود"، وقضت على عدد كبير منهن بالموت، في أفران الغاز.
وبعد هروبها من هذا المعتقل على أثر دخول القوات السوفياتية اليه وتحرير المعتقلات وضعت نفسها بتصرف السلطات البريطانية على أساس أنها فرنسية وتحمل جواز سفر فرنسي مزور، مدعية باها كانت معتقلة سياسية في (رافنسبروك)، وصدقتها بريطانيا واعجبت بذكائها، و استفادت منها الإنتلجانس سرفيس (المخابرات البريطانية) كثيرا حيث كان لها الفضل في اعتقال (فيشر) وهو أشهر أطباء النازيين في مجال التعذيب والتشويه والقتل، حيث كان يقوم بتجاربه الجهنمية على السجناء الذين كانت تضعهم المخابرات الألمانية تحت تصرفه. وبينما كانت ترافق احدى الدوريات البريطانية شاهدت في الطريق امرأة المانية من اللواتي كن يعملن في الجستابو فصرخت کارمن بالسائق أن يقف، وهجمت على هذه المرأة أمام المارة الذين أصابهم الذهول وصرخت فيها: (تعالي يا بنز دوروفي)، أما المرأة فقد جمدت في مكانها من المفاجأة ولم تتمكن سوى من نطق كلمة "موري"، وقد اعتقلت هذه المرأة فورا وخضعت لاستجواب دقيق سبب نهاية كارمن. وفي أول شهر نيسان 1947 صدر عليها الحكم بالإعدام، ثم وجدت منتحرة في زنزانتها قبل تنفيذ الحكم بها.
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
5 أبريل 2024
تعليقات (0)