المنشورات
هامبلتون، هيو:
بريطاني وكندي تجسس لصالح المخابرات السوفياتية "الجاسوس الإقتصادي". هو بروفسور اقتصاد في جامعة لافال في كويبيك، ويحمل الجنسيتين البريطانية والكندية. اعتقل في شهر حزيران 1982 من قبل سلطات الأمن البريطانية فور هبوطه من الطائرة القادمة من مونتريال. وبعد اشهر من التحقيق معه، بدأت محاكمته في أوائل كانون أول 1984 بتهمة التخابر مع الاتحاد السوفياتي وفقا لتعليمات تلقاها شخصيا من الرئيس السوفياتي يوري اندروبوف الذي كان وقتها رئيس جهاز المخابرات ال "كي. جي. بي .. والتهمة الموجهة اليه هي العمل كجاسوس للاتحاد السوفياتي لمدة 30 عاما كاملة، مع أن عمره لا يتعدى الستين. فبعد الحرب العالمية الثانية، تمكن عملاء المخابرات السوفياتية في كندا من تجنيده، وبقي على اتصال مستمر بالمخابرات السوفياتية حتى اعتقاله. لكن البروفسور هاميلتون كان جاسوسة من طراز جديد، كما قال ممثل الادعاء سير مايكل هيفرز في مرافعته، فهو لم يكن يهتم بالنواحي العسكرية، المجال الأول لنشاط الجواسيس عادة ولا حتى بالاوضاع السياسية أو الداخلية، كان كل هم هامبلتون هو الوضع الاقتصادي الداخلي في دول الكتلة الغربية، وتحليلها واعطاء نتائج دراساته الدقيقة عنها إلى الاتحاد السوفياتي. وكان هاميلتون مؤهلا لهذه العملية. فقد عمل لمدة عامين في جهاز المخابرات الكندية حيث أصبح ملما بفن التخابر وأساليبه، ثم درس الاقتصاد بعد ذلك في لندن قبل أن تجنده المخابرات السوفياتية. عام 1956، أبلغته المخابرات السوفيايتة ان عليه الحصول على وظيفة في القسم الاقتصادي لمنظمة حلف شمالي الأطلسي (ناتو)، والتي كان مقرها في ذلك الوقت في باريس. وحصل هاميلتون على وظيفة | مستشار في القسم الاقتصادي، ورتب له السوفيات طريقة الاتصال بعملائهم في العاصمة الفرنسية وبدأ هامبلتون في امداد المخابرات السوفياتية بكل ما يتعلق بأوضاع الحلف وأعضائه الاقتصادية. وكلها معلومات وتقارير تحمل خاتم "سري" و"سري جدا" وبقي هاميلتون في منصبه حتى 1961، عاد بعدها إلى كندا حيث استمر التعامل والتخابر بينه وبين السوفيات في كل ما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية في الدول الغربية. وزوده السوفيات بكل ما يحتاجه من أجهزة ارسال دقيقة، و آلات تصوير الوثائق، وحتى الحبر الأبيض الذي لا يظهر الا بتعريضه الدخان السجائر. عام 1970، التقى هاميلتون مع احد عملاء السوفيات في فيينا والتي سافر اليها خصيصا لاتمام الاتصال بعيدا عن رقابة رجال الأمن الغربيين. وتمت المقابلة في سيارة على ضفاف نهر الدانوب. وسلمه مندوب المخابرات السوفياتية جواز سفر دبلوماسية ثم اتجهت به السيارة إلى السفارة السوفياتية في براغ، عاصمة تشيكوسلوفاكيا، وهناك سألوه أي اسم پريده على جواز السفر المزور ومن مبنى السفارة السوفياتية، نقل هامبلتون الى مطار حربي سوفياني قريب من العاصمة حيث استقل طائرة نقل سافرت أولا إلى قاعدة عسكرية في ألمانيا الشرقية، ثم إلى قاعدة أخرى في بولونيا، وانتهت إلى مطار موسكو المديني. وامعانا في التنكر، دخل هامبلتون الاتحاد السوفياتي بجواز سفره الدبلوماسي ثم اصطحبه أحد رجال المخابرات السوفياتية الى شقة خاصة حيث أقام فترة زيارته. مساء اليوم التالي لوصوله، كان هاميلتون مجتمعا مع سبعة أشخاص من رجال المخابرات يتباحثون في تطوير وسائل الاتصال بهم، ويتفحصون جهاز الارسال الجديد الذي زود به، وفجأة دق الباب ودخل "شخص أنيق ومهيب المنظر" وهب السوفيات وقوف وقدم اليه الزائر باسم "الرفيق أندرو بوف". وعلى مائدة العشاء بدأ أندروبوف يوجه اليه أسئلة دقيقة بلغة انكليزية سليمة، حول الأوضاع الاقتصادية في عدد من الدول الغربية، واستفسارات عديدة حول مستقبل السوق الأوروبية المشتركة واحتمال افيار هذه المنظمة أو استمرارها. وفي وسط الحديث سأله أندرو بوف "لماذا لا تصبح عضوا في برلمان كندا؟ في استطاعتنا مساعدتك على ذلك ... لم يقبل هامبلتون العرض. ولم يلح عليه أندرو بوف الذي حول الحديث إلى أهمية التقارير التي يصدرها معهد هيدسون الأميركي للأبحاث الاقتصادية. واقترح أندرو بوف أن يبقى هامبلتون فترة أخرى في موسكو، لكنه اعتذر لانه على موعد مع عشيقته في بلغراد. عام 1979، قامت سلطات الأمن في كندا باعتقال هامبلتون، واكتشفت في منزله ادوات التخابر المختلفة وأجهزة الاتصال مع السوفيات. لكن وهنا المفاجأة، أطلقت السلطات الكندية سراحه، ولم توجه اليه أية قمة. وركز هاميلتون دفاعه عن هذه الواقعة، فسبب الافراج عنه، حسب قوله، هو انه كان يعمل في الواقع عميلا مزدوجة لحساب المخابرات الكندية والفرنسية ايضا، فقد كان المسؤولون في الناتو على علم تام بنشاطه واتصاله مع المخابرات السوفياتية وكانوا يزودونه بتقارير اقتصادية مضلله حتي ينقلها إلى السوفيات. وكان يبلغ المسؤول عن الاتصال به في المخابرات الفرنسية، جان ماسون، عن موعد ومكان كل لقاء له مع العملاء السوفيات طيلة سنوات عمله في مقر الناتو في باريس، وقال هامبلتون ايضا ان السوفيات صدقوه عندما أبلغهم ترك عمله في المنظمة الغربية" لأن غطاءه الأمين قد کشف ". و روي هامبلتون كيف التقى بسكرتير اول السفارة السوفياتية في کندا، فلاديمير بورو دين، خلال حفل استقبال اقامته سفارة تشيلي في أوتاوا. ودعاه بورودين إلى الغداء في مطعم فاخر في إحدى ضواحي المدينة. وتعددت اللقاءات بينهما، لكن "بورو دين " لم يطلب مني شيئا بل كان يلح علي دائما ان اركز دراستي على الشؤون الاقتصادية والعلوم السياسية. عام 1955، اثناء دراساتة في باريس، فوجي هاميلتون بيورو دين علي باب منزله، وفي رفقته شخص آخر يدعى "بول ".واقترح الإثنان أن ينضم إلى القسم الاقتصادي في حلف الأطلسي. وعاد بورو دين بعد ذلك إلى موسكو، واستمر هاميلتون في الاتصال مع "بول". واتصل هاميلتون، حسب روايته بالمخابرات الفرنسية، وطلب منه جان ماسون الاستمرار في الاتصال مع السوفيات وساعدته فرنسا في الحصول على وظيفته في حلف الأطلسي. وكان سكرتير عام المنظمة، حسب قوله، على علم تام بنشاطه. وبعد ذلك كان ماسون يتولى امداده بوثائق مزورة عن أوضاع دول الحلف الاقتصادية. ورفض الامام تصديق كلمة واحدة من دفاع هاميلتون، وقال ان البروفسور لم يذكر كلمة واحدة عن تعامله مع المخابرات الفرنسية أو الكندية. المهم أن بريطانيا قد دخلت دوامة فضيحة تجسس أخرى بعد فضيحة جيوفري برايم في شهر تشرين الثاني 1982، والذي كان يتجسس على مركز الاتصالات البريطاني الذي يتولى عملية التنصت على السوفيات. وبعد ذلك جاءت فضيحة الجندي البريطاني العامل في مركز المخابرات العسكرية، ويتردد بصفة منتظمة على السفارة السوفياتية. وفي أوائل شهر كانون اول 1982، وجهت قمة "اهمال مخل بأمن" الدولة إلى روبين غوردون وو کر، ابن وزير الخارجية العمالي السابق باتريك غوردون ووكر، والذي يعمل في مكتب الاستعلامات المركزي البريطاني. وما زالت لفضائح الجاسوسية البريطانية بقية.
قاضي المحكمة العليا دايفيد کروم جونسون الذي ترأس المحاكمة التي دامت 7 أيام أعلن بعد ذلك حكمه مخاطبا هامبلتون، "لقد مضى وقت طويل على اقترافك هذه الأعمال، لكنها أوقعت بك في النهاية، وقرار هذه المحكمة هو أن تقضي 10 سنوات في السجن". وبذلك يصبح هامبلتون الشخص الخامس الذي يضبط هذا العام بتهمة خرق قانون أسرار الدولة البريطاني.
مصادر و المراجع :
١- موسوعة الامن
والاستخبارات في العالم
المؤلف: د. صالح
زهر الدين
الناشر: المركز
الثقافي اللبناني للطباعة والنشر والتأليف والترجمة - بيروت
الطبعة: الاولى
تاريخ النشر:2002
م
5 أبريل 2024
تعليقات (0)